
مصر؛ تفجير نووي أم إسقاط الرئيس؟ بحث واسع من مركز فيريل للدرسات، “خاصّ” حول ما جرى ويجري في مصر من أحداث خطيرة تُهدد بانفجار عظيم. 03.08.2025.
قد يرى البعض أنّ العنوانَ مُرعب، على العكس خفّفنا في مركز فيريل من هول الحقيقة، فالتفاصيل أكبر وخطط تلويث المياه والهواء في مصر قائمة، إن لم تستجب السلطات للمطلوب منها. هل خططت المخابرات التركية لتفجير نووي في مصر؟ كافة المعلومات خاصّة بمركز فيريل للدراسات. 02.08.2025.
قالتها العَرَب: “لا تُصادق الذئاب”
لكنّ Ragnar Lothbrok قال عام 854 للميلاد: صادِق الذئاب شرطَ أن يبقى فأسكَ جاهزاً.
المعنى؛ إنْ كانَ لابدّ من صداقة الذئاب، فلتكن جاهزاً بأية لحظة للدفاع. فشلتْ الكثيرُ من الدّول في هذه السياسة. بعضها نجحَ. العلاقات مع تركيا وقطر تندرجُ تحتَ هذا الباب، باب الخطورة الدائمة حتى مع “الصداقة”، والذكي مَنْ يُقيمُ علاقاتٍ هذه الكيانات دون أن يتضرّر، هذا إن كانت إقامةُ علاقاتٍ معها أمر لا غِنىً عنه.
أخبارٌ خطيرة دونَ تغطية إعلامية
لماذا تشتري تركيا يورانيوم؟
كل فترة ننشرُ في مركز فيريل أخباراً هامّة وخطيرة، لم تحظَ عن قصد بأي اهتمام عالمي، منها خبر نشرتهُ رويترز دون غيرها من وسائل إعلام غربية هامة، ونقلاً عن سلطات تبليسي. يقول الخبر:
(أعلنت هيئة الأمن الوطني الجورجية، الخميس 17 تموز 2025، اعتقال شخصين بتهمة محاولة بيع “يورانيوم مُخصّب” بمبلغ 3 ملايين دولار. الكمية كافية لصنع قنبلة فتّاكة)
البائع مواطن جورجي، أُلقيَ القبضُ عليه بتهمة حيازة مواد مشعة ومحاولة بيعها بشكل غير قانوني. المكان مدينة Batumi على البحر الأسود، وهي أكبر ميناء جورجي، محاذٍ لتركيا تماماً! مدينة آمنة بدرجة جرائم منخفضة جداً، ودرجة أمان 79%! الحكم على المجرمين حسب تبليسي يصل حتى 10 سنوات.
المُدعي العام الجورجي
(أحبطَ جهاز أمن الدولة “جريمة عابرة للحدود”، تتعلق باليورانيوم الذي كان من الممكن استخدامه في صنع قنبلة مميتة، تُسبب وفيات جماعية وحاول بيعها مقابل 3 ملايين دولار) دونَ ذِكر أسماء البائع والشاري!
جريمة عابرة للحدود! سيزول الاستغراب عندما نعرفُ أنّ الشاري “تركي”، نعم من تركيا وسيدفع 3 مليون دولار!! وجدَ المحققون حسب الإعلام الجورجي؛ كمية من نظير يورانيوم-235 قابل للانشطار، أي يمكن صناعة قنبلة منه. كما وجدوا نظير يورانيوم-238 ويورانيوم-234 غير قابلين للانشطار.
عملية إلقاء القبض جرت في المرحلة الأخيرة، حيثُ أوقفت الجهات الأمنية الجورجية سيارةً متجهة نحو تركيا، فيها عدة ركاب عائدين من رحلة “استجمام” في جورجيا، وبمسح إشعاعي لقارورتين ضمن حقيبة السيارة التركية، اكتشفوا مسحوقاً أبيض مُشع. طبعاً تمّ التكتم على المصدر والجهة التي اشترت اليورانيوم، فلو كانت دولةً عدوة لجورجيا، روسيا أو إيران مثلاً، لنشروا عنها فوراً. والتاريخ قد يكون قبلَ ما نُشر.
محاولات سابقة لشراء يورانيوم في جورجيا
بالعودة لتقارير أمنية سابقة، وجدنا في مركز فيريل عدةَ محاولاتٍ لشراء يورانيوم من جورجيا ولجهات غير متوقعة. فشلت هذه المحاولات حسب السلطات، لكن هل فشلت جميعها؟ هنا السؤال الذي لا يُمكن لأحد الإجابة عليه.
عام 2014؛ أُلقيَ القبض على شخصين يحملان جوازي سفر أرمنيين، تبيّن أنهما مزوران لاحقاً، حاولا إدخال عدة غرامات من Caesium-137 وهي مادة مُشعة أخطر من اليورانيوم، السيزيوم نظير مُشع خطورته أنه إنْ تُرِك حرّاً في الطبيعة فوصلَ الماء مثلاً، الماء يعني “مياه الشُرب”، يُسبّبُ أضراراً مرعبة. حُفظت القضية ضد مجهول، لأن الجهة المقصودة “محظورة”.
أيضاً وجدنا في مركز فيريل أنّه بتاريخ 27 نيسان عام 2016؛ السلطات الجورجية تُلقي القبض على مجموعتين من الأشخاص عددها 12 شخصاً، تبيعُ يورانيوم بدرجتي تخصيب مختلفتين؛ 235 و238، مع مبلغ مالي 2,3 مليون دولار! الجنسيات جورجية وأرمنية، مزورة! والوجهة؟ طبعاً غير معروفة، ومما وجدهُ مركز فيريل في سجل التحقيقات ورود عبارة (كان الهدف صنعَ سلاح كيماوي) وليس نووي! دون شك؛ حُفظت القضية ضد مجهول. إلى أين المسير يا تُرى؟
مازلنا مع حوادث بيع مواد كيماوية ويورانيوم في جورجيا، 13 آذار عام 2019، الأمن الجورجي يُلقي القبض على شخصين بحوزتهما 40 غراماً من اليورانيوم 238، المكان ميناء Kobuleti، ضاحية الميناء الكبير باتومي الذي جرت فيه العملية الأخيرة، الجهة التي تريد الشراء، تركية. طبعاً وكما تُفكّرون؛ حُفظت القضية ضد مجهول.
العامل المُشترك بين جرائم شراء مواد كيماوية أو يورانيوم، أنّ الجهة التي أردات الشراء من تركيا!
أين روسيا من الموضوع؟
سمعنا قبل سنوات اتهاماتٍ روسية لواشنطن بإنشاء معمل للأسلحة البيولوجية في جورجيا، ثم انطفأ الخبر. كان هذا بعد اعتراف الجنرال الجورجي Igor Kirillov، بمنشأة أميركية قرب تبليسي. القصة باختصار للتذكير والربط مع ما ورد من أخبار:
أعلنت وزارة الدفاع الروسية في 02.10.2018 أنّ الولايات المتحدة تُديرُ مختبراً سرياً للأسلحة البيولوجية في جورجيا، مُخالفةً الاتفاقيات الدولية ومُشكلةً تهديداً أمنياً لروسيا. طبعاً سخِرَ الغرب من هذه الاتهامات، واعتبرها ضمن نظرية المؤامرة الغبية.
سبقَ واعترفَ قائد غرفة الحماية من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية الجورجي، أيغور كيريلوف أنّ المنشأة الطبية Richard Lugar Center، ليست ملكاً لتبليسي بل لواشنطن، ولا يمكن دخولها بسهولة حتى لعناصر طبية جورجية إلا بإذن خاص! تابع الجنرال الجورجي اعترافاته: (المختبر في جورجيا جزء من شبكة مختبرات أمريكية قرب حدود روسيا والصين. المنشأة مُمولة بالكامل من الولايات المتحدة، والمُلكية الجورجية لها على الورق ما هي إلا غطاء). واشنطن ردّت على تلك التصريحات الخطيرة بأنّها خيال، والمختبر المذكور هو منشأة مشتركة للصحة العامة البشرية والبيطرية، يملكه ويديره المركز الوطني الجورجي لمكافحة الأمراض والصحة العامة (NCDC)، وليس الولايات المتحدة. طُوِيَ يومها الموضوع إعلامياً ولم يعد يذكرهُ أحد سوانا. مُنشأة طبية يُمنعُ دخولها على الجورجيين إلا بإذن خاصّ مع مرافقين أميركيين!!
معلومة سريعة: افتتحَ المركز عام 2013 تحت اسم سيناتور أميركي سابق! وهو محاط بحراسة أمنية تُماثل حماية البنتاغون، نعم البنتاغون. فبما أنّهُ مختبر إنساني للصحة العامة، كأيّ مشفى دراسي، فلِمَ هذه الحراسة ومنع الزيارات العلمية؟
عادت موسكو واتهمت المركز بتاريخ 30 آذار 2020 بأنه وراء انتشار وباء كورونا، COVID-19، لكن كالعادة سخر الغرب من هذه النظرية وأصروا على اتهام الصين!
بالنتيجة هنا، ألا يمكن الربط بين انتشار تجارة المواد الكيميائية وهذا المركز؟ أم هذه أيضاً نظرية مؤامرة؟ ماذا عن حادثة 27 نيسان 2016؟ ابحث عن الحادثة فقد وردت سابقاً.
