بهذا السؤال الذي يُعبّرُ عن مدى الاحباط، وصلت مركز فيريل شكاوى عديدة من مزارعين سوريين، والمشكلة المزمنة: (عجز في تسويق المحاصيل الزراعية وإهمال المسؤولين واستغلال التجار)!!.
مشكلة التصريف والتسويق موجودة قبل الأحداث وليست طارئــــة، كمشكلة تسويق البندورة والفستق الحلبي وزيت الزيتون، و التفاح… فماذا فعلت الوزارات والمسؤولون المختصون لحلّها منذ سنوات طويلة؟
تنتج سوريا سنوياً حوالي 850 ألف طن من أفضل أنواع الحمضيات في العالم، وتُنتجُ محافظة اللاذقية أكثر من 80% من انتاج سوريا. الاستهلاك المحلي حوالي 300 ألف طن، والفائض للتصدير هو 550 ألف طن، فكم يُصدّر؟
تصدير الحمضيات رسمياً
إذا عدنا لتصريحات المسؤولين، لا نجد أية مشكلة؛ فهناك تصديرٌ لروسيا وإيران والأردن والعراق وبعض دول الخليج، والحكومة “مشكورة”، اتخذت مجموعة من الإجراءات لحماية محصول الحمضيات، ومنها تصديره ودعم اتحاد المصدرين السوريين، والأمور “عسل على عسل” فلِمَ الشكوى يا مزارعين؟!!
تصدير الحمضيات بدون رتوش
المزارع هو الذي يبذل الجهد الأكبر ويستثمر أرضاً ثمنها بالملايين، ليصل في نهاية الموسم لبيع محصوله للمُصدرين أو الدولة بأقل من سعر تكلفة انتاجه.
ينقل لكم مركز فيريل من ريف اللاذقية الشرقي، شكاوى المزارعين من أرض الواقع بعيداً عن كاميرات “التجميل”، ونخبركم كيف قام مزارعون بقطع أشجار الحمضيات وزرعوا مكانها “الدخان” الأكثر ربحاً والأسهل تسويقاً!!
قال لمركز فيريل المزارع أبو عدنان: “استثمرتُ خلال عام 2016 أكثر من 3 مليون ليرة سورية في الحمضيات، وحصلت على 460 ألف ليرة بعد بيع المحصول للدولة والقطاع الخاص، هل هذا معقول؟ لماذا أستمر في ذلك؟”.
باع أبو سليمان أقل من نصف محصوله بسعر 16 ليرة لكيلو البرتقال، ليصل إلى المستهلك بسعر بين 50 و 60 ليرة!
أليست هذه عملية سرقة موصوفة للمزارعين؟!
الحكومة تشترك مع حيتان الاستيراد والتصدير في…
تكلفة الحمضيات تقع بمجملها على عاتق المزارع، أما التسويق فلا يتحمل سوى أجور النقل والعرض، رغم ذلك يُباعُ الكيلو بأربعة أضعاف ثمن شرائهِ!
يضيفُ أبو عدنان: (أغرق تجار “الحكومة” السوق المحلية بالموز المستورد وبأسعار أقل من سعر البرتقال! واختاروا ذلك تزامناً مع موسم الحمضيات، أليست هذه عملية سرقة لتعبنا؟ لقد تركت البرتقال على الأشجار، بينما أعطيت أطناناً بدون أن أحصل على قرش… لهذا اقتلعت نصف الأشجار وزرعتُ مكانها دخاناً…). سألنا عن تسويق الدخان فأجاب أبو عدنان:
(تسويق الدخان أقل سوءاً من الحمضيات ولكنه ليس جيداً بأية حال… يمكن الحكومة بدها يانا نقلع شجر البرتقان ونزرعلها ماريغوانا لحتى تنبسط!!!)…
تحققنا من قضية التصدير فوجدنا أن إيران وروسيا لا تستوردان الحمضيات السورية سوى بنسبة أقل من 0,5% من حاجتها! والسبب أنّ المنافسة قوية وطريقة عرض المحصول “شعبية”، فالدول الأخرى المصدرة تعرضهُ بطريقة أنيقة وبأحجام متساوية وليست “اعتباطية”. كما أنّ أسعار البيع متساوية تقريباً، رغم أنّ
سعر الحمضيات السورية هو الأرخص عالمياً
الحمضيات السورية هي الأرخص عالمياً رغم ذلك تعجز الحكومة عن تسويقها، وكمثال بسيط سعر كيلو البرتقال بشكل وسطي يصل للمستهلك الأوروبي بحوالي 700 ليرة سورية خلال الموسم، أي أكثر من 12 ضعفه في سوريا، و 35 ضعف ما تشتريه الحكومة من المزارع!!
هو سوء تخطيط وسوء تنفيذ وجشع التجار واحتكار الحيتان… فالتصدير والتسويق عشوائي، ولا تتم دراسة رغبة المستهلك، أو الأصناف المرغوبة في الأسواق الروسية مثلاً، كما أنّ الذي لا تعرفهُ الهيئة المُصدرة الرسمية أنّ الاسواق العالمية ليست ســوق الهال، فهي لا تستقبل منتجات بشكل عشوائي، دون أن يكون هناك كشف كامل عن أمراض الثمرة المصدرة، وتحليلات مخبرية مع كود الكتروني، بالإضافة لطريقة العرض الأنيقة التي تحدثنا عنها…
ختاماً يا مُصدّرين حكوميين وقطاع خاص؛ تصدير أي منتج سوري اليوم، مرهون بالعديد من الأمور، أولها رفع جودة المنتج سواء الزراعي أو الصناعي، وطريقة عرضه وشرح إلزامي للمواد الداخلة في تركيبهِ. التصدير بطريقة القرون الوسطى تعجز عن منافسة حتى… المنتجات التركية “الشقيقة”!!…
ربما أنّ ما قلته يا أبو عدنان صحيح: (يمكن الحكومة بدها يانا نقلع شجر البرتقان ونزرعلها ماريغوانا لحتى تنبسط!!!)… يبدو أنّ الحكومة تعشق فنّ “الاصطهــاج”… مركز فيريل للدراسات من اللاذقية. 11.01.2017