واشنطن تعود لتسخين الوضع في سوريا. د. جميل م. شاهين.

بانتظار أن تشتعل منطقة أخرى في العالم، تُستقطب إليها الأنظار وتُحبسُ معها الأنفاس، وتُحرفُ عن سواها الأبصار، من بحر الصين إلى إيران واليمن وفلسطين وأوكرانيا وصولاً إلى فنزويلا… ستبقى سوريا حالياً البقعة المهيئة أكثر كي تُشعل فيها واشنطن ناراً تمدد فترة الحرب وتعرقل أيّ حلَ ساسي. هذه حقيقة يعرفها معظمكم.
رغم الهدوء الحذر الذي يظهر على معظم الجبهات، مقارنة مع أوائل الربيع الفائت، لكنّ هجماتٍ إرهابية حدثت لم يتم تسليط الضوء عليها بشكل كافٍ، منها هجومُ الفجر على تل غراب الواقع جنوب شرق تدمر والذي جرى بتاريخ 11 حزيران الحالي. المؤكد لمركز فيريل أنّ الإرهابيين جاؤوا من قاعدة التنف وبإشراف وتخطيط أميركي، الهجوم كان كبيراً حيث شاركت فيه عشرات الآليات العسكرية والدرجات النارية، وصدّهُ الجيش السوري بمساعدة الطيران الروسي. الدفاع الروسية اتهمت واشنطن بشكل مبطن أنها وراء العمليات المتووالية التي يقوم بها إرهابيو التنف.
شرقاً باتجاه دير الزور؛ مازال إرهابيو داعش يشنون هجمات على مواقع الجيش السوري والقوات الرديفة، في ريف البوكمال وصبيخان وبادية الميادين، بطريقة حرب العصابات، وقد ساعدت قسد إرهابيين داعش بعد انسحابها المشبوه من حقل صبيخان النفطي.



ثلاثة مناطق سيشعلها الأميركان

بعيداً عن إدلب، تسعى واشنطن لاشعال ثلاثة مناطق، هي:
1. إشعال الوضع في دير الزور: سواء مع داعش أو مع إرهابيين آخرين… صرّحَ المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية كوناشنكوف أيضاً بتاريخ 11 حزيران، أنّ إرهابيي الجيش الحر المدعوم من الولايات المتحدة وقوات العمليات الخاصة الأمريكية، “يعدون استفزازًا خطيرًا يشمل عناصر الحرب الكيميائية” في محافظة دير الزور. هدف الاستفزاز هو خلق ذريعة لضربة صاروخية جديدة على مرافق الدولة السورية من قبل التحالف، ولتبرير هجوم القوات المدعومة من الولايات المتحدة على مواقع الجيش السوري في وادي الفرات. حسب وزارة الدفاع الروسية إنّ إرهابيي “الجيش الكر”، أدخلوا أنابيب تحتوي على غاز الكلور إلى بلدة حقل الجفرة في محافظة دير الزور، لتمثيل هجوم كيميائي وتصويره واستخدام التصوير لتبرير قصف جوي للتحالف الدولي على أهداف حكومية سورية وتبرير هجوم المسلحين، فهل لعودة حاملة الطائرات الأمريكية علاقة بذلك؟
معلوماتنا تقول أنّ القوات الأميركية قامت باستبدال مئات من إرهابيي قسد الأكراد في ريف دير الزور، بإرهابيين من عشائر عربية من الحسكة، ويبدو أنها تريد التضحية بهم في أية مواجهة مع الجيش السوري.