مصر تُفشِلُ عمليات إرهابية كبيرة
من جورجيا وتركيا والمواد الكيماوية إلى مصر. أعلنت وزارة الداخلية المصرية، الأحد 20 تموز 2025، قيامها بعملية مداهمة كبيرة لوكر إرهابي بتاريخ 07 تموز 2025، بعدَ حصولها على معلومات عن مخطط إرهابي كبير خارجي، ستقوم به حركة (حسم) التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين، تتضمنُ عملياتٍ إرهابية واسعة ضد مصالح حيوية ورسمية واقتصادية.
في العملية؛ قتلُ أحمد عبد الرازق، إرهابي مطلوب لتورطه في محاولة استهداف الطائرة الرئاسية، نعم استهداف طائرة رئاسية تُقلُّ الرئيس والقياة العسكرية المصرية، لم يسمع عنها كثيرون. أحمد هذا أيضاً متورط في اغتيال المقدم ماجد عبد الرازق، النزهة القاهرة نيسان 2019. الإرهابي تسلل إلى مصر، تحت رقابة أمنية دقيقة منذ لحظة دخوله، حتى وصل إلى شارع محمد صديق المنشاوي بجوار محطة مترو فيصل، بولاق الدكرور محافظة الجيزة.
قطنَ عقار رقم 7، شقة في الطابق الثالث برفقة الإرهابي إيهاب عبد اللطيف
أوضحَ بيان الداخلية المصرية حصول تدريبات لعناصر إرهابية، في “منطقة صحراوية بإحدى الدول المجاورة” والمقصود هنا حسب فيريل هو ليبيا، مع تلميحٍ “ما” للإمارات العربية، وسنتطرق لهذا لاحقاً. كما حدّدَ هذا البيان الشخصيات الرئيسية للأعمال الإرهابية:
يحيى السيد إبراهيم محمد موسى، محمد رفيق إبراهيم مناع، علاء علي علي السماحي، محمد عبد الحفيظ عبد الله عبد الحفيظ، علي محمود محمد عبد الونيس، و أحمد محمد عبد الرازق أحمد غنيم. هؤلاء هم العناصر الرئيسية، مما يدلُّ على حجم العمليات التي خُطّطَ لها.
الأسماء الواردة مُدانة بارتكاب جرائم عديدة، بينها اغتيالات وتفجيرات وقتل رجال شرطة ومدنيين.
كي نعرفَ حجم الخلايا الإرهابية في مصر ، فلنسمع حكم المحكمة المصرية العليا الثلاثاء 24.06.2022، بالإعدام شنقاً بحقّ الإرهابي الهارب الدكتور يحيى موسى و9 آخرين من عناصر الإخوان، والسجن المؤبد لـ 56 آخرين في قضية كتائب حلوان، بينما كان عدد المتهمين 215 متهماً تورطوا بتشكيل مجموعات مسلحة، لتنفيذ عمليات إرهابية ضد أفراد وضباط الشرطة ومنشآتها، وتخريب الأملاك والمنشآت العامة، خاصة أبراج ومحولات الكهرباء، كما صدر حكم السجن المؤبد بحق 56 من عناصر الإخوان المسلمين في نفس القضية.
تخيلتم الأعداد؟ كان هذا قبلَ 3 سنوات. اليوم ونحن في آب 2025، والأعداد أكبر.
الإرهابي الدكتور يحيى السيد إبراهيم محمد موسى
هم الإخوان المسلمون الجُدد الذي أشرنا لهم في مركز فيريل منذ عشر سنوات على الأقل، من مواليد القاهرة 05.05.1984، خريج الأزهر لكلية الطبّ، أخصّائي أمراض المفاصل والعمود الفقري، لكنه ليس مؤسس حركة حسم كما يُقال، ما هو الصحيح إذاً؟
“حسم” اختصار لـ “حركة سواعد مصر”، المؤسس الحقيقي هو عضو مكتب الإرشاد ورئيس اللجنة العليا في تنظيم الإخوان المسلمين، محمد كمال. لاقى حتفهُ على يد الأمن المصري بتاريخ 03.10.2016، بعد تأسيس الحركة بأربعة أشهر فقط. أربعة أشهر كانت كافية لقيامه بعدة عمليات اغتيال لقادة شرطة وقضاة، وحتى محاولة اغتيال مفتي مصر علي جمعة في 05.08.2016!
بالعودة للوراء أربع سنوات عن التأسيس نجد؛ وصل محمد مرسي العياط لكرسي الحكم في مصر بتاريخ 22 حزيران 2012، فعَيّن الدكتور يحيى موسى متحدثاً باسم وزارة الصحة في شباط 2013، رغم أنّهُ ابن 28 عاماً فقط، لكنّ الرئيس المصري رضخ لطلبات (خيرت الشاطر) ضمن صفقات متتالية، الشاطر هذا نائب المرشد الذي تنازل عن الترشح للرئاسة فاسحاً المجال لمرسي. محكوم بقضايا أمنية عديدة، أخرجه مرسي من السجن مع استلام الإخوان الكرسي.
لم يستمر حكم الإخوان المسلمين بزعامة محمد مرسي العيّاط شهوراً، لتبدأَ مظاهراتٌ حاشدةٌ في أرجاء مصر أول حزيران 2013، بلغت ذروتها في 30 حزيران 2013، مطالبةً بانتخابات مُبكرة وإصلاحات واسعة. رفضَ العيّاط ومن خلفِهِ الجماعة حتى مناقشة إجراء انتخابات جديدة، كونهم لم يتمّوا عامهم الأول بعد على الكرسي، وعلى العكس طلبَ مرسي العيّاط من أتباع الإخوان النزول للشارع في مظاهراتٍ معاكسة، فحصلت اشتباكات وأعمال عنف، وسقوط قتلى وجرحى وحرق مقرات حكومية. هنا تدخّلَ الجيش المصري ووأد الفتنة بمهدها.
شاركَ الدكتور يحيى موسى هذا، وهو محور حديثنا هنا، في مظاهرات الإخوان المسلمين 2013، واعتصام “ميدان رابعة العدوية” منذ 21 حزيران، وكونهُ المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة؛ أخذتْ عنهُ وسائلُ الإعلام العالمية الكبرى المعلومات حول الضحايا، فكان أن ضاعف أعداد قتلى الإخوان وأنقص ضحايا الطرف الآخر، ووصف متظاهري الإخوان بالسلميين والشرطة المصرية بالمجرمة، حيث ارتكبت مجازر بحقّ “حملة أغصان الزيتون”.
مع افتضاح أمرهِ وإزاحة مرسي العياط عن الكرسي، ومعه قضى المصريّون على حكم الإخوان في مهدهِ،، هربَ يحيى موسى لكن إلى أين؟ إلى تركيا طبعاً، واختفى عن المشهد تماماً. جلس في حضن حزب العدالة والتنمية أي الإخوان المسلمين، ليبدأ التخطيط من الخارج.
بعد القضاء على مؤسس حركة حسم الإرهابية محمد كمال، بتاريخ 03.10.2016، تصدّرَ يحيى موسى المشهد، رغم صغر سنّهِ، 32 عاماً، وأصبح فعلياً زعيم الحركة يُديرها من تركيا بدعم مالي قطري غير محدود. نعم قطر كانت الداعم والممول الأول للعمليات الإرهابية في مصر مثلما فعلت في سوريا. حتى أنّ الدوحة نعت محمد كمال ووصفته بالشهيد، ووصفت ثورة 30 يونيو 2013 بالإنقلاب، ونعتتْ الرئيس المصري بصفاتٍ سيئة.
من قطر يتهم الدكتور يحي السلطاتِ المصرية بقتل الأطفال!
في 08 أيلول 2014 اتهم يحيى موسى، وعلى شاشة فضائية قطرية طبعاً، السلطاتِ المصرية بقطع التيار الكهربائي عن مصر، كي تقتلَ الأطفال في الحاضنات. توالى ظهوره الإعلامي على نفس القناة القطرية، داعماً وزارة الصحة في عهد مرسي العياط ومشاريعها الرائعة. بنفسِ الوقت دافعَ ببسالة عن حركة حماس، شريكة حركة حسم باغتيال النائب العام هشام بركات.
أعاد الدكتور يحيى موسى لحركة حسم زخمها العسكري، لتصبحَ بوضوح اليد الضاربة لحركة الإخوان المسلمين في مصر، في تكرار واضح لتجربة الطليعة المقاتلة في سوريا. لم تكتفِ حسم باغتيالات فردية عادية، بل بقتل أعدادٍ كبيرة مثل هجوم 09.12.2016 مجمع أهرامات الجيزة، حيث قتلت 6 ضباط وأصابت آخرين. طوّر الطريقة حسب تعليماتٍ عثمانية، فشنّ هجوماً على سفارة ميانمار 01.07.2017، دفاعاً عن مسلمي الروهيغينا، لأنّ السيخَ يعيشُون في فلسطين المجاورة مثلاً! تبنّت حركة حسم كافة العمليات الإرهابية حتى بداية 2020، حيث تراجعتْ فجأة! فما الذي حدث كي تتراجع؟
تركيا وقطر وراء كلّ قطرة دم تسيلُ في الشرق الأوسط
فور التخلّص من حكم الