سلاح اليد الميتة وقنبلة تسونامي. الدكتور جميل م. شاهين. 07.03.2022 Firil Center For Studies. أُعيد النشر 01.08.2025 عدد القراءات 2138099

Dr. Jameel M. Shaheen 07.03.2022. ما يحدث الآن في أوكرانيا، بعد أقلّ من شهر على بدئها، بالمقارنة مع الحروب الكبيرة هو مُجرد مناوشات، بدأت تتحول لحرب عصابات طويلة الأمد لإنهاك الجيش الروسي. نقول مناوشات قياساً للقدرة التدميرية للأسلحة الحديثة التي لا يُمكن تخيلها والأفضل عدم فعل هذا. بعضُ المتفرجين على ما يجري ومن منطلق يائس أو “فكاهي” أحياناً، يتمنون أن تشتعل حربٌ عالمية ثالثة، لاعتقادهم أنها ستكون نزهة أو مباراة كرة قدم يستمتعون بمشاهدتها. إن اشتعلت حرب عالمية نووية حقيقية، فلن يجد مَنْ يتمناها وقتاً لشرب ماءِ “طاسة الرعبة”. ستعود الأرض إلى عصر ما قبل التاريخ هذا إن بقي أحياء.
حديثٌ مُكرّر في الأيام الأخيرة عن احتمال اندلاع حرب نووية، جاءَ بعد تهديد متبادل بين روسيا والولايات المتحدة للترهيب، إلى أن يثبتَ العكس، وعسى ألا يَثبت. التهديدات هذه اقترنت بتحركات مريبة منها إبحار غواصات روسية نحو بحر بارنتس شمال غربي روسيا، بحجة إجراء مناورات، وتحرّك منصات إطلاق الصواريخ النووية في سيبيريا، واتهامات بقصف مفاعلات نووية في أوكرانيا، وكلّها بناءً على إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وضع أسلحة الردع النووي في حالة استنفار قصوى. هذه المواضيع سنلقي عليها الضوء خلال هذا البحث الخاصّ.
ماذا يحدث لو دمر الناتو كافة المدن الروسية وقتل كافة القادة؟ هل سينتهي الأمر ويتخلّصُ الغرب من العقبة الرئيسية في طريقه؟
نبحثُ معكم هنا من مركز فيريل للدراسات أمرين؛ القبضة الميتة والسلاح السري “قنبلة تسونامي”، مستندين إلى مصادر متعددة، منها وزارة الدفاع الروسية والأميركية والصحافة الغربية وخبراء عسكريين ومعلوماتنا الخاصة. دعونا نبدأ، مع نصيحتنا بمشاهدة الفيديو الذي نشرناه قبل 4 أعوام.
بتاريخ 08 تشرين الأول 1993 نشرت “نيويورك تايمز” مقالاً بعنوان: “آلة يوم القيامة الروسية”، بقلم أشهر كتّابها الصحفي المخضرم William Broad. المقال محادثة بين الخبير في معهد Brookings، وعميل قِيل يومها أنّه سري من الاتحاد السوفيتي. ثم نشرت المجلة الأميركية The National Interest عن الموضوع، بقلم الصحفي Bruce G. Blair، بتاريخ 31 كانون الأول 2003. بعدها بسنوات جاءت رسالة الجالية الروسية في الولايات المتحدة “كلابرلوف”، والتي تضم رجال أعمال وأساتذة جامعات، ممن يحملون الجنسية الأميركية، رسالةٌ للقيادة الأميركية بتاريخ 01 حزيران 2016 جاء فيها:
If there is going to be a war with Russia, then the United States will most certainly be destroyed, and most of us will end up dead
مما ورد في الرسالة؛ (حتى أنّ قتلَ القيادة الروسية بكاملها في الضربة النووية الأولى، لا يعني انتصار الولايات المتحدة، لأنه في روسيا هناك نظام Tote Hand Nuklearstrategie وبالإنكليزية Dead Hand، كان مستخدماً في الحقبة السوفيتية، طوّرهُ بوتين، هذا النظام كفيل بالقضاء على الولايات المتحدة، كردّ انتقامي، ومسحها عن خارطة العالم!)
