اثنتا عشرة ساعة قضاها وزيرا خارجية البلدين يتباحثان بالمشكلة السورية في جنيف للوصول لوقف إطلاق النار، اتفقا ولم يتفقا، ولستُ أدري إن كان عدم الاتفاق كان بخصوص أيهما ألذ طعماً؛ كأس من الفودكا والتونيك، أم كأس من لونغ بيتش؟ أم بخصوص أيهما أشهى؛ القهوة العربية أم التركية بعد الكأس؟ المهم أنّ المناقشات مازالت مفتوحة، ومفتوحة معها شهية الأغنام للمرعى.
الأغنام في المراعي تُساق للذبح، وهي تتحدث عن بطولاتها في “النطح”، وأنها انتصرت على أشرس الذئاب، لِمَ لا فبعد كأس الفودكا تصبح الذئابُ بنظر النعاج، أرانب بذيل طويل.
بذيل طويل يحلمُ الانفصاليون أنّ الذئاب ستحميهم، بينما تنقضّ عليهم ثعالبُ استنبول فتحصدهم كما تُحصد “الكرسنّة” لتكون طعام كل دابة غالية على أصحابها. غالية هي الأسلحة التي تُباع لأخٍ كي يقتلَ أخيه، على فرض أنهم أخوة بدون تحليل الحمض الريبي النووي. أخٌ متخمٌ بالذهب الأسود والأبيض والأصفر، يدفعُ كي يقتل أخيه ثم يدفع كي يعيد بناء بيته، ويتحدث عن الانتصارات والبطولة، بينما يضحكُ منّا وعلينا ولنا الكبار، يضحكون ويسخرون ويُسخّرون، ولو أشار قائدُ أركان أحدهما ببنانه، لاختفت دول برمشة عين، ونحن لولانا ما ازدهرت الأندلس.
لو لم نُطرد وبذل من الأندلس، لكانت اسبانيا مرتعاً لتخلفنا، ولو سقطت فيينا بأيدينا، لكانت أوروبا تمنع خروج الحريم دون مَحرم، ولكان المنتخبُ الألماني يخسر بنتيجة 6_1 أمام بنغلادش، فنترك الستة ونتحدثُ عن روعة الهدف اليتيم.
نخسر بالستة ونتغنى بهدفنا اليتيم! هذه هي أمتنا يا سادة، يلهون بنا ككرة قدم، يتقاذفون دولنا بأقدامهم، وملايين منّا تعبد شيخاً يسكر بالبول، وتعشق ثعلباً عثمانياً هو بوّاب عند عتبات الكبار، والهدفُ وقف إطلاق النار في سوريا.
وقف إطلاق النار في سوريا يحتاج لمحادثات طويلة في فنادق وكازينوهات لوزان وبعدها جنيف، وللتمييز بين الصالح والطالح من العصابات، والمعتدل والحارّ من المسلحين، وبين من يأكل الأكباد ومَن يأكل القلوب ويشوي الرؤوس، لكن عندما يقترب رجال الله من خط أحمر، سيصبحُ وقف إطلاق النار هذا ساري المفعول فوراً. القصة طويلة… طويلة… ومَنْ فتح نوافذهُ للبعوض عليه أن يتحمّل “اللسع”…
الكاتب: د. جميل م. شاهين