
الجولاني قتلَ الكيوت وعاد الإرهابي، بحث من مركز فيريل للدراسات، الباحث الأستاذ زيد م. هاشم. 28.07.2025. التخبط في اتخاذ القرارات، والتشرذم في الولاءات، هو سيّد المرحلة الحالية في سوريا. فتارةً نرى عصابة الإرهابي الجولاني في حضنٍ سعودي وأخرى تركي، وثالثة بين بين مع “غزل إيراني”، نعم إيراني إن كنتم لا تدرون.
في أواخر تموز 2025، الحضنُ الدافئ لعصابة المتخلّفين هو العثماني، وكأنّي بهم يتراكضون لبيعة “الخليفة أردوغان”، لتحقيق نبوءة إشعيا التي تحدثنا عنها سابقاً في مركز فيريل. إلى التفاصيل وكما وعدناكم بالجزء الثاني من الفوضى القادمة على الشرق الأوسط، مع تمنياتنا ألا تحدثَ توقعاتنا.
الجولاني استلم المفتاح من بشار الأسد
تتكشّفُ الأمور رويداً رويداً ولا يبقَى سرٌّ بشري مخفياً إلى الأبد. المُبصرون فقط يرونَ أنّ التغيير الذي حصل في سوريا، كان نتيجة توافق دولي وأكذوبة “التحرير” بقيت للصغار الجهلة فاقدي البصيرة. توافقٌ يفرض مخطط تقاسم للنفوذ مبدئياً، ومبدئياً حسب فيريل تعني سنوات. التقاسم هذا يجب أن يُلبي مصالح الدول المعنية والمؤثرة بالملف السوري. للحصول على هذا النفوذ، رأتْ تلكَ الدول أن الأنسب هو تسليم تنظيم القاعدة الإرهابي الحكم في سوريا، كما ذكرنا في أبحاثنا السابقة، والأنسبُ لتحقيق مصالح تل أبيب أولاً هي جبهة النصرة، التابعة لها فعلياً بزعامة الإرهابي أبي محمد الجولاني مجهول النسب، فكان أولُ البنود هو التخلّص من الأقليات، بدفعها للاستنجاد بإسرائيل، “معقلُ” الجولاني الأصلي.
تصريحٌ غريبٌ فاضح لتل أبيب
نجحت جبهة النصرة بأسمائها المتعددة؛ القاعدة وداعش والهيئة، في دفعِ “قسد” للاستنجاد بالإسرائيلي، واليوم السويداء. وغداً؟ للتذكير؛ قبل تسليمِ نظام الأسد الكرسي لأبناء حيزبون، وكما عودناكم في مركز فيريل بنشر أخبارٍ لم يتوقف عندها أحد، إليكم هذا الخبر:
دعا وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، إلى تعزيز العلاقات مع المجتمعات الكردية والدرزية في الشرق الأوسط.، جاءت الدعوة أثناء تسلّمهِ كرسيّه الجديد! من سلفه يسرائيل كاتس، تابعَ جدعون هذا: (على الأقليات في المنطقة أن تتماسك بقوة في المرحلة القادمة)، ماذا يقصد هذا الساعر؟
ثم يُخصّصُ بدقة أكثر: (قد تكونُ الأقليات الدرزية في سوريا ولبنان شركاء محتملين لإسرائيل قريباً، من الطبيعي أنْ نفهمَ أنّهُ في منطقة “الأكثرية” سنكون دائماً أقلية، فالتحالفات الطبيعية ستكون مع أقليات أخرى) هل هناك أوضحُ من هذا التصريح؟ إلى الأكراد وما قاله جدعون ساعر لكن متى؟
(الأكراد أمة عظيمة لا تتمتع باستقلال سياسي. هم حلفاءُ إسرائيل الطبيعيين، لكنهم ضحايا القمع التركي والإيراني، سنمد لهم يد المساعدة سياسياً وأمنياً). للمعلومات هذا التصريح كان بتاريخ 10 تشرين الثاني 2024، عقب موافقة الكنيست الإسرائيلي على جدعون وزيراً للخارجية. 08.11.2024، أي قبلَ بدء عملية التسليم والاستلام.