لتعود الصحافة الروسية في كانون الأول 2021، للحديث عن نفس الموضوع، وكأنه تحذير مُسبق قبل الهجوم على أوكرانيا. الأسبوع الماضي بتاريخ 02.03.2022 قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: إنّ الحرب العالمية الثالثة في حال اندلاعها ستكون نووية ومدمرة.
فلاديمير بوتين يؤكد إمتلاك سلاح اليد الميتة
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام مجلس الدوما آذار 2018: (أود أن أشير إلى أن عقيدتنا العسكرية تقول إن روسيا تحتفظ بحق استخدام الأسلحة النووية فقط رداً على هجوم نووي، أو هجوم بأسلحة دمار شامل أخرى ضد البلاد أو حلفائها، أو عمل عدواني ضدنا باستخدام الأسلحة التقليدية التي تهدد وجود الدولة ذاته. أرى أن من واجبي أن أعلن ما يلي: “أي استخدام للأسلحة النووية ضد روسيا أو حلفائها، سواء بأسلحة قصيرة أو متوسطة أو طويلة المدى، سيعدّ هجوماً نووياً علينا. ومما لاشك فيه إطلاقاً أنّ الانتقام فورياً مهما كانت العواقب”).
نشرت موسكو وثيقة “المبادئ الأساسية لسياسة الاتحاد الروسي بشأن الردع النووي”. في 02 حزيران 2020، والتي تُشير إلى:
(تعتبرُ روسيا الأسلحة النووية حصراً وسيلة للردع. سياسة الردع النووي الروسية دفاعية بطبيعتها، وتهدف إلى الحفاظ على إمكانيات نووية على المستوى الكافي للردع النووي، وتضمن حماية السيادة الوطنية للدولة وسلامتها الإقليمية، وردع الخصم المحتمل من العدوان على الاتحاد الروسي أو حلفائه)
تتابع الوثيقة: (يمكن أن ترد روسيا بالأسلحة النووية، عندما تتلقى تأكيدات عن إطلاق صواريخ باليستية تهاجم أراضي الاتحاد الروسي أو حلفائه، أو رداً على استخدام العدو السلاح النووي ضد روسيا أو حلفائها، أو أيّ نوع آخر من أسلحة الدمار الشامل).
هنا التأكيد الضمني: (يُمكنُ لروسيا الرد بالأسلحة النووية، في أعقاب هجوم من قبل الخصم ضد مواقع حكومية أو عسكرية حرجة في الاتحاد الروسي، وعندما يؤدي هذا الهجوم لتقويض إمكانية الردّ النووي، أو يكون العدوان على الاتحاد الروسي باستخدام الأسلحة التقليدية يُهدد وجود روسيا)
هل نحنُ أمامَ أخطر فترة يمرّ بها العالم؟ أم هي مجرّدُ تحذيرات؟ الحقيقة أنّهُ ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والتهديدات والتحركات العسكرية والنووية لم تحدث من قبل بهذه الصورة، رغمّ ذلك نراها في مركز فيريل مُجرّد تهديدات والوقت مُبكراً للحديث عن حتمية قيامها، لماذا؟
اليد الميتة
Система «Периметр» Dead Hand
نظام تحكّم نصف آلي تحوّل إلى آلي للأسلحة النووية تنفردُ به روسيا، الاتحاد السوفيتي سابقاً، عن باقي دول العالم. يُقابلهُ إلى حد ما في الولايات المتحدة AN / DRC-8، لكنه أقل تطوراً وشمولية.
ظهرت فكرة إنشائه عقب أزمة الصواريخ الكوبية تشرين الأول 1962، أي في ذروة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأميركية. بدأ العمل بالمشروع بسرية تامة ليصبح جاهزاً أواخر الستينات حسب التقديرات. كان يعمل بطريقة نصف آلية آنذاك. كُشف عنه عقب انهيار الاتحاد السوفيتي. مع وصول فلاديمير بوتين إلى الرئاسة عام 2000، أعاد تطوير المشروع ليُصبحَ الآن أخطر ما يمكن لروسيا القيام به حتى لو تمّ تدميرها بالكامل.
تحوّل النظام من نصف آلي إلى آلي بالكامل، يُطلقُ الصواريخ الباليستية العابرة للقارات (ICBMs)، والمزوّدة برؤوس نووية، عن طريق إرسال أمر مستقل لكلّ وحدة صاروخية. قامت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة مُسبقاً بإدخال أمر الإطلاق هذا، بعد إدخال كلمة السر وأربع جمل سرية تخص كل وحدة صاروخية.
يبدأُ إطلاق الصواريخ دون تدخّلٍ بشري، بعد التأكد من حدوث ضربة نووية من العدوّ، بواسطة مستشعرات الزلازل والضوء والنشاط الإشعاعي والضغط، أو في حالة تدمير القيادات والمقار العسكرية بالكامل. الأمر يحتاج بأقصى مدى زمني إلى 15 دقيقة، فإن لم يتمّ إبطالُ التنبيه، تنطلقُ مئات الصواريخ النووية التي ستُدمرُ العالم، وليس دولةَ بعينها. أثناء السلم؛ يوقف تشغيل هذا النظام ويُفعّلُ أوقات الأزمات والحروب، لهذا نرى في مركز فيريل للدراسات أنّ بوتين الذي أمرَ بتشغيل هذا النظام ووضعه بحالة استنفار قصوى حالياً، حسبَ الإعلام الغربي، لم يشعر بعد بالتهديد الحقيقي، وهي مُجرّدُ “بروباغندا” حالياً على الأقل.
هذا بصورة مُبسطة دون الخوض في التفاصيل الإختصاصية.

مراحل تطوير مشروع اليد الميتة
المهندسون السوفيت الأساسيين الذين طوّروا المشروع غير معروفين، والحديث الأميركي والمقابلات السابقة مع العقيد المهندس Valery Yarynich على أنه المسؤول الرئيسي والعميل السري الذي ورد قبل سطور، هو غير صحيح، وكذبٌ أميركيّ تقليدي متوارث. يارينتش طوّر المشروع ولم يؤسسه، حسب اعترافه في المقابلات التي أجراها، فمن هو هذا المهندس؟
أوكلت القيادة العسكرية لمهندس اتصالات سوفيتي في تشرين الثاني 1983 مهمة سرية، تتعلق بإرسال إشارات لاسلكية عبر أجسام صلبة مختلفة الكثافة. المهندس هو Valery Yarynich. عمل بجد وخبرة لإرسال إشارة لاسلكية من نفق مليء بالمياه، في أعماق جبل ضمن سلسلة جبال الأورال. الاسم الرمزي للمكان هو “Grot” أو الكهف. بعد محاولات طويلة تمّ التأكد من أنه إختراقِ إشارة الراديو للجبل لتصل إلى الخارج. وبالتالي يمكن لقادة الصواريخ السوفيتية إدارة حرب نووية، وهم على أعماق عشرات الأمتار.
توسعت المهمة وأطلق اسم Perimeter على المشروع، ليتحول من نصف آلي إلى آلي بالكامل، وحسب Yarynich حقق المشروع نجاحاً وإبداعاً، يتضمن إطلاق الصواريخ الباليستية السوفيتية العابرة للقارات في ضربة انتقامية، إذا تم قطع رأس قيادة الكرملين في هجوم نووي. ووضع في مهمة قتالية في منتصف عام 1985. خدم العقيد Yarynich في أول فرقة سوفييتية للصواريخ البالستية العابرة للقارات، وساهم بتأسيس قاعدة صاروخية ضمن غابة Kirow شرقي موسكو. زار قواعد الصواريخ النووية المدفونة ضمن كرة خرسانية، لا يمكن الوصول إليها وتدميرها، هذه الصواريخ تنتظر الأمر من الضباط المناوبين يوماً ما لتحديد يوم القيامة، حسبَ تعبيره.
