Ist der Dritte Weltkrieg jetzt noch aufzuhalten
بعيداً عن التنبوءات الدينية وغير الدينية، فهناك مؤشرات تدلّ على أنّ أسباب نشوء صراع مسلح كبير قد يتطور لحرب عالمية ثالثة، باتت أكبر. الدول العظمى والمتوسطة اصطفت بشكل شبه نهائي ضمن معسكرين شرقي وغربي، وساحة الحرب تمّ توزيعها على أربعة محاور رئيسية هي: الشرق الأوسط، شرقي أوروبا، جنوب وجنوب شرق آسيا، وجنوب الكاريبي.
ما هو موقف الدول العظمى؟
لا يستطيع الصغار إشعال شرارة البدء، لا إسقاط تركيا للطائرة الروسية، ولا حتى اغتيال وريث العرش النمساوي الأرشيدوق فرانز فرديناند. فالولايات المتحدة وروسيا والصين يتحاشـون هذه الحـرب لأنها إن حدثت، سـتكون كارثيـة على الجميـع.
يُقدّر خبراء عسكريون أنّ حرباً عالمية ثالثـة، تُسـتخدم فيها أسلحة الدمار الشامل سـتحصد أرواح 200 مليون إنسان خلال الأربع والعشرين ساعة الأولى، ويكفي أن نعرف أنّ تفجير قنبلة هيدروجينية قوتها 10ميغاطن في البحر، على مسافة 10 كلم من الشاطئ، سيسبب أمواجاً ارتفاعها 200 متر، وحتى إن كانت على مسافة 100 كلم، فإن ارتفاع الأمواج يصل إلى 50 مترًا حين تصطدم بالشاطئ، وهذا يكفي لإغراق مدينة نيويورك بمن فيها.
الأخطر منها هي الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، فخمسة عشر طنًا من المواد البيولوجية كافية للقضاء على كافة مظاهر الحياة على الأرض. إنّ نشر الحمى المالطية، وجرثومة إلتهاب الأنسجة الجلدية المخاطية شيغا، وداء العصيَّات الكولونية، وفيروس الانفلوانزا، يمكن أن يتم بصاروخ موجه، أو بطائرة بدون طيار، أو بإلقاء حيوانات مصابة /فئران، أرانب/ بالمظلات أو تُحمّـل لمقاتـلين ضمن أسـلحة أثنـاء الحروب الأهليـة دون أن يعرفوا بها.
لا توجدُ مؤشرات على نيّـة الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين بدخول حرب لا تُعرف نتيجتها، حتى وإن طالبَ البنتاغون بأعلى ميزانية وهي 580 مليار دولار، لمواجهة التحديات من روسيا وإيران والصين ومحاربة الإرهاب العالمي، فزيادة 16.8 مليار دولار لتمويل العمليات الطارئة في الخارج التابعة لبرنامج الاستخبارات العسكرية، و58.8 مليار دولار لتمويل العمليات العسكرية الخارجية، كل هذا يعني أنّ واشنطن تسعى لحرب استخباراتية /اغتيالات، زرع فتن طائفية، تفجيرات/ وبعض العمليات العسكرية المحدودة. كذلك روسـيا التي أعلنت امتلاكها لأسلحة نووية حديثة، وتقوم باستعراض قوتهـا العسـكرية الجبـارة في سـوريا، والتي باتت تتفوق على الاتحـاد السوفيتي ومنافسـته للولايات المتحدة في فترة السبعينات والثمانينات، هي لا تـريد حربـاً عالمية بالتأكيد.
