كامالا هاريس أول رئيسة للولايات المتحدة الأميركية! الدكتور جميل م. شاهين. عدد القراءات 808715 تاريخ النشر 09.11.2020. Firil Center For Studies. Berlin
فاز جو بايدن في الإنتخابات الرئاسية الأميركية إعلامياً قبل رسمياً، بينما ستكون نائبته Kamala Harris كامالا ديفي هاريس هي الرئيس الفعلي الخفي، كيف؟ سنتطرقُ لاحقاً لهذا الموضوع. الإعلان عن فوز بايدن جاء إعلامياً حتى قبل البدء بالإنتخابات المباشرة، وهذا يُعطينا فكرةً عما حدث، والقصد هنا سيطرة الديموقراطيين، ومَنْ خلفهم، على وسائل الإعلام وقدرتهم على توجيه الرأي العام حسب توجهاتهم، لهذا كان ترامب على حقّ عندما يشكو من الإعلام.
أول مائة يوم ستكون فاشلة لجو بايدن
دعونا نفترض أنّ ترامب وإدارته رضخوا للأمر الواقع، وفشل في الطعن بنزاهة الإنتخابات فسلّم الكرسي للرئيس الجديد بسلاسة دون معوقات. حسب ما أعلنه جو بايدن، فسوف يقوم بإنجازات كبيرة في المائة يوم الأولى من جلوسه على كرسي البيت الأبيض.
السيطرة على جائحة فيروس كورونا بفرض إجراءات صحية واسعة منها الإلزام بالكمامات. إلغاء التخفيضات الضريبية التي أقرها ترامب للشركات والأثرياء. حماية واسعة جديدة لمناهضة التمييز على أساس الجنس أو العرق والمساواة بين الجنسين وتنسيق السياسات المتعلقة بالمرأة. سنّ تشريعات جديدة للسيطرة على بيع الأسلحة. تسهيل حصول 11 مليون مهاجر يقيمون بصورة غير شرعية على الجنسية. وقف عمليات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين. إلغاء قرارات حظر السفر التي فرضها ترامب والتي تفرض قيودا على المسافرين من 13 دولة إسلامية وإفريقية. كما أكد بايدن أنه سيعود إلى منظمة الصحة العالمية واتفاق باريس للمناخ والاتفاق النووي مع إيران، وتمديد معاهدة الحد من الأسلحة النووية الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وروسيا. النظر في قرار زيادة الرسوم الجمركية مع الصين الذي اتخذه ترامب.
هذه الصورة الفردوسية من المشاريع السلمية وكلّ ما ورد وصرّح به جو بايدن كان ضمن حملته الإنتخابية، وكأن بيده عصىً سحرية… كلام الليل يمحوه النهار، فكيف إن كان صاحبُ الوعود يشكو من النسيان وربما مانراه في مركز فيريل للدراسات أنه سيدخلُ وربما دخل فعلياً في Demenz، نترك لكم ترجمتها؟ معوقاتٌ كثيرة سيصطدم بها مع إدارته ستجعله إن حقق نصف ما قاله، قد قام بإنجاز عظيم. بعض القرارات لا تحتاج لوقت أو جهد كالعودة لمنظمة الصحة العالمية والاتفاق النووي ومعاهدة الحد من إنتشار الأسلحة، لكن الباقي.
سياسة جون بايدن الداخلية
لن يحدثَ تغيير جوهري في السياسة الأميركية خاصة الخارجية، فالهدف الرئيسي سيبقى واحداً وهو المحافظة على سيطرة الولايات المتحدة على العالم عسكرياً وإقتصادياً وإعلامياً وإجتماعياً، بزعامة الحزب الديموقراطي فقط، لهذا سيكون التغيير بالطريقة فقط، طريقة ترامب المباشرة والصريحة ستختفي لنرى طريقةً خبيثة ماكرة.
أمام إدارة جو بايدن داخلياً ملفاتٌ شائكة سيتركها له سلفهُ ترامب عليه التعامل معها بسرعة ودقة. بعيداً عن الوعود “الخيالية” ما نراهُ في مركز فيريل للدراسات أن ملفّ “جائحة كورونا” سيكون شائكاً، فالوباء يزداد شراسةً، وهناك نسبة كبيرة من الأمريكيين يرفضون حتى فكرة وجود هذا الفيروس فكيف سيتقبلون أية إجراءات أخرى كالإغلاق أو الحجر مثلاً؟ هذا على فرَض أنها إجراءات بريئة ولن نضيف لأن الخوض في هذا المجال بات من “المُحرّمات”. نسبة البطالة مرتفعة وعليه تخفيضها. الأسلحة الفردية التي تضاعف شراؤها في الولايات المتحدة ماذا سيفعل بها؟ هل يمكنهُ الوقوف بوجه معامل السلاح والحد من التصنيع؟ أو الصمود بوجه الأثرياء أصدقاء ترامب ويرفع الضرائب على شركاتهم؟ ونُكرر هنا، هذا على فرض أنّ الأمور سارت بسلاسة دون أية إضطرابات قادمة في الشارع الأميركي، وحمل ترامب حقيبته ورحل ببساطة دون فرض حالة طوارئ أو شن حرب ما. لدى ترامب عدة طرق لزيادة حِمل بايدن وتوريطهِ خلال الخمسين يوم القادمة.
سياسة جون بايدن الخارجية
نستعرضُ معكم باختصار توقعات وتحليلات مركز فيريل للدراسات حول سياسات إدارة جو بايدن القادمة مع معظم القضايا العالمية مع تفصيل في بعضها.
مع أوروبا وبريطانيا علاقة ترامب بدول الاتحاد الأوروبي لم تكن على مايرام كما أنه دعم البريكست وانفصال بريطانيا، بايدن يعارض البريكست وسيسعى إلى أوروبا قوية لأنها ستقف بوجه روسيا. سيعيد علاقات بلاده مع ألمانيا إلى سابق عهدها والمزيد من التنسيق مع الشركاء بمختلف القضايا، بما في ذلك الهجرة واللجوء وقضايا المناخ والطاقة النظيفة والأمن. بالإضافة لإعادة إحياء الناتو الذي عانى من التخلخل كثيراً خلال السنوات الأربع الماضية.
مع روسيا والصين علاقاته بروسيا لن تكون جيدة، سنشهد تراجعاً في التنسيق بخصوص قضايا دولية، وبالمقابل تجنّب أية مواجهة مباشرة، بل اللعب في الحدائق الخلفية لموسكو. مع الصين؛ سيحاول تحسين العلاقات السيئة دون شكّ.
جو بايدن والشرق الأوسط
هنا تتباين السياسات الأميركية القادمة. جو بايدن لن يكون باراك أوباما الثاني، ليس لإختلاف الطرق والأهداف، لكن لأنّ سَلَفهُ ترامب استطاع إنشاء منظومة جديدة في الخليج العربي تحديداً بعيدة عن تيار الإخوان المسلمين خادم الديموقراطيين.
علاقات الولايات المتحدة تحت حكم الديموقراطيين تكون قوية في دول الإسلام السياسي المحكومة من الإخوان المسلمين؛ علاقاته بقطر مميزة على حساب السعودية والإمارات ومصر. لهذا رأينا أول المباركين بفوزه كان تنظيم الإخوان المسلمين في مصر، لكنها لن تصلَ لدرجة التخلي عن تلك الدول لصالح إيران، سيبقى الدعم لها وعملية “حَلْب” ثرواتها لكن بطريقة غير مباشرة أي خبيثة، وطرح مشاريع تنموية لكن هذه المرة بمشاركة تل أبيب المباشرة. هنا على الدول؛ مصر والسعودية والإمارات زيادة التنسيق والترابط بينها لعدم تمكين الديموقراطيين من إحداث أيّ إختراق.
دون شك، علاقاته بإسرائيل لن تتغير وستبقى الولايات المتحدة الداعم الأول لها على حساب جميع الدول والشعوب. بايدن من أصدقاء تل أبيب المُقربين وظاهرياً فقط من أعداء نتنياهو، لكن في الخفاء حليف وممول وداعم، لهذا سيواصل حث الدول على الإنضمام لعملية الهرولة العربية والإعتراف بإسرائيل.
مع إيران
طهران كانت أكثر المرحبين بهزيمة دونالد ترامب والعيش على أمل إنهيار الولايات المتحدة. رحيل ترامب الذي زاد من معاناة الإقتصاد الإيراني وانسحب من الاتفاق النووي أمرٌ سيسعد الإيرانيين، كما أنّ قدوم حزب أميركي حاكم يدعمُ الإسلام السياسي، من مصلحتها، لهذا ستكون أكثر السعداء بذلك. كل هذا لا يعني أنّ جو بادين سيلغي كافة العقوبات ويرفع الحظر هكذا مجاناً… استراتيجية بايدن ستكون فقط أقل حِدة مع طهران مع مفاوضات سرية وعلنية للوصول لصيغة جديدة للاتفاق النووي… للمعلومات؛ بايدن صوّت ضدّ إعتبار الحرس الثوري منظمة إرهابية وضد إغتيال سليماني ويُفضّلُ الحل الديبلوماسي مع طهران.
مع تركيا
تركيا يحكمها الإخوان المسلمون، ومن الطبيعي أن تلقى دعماً من الديموقراطيين، لكن دور رجب طيب أردوغان شارف على الإنتهاء لأنه فشل في أدائه. تركيا ابتعدت عن حلف الناتو وارتمت في الحضن الروسي وامتلكت صواريخ إس400، كما أنها تدخلت في ليبيا واليمن والسودان وأرمينيا وسوريا واليونان وقطر، كل هذا أضعفَ من الدور المرسوم لها في الشرق الأوسط، بينما ترامب يتفرّجُ عليها دون أن يردعها. الديموقراطيّون يرون أنّ تركيا لها حجمٌ معين يجب ألا تتجاوزه، وعليها العودة إلى الناتو والابتعاد عن روسيا، لهذا سنرى جفاءً متصاعداً بين أنقرة وواشنطن التي ستدعمُ الأكراد في تركيا ومعهم المعارضة، إما لتعيد أردوغان إلى الحضن الأميركي بخنوع، أو قد تُقرر الاستغناء عنه نهائياً برئيس جديد عبر إنقلاب عسكري ما أو على الأقل دعم الأحزاب التركية المعارضة لأردوغان. الإقتصاد التركي سيعاني أكثر والهروب من السفينة الغارقة بدأ باستقالة صهر أردوغان وزير المالية بيرات البيرق…
مع سوريا
بمراجعة سريعة لتصريحات بايدن كقوله: (نرفضُ ما تقوم به إدارة ترامب من محاباة الدكتاتوريين مثل قادة المملكة العربية السعودية والرئيس الروسي بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون والرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي)، سنعرفُ طريقة التعاطي القادمة مع المنطقة. أما مع سوريا، فقد انتقدَ قرار ترامب بسحب القوات الأمريكية، أي لا ينوي فعل ذلك، ونرى في مركز فيريل للدراسات أنّ جو بايدن لن يأمر بسحب قواته من سوريا.
طريقة الديموقراطيين تقوم على أساس المماطلة والتسويف والخبث، وهذا ما سيفعلهُ في سوريا. ما نراهُ في مركز فيريل للدراسات وذكرناهُ سابقاً؛ الاختيار بين ترامب وبايدن هو بين السيء والأسوأ. تعامل دونالد ترامب كان واضحاً في سوريا؛ يقوم بسرقة البترول والغاز ومستعد للانسحاب وليواجه الأكراد مصيرهم المحتوم، كما كان التنسيق مع الروس جيداً.
