داعش ستغادر سوريا، لكن إلى أين؟

 

المعروف أن تنظيم داعش كغيره من التنظيمات الإرهابية، يتبنى الفكر الوهابي السعودي، ويُعتبرُ  تنظيم القاعدة الأب له، هذا التنظيم الذي أسسته المخابرات الأمريكية بتمويل سعودي في أفغانستان، عندما كان بندر بن سلطان المشرف على الملف بتوجيهات أميركية.

تخدم كافة الحركات التكفيرية الوهابية بمختلف مسمياتها، المصالح الأمريكية الصهيونية، وتُعطي المبررات لواشنطن وتل أبيب وغيرها كي تتدخل في الدول، كما جرى عقب أحداث 11 سبتمبر، وما يحدث في سوريا واليمن والعراق والصومال. بجملة واحدة “التنظيمات الإرهابية الوهابية هي مطية غبية يركبها الجيش الأميركي بالتواطؤ مع خدامه من زعماء الخليج”. المعروف أن استخبارات قطر وتركيا والسعودية وبرعاية أمريكية، قد جلبت عشرات الآلاف من الإرهابيين من بقاع الأرض، بسبب فشل تنظيم الأخوان المسلمين بالوصول لأي نجاح سابق في قلب الحكم في سوريا، وأيضاً فشلت هذه المرة.

عندما بدأت ملامحُ النصر النهائي للجيش السوري بمساندة الحلفاء، على جيوش التكفيريين المدعومين من الغرب والخليج، تلوح في الأفق، تدخلت واشنطن مباشرة، كي تنسبَ هذا النصر لها ولعصابات الانفصاليين الوجه الآخر لداعش.

داعش ستموت قريباً في سوريا، ولكن!

بعد مرور ست سنوات على الحرب على سوريا، بدأت داعش تخسر وبشكل سريع الأراضي والمدن التي احتلتها، وبسرعة كبيرة، بالإضافة لخسائر كبيرة في صفوف الإرهابيين. ويتم تجميع الباقي منهم وهم بعشرات الآلاف، مع البدء بمعركة الرقة في محافظة دير الزور. لكن ماذا بعد دير الزور؟ هل سيتم افناءهم جميعاً هناك؟ هذا غير وارد لأن مهمتهم لم تنتهِ بعد، فالسعودية وتركيا والولايات المتحدة، الذين أسسوا داعش وإن فشلت في سوريا، سيتم استغلالها كي تقوم بنفس الدور في دول أخرى، تعتبر معادية للعواصم الثلاث.

كان للغطاء السياسي والعسكري الذي قدمته موسكو لدمشق، أهمية كبيرة في الصراع مع الإرهابيين وبصورة أدق، الصراع مع الدول الداعمة للإرهاب، فتم دحرهم وتصفيتهم من كافة أرجاء حمص وريف دمشق الغربي وحلب وريف اللاذقية، وترحيل من بقي منهم حيّاً إلى إدلب كسجن كبير، سيحكم حصاره قريبا بعد معركة ريف حماة الشمالي التي لن تنتهي ألا على تخوم إدلب.

يجري أيضاً تحجيم داعش وافناءها بدءاً من البادية ومن تدمر تحديداً، وريف حلب الشرقي، حيث انهارت الأكذوبة الداعشية، وسقطت بشكل مهين مع داعميها في واشنطن وأنقرة والرياض. لهذا سارعت الولايات المتحدة باستبدال إرهابيي داعش، بالانفصاليين ضاربة علاقاتها بأنقرة عرض الحائط.

فشلت واشنطن مراتٍ في صناعة ما اصطلح على تسميته معارضة معتدلة كخطة بديلة للتدخل الأمريكي، كما أنّ التقدم المفاجئ والسريع للجيش العربي السوري وحلفائه في محور جبهة البادية، أربك مخططاتها. ويمكننا القول أن انحياز تركيا لجانب روسيا، ولو كان شكلياً، لحماية نفسها من أحلام الأكراد الانفصالية، لعب دوراً في سلوك واشنطن هذا.