مع حصول التسليم والاستلام، بقيت سوريا موحدة ورفضتْ السويداء إغراءات الانفصال، تماماً كما فعلَ سلطان باشا الأطرش مع المحتل الفرنسي، وأهل الساحل قبلهم رفضوا الاستقلال بدولة تمتلكُ كافة المقومات هناك، وهو مافعلهُ سابقاً الشيخ صالح العلي. حتى قسد فضّلت البقاء ضمن الجسد السوري “سابقاً”. مشكلة كبيرة؛ هل يذهبُ مشروعُ نتنياهو هباءً منثوراً؟ لا وألف لا، وجبهة النصرة ومعها حكومة المتخلّفين موجودة، ووراؤهم قطعانٌ من الضباع الداشرة، مع الاعتذار من الضباع.
هنا تحرّكت قطعانُ الإرهابي الجولاني بأوامر تل أبيب، لتُظهرَ للأقليات أنها أمام خطر وجودي، بسبب حكم بني حيزبون، وهو ما سيدفع تلكَ الأقليات لطلب الحماية الصهيونية، ونجحت الخطة. لاحظوا أيها الكرام أنّ الطيران الإسرائيلي لم يتحرك في البداية، وقد وصفنا حرفياً ما قامت به تل أبيب، بـ “التحرّك الخجول”. انتظرتْ حتى ارتكبت قطعان الجولانيين أبشعَ المجازر، ثم قصفتهم. فحققت إسرائيل هدفها بيد الأغبياء الذين يهتفون بالنصر، بعد قتلِ الأطفال وحلق لحى الشيوخ! والقتل على الهوية. من الطبيعي جداً أن يُرحّبَ أهل السويداء بالشيطان، كي يحميهم من الضباع
الخطوة التالية هي جعل درعا والسويداء وريف دمشق منطقة منزوعة السلاح، وتشكيل حزام أمني تمهيداً لضمّها لإسرائيل، وبصورة مشابهة تحاول في لبنان جنوب الليطاني مع حزب الله
هكذا تُخطط إسرائيل فهل تنجح؟
لا تستطيعُ إسرائيل فتح عدة جبهات بآن واحد، ومَنْ يظنّ أنها قادرة على كلّ شيء، مكانهُ ليس هنا. تل أبيب بحاجة لقادة محليين تصنعهم من خلال خلق ظروف معينة، تصوغها بمساعدة العربان للوصول إلى النتيحة المطلوبة، مثل حماية طائفة ما نتيجة الاضطهاد، كما حصل مع أهل السويداء، الذين اتهمُوا بالخيانة، بينما يجلسُ الإرهابي أسعد الشيباني في باريس مع الإسرائيليين، أية وقاحة وغباء هذا؟!
الجولاني يرتجفُ أمامَ الحوارنة
كي تنجح إسرائيل في غاياتها في الجنوب السوري، لابدّ من مراعاة المكوّن السنّي في درعا، هنا يأتي دور أحمد العودة، حليف روسيا والإمارات وقاتل الدواعش، وزعيم اللواء الثامن الفيلق الخامس. دوره المتوقع؛ استلامُ الملف الامني في درعا ضد جماعة الجولاني التكفيري، والاقتتال قادم بين الطرفين.
كما ذكرنا سابقاً، أحمد العودة وصلَ دمشق قبل عصابات الجولاني بتاريخ 08.12.2024، فأمّن الدوائر الرسمية ولم يجلس على الكرسي حسب الاتفاق، بل تركهُ لمجهول النسب مؤقتاً. أُجلِسَ الجولاني في منصبٍ لم يتوقعهُ حتى في أحلامه، لكنهُ حتى اللحظة يرتعدُ من سطوة ونفوذ أهل حوران، ورمزية قيادة درعا لبداية أحداث 2011. الجولاني هذا هو الذي دمّر “الجيش السوري الحرّ”، وسيطر بإرهابييه على درعا، وارتكبَ الفظائع بحق أهلها كما فعلَ بأهل إدلب سابقاً، وسجون إدلب ونساؤها تشهد، كذلك فعلَ بأهل الساحل السوري وحالياً بأهل السويداء.
مهمة أحمد العودة؛ العمل ضد النفوذ التركي أي ضد الإخوان المسلمين، لهذا طُلب منه سابقاً نزع سلاحه شكلياً والتواري عن الأنظار، لماذا؟ إلى أن يُتمّ الجولاني المهمة التي جاؤوا به لتنفيذها ومنها السويداء. نرى في مركز فيريل أنّ أحمد العودة، ومَنْ لفّ لفّهُ، أقوى المرشحين لزعامة الجنوب، بموافقة شبه شاملة من روسيا إسرائيل الأردن الإمارات والسعودية و أيضاً مصر، الباقي مَنْ؟ تركيا، غير مهمة هنا في الجنوب كونه حصّة إسرائيل.
أهلُ حوران قادمون يا جولاني، فأعد عدّتك
بعد بوسة شوارب طبعاً؛ لن نتفاجأ بحصول تنسيق أمني بين أحمد العودة وقوات الدفاع الوطني في السويداء، وتشكيل تحالف أمني بوجه تنظيمات الجولاني الوهابية الإخوانية. صورة غريبة؟ لِمَ لا، فالمصلحة مشتركة وضرورية للأطراف المذكورة لتطبيق هذا السيناريو، وضرب الأحلام العثمانية بإعادة أمجاد جمال باشا السفاح.
الولايات المتحدة مشغولة بما هو أهم من سوريا
مازال كثيرون يظنّونَ أنّ العالم مشغول عليهم، وزعماء الدول العظمى لا ينامون الليل من أجلهم. كم كررنا التالي؟ أهمية سوريا عادية كدولة وثانوية كشعب. لو قُتِلَ نصف الشعب السوري، لن يكون ردّ الأمم المتحدة أفضل مما قاله الإرهابي يوماً: (ومالو)، تذكرونهُ؟. رغم ذلك مازال التطبيلُ والتهليل والتعظيمُ بأضعافٍ مضاعفة عن السابق، لحكومة المتخلّفين وزعيمها، ومعها “القيادة الحكيمة”، وهل ننسى القيادة الحكيمة؟ اليوم صارت حكيمة وتشبه يوسف جمالاً! وحتى واشنطن وباريس ولندن تخطبُ ودّ هؤلاء! والرياض تسعى لجعل سوريا سويسرا الشرق، والإمارات وقطر وألمانيا وووو.
واشنطن، يا سادة يا كرام، مشغولة بتدبير الحروب للصين وقد بدأت بتايلاند وكمبوديا، حتى قانون قيصر أعادت صياغتهُ وتمديدهُ مع إضافة بندين. ومراقبة أداء أبناء حيزبون تجاهَ الأقليات وحقوق الإنسان ومشاركة مكونات الشعب السوري بالحكم، وما تعهّد به الجولاني الذي يظنُّ أنّهُ “معشوق” الغرب، وسوف يغفرُ له ولقطيعهِ جرائمهم.
تعلمُ كافة الدول الهامة، أن الطغمة الحاكمة مستعدة لفعل أيّ شيء مقابل بقائها على الكراسي، وهذا لن يحصل حتى لو أصبحوا طرزان. هم يعرفونَ بدقة أنّهم مؤقتون، وأنّ واشنطن أرسلتْ هذه العناصر الإرهابية لتحكم سوريا، لتمرير اتفاقيات وتنازلاتٍ لا يرضاها زعيمٌ يمتلكُ ذرةَ شرف وكرامة. على حكومة المتخلفين تنفيذ الخطوات المتتابعة وإلا؛ من مجازر السويداء، إلى ربط درعا بالسويداء بقاعدة التنف، بالجهة المقابلة؛ ربط قسد بالتنف ليكون حلفاً أمنياً لإسرائيل، يؤمّنُ حمايتها من الشرق، مع عبد الله الثاني، ملك الملوك.
أوهمَ ترامب حُكّامَ العالم وأولهم صغار الخليج، برفع العقوبات عن سوريا، فراح أصحابُ الثروات يَضعُون خطط مشاريع استثمارية “ظاهرية”، استثمارية وليست مشاريع إعادة إعمار! والفارق شاسع، على المُطبّلين إيجادهُ. هنا ينتفضُ الكونغرس الأميركي و “يطعنهم” بموافقة 37 عضواً واعتراض 16 فقط، وتمديد قانون قيصر لسنتين. ويُضيف بندين يزيدان الطين بلةً.