ماذا يعني الخطأ في مشروع اليد الميتة؟
أعرب العقيد Yarynich، خلال اللقاءات الصحفية التي أجراها في الولايات المتحدة، عن شكوكه حول أنظمة الإبادة ذاتها التي كرس حياته المهنية لإتقانها. قال: (من الغباء المطلق الحفاظ على سرية اليد الميتة. هذا النظام الانتقامي مفيدٌ كرادع فقط إذا علم خصمك به)
نرى في مركز فيريل للدراسات أنّ روسيا وقبلها الاتحاد السوفيتي، استطاعا الحفاظ على سرية المشروع، وما حصل لاحقاً وحالياً خلال الحرب في أوكرانيا، كان تسريباً روسياً مقصوداً كعامل ردع على نطاق أوسع. عِلماً أنّ حدوث خطأ عرضي أو إنذار كاذب، يُسبب إطلاق الصواريخ النووية وتدمير العالم، أمرٌ وارد، وقد مرّ العالم عدة مرات بلحظات خطيرة كادت أن تؤدي إلى إطلاق الصواريخ تلك، لم يسمع عنها الكثيرُ من المتابعين الكرام.
الصحفي والخبير العسكري، ألكسندر ميخائيلوف، حذّر من إمكانية إنطلاق صواريخ اليد الميتة تلقائياً، لكن العقيد يارينتش قال: (احتمال الإطلاق التلقائي أمر غير وارد. لكن… إذا تم اختراق النظام أو تعطله، فإن مثل هذه الوظيفة يمكن أن تعرض وجود العالم للخطر) تصريحٌ مخيفٌ من أحد مطوري المشروع، ماذا لو استطاع هاكر ما الوصول إلى هذا النظام؟
في شرح نبسطهُ هنا، يقول العقيد Yarynich: (تتحققُ “اليد الميتة” أولاً مما إذا كان الإنفجار النووي قد حدث على الأراضي الروسية. إذا كان الأمر كذلك، فإن المجمّع يتصل بهيئة الأركان العامة، من أجل الحصول على أمر واضح. إذا اكتشفَ أنّ القادة العسكريّين الروس على قيد الحياة، ويمكنهم اتخاذ قرار بشأن ضربة انتقامية بأنفسهم، ينتظر النظام 15 دقيقة وبحدّ بشري “بيد ضابط روسي مجهول” أقصاهُ 60 دقيقة، ثم يتوقف عن العمل، شرط عدم حدوث هجمات جديدة)
في حالة قطع خط الاتصال مع هيئة الأركان الروسية نهائياً، ومرت بين 15 إلى 60 دقيقة مع استمرار القصف المعادي، وعدم قدرة “الضابط الروسي المجهول” على إيقاف الانتقام، فإن Perimeter يستنتجُ آلياً، أن نهاية العالم قد حانت. عندها ينقلُ النظام فوراً سلطة إطلاق الصواريخ إلى الروس الموجودين في القواعد الصاروخية النووية تحت الأرض، كلّ قاعدة لوحدها، وعليهم التصرفّ وفق التعليمات المسبقة. لكن ماذا لو قتلتَ الضربة النووية الأولى كافة الروس؟
حتى لو قتلت الضربة النووية الاستباقية للخصم كلّ روسيّ في روسيا، سيأمرُ Perimeter بإطلاق الصوريخ على الأهداف المحددة مسبقاً، دون الحاجة للعامل البشري، وتشملُ قصفَ مئات المدن والعواصم والقواعد العسكرية المعادية، وكلّ صاروخ يكفي لمسح مدينةٍ بمليون شخص عن وجه الأرض.
