بعد أن أيقن العدوّ أنّ صبيانهُ عاجزين عن تحقيق أيّ تقدم ميداني في جبهة جوبر، سقطت الأهداف المراد تحقيقها، وأدركَ أنّ الوضع في جبهة شرقي دمشق بعد سحق الهجوم، لن تكون كما قبله.
حيث سيحصل سقوط للأحياء المحتلة من القابون وبرزة وتشرين وجوبر وحرستا، وكامل الغوطة الشرقية، بطريقة تساقط أحجار الدومينو، وصولا لعاصمة التكفيريين دوما. المعروف أنّ جبهة ريف دمشق يتحكم بها آل سعود والصهاينة، وتحريكها الآن لأهداف مشتركة عدة أهمها مستقبل الجهتين ما بعد النصر السوري المؤكد. فمحور المقاومة منتصرٌ مهما حاولوا وأرسلوا من انتحاريين وقطعان الصبيان.
من المعروف أيضاً أنّ جبهة ريف حماة الشمالي، تدار من قِبل الأخوان المسلمين في تركيا، وتحريكها في هذا الوقت بالذات جاء لكسب دور سياسي لعملاء أنقرة في مستقبل سوريا، خاصة وأنّ واشنطن اختارت الأكراد، أعداء أيردوغان، كشريك، أي أنّ أيردوغان فقد السيطرة تماماً في الشمال الشرقي السوري الأقصى، ويريد التعويض في المفاوضات القادمة، بمكسب يحققه في حماة بعد سقوط رهانه على دمشق ثم حلب. هو الآن يجرب ضربة حظه الأخيرة في حماة، حيث ترضى تركيا الآن بأيّ دور في الحرب على الإرهاب من خلال توسيع دور عملائها درع الفرات الإخونجي ليطال جبهة إدلب وحماة.
هجوم حماة يصبّ بالوقت نفسه في مصلحة الأمريكان، عسى أن يوقف هذا الهجوم التقدم الميداني السريع للجيش السوري في البادية من جبهة تدمر إلى السخنة، وجبهة ريف حلب الشرقي إلى دير حافر ومسكنة، ثم شرقي الفرات والتي وصلت القوات السورية ضفته الغربية لأول مرة منذ خمس سنوات، ودليل الرضا الأمريكي على هجوم حماة، هو قيامهم بعملية إنزال مع عناصر قسد، بعدة مناطق شرق الفرات في الطبقة باتجاه الرقة، إنزال تزامن مع هجوم ريف حماة، والهدف طبعا قطع الطريق على الجيش العربي السوري إلى محافظة الرقة عبر الطبقة حيث مطارها الحيوي.
الرد السوري مع محور حلفائه سيكون على قدر أهمية الأهداف الكامنة خلف هجوم حماة. لقد تحرك آلاف التكفيريين، نصفهم مقاتلون أجانب يتزعمهم الإرهابي السعودي المحيسني، الذي ظهر في صورة مع قيادات القاعدة، معلنا الهجوم وبطريقة تُذكرنا بكفار قريش. الملفت ظهور مقاتلين من القوقاز يلتقطون صور سلفي معه. هؤلاء ستوكل لهم مهام قتالية ميدانية خاصة، وهذا تهديد واضح للروس باستخدام مرتزقة تركستان والقوقاز كونهم يكنون عداء كبيراً لموسكو، ويعتبرون خصوماً تاريخيين من مرحلة أفغانستان ثم الشيشان. روسيا أعلنت الاستنفار من خلال التحرك المباشر للطيران الروسي من مطار حميميم، وضرب خطوط الإمداد الخلفي للعدو، ويتوقع أن تكون التغطية الجوية الروسية للجيش العربي السوري غير مسبوقة، ويتوقع تدخل سلاح الصواريخ الباليستية كاليبرن والقاذفات الاستراتيجية على الخط، ردا على الغدر التركي كونه طرف ضامن بناء على اتفاق الإستانا. الهجوم يعد له منذ فترة ليست بالقصيرة، وهو متوقع و تم رصد دخول شحنات سلاح وعتاد وذخيرة للسلاح المتوسط و الثقيل المدرع الذي يملكه تنظيم القاعدة والجماعات التكفيرية المتحالفة معه من تركيا، لأن المشغل يعول على تحقيق مكسب ميداني مهما كان الثمن.
تمت عملية إعادة تموضع للقوات السورية لامتصاص الهجوم بأقل الخسائر، مع استخدام كثافة نارية عالية تؤمن التموضع، وبدأت المؤازرات الضخمة البرية تتوافد إلى جبهة ريف حماة، من تشكيلات من القوات المدربة وذات كفاءة عالية، وهذا يوضح أن الأمر لن يتوقف على صد هجوم المرتزقة التكفيريين، حيث يرجح طردهم من ريف شمال حماة بشكل نهائي وذلك لتحقيق الأهداف التالية:
- إحكام الحصار على إدلب من هذه الجبهة الرخوة، وإغلاق هذا المنفذ بشكل نهائي
- دعم معركة جنوب وغرب حلب بالمرحلة الثانية لذات الهدف، وهو حصار إدلب
- فتح طريق حلب حماة الدولي
- تأمين قوة كبيرة لحماية جبهة ريف حماة، حيث سيوفر حسم هذه الجبهة عدداً كبير من المقاتلين المحليين المخضرمين لرفد الجيش السوري في تحركاته المستقبلية
- ضرب أهم جبهة يمكن أن يتحرك بها العدو، بعد إنهاء جبهتي ريف دمشق وحلب
- تحقيق مكسب ميداني جديد لسوريا، يعزز موقفها السياسي والعسكري
- الانتقال لحرب البادية والجزيرة السورية بأريحية كبيرة، بعد تأمين ظهر الجيش في الداخل السوري، اعتباراً من حلب وحماة وحمص وصولا إلى دمشق وحتى درعا
- البدء بتحريك الاقتصاد السوري بفتح التواصل بين محافظات الساحل والداخل بعد تأمين الطرق الرئيسية الرابطة بينها
- فتح جبهة جديدة في حرب البادية بعد ريف شرق حلب وريف شرق حمص، وهي جبهة ريف شرق حماة المهمة، ابتداءً من السلمية، وتأمين طريق خناصر بشكل كبير
جبهة ريف حماة مهمة جداً، والجيش السوري هو المنتصر بالتأكيد، ونتوقع معارك حاسمة وأسرع مما يقوله المحللون العسكريون، وذلك بناء على التحضيرات العسكرية واختيار خيرة القادة الميدانين وعلى رأسهم العميد المخضرم سهيل الحسن النمر، والذي خبر هذه الجبهة عن قرب.
بعد هذه المعركة سننتقل مباشرة لمحاربة الإرهاب العالمي، وسنرى تغيراً إيجابياً على المستوى الإقليمي والدولي تجاه القيادة السورية، إذ يعتبر حسم جبهة ريف حماة خطوة رئيسية في طريق نهاية الأزمة السورية نظرا لأهميتها الاستراتيجية.
بقلم: زيد م. هاشم
التحرير: مركز فيريل للدراسات ـ برلين
23.03.2017