جوزيف روبينيت بايدن سيدعم إنفصال الأكراد أكثر ولن يفكر بالإنسحاب إلا وفق شروط صعبة، وسيعود لفتح ملفات الكيماوي وقصة “أيام معدودة” تماماً كأوباما وهيلاري، وقد يُصعّد من المواجهة مع الروس ودعم الإرهابيين في سوريا. هو نفسهُ الذي دعم تقسيم العراق إلى ثلاثة دول؛ كردية وسنية وشيعية، والذي دعم أيضاً إنفصال دارفور في السودان، جو بايدن هو نسخة الديموقراطيين عن جون ماكين الجمهوري، وصداقة الإثنين التي استمرت 30 عاماً لم تأتِ من فراغ.
كامالا ديفي هاريس هي الحاكم الفعلي
جوزيف بايدن من مواليد 20 تشرين الثاني 1942، كاثوليكي إيرلندي الأصل، يُعاني من أمهات الدم “توسّعٌ مفرط للأوعية الدموية بسبب إرتفاع الضغط” منذ عام 1988 حيث توقف عن العمل كسيناتور في مجلس الشيوخ 7 أشهر، وأسعف للمشفى مرتين في شباط من نفس العام. يعاني حالياً من عدم إنتظام ضربات القلب وإرتفاع الكوليسترول والحساسية الموسمية والتأتأة، أجرى جراحة أنفية بسبب توقف التنفس ليلاً أثناء النوم، كما أجرى عملية لتضخم البروستات. يشكو من النسيان وهي علائم بدائية لمرض ألزهايمر، وكلنا شاهد ذلك عندما نسي اسم ترامب وقال عنه جورج بوش، وأيضاً عندما خاطب مؤيديه قبل أيام قائلاً: (أقدمّ إليكم ابني بو بايدن، الذي ساهم كثر منكم في انتخابه سناتوراً عن ديلاوير. وأقّدم إليكم حفيدتي ناتالي). ابن بايدن بو توفي عام 2015، وحفيدته كانت فينيغان وليست ناتالي. ما ورد حول صحة بايدن كشفهُ طبيبه الخاصّ كيفين أوكنور الذي رغم ذلك قال: (الرئيس بايدن بصحة جيدة ويمكنه ممارسة عمله دون عوائق)!!
بهذه المجموعة من الأمراض وعلى رأسها احتمال إصابته بجلطة دماغية، هل يمكن أن يُكملَ جو بايدن أربع سنوات في حكم البيت الأبيض؟ أم سنرى قبل نهاية فترته وقبلَ تشرين الثاني 2024 استلام كامالا ديفي هاريس مقاليد الحكم، لتصبحَ أول رئيسة للولايات المتحدة الأميركية؟ كامالا هذه كما نراها في مركز فيريل للدراسات ستكون أخطر من بايدن… والحديث الأوسعُ عنها سيكون إن حصل…
ختاماً، ماذا يمكن أن يفعلَ ترامب؟
أمام جو بايدن خمسون يوماً على الأقل، وهي فترةٌ خطيرة بيد ترامب وحدهُ زيادة خطورتها أو إنهاءها. بإمكان ترامب وإدارته وحزبه تحريكَ مئات الآلاف وربما الملايين من الأمريكيين وتوجيههم إلى الشوارع وخلق حالة من الفوضى بما في ذلك فوضى مُسلحة. ثم يفرض حالة الطوارئ. بإمكان ترامب البدء بحرب ضد دولة ما، إيران مثلاً وترك هذا الملفَ ساخناً أمام بايدن. هناك فنزويلا وكوريا الشمالية أيضاً. يمكنهُ جرّ تركيا إلى صراع مفتوح مع الأكراد وبالتالي سوريا والعراق وحتى إيران، خاصةً بعد تعيين (جويل ريبون) مبعوثاً أميركياً إلى سوريا بعد إستقالة جيمس جيفري. جويل هذا؛ من أحبّاء ميليشيات قسد الإنفصالية ومن مؤيدين تقسيم المنطقة إلى دويلات متصارعة، أمام ترامب شهران يمكنه التحرّك خلالهما بحرية ودعم الإنفصاليين بصورة أكبر بوجه سوريا وتركيا. مركز فيريل للدراسات الدكتور جميل م. شاهين. 09.11.2020