تنتشرُ كل فترة إشاعاتٌ حول ترحيل اللاجئين السوريين من ألمانيا، فتكثرُ الاجتهادات ومعها التساؤلات، ويتعاظم الخوف لدى البعض لدرجة التفكير بترك ألمانيا والبحث عن دولة أخرى أوروبية. هذا الخوف وتضارب الآراء له مبرراته، بسبب تناقض تصريحات المسؤولين الألمان المقصودة، فنرى السيدBoris Palmer من حزب Grüne يقول: “هناك طريقٌ واحد أمام اللاجئين السوريين، هو نحو سوريا”، يعود وزير الداخلية الألماني لينفي أية نية بترحيلهم. ثم تقول السيدة ميركل البارحة: “لن يبقى اللاجئون السوريون والعراقيون في ألمانيا إلى الأبد، سوف يعودون إلى موطنهم الأصلي لإعادة إعماره.”… فيما يلي نبيّنُ لكم المعلومات التي حصل عليها مركز فيريل للدراسات في برلين، من المسؤولين المختصين في شؤون اللاجئين:
- كل لاجئ حصل على إقامة لمدة سنة، هي إقامة مؤقتة، وتُسمَى “إقامة حماية”. أي تقوم الدولة الألمانية بحمايته من أوضاع خطيرة على حياته في بلادهِ إلى حين انتهائها، وبعدها يجب أن يعود. إذاً: إقامة السنة الواحدة هي إقامة قابلة للترحيل. وتكون تحت قانون اللجوء الأصلي رقم 53.
- كل لاجئ حصل على إقامة لمدة سنتين أو ثلاث، هي بالتأكيد ليست إقامة دائمة، وهو مُعرّض للترحيل، لكن ضمن شروط معيّنة، سنوردها لاحقاً.
- كلّ لاجئ سوري رُفضَ طلبه بالحصول على إقامة في ألمانيا، مُعرّضٌ للترحيل، وعليه استئناف الدعوى عن طريق محام، وطالما أنّ القضية في المحكمة، يُوقف الترحيل، لكن ألفتُ الانتباه إلى أنّ هذه العملية مُكلّفة، وحتى إن ساهم الصليب الأحمر بدفع جزء منها، فالسلطات الألمانية تُعطي الرواتب للاجئين باليد اليمين، وتأخذها باليد اليسرى، وغالباً يكون القرار برفض الإقامة الأول، قراراً نهائياً، أي أنّ السلطات اتخذت قرارها، وتنتظر اللاجئ كي يهدر نقوده ووقتهُ ليصل لمرحلة اليأس والاستسلام، فيطلب الرحيل طواعية.
- ترحيل اللاجئين القادمين من الدول الآمنة: هذا الترحيل موجود منذ سنوات طويلة، وتمت أكبر عملية ترحيل للاجئين القادمين من دول البلقان عام 2003، وقائمة الدول الآمنة تتغيّر تبعاً للظروف الأمنية والسياسية والعسكرية لتلك الدول، فتدخل دول جديدة وتُحذفُ دول، الترحيل القائم حالياً في هذا المجال يكون للاجئين الذين لم يحصلوا على إقامة دائمة في ألمانيا، ويخصّ دول: الجزائر، تونس، المغرب، ألبانيا، صربيا، تركيا، كوسوفو، البوسنة والهرسك، وأفغانستان. بالنسبة لسوريا لا تُعتبر آمنة حتى الآن بشكل عام، ونقول هنا بشكل عام، لهذا الترحيل بناء على هذا البند غير موجود بشكل كامل بل مُجزّأ، الذي يتم العمل عليه في دوائر القرار في ألمانيا هو: “ترحيل اللاجئين السوريين نحو المناطق الآمنة في سوريا.”. وهي مناطق متعددة مثلاً: محافظة الحسكة، التي تمّ ترحيل عدة عائلات إليها معظمهم أكراد سوريون.
- الترحيل على أساس اتفاقية دبلن: عاد التعامل بناءً على هذه الاتفاقية بعد توقف لأكثر من ثلاث سنوات، ويتم تنفيذهُ في كافة الدول الأوروبية، فكل شخص تقدّم بلجوء في دولة آمنة أثناء طريقه إلى ألمانيا، وتحتفظ هذه الدولة ببصمة له، يجب أن يُعاد إليها إذا وافقت، والموافقة تكون ليست طواعية، بل أحياناً بالضغط على حكومتها.
- الترحيل لأسباب جنائية أو أمنية للاجئين السوريين: بدأ العمل فعلياً بهذا الترحيل، وإن كانت وسائل الإعلام لا تذكر ذلك، ويتم ترحيل كل لاجئ سوري يقوم بارتكاب جرم ما، بعد قضائه لفترة العقوبة، إلى آخر دولة جاء منها، مثلاً تركيا. وحسب قانون الترحيل الذي بُدِءَ العمل به منذ أيلول 2016: “تقوم السلطات الألمانية بترحيل أي شخص حاصل على الإقامة عن طريق اللجوء، إلى بلادهِ الأصلية، يُشكّلُ وجودهُ في ألمانيا تهديداً لأمن البلاد والدولة الألمانية، أو خطراً على المجتمع، أو حُكِم بارتكابه جريمة”. قانون اللجوء § 3 4 AsylG und § 60 Abs. وينطوي تحت هذا البند كلّ لاجئ سوري يُثبتُ أنه حمل السلاح وقاتل ضد الحكومة السورية تحديداً، حيثُ تُعتبرُ المُعارضة السورية المسلحة “راديكالية” متطرفة إسلامية، وتُشكّلُ خطراً على أمن الدولة الألمانية. بالمقابل، لم تُسجّلُ أية حالة طرد للاجئ سوري قاتل مع الجيش السوري.