مَـنْ الذي قد يُشعل حربـاً إقليميـة؟
تركيـا قد تتسبب بحرب كبيرة، بسبب حاجة أيردوغان لهذه الحرب، للخروج من أزمته الإقتصادية والسياسية الخانقة التي سببها تدخله في سـوريا ودعمـه لداعش وجبهـة النصرة الإرهابيتين، ثم معاداته لروسيا وفرض عقوبات إقتصادية عليه. إنّ تصريح وزارة الخارجية الروسية النظر في طلب من مجلس الدوما، إنهاء معاهدة السلام مع تركيا الموقعة منذ عام 1921، كما ورد على لسان المتحدثة باسم وزارة ماريا زاخاروفا، هو تهديـد صريح لأيردوغان بعدم الاستمرار بأحلامـه العثمانية الخياليـة، خاصة بعد تصريح رئيس وزرائه أوغلو: “الطغاة الروس سيغادرون سوريا أذلاء كما تركوا أفغانستان.”.
السـعودية، التي تمرّ بهزائم عسكرية في اليمـن، ومصاعب اقتصادية بسبب انخفاض أسعار البترول العالمية، والتي ساهمت بها لضرب روسيا وإيران، فجنت على نفسها براقش، التقشف السعودي وصل لرفض طلبات الطلاب السعوديين للدراسة في الخارج لضعف الميزانية المخصصة لهم. فوق ذلك، هزيمة عسكرية وسياسية في سـوريا جاءت بقهقرة الفصائل الإرهابية التي تدعمها. الحرب بالنسبة للسعودية ستكون آخر ورقة ترميها، عليها أن تنتصر في هذه الحرب ولو إعلامياً، لردّ اعتبارهـا وتأكيد أنها سـيدة العالم الإسـلامي، وإلا فالانهيار المتسـارع مصيرها.
شـرق أوروبـا، يتم تسخين الأوضاع في أوكرانيا لدفعها إلى خط اللاعودة بين موسكو وكييف، حيث ستبادر واشنطن لزيادة الإنفاق العسكري في أوروبا إلى 4 أضعاف ليصل إلى 3.4 مليارات دولار في 2017، وزيادة عدد قوات الناتو على الحدود الروسية الغربية في بولونيا وجمهوريات البلطيق،
إسـرائيل، غير الراضية عن النصر السياسي الإيراني في مجال الملف النووي، والنصر العسكري السوري الذي يتم بمؤازرة عدوّهـا الأول حزب الله.
كوريا الشمالية، المستمرة بدعم ترسانتها العسكرية بأسلحة غير تقليدية، وبتحديها لكوريا الجنوبية واليابان وورائهما الولايات المتحدة. لن تقدم كوريا على خطوة عدائية لأنها تدرك النتائج، لكن قد تجرها سيؤول بايعاز من واشنطن لذلك.
الباكستان والهند، قد يؤدي الصراع المزمن حول كشمير إلى حرب إقليمية، سبق وأن حدثت عام 1974 بين الدولتين النوويتين.
ما هـوَ السبب الحقيقي للحرب القادمـة؟
ـ ردع روسـيا: هذا ما أكـدّ عليـه أعضـاء الناتـو أثناء اجتماعهم الأخير في بروكسل 10 شباط، وعلى رأسهم الولايات المتحدة التي قالت علناً: “يجب زيادة مساهمة الناتو في الحرب ضد داعش، وردع روسيا في شرق أوروبا، وتوحيد صفوف دول الحلف لإنزال أكبر قدر من الضربات بمصالح روسيا واقتصادها.” عندما أعادت روسيا شبه جزيرة القرم، وقف الناتو متفرجاً، وقبله ما فعلته موسكو في جورجيا ثم في أوكرانيا. منطقة ردع روسيا ستكون في سـوريا وأوكرانيا وقد تمتد إلى جمهوريات القوقـاز بمشاركة تركية. إنّ عدم ردع روسـيا وإيقاف طموح بوتيـن وتحجيمـه، يعني نهايـة نفوذ الناتـو ومعه الولايـات المتـحدة لسـنوات طويلة قادمة أو للأبــد.
ـ الركـود الإقتصـادي العالمي: يؤكد الركـود الاقتصادي والأزمات المالية والاقتصادية المتلاحقة التي تصيب دول العالم، على الحاجـة بالمنطق السـياسـي والاقتصـادي لحرب كبيرة تتجاوز حدود دولة بعينهـا، وتسبب تحريك عجلة الإقتصـاد العالمي. يشير خبراء اقتصاديـون إلى أنّ الـدولار ومن ورائـه البنك الدولي قد لا يصمـد أبعدَ من نهاية عام 2017، وقد ينهـار فجأة أمام صعود دول مجموعة البريكس والعملاق الصيني والاستغناء عنـه في تعاملات بعض الدول. لهذا تبدو الحاجـة مُلحـة لحرب تعيـد للدولار هيبتـه قبل قيمتـه الفعلية، وتعرقل على الأقل مخططات الدول المعادية لواشنطن. لعبت العقوبات الإقتصاديـة التي فرضتها أوروبا والولايات المتحدة دوراً كبيراً في زيادة هذا الـركود، فهي كما أضرت بروسـيا، أضرت أيضاً باقتصاد هذه الدول وعلى رأسها اليــورو الذي يترنح في العديد من دول الاتحاد الأوروبي.
أخيــراً:
تحتاج مواجهة روسيا في حرب إقليميـة إلى دول يقودهـا سياسيّون أغبيـاء متهورون، وهذا أمر متوفر في تركيـا والسعودية وشرقي أوروبـا، لهذا ستحارب الولايات المتحـدة بغير جيوشـها، وسـتلجأ لاتبـاع نفس سـياسـة “الربيع العربي” مع أعدائهـا؛ صحيح أن نجاحهـا في الدول العربيـة كان سهلاً بسبب توفر الظروف الداخلية في هذه البلدان، لكنها تواجه مصاعب في خلق قلاقل في الصين وروسيا والبرازيل وكوريا الشمالية.
الوضـع الأخطر والمكـان الأكثر ترشيحاً لنشـوء هذه الحرب هو سـوريا؛ فالأشـهر القادمـة تبدو الأكثر حسـماً وتحمـل معها أحـد الحلـول التاليـة:
1ـ انتصـار سـاحق للجيش السـوري وحلفائـه وفشل المشروع الغربي، واستسلام الناتـو وما يتلوه من انهيار تركيـا والسعودية، مترافقاً مـع صعـود روسـيا لتسيطر على الشرق الأوسـط كاملاً ومعه البحـار الخمسة، وعلى شـرقي أوروبا وتفرض شـروطها في كافة مناطق النزاع في العالم.
2ـ الحفاظ على استمرار الحرب في سـوريا والصراع في أوكرانيا، واستنزاف روسـيا إقتصاديا وعسكرياً لسـنوات قادمة، قد تؤدي إلى انهيارها، كما حصل مع الاتحاد السوفيتي.
3ـ التوصـل لحلّ وسـط في سـوريا بمفاوضات طويلة، وحدوث تقاسـم للمصالح والمناطـق بين واشنطن وروسـيا، وهو خطوة في طريق التقسـيم لا أراهـا بعيدة عن سايكس بيكـو جديدة احتفالاً بمرور مائة عام عليهــا. وتتم بقبول دخول جيش التحالف الإسلامي بقيادة السعودية لمناطق محددة في سـوريا، بحجة محاربـة داعش، وفرض الأمر الواقع، وتقطيع سـوريا بين داعش والنصرة والأكراد والمعارضة والسوريين…
4ـ اندلاع حـرب كبيـرة تشارك فيها دول عديدة، تستخدم فيها أسـلحة تقليديـة مع بعض التجاوزات بأسلحة غير تقليديـة، تبدأ بالتدخل العسكري الترعـودي /التركي السعودي/، ثم تتسـع هذه الحرب لتشمل الشرق الأوسـط، بتدخل إيران والعراق وحزب الله والأردن ومصر… تنخرط موسـكو في هذه الحرب بشكل مباشر، بينما تكتفي واشنطن بالدعم العسكري واللوجسـتي والسياسي مع ضربات جوية محدودة لأهداف بعيــدة عـن الروس…
في جميـع الأحــوال: الكبـار يُخططـون، والصغــار يُحاربــون، والشـعوب تدفـعُ الثمـن.
د. جميل م. شاهين