تركيا أدركت أنّ بقايا الجيش الحر وعصابات الأخوان المسلمين لم تفعل شيئاً على الأرض، ولكنها إن وافقت دمشق وموسكو، ستستخدمهم لقتال داعش، واشنطن سارعت للتحرك قبل حدوث ذلك، فاستمالت الأكراد، وبدأت خطوة سريعة قد تكون متسرعة من شقين: أولاً دعم الأكراد في أحلامهم في سوريا والعراق، وجعلهم حاجزاً يمتد من إيران حتى الجنوب التركي. وثانياً تهريب قادة داعش خارج سوريا، لكن إلى أين؟

 

إلى أين يا داعش؟

1ـ العراق حصر الدواعش في الغرب والموصل، أي أنّ خط هروبهم سيكون نحو الأردن. لهذا استنفر الملك عبد الله وجيشهُ، والقادم للأردن كثير.

2ـ سيتم نقل قسم منهم إلى تركيا، وعن طريق عصابات كردية عبر شمال العراق.

3ـ إلى ليبيا للسيطرة على البترول الليبي، لهذا تحركت موسكو في ليبيا.

4ـ إلى الشمال الإفريقي، وخاصة الجزائر. وأيضاً ينتظر الجزائر الكثير. أما في إفريقيا، فستقوم داعش بضرب المصالح الصينية في إفريقيا، هنا تتدخل الولايات المتحدة.

5ـ إلى إيران، وسيلعب الأكراد نفس الدور، بنقل الدواعش إلى إيران لإشغالها عنهم وعن دول الخليج، ولاستنزاف قدراتها.

6ـ إلى الصين، وسيكون عبر بوابة إيران، ثم أفغانستان، وهم مقاتلو الأيغور.

7ـ سيُعاد قسم من إرهابيي القوقاز لجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، لتحريك الداخل الروسي بتفجيرات شهدنا بدايتها البارحة.

8ـ أخيراً إلى سيناء، والخطة ضد مصر تم الانتهاء من تحضيرها.

بهذه التحركات الداعشية الأميركية نرى أنّه:

تمت حماية أوروبا من هجرة التكفيرين إليها من ليبيا التي أصبحت أرضاً خصبة للجماعات الإرهابية.

سيتم إيقاف التنين الصيني عن النشاط الاقتصادي في إفريقيا.

في إيران؛ أعلن داعش تشكيل قوة من الوهابيين الإيرانيين لمواجهة المد الشيعي، كما أعلنت داعش تماشيا مع المخطط الأمريكي. حيث سيفعّل دور تنظيم مجاهدي خلق وقضية الأهواز والبلوشستان والأكراد والسنة الفرس، وسنرى ظهور إمارة داعش في أفغانستان لمهاجمة الحدود الإيرانية، وسيكون هناك حركة للخلايا النائمة وحرب استخباراتية في الداخل الإيراني.

حتى اليمن لن تنجو، وسيعمل على نقل قسم من الدواعش إليه لتبرير العدوان السعودي وتشريع تواجده فيه حتى حل القضية اليمنية.

مصر، سنرى إعلاناً لولاية داعشية على أرض سيناء، لتبرير تدخل واشنطن ومعها تل أبيب.

سيبقى قسم من الدواعش في سوريا والعراق، لتبرير البقاء الأميركي فيهما، لهذا لن تهدأ عمليات داعش وسنرى حرب عصابات وتفجيرات انتحارية متتابعة.

مشروع داعش ليس ابن البارحة، هو مشروع طويل الأمد عملت عليه واشنطن ولندن منذ عشرات السنين، وهيأت له تربة خصبة بفضل شيوخ النكاح السعوديين، وهو الآن في طور الموت بسوريا، لكنه سينتشر إلى كافة دول العالم دون استثناء، من الفليبين إلى هاواي، حتى الولايات المتحدة وبريطانيا ومعهم دول الخليج ستعاني من هجمات إرهابية، لأن طباخ السم سيتذوق سمه.

بقلم: زيد م. هاشم

إدارة التحرير الكاتبة والباحثة سارة عيسى

مركز فيريل للدراسات 04.04.2017