2. إشعال الوضع مع الانفصاليين الأكراد: سبق وذكرنا عدة مرات في مركز فيريل دخول عتاد عسكري لميليشيات قسد عبر ممر سيميلكا على نهر دجلة، ثم توجه هذا العتاد إلى ريف دير الزور، ويؤكد مركز فيريل للدراسات أنه ومنذ بداية 2018 دخلت أكثر من 320 شاحنة كبيرة من الأسلحة الأميركية المعبر، وضمنها عربات مصفحة وسيارات همر ودفع رباعي، وأسلحة ثقيلة بما في ذلك صواريخ ضد الطيران والمدرعات ورشاشات، فهل وصل جزء منها لداعش أم بقيت جميعها بيد قسد؟ ومصادرنا تقول أنّ الانفصاليين الأكراد ورغم تصريحات “متقلبة” بقبول المفاوضات مع دمشق دون شروط، يقومون بإعادة تمركزهم في مناطق أساسية كمحيط الحسكة والقامشلي والرقة، ويستقدمون قوات إضافية، كما يقومون ببناء تحصينات عسكرية. كل هذا يدل على أنهم يصرّحون لكسب الوقت وفرض الأمر الواقع بمساعدة من واشنطن وتل أبيب…

3. إشعال الوضع في الجنوب السوري: تتواصل التهديدات الأميركية بين الحين والآخر، لمنع الجيش السوري من تحرير ريفي درعا والقنيطرة، والمفاوضات مع الإرهابيين هناك وصلت لطريق مسدود عدة مرات، فالأوامر جاءتهم أن قاتلوا حتى الموت. كما أنّ ارتفاع أي صوت للمصالحة يتم اخماده بينهم باغتيال صاحبه كما جرى في إنخل. من جانب آخر، تستمر تعزيزات الجيش السوري بالوصول بما في ذلك نصب أنظمة دفاعية إضافية قصيرة المدى من طراز “بانتسير -1” على حدود الجولان المحتل، وأيضاً في ريف دير الزور، للتصدي لأي تدخل جوي سواء كان إسرائيلياً أو أميركياً… أو مساعدة من الملك عبد الله الثاني بعد أن قبض الثمن سلفاً!! بجميع الأحوال، نقطةُ الصفر… اقتربت.





استعدادات وعرض عضلات

انتشرت أنباءٌ عن تواجد قوات إيطالية في محافظة دير الزور، معلومات مركز فيريل تقول أن عددهم لا يتجاوز 90 عنصراً بين ضابط وجندي، بالإضافة لتواجد قوات أميركية وفرنسية بأعداد أكبر، والجميع متواجدٌ لدعم الانفصاليين الأكراد ضد هجوم متوقع للجيش السوري. القوات الإيطالية جاءت من شمال العراق ووصلت إلى حقل العمر النفطي في دير الزور.
الأنباء الواردة من ميناء Norfolk تؤكد مغادرة حاملة الطائرات الأميركية USS Harry S. Truman إلى شرقي المتوسط، هو بداية استعراض العضلات الجديد، وهي التي تحمل على متنها 90 طائرة حربية. علماً أنّ مركز فيريل ذكر أنها غادرت فعلياً الميناء وبتاريخ 13 12 نيسان الماضي، للمشاركة بضغط عسكري كبير على سوريا يومها، لكن واشنطن تراجعت عن خطوتها آنذاك، وعادت للميناء بعد جولة قصيرة… فهل قررت الآن؟
طبعاً البنتاغون قال أنّ: (حاملة الطائرات مع مجموعتها البحرية ستستخدم لمكافحة تنظيم داعش وستبقى هذه المرة لفترة طويلة في البحر المتوسط)… فهل الهدف: توجيه ضربة أو ضربات لحزب الله في سوريا؟ أم للقوات الإيرانية؟ أم للجيش السوري في درعا ودير الزور؟ أم الردع الاستراتيجي لروسيا؟ ولماذا لا تكون كافة الأسباب السابقة لكن يتم تنفيذها حسب المستجدات؟.
بانتظار وصول المجموعة الهجومية، هناك ملفات على ترامب حلها سريعاً أهمها ملف كوريا الشمالية، بالمقابل عليه حرف الأنظار عما يجري بينه وبين الاتحاد الأوروبي و… الصين من حرب اقتصادية… وحرف الأنظار أخطر طريقة يتم تنفيذها ضد الغير. د. جميل م. شاهين. مركز فيريل للدراسات. 17 حزيران 2018.