يقوم المشروع الأمريكي في سوريا على مبدأ حرب الوكالة، بسبب تعقيدات العدوان المباشر والآثار الكارثية المترتبة عليه إقليميا ودولياً، لهذا فالوجود الأمريكي في سوريا مبني على دعائم عميلة وأدوات رخيصة هي عبارة عن عصابات الجيش الحر والنصرة وداعش والمليشيات الكردية الخائنة.
عصابات الحر تم تدميرها وكذلك داعش، وتم حصار النصرة في إدلب، وضرب مشروع المليشيات الكردية من خلال اتفاق الأستانا، حيث تم تحييد تركيا مقابل قطع الممر الكردي.
تمت هذه الإنجازات خلال فترة الأزمة السورية وعلى مراحل، ترافقت بتحرير أجزاء كبيرة من شمال وشمال غرب سوريا ووسطها وشرقها وجنوبها، وحصار التواجد الإرهابي في ريف شمال حمص وجزء من درعا وإدلب.
الواضح كان أنه بعد كل انتصار مهم وكبير للجيش العربي السوري وحلفائه، يتم الإيعاز لتلك العصابات للقيام بفبركة تمثيلية الكيماوي، عسى أن يتم من خلالها تغير الواقع الميداني من قبل واشنطن، ولكنها تمثيلية فاشلة، ورغم ذلك يتم تكرارها!
تحرير الغوطة قصم ظهر ترامب
بعد تحرير البادية ومنطقة وصل جنوب حلب وشرق حماة وإدلب وصولا لمطار أبو الظهور، تحرّك الجيش السوري بسرعة وبقوات كبيرة نحو الغوطة، والهدف كما ذكرنا في مركز فيريل؛ إجهاض مخطط جهنمي أمريكي بربط بؤر الإرهاب الداعشي من بادية دير الزور نحو التنف، ومن بؤرة درعا، ليلتقي الإرهابيون من جديد في الغوطة الشرقية وجنوب دمشق. العملية كانت ستتم بحماية الطائرات الأمريكية والحجة كانت استخدام فبركة كيميائي في الغوطة الشرقية…
إفشال مخطط “احتلال دمشق”، جاء بسواعد قوات النخبة في الجيش السوري، وبأسلحة تقليدية غير حديثة، ونُكرر هنا أسلحة عادية غير حديثة… بينما تُركَ استخدام الترسانة الروسية التي زودت بها الجيش السوري، وحسب الاتفاق مع موسكو، لمواجهة الأعداء الأكبر…
تحركات دولية سبقت وتزامنت مع تحرير الغوطة الشرقية
- تعديلات في حكومة ترامب حيث تم اقالة وزير الخارجية الأمريكي ومستشار الأمن القومي، واستبدالهما بصقور الحرب.
- تلويح ترامب بأنه سينسحب من الاتفاق النووي مع إيران بصيغته الحالية إن لم يتم تعديله.
- إعلان ترامب عزمه سحب القوات الأمريكية من سوريا
- افتعال أزمة الجاسوس الروسي سكريبال، حيث تم طرد عشرات الديبلوماسيين الروس من الولايات المتحدة وأوروبا.
- زيارة ولي عهد السعودية محمد بن سلمان وأمير قطر لواشنطن
مع فشل خطة “احتلال دمشق” بدأت الولايات المتحدة تلوّحُ بالانسحاب من سوريا. الردّ الأميركي على هذا الفشل كان القيام بتمثيلية كيميائي لتدويل الوضع وطرح الخيار العسكري.
تحرير الغوطة جاء لإحباط هجوم إرهابيّ كبير على دمشق زيد م. هاشم. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات
يتضح من خلال ما تم ذكره، أنّ من أهداف واشنطن بتهديداتها بشن عدوان والقيام بعمل عسكري ضد سوريا
- ابتزاز عرب البترول والغاز، وسرقة أموالهم بحجة تحقيق هدف مشترك لهم متمثلا بضرب الجيش السوري.
- خروج مشرّف للقوات الأميركية من سوريا وانسحاب يحفظ ماء وجه واشنطن حيث ستجمل هزيمتها النكراء، بانتصارات “خُلبية”.
- عقد اتفاق مع روسيا للتفاهم مع دمشق وطهران، بغية سحب الفصائل التابعة لإيران من سوريا مقابل تنازلات أمريكية. حيث زار لافرتنيف المبعوث الروسي الخاص لسوريا، طهران. كما قام ولايتي بزيارة دمشق بنفس الفترة وهذا لتدارس الموقف السياسي والعسكري المستجد بناءا على المتغيرات. في هذا السياق جاءت الضربة الإسرائيلية الأخيرة على مطار تي فور التي أدت لاستشهاد ضباط إيرانيين موجودين كقوات دعم لوجستي، وهذا يعزز هذا التحليل، فإسرائيل معنية بالأمر بشكل رئيسي، وتريد حشر نفسها في أي اتفاق تسوية بين واشنطن وموسكو…
- واشنطن تعد العدة لمواجهة طهران وتقليص نفوذها بالمنطقة، حيث سيكون العراق واليمن أبرز ساحات المواجهة، كونها تمتلك أدواتٍ قوية في هذين البلدين، ومن المرجح البدء بربيع إيران الفارسي وإشعال اضطرابات داخلية بالتزامن مع إلغاء الاتفاق النووي.
لهذه الأسباب تأخرت الضربة الأميركية لسوريا. الدكتور جميل م. شاهين
الولايات المتحدة استفزّت روسيا عسكرياً حول العالم
بتتبعنا للأخبار العسكرية ليس فقط في سوريا والشرق الأوسط، بل حول العالم وجدنا أنه وبعد التهديدات الأميركية الأخيرة، قامت القوات المسلحة الروسية بتشغيل محطات الإنذار المبكر لمراقبة الصواريخ الباليستية والطائرات المتطوّرة في سيبيريا!! وتم ربطها مباشرة بالقوات الروسية في سوريا، كما قامت روسيا بتعطيل الإشارات اللاسلكية للطائرات الأميركية من دون طيار في سماء سوريا.
كذلك حشدت القوات البرية الروسية على تخوم أوكرانيا، واستنفرت سفن وبوارج أسطول البحر الأسود، إضافة لمراقبة حركة السفن الحربية الأمريكية في المتوسط وحتى التحليق فوقها. بينما تحركت السفن والغواصات الروسية باتجاه عرض البحر من طرطوس وكأنها تُشكّل سياجاً دفاعياً.
لا شك أن موسكو ودمشق وطهران كانت تحتاط لهكذا سيناريو، وقد أعدت العدة له بتجهيز أنظمة الدفاع الجوي ورادارات التشويش وأسلحة الحرب الإلكترونية.
من البديهي أن واشنطن كانت ستقوم بضربة سريعة للجيش السوري قبل أيام، ولم تفعلها للأسباب التي ذكرناها في المقالة السابقة بمركز فيريل، كما أنّها لم تجرؤ على شن عدوان واسع على سوريا، عندما كان الإرهاب يسيطر على أجزاء كبيرة من الأراضي السورية، وقبل تدخل روسيا في أيلول 2015، والسبب الرئيسي… أمن إسرائيل سيكون في مهب الريح.