عدد القراءات 26099 على نفسها جنت الولايات المتحدة… أقر الكونغرس الأميركي في نهاية أيلول 2016 قانون “جاستا”، وهو قانون ضد الإرهاب بشكل عام، وليس ضدّ منبع الإرهاب السعودية فقط، فنصّه الرئيسي يقول:
“يحق للمواطن الأميركي الذي تضرر هو أو ذويه، بسبب عملية إرهابية حدثت فوق الأراضي الأميركية، قام بها فردٌ أو جهة أو منظمة أو دولة، رفع قضايا قانونية ضدّ المسبب لهذا الضرر أمام القضاء الأميركي”.
أي لن تكون هناك دولة في العالم محصنة أمام القضاء الأمريكي، وستتم مطالبتها مادياً بأي ضرر مادي أو جسدي وحتى معنوي، يصيب المواطنين الأمريكيين. أبعد من ذلك، يشتمل القانون حتى على عملية التحريض أو تقديم مساعدة لتنفيذ عمل إرهابي، سواء كان من دولة أو منظمة أو فرد، ويحق للولايات المتحدة الأمريكية جلب هؤلاء بالقوة للمثول أمام القضاء الأميركي.
القانون هذا ينتهك سيادة الدول، دون شكّ، حيث يحق للقضاء الأميركي إخضاع أية دولة لسلطته، ويكون الأمر بيد المدعي العام الذي قد يصدر مذكرة توقيف بحق أي مسؤول في العالم، وجلبه إلى المحاكم الأميركية حتى لمجرد أنّ مواطناً أميركياً رفع بحقه دعوى تتهمه بمساعدة الإرهابيين مثلاً.
القانون عبارة عن “بلطجة” أميركية بحتة، هذا من جانب واشنطن، التي جنت ربما على نفسها، وفتحت باباً واسعاً لا يمكن إغلاقه. لكن… يحق الآن للدول المتضررة من الإرهاب بشكل عام، ومن إرهاب الولايات المتحدة تحديداً، سنّ قانون مماثل، وهنا لبّ الموضوع، لهذا وقف “المحامي” باراك أوباما وكبار قادة الجيش والاستخبارات الأميركية ضده. يومها قال أوباما لمحطة “CBC“:
“إذا سمحنا للمواطنين الأميركيين بمقاضاة الدول، فإننا سنفتح الباب أمام مواطني هذه الدول بمقاضاة الولايات المتحدة…”.
ماذا تنتظر الحكومات التي تضررت من إرهاب الدول، لسنّ قانون مماثل؟ المعاملة بالمثل والعين بالعين…
لن أتحدث عن 56 دولة تعرضت لإرهاب الولايات المتحدة الأميركية، وأولها العراق واليمن ولبنان وإيران وأفغانستان والسودان ووو… سأتحدث بشكل مباشر؛ بعد استشارة مركز فيريل للدراسات لأستاذ قانون دولي ألماني نقول:
ماذا تنتظر حكومة الجمهورية السورية لسن قانون “جاستا”؟
قانون “جاستا” السوري لن يكون ضدّ الولايات المتحدة فقط، بل ضد عشرات الدول التي شاركت بالإرهاب ضد مواطني الجمهورية السورية.
طبعاً، درسنا الموضوع تماماً في مركز فيريل، “لا يحق للمعارضة السورية رفع قضايا ضدّ روسيا أو إيران، لأن هذه المعارضة لا تعترف بالحكومة السورية… لهذا لا ينطبق عليها هذا القانون، وعندما تعود هذه المعارضة إلى “حضن الوطن” وتحت سلطة الدولة السورية وتعترف بها، سيكون لكل حادث حديث… كما لا يحق لهذه المعارضة رفع دعوى ضد أية دولة أخرى لأنها ببساطة تنطوي تحت باب “اللاتعيين القانوني”…”، وليس أمام المعارضين السوريين سوى القول: “لا حول ولا قوة إلا بالله.”.
كل دولة أرسلت مقاتلين، أو أمدتهم بالسلاح، أو احتضنتهم، وكل شيخ أو مسؤول أو أمير حرّض على القتل في سوريا، يحق لمواطني الجمهورية السورية رفع قضايا ضدهم، ولنبدأ بجريمة دير الزور التي ارتكبتها الولايات المتحدة، مروراً بالتفجيرات الانتحارية وقذائف الهاون، والمجازر والاختطاف والتهجير واحتلال القرى والمنازل، وتدمير الآثار وسرقتها…
لا ندري إن كان لدى الحكومة السورية أسباباً أخرى تمنعها من سنّ هكذا قانون، دون أن نسمع تبريراً: “الشغلة بدها دراسة مستفيضة”، ثم تتشكل لجنة تتفرع عنها لجان ولجان، إلى أن يأتي يوم وتتحول القضية إلى مستودعات الأرشيف، بجانب ملف “الاعتراف بمجازر الأتراك بحق السوريين”. الدكتور جميل م. شاهين. مركز فيريل للدراسات. 03.10.2016. مرّ على القانون سنتان ونصف، ولا حياة لمن تنادي سوى القول: “وهل نحنُ بقوة واشنطن”!؟وها هي واشنطن تُطالبُ الحكومة السورية بدفع مبلغ 302 مليون دولار ثمناً للصحفية ماري كولفين التي قُتلت عام 2012، علماً أنها دخلت الأراضي السورية بطريقة غير قانونية! فكم سوري قتلتهُ واشنطن فوق الأرض السورية؟
.