- بسبب الموقف التركي والخلاف الحاد مع الاتحاد الأوروبي: عملية الترحيل إلى تركيا شبه متوقفة الآن، لكن الترحيل إلى أول دولة آمنة مرّ فيها اللاجئ ساري المفعول. وحسب معلومات حصل عليها مركز فيريل للدراسات، تتم حالياً مباحثات لعقد اتفاقية مع مصر، لبناء مخيمات للاجئين الأفارقة خاصة ولكل لاجئ وصل أوروبا عن طريق مصر، وإعادته إليها.
- توقّفَ العمل بالإقامات الالكترونية في ألمانيا: لم يعد يُمنح اللاجئون السوريون إقامات على بطاقة إلكترونية مستقلة كما كان الأمر سابقاً، وانحصرت حالياً بالإقامة على جواز السفر السوري، بسبب انكشاف آلاف الحالات التي يدعي فيها لاجئون من جنسيات مختلفة أنهم سوريون بدون إثباتات شخصية، لهذا دون جواز سفر سوري، ليس هناك إقامة لجوء في ألمانيا.
- ما هو المطلوب من اللاجئ السوري كي يبقى في ألمانيا؟
- الحصول على إقامة قانونية في ألمانيا.
- إجادة اللغة الألمانية، والتأقلم في المجتمع الألماني، وعدم نقل مجتمعهِ إليها.
- العمل أو الدراسة وعدم مدّ يد التسول للمساعدات الاجتماعية إلى ما شاء الله.
- خلوّ سجله الجنائي من أية مخالفات أو جرائم، بما في ذلك المخالفات المرورية درجة أولى، وتُعتبرُ سرقة المحلات على بساطتها جريمة توضع في سجله الأمني.
- الابتعاد عن كافة التنظيمات والمراكز الإسلامية المتطرفة، ومنظمات الدعوى والسلفيين والمظاهر الدينية الإسلامية التي تضعهُ محل الشبهة.
- عملية الترحيل: يتلقى اللاجئ رسالة تُنذرهُ بضرورة مغادرة ألمانيا طواعية بناء على قرار الطرد، وتحجز غالباً له بطاقة طائرة، وتسمح بحمل حاجياته الخاصّة، وتحدد له التاريخ. في حالة عدم موافقته الخطية قبل الموعد، يأتيه “زوار الفجر” فيصحبونه بالقوة “المحترمة” إلى المطار، ويرافقه شرطي لباب الطائرة.
- انكشاف وافتضاح قصص لجوء السوريين المُكررة: كافة القصص التي اعتاد اللاجئون السوريون على قصّها على المحققين الألمان، والتي تتحدث عن الاعتقالات العشوائية للمخابرات السورية والظلم وحقوق الأقليات و… لم تعد تنطلي على الألمان، ولعل خير مثال هو قضية رفض لجوء عائلة اللاجئ السوري يوسف درويش، الموجود في ألمانيا منذ 9 سنوات، وسيتم ترحيله إلى سوريا، رغم أن أطفاله في المدارس الألمانية، لكنّ قصة لجوئه بالغ فيها عن اعتقالات المخابرات السورية لذويه وتعذيب وظلم، تبيّن لاحقاً أنها غير صحيحة. أيضاً هناك قصة الطفلة أنجيلا ميركل ابنة اللاجئ السوري مأمون الذي رُفض طلب لجوئه، وأيضاً سيتم ترحيل العائلة إلى سوريا.
- حسب معلومات مركز فيريل للدراسات في برلين: هناك 7 آلاف لاجئ سوري في ولاية بايرن /بافاريا/ فقط، سوف يتم ترحيلهم إلى تركيا أو سوريا. حتى نهاية تشرين الثاني 2016، وحسب دائرة اللجوء، تتم مفاوضات بين السلطات الألمانية والسورية لتأمين عودتهم… غادر ألمانيا 56 ألف لاجئ من جنسيات مختلفة طواعية منذ بداية 2016، بينهم أكثر من 8 آلاف سوري.
- أول عملية ترحيل قسري للاجئين السوريين من الاتحاد الأوروبي تمت في 18 آذار 2016، بحق لاجئَين سوريين، وصلوا جزيرة لسبوس اليونانية قادمين من تركيا، علماً أنّ اللاجئ ب. ج /نعتذر عن ذكر اسمه/، وصل تركيا بتاريخ 6 نيسان 2015، وحصل على إقامة مؤقتة ثم غادرها إلى اليونان. تمّ إعادة 441 لاجئاً سورياً من اليونان إلى تركيا خلال 4 أشهر منذ كانون الثاني 2016 حتى نهاية نيسان، إلى مخيم اللاجئين Düziçi.
- تتعامل السلطات الألمانية بدءاً من أيلول 2016 مع اللاجئين السوريين بنفس طريقتها مع اللاجئين الأفغان، حيث تمّ اعتبار وجود مناطق آمنة في أفغانستان وكذلك في سوريا.
- كل لاجئ تمّ ترحيلهُ، يُمنع من دخول الاتحاد الأوروبي أو الحصول على فيزا، لمدة 5 إلى 10 سنوات.
- تقرر في اجتماع الثلاثاء والأربعاء 29 و30 تشرين الثاني 2016، لوزراء داخلية الولايات الألمانية في ساربروكن، ترحيل كل لاجئ رُفضت إقامتهُ، بغضّ النظر عن جنسيته بما في ذلك السوريين. وكان أشد المتحمسين لهذا القرار هو وزير الداخلية لولاية Baden-Württemberg السيد Thomas Strobl.
- مركز فيريل للدراسات ـ برلين 02.12.2016