عام 2003، ألّف العقيد Yarynich كتاباً بعنوان “القيادة النووية والتحكم والتعاون” C3: Nuclear Command, Control, Cooperation، وردت فيه تفاصيل مذهلة رفضت موسكو نشرهُ، لتتكفل منظمة Bruce Blair ومؤسسة Brookings Institution بذلك. الكاتب والصحفي الأميركي الشهير David E. Hoffman، من جريدة واشنطن بوست، نشرَ نصّ المقابلة مع العقيد يارينتش بتاريخ 20.12.2012، وأيضاً كتاب “اليد الميتة: القصة غير المروية لسباق تسلح الحرب الباردة وإرثها الخطير”، وكتاب “الأولغاريش: الثروة والسلطة في روسيا الجديدة.”. مَن يود زيادة الإطلاع يمكنه مراجعة الكتب السابقة
أمضى العقيد Yarynich سنواتٍ يُكافحُ مع معارضي الحروب في روسيا والولايات المتحدة، ويبحثُ عن حلمٍ يقول (الولايات المتحدة وروسيا شريكتان في أسرار القيادة والسيطرة على الأسلحة النووية). حصلت اجتماعات لعشر سنين بين الدولتين لتأسيس مركز مشترك للإنذار المبكر وتبادل البيانات، وفشلت الإجتماعات. وعدَ باراك أوباما في حملته عام 2008 بإلغاء حالة التأهب بشأن الصواريخ النووية، ولم يقم بشيء. جاء دونالد ترامب ولم نرَ منهُ سوى الخطابات الرنّانة وسحب المليارات من عربان الخليج، وهذا جو بايدن يُضاعفُ فشل أوباما بسلوك خطير قد يودي بالجميع إلى الهلاك. وأيّ هلاك.
بعد كفاح مع السرطان، توفي العقيد Yarynich في 13 كانون الأول 2012 عن عمر يناهز 75 عاماً، في موسكو، ولم يتحقق حلمه. ولا تزال الصواريخ النووية جاهزة للإطلاق في كل من الولايات المتحدة وروسيا، خلال دقائق من إصدار الأمر.

السبب الرئيسي لتطوير سلاح اليد الميتة؟
بعيداً عن العواطف والانحياز لجانب دون الآخر، ما نراه في مركز فيريل للدراسات أنّ سبب تطوير هذا السلاح، هو إدراكُ الاتحاد السوفيتي أنّه أضعفُ عسكرياً من حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة، في الأسلحة التقليدية. بنظرة تفصيلية بسيطة؛ القلق السوفييتي ازدادَ مع تطوير الولايات المتحدة لأنظمة الصواريخ الباليستية عالية الدقة، التي تُطلق من الغواصات (SLBM) في الثمانينيات. ثم إمكانية إطلاق معظم الأسلحة النووية، عن طريق قاذفة بعيدة المدى أو صاروخ باليستي عابر للقارات. كانت أجرت واشنطن عدة تجارب ناجحة لإطلاق تلك الصواريخ مثل UGM-27 Polaris منذ الستينيات، وUGM-73 Poseidon منذ السبعينيات، بنسب نجاح ودقة متباينة، مع تسريب مقصود لحثّ موسكو على سباق تسلّح تدفع من أجله مئات المليارات، كالتسريب على أنّ صواريخ SLBMs مُخصصة لتدمير المدن الروسية بشكل كامل وأولها العاصمة موسكو.