الوضع في سوريا من سيء لأسوأ
أكثرُ ما يهمُّ المواطن في كافة دول العالم هو الوضع الأمني ثم الاقتصادي “المعيشي”، لكلّ متابعات ومتابعي مركز فيريل؛ هل لمستم تحسّناً أمنياً أو معيشيّاً، بعد مرور 232 يوماً على استلام الجولاني وجماعته السلطة في دمشق؟
في الواقع؛ لا توجد أيّةُ مشاريع إنتاجية متوسطة أو كبيرة، يُمكنُ أن تجعلَ المتابع الحيادي، يتوقعُ أيّ تحسّنٍ اقتصادي في سوريا خلال سنة من الآن مثلاً. الخدمات العامة ومشاريع البنية التحتية معدومة، نعم دون الصفر. الأمن في خبر كان، وما بقي من الدولة تحكمه عصاباتٌ تلبسُ غطاء الدّين بغباءٍ سينعكسُ عليها قريباً. نسبة الجرائم ارتفعت أكثر من 70% عن شهر تشرين الثاني 2024، جرائم الخطف تضاعفت عدة مرات. باختصار؛ لا يمكن مقارنة فترة نهاية 2024 السيئة، بالفترة الحالية الأسوأ. حتى بات حُلُم المواطن السوري أن يخرجَ من منزله ويعود حيّاً ليعيش ساعة كهرباء يومياً!
أين روسيا مما يجري في سوريا؟
يتبارى بعضُ “المحللين” بتقييم الدور الروسي بأنه مشبوه واستغلالي، وصلَ حدّ خيانة الأسد، وكأنّ نظام بشار الأسد كان نموذجياً، ومنحَ المواطن السوري قمة الرفاهية من كافة النواحي، ثم “يشطحون” في أفكارهم عن الفوائد والميزات والمكانة العظيمة عالمياً التي قدّمها النظام السابق لروسيا! نعم كان أقلّ سوءاً من النظام الحالي، لكنه كان سيئاً بما يكفي كي يزول، ويُستبدل بأفضل منه وليس بألأبشع عالمياً، نعم نظام الجولاني هو الأكثر تخلفاً وإجراماً وفساداً في العالم.
سوريا بالنسبة لروسيا مرحلة ثانوية، وشواطئ المتوسط الدافئة ليست طوق النجاة لموسكو. فشواطئ ليبيا تصرخ للروس أن تعالوا، وهي أفضل استراتيجياً من اللاذقية وطرطوس. نعم هي أفضل بمراحل، فقاعدةُ عسكرية روسية في “مرتفعات درنة” تعني الكثير لروسيا، ومأساةٌ للناتو
تُشيرُ معلوماتنا البسيطة إلى ثلاثة قواعد عسكرية في ليبيا، وليست واحدة، تتم تهيئتها لاستقبال الروس، وبتمويل إماراتي. نعم إماراتي. قاعدة الجفرة في الوسط. وقاعدة الخادم شرقي سرت. وقاعدة “معطن السارة” قُربَ المثلث الليبي المصري السوداني. شوهدت طائراتُ شحن روسية عملاقة فيها. كمثال نأخذ قاعدة الخادم، وجود الروس فيها يعني مشكلة كبيرة للناتو ولأوروبا بشكل خاص. فكافة السفن الحربية والتجارية العابرة للمتوسط، تحت رقابة روسية تصل حتى رودوس اليونانية، لهذا سارعت واشنطن ومعها دول الناتو لإغراء موسكو بالبقاء في سوريا.
من القامشلي تبدأ الحكاية
لهذا قدّمت واشنطن “قاعدة القامشلي” هدية لموسكو عسى أن تغضَّ الطرفَ عن ليبيا، والبقاء في الساحل السوري، رغم قرارات حكومة المتخلّفين. فُتِح الباب لروسيا في القامشلي على مصراعيه. معلومات مركز فيريل للدراسات ومن الجزيرة السورية تؤكد؛ أنّ الوجود الروسي هناك يتضاعف، وقد وصلَ مراحلَ خطيرة ليس على تركيا وصبيانها في حكومة المتخلّفين فقط، بل على الوجود الأميركي نفسهُ، لهذا عزّزت واشنطن وجودها بإعادة التموضع وليس الانسحاب.
نعود لنُكرّر: سوريا بالنسبة لروسيا مرحلة ثانوية، وهذه هي السياسة للمبتدئين. الروس تواصلوا مع ضباط سابقين في الجيش السوري، هؤلاء بدورهم تواصلوا مع مئات، ولن نبالغ بالقول آلاف من عناصر الجيش السوري السابق. دعم روسي عسكري وإلى حدّ ما مالي. هذا يرفدُ “ميليشيات قسد” بقوة تتجاوز قدرتها بمراحل، خاصّة إن علمنا أن “يد الإمارات” موجودة هنا أيضاً.
بريطانيا تخشى هذا “الإفراط الروسي” في التواجد العسكري على بعد خطوات من تركيا، لهذا تُحاول إعاقته، واصفةً إياه بكونه بؤرة توتر جديدة، تُساعد على زعزعة الاستقرار في المنطقة، كون المنطقة مستقرة وآمنة! يُشكّلُ الحشد العسكري الروسي في مطار القامشلي، رُعباً لأردوغان قبل حكومة المتخلفين، لهذا يعدّون للمائة قبلَ أي هجوم على قسد. بل على العكس، باتت قسد تتحرّش بمجهولي النسب، وهؤلاء يردّون بقتل المدنيين في السويداء والساحل!
إلى أيّ مدىً سيكون للوجود الروسي في القامشلي صفة الديمومة؟ والأخطر ربما يكون مركزَ التخطيط العسكري ونقطة تمويل ودعم عسكري رئيسية، في حال حصل هجوم من جيش الإخوان المسلمين على محافظات الجزيرة السورية. أو على الأقل دعم لاستقلال ذاتي هو حاصل فعلياً على الأرض، كنواة لدويلة كردية تجعلُ أردوغان لا ينام الليل، وكلهُ بالتنسيق مع تل أبيب وواشنطن.
نُسألُ دائماً عن رأينا لغايات نبيلة غالباً، بينما يطلبُ البعض دائماً حلولاً جاهزة على مقاسهم، فالعالم كلهُ ينتظرُ رضاهم! المهم؛ تمديد قانون قيصر سنتين يعني برأينا إشارة هامة أنّ هذه الفترة هي الحد الأقصى للتغيير الجذري في سوريا، فإن لم يحصل فسيكون الجيش الأميركي جاهزاً لفرضه.
إجتماع باريس وإن كان شكلياً، يُعطينا فكرةً أنّ لقاءات حكومة المتخلفين السرية باتت علنية، ولم يعد بمقدورهم الاستمرار بالكذب. التنازلات حصلت قبل استلامهم الكراسي، وهي مستمرة دون شك، لكن المشكلة الآن أنّ نتنياهو وتيارهُ لم تعد يكفيهم “ركوع الجولاني” وعصابته، بل يطلبون المزيد والمزيد. لهذا كلّه نعتقدُ في مركز فيريل أنّ تحرّكاً عسكرياً كبيراً في الطريق، التحرّك لا يشملُ الجيش الإسرائيلي ووصوله لدمشق والسويداء فقط، بل تحرّكات لعناصر تكفيرية إرهابية ضد مكونات المجتمع السوري، بما في ذلك ضدّ “السُنّة المعتدلين” مع كرهنا للعبارات الطائفية كما تعلمون. سيكون لتلك التنظيمات الإرهابية تحركات ضد مصالح أجنبية أيضاً، حسب الأوامر الأميركية والإسرائيلية، ضد الروس مثلاً، مع مجازر في الساحل.
لا يوجد على الساحة حالياً مَنْ هو أفضلُ أداءً من مجهول النسب، إرهابي القاعدة ثم داعش ثم القاعدة ثم النصرة وبعدها الهيئة مع ربطة عنق، وتشذيب لحية، يقتلُ الجولاني الكيوت متى يحتاج، ثم يعيده للحياة وهكذا، بينما داخلُهُ شخص غير سوري، نُكرّرُ غير سوري. ما بناهُ وصرّح به روبرت فورد، ليس خطأً وزلة لسان، وما دفعتهُ واشنطن لتدريب مجهول النسب، لا يجوز أن يذهبَ في شهور، فصلاحيتهُ لم تنتهِ بعد، ورُغمَ عدم قانونية أيّة اتفاقية أو إجراء اتخذتهُ حكومة المتخلّفين منذ جلوسها على الكرسي، إلا أنّ التوقيع على الاتفاقيات الخارجية الرئيسية مازالت غير منتهية تماماً، بعد الانتهاء من المهمة، سيتمُّ إخفاءُ مجهول النسب، والتخلّص من تابعيه بطرق شتى، بوصول حكومة سنية علمانية “ظاهرياً” على الأقل، تعقبُ حرباً أهلية بين الطرفين، نتمنى ألا تكون دموية وطويلة.
أخيراً؛ استثمار سعودي وليس إعادة إعمار
الإمارات بحجمها الصغير، تُنافسُ السعودية الكبيرة في حربٍ خفية، قد ونقول “قد” تكونُ في سوريا فخّاً لأردوغان للتخلّص منه نهائياً. يبدو أنهما تقاسمتا سوريا؛ الجنوب لها والوسط لسلمان، والمعنى واضح.
أمّا قصة ناطحات السحاب والمليارات المتدفقة، فهي إبرة تخدير بالريال هذه المرة، لشعب اعتاد التخدير. لا نعتقدُ أنّ السعوديين بهذه السذاجة، كي يرموا مليارات في منطقة غير مستقرة وغير آمنة، تحكمها عصابات إرهابية، والفساد السابق بات اليوم مِلحَ الفئة الحاكمة، تقرير رويترز عن عائلة الجولاني “الافتراضية” وفسادها، يوضح القصة.
حسبَ وزير الاستثمار السعودي خالد بن عبد العزيز الفالح، وهذه المشاريع “الخيالية” وبينها حسب قوله؛ توقيع 47 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة إجمالية تقارب 24 مليار ريال سعودي (6.4 مليارات دولار).
منشآت سياحية وفنادق خمس نجوم، برج البرامكة فقط بـ400 مليون دولار، يا سلام. كون السياحة مع هذه الوجوه والذقون والتكبيرات، تستقطبُ السياح من أرجاء العالم. انتظروا؛ هناك مدينة ترفيهية في “حديقة العدوي بدمشق” بـ 500 مليون دولار.

المواطن السوري بأحسن حال، أمن وأمان وحياة معيشية أكثر من ممتازة، ولا ينقصه سوى الترفيه! جيبه عامرة بآلاف الدولارات، يدخلُ مع عائلته برج البرامكة يتناولون الغداء في أفخم المطاعم، ثم إلى العدوي لقضاء ساعاتٍ من المرح مع الأطفال، يدفع 300 دولار وهو يبتسم، على أن يُكرر التجربة الأسبوع القادم
مَنْ يُصدّقُ هذا عليه فحص مَلكاته العقلية
سوف يبنون مدينة ثقافية بقيمة 300 مليون دولار في ريف دمشق، نعم يا سادة “مدينة ثقافية” للمتخلّفين! كون الثقافة والحضارة مطلب أساسي لدى مجهولي النسب! وهم الذين أغلقوا دار الأوبرا بدمشق لأنها مرتع للفتنة، فالموسيقى حرام عافنا الله.
سوف يُنشؤون استثمارات “غير ترفيهية” في قطاع البنية التحتية بمصانع للإسمنت، مع “مذكرة تفاهم” للأسواق المالية والبورصة. شركة “بيت الإباء” السعودية سوف تبني مشروعاً سكنياً تجارياً في حمص، عوائدهُ، بعد طول عمر، سوف تدعمُ الشعب السوري. سوف يوسعون المطارات يا سادة يا كرام، وسوف يُخططون لبناء مطار جديد. سوف يستثمرون في مطار المزة العسكري وتحويله إلى مطار مدني.
هل لا حظتم كلمتي (سوف واستثمار)؟ جيد بالنسبة للذي وضع نفسهُ فوق كرسي الوزير واسمهُ نضال الشعّار، فهو متفائل أنه أعاد ترديد سوف: سوف تشهدُ سوريا تحركاً حقيقياً نحو النمو والازدهار. مازال لدينا الكثير في مركز فيريل، نكتفي بهدذا القدر اليوم. مركز فيريل للدراسات. 27.07.2025. الدكتور جميل م. شاهين. الباحث زيد م. هاشم. كافة الحقوق محفوظة لمركز فيريل دولياً.