أجهزة الرادار السوفيتية تُعطي إنذاراً لمدة 30 دقيقة قبل أيّ هجوم نووي، لكنّ تطوير صواريخ SLBM عالية الدقة مثل Trident C4 ثم D5 لاحقاً، جعل الاعتماد على الإنذار المُبكر الروسي لا قيمة له، خاصة عند اكتشاف الغواصات الأمريكية أو البريطانية في البلطيق والتي تحمل صواريخ Trident، أي بإمكان الولايات المتحدة وبريطانيا، تدمير موسكو خلال 5 دقائق قبل أن ينطلقَ أي إنذار أو تكتشفَ الرادارات السوفيتية إطلاق الصواريخ النووية، وهذا ما سُمي في الغرب (ضربة قطع الرأس)
لم يكن أمام الاتحاد السوفيتي من ردّ سوى تطوير سلاح انتقامي يُدمّر العدو لكن بعد تدميره موسكو
لماذا لم تُدمر الولايات المتحدة نظام اليد الميتة بطريقة سلمية؟
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وظهور روسيا كدولة ضعيفة منهكة، بقيادة “الكحولي” بوريس يلتسين، تقدّم مدير المخابرات الأميركية آنذاك Robert Gates باقتراح إلى الرئيس الأميركي جورج بوش الأب، يتضمن مباحثات مع يلتسين حول مشروع اليد الميتة، وإمكانية تقديم مساعدة للتخلص منه، أو على الأقل التعاون لدرء أيّ خطر بسبب أخطاء في التشغيل. رفضَ البيت الأبيض والبنتاغون، وبكل غباءٍ، هذا الاقتراح، ليعود Robert Gates ويطرحهُ بعد استلامه منصب وزير الدفاع 2006، وسطَ تأكيد المخابرات الأميركية أن نظام اليد الميتة موجود فعلاً، ومرّ بحالة تأهب عدة مرات.
أكبرُ أخطاء واشنطن الغبية 1990؟
كانت أمام واشنطن فرصة ذهبية، خلال فترة ضعف روسيا، وتولي يلتسين الرئاسة وعلاقتهُ الوطيدة ببوش ثم بكلينتون، للتخلّص من هذا السلاح الخطير، لكنّ التعالي والغباء منعها من فعل هذا!
رأي مركز فيريل للدراسات باليد الميتة
تحليلات مركز فيريل للدراسات تقول، “أنّ”المُرجح” أنّ الضابط الروسي المجهول قد يكون قائد قوات الصواريخ الاستراتيجية Sergei Wiktorowitsch Karakajew، منذ 22 حزيران 2010، وهو صديق بوتين الشخصي. كان سيرجي قد أكد أنّ النظام يعمل بشكل جيد، ولكن ماذا لو لم يكن هو؟
بعد بحثنا الواسع وجدنا أنّ نظام اليد الميتة موجود فعلاً، وهو سلاح خطير، صحيح أنه رادع، لكن إمكانية الخطأ واردة وقد تؤدي إن حصلت لكارثة عالمية. الناتو يعرف أنّ بوتين عندما هدّدَ لم يكن تهديداً إعلامياً، بل استناداً لركائز على الأرض تمنعُ أيّ عدو من مجرد التفكير بالضربة النووية الأولى، أو ضربة قطع الرأس، لأنّ روسيا ستردّ دون أدنى شكّ. لهذا نرى أنّ مخاطر اندلاع حرب نووية بوجود هذا السلاح هي أقل من عدم وجوده، والناتو سيلجأ للأسلحة التقليدية فيما لو قرر مواجهة روسيا مستقبلاً، أو حتى في أوكرانيا، سيبقى السلاح التقليدي سيّدَ المعارك. بانتظار أن ينجح “نظام العولمة” في قلب النظام ضد بوتين أو إمكانية اغتياله كما نشرنا، أو انهيار روسيا اقتصادياً ثم شعبياً. هذه تبقى احتمالات بانتظار حرب، بل حروب وفوضى عارمة تُحرّكُ الاقتصاد العالمي ومعه مشروع العولمة المتباطئ، بعد فشل كورونا بذلك. مع تحيات مركز فيريل للدراسات. الدكتور جميل م. شاهين. Dr. Jameel M. Shaheen
بالنسبة لموضوع قنبلة تسونامي الكارثية، الفيديو يشرحها بشكل مبسط، يمكنكم مشاهدته. نتمنى لكم السلام والأمن دائماً. 07.03.2022
الفيديو نُشر بتاريخ 04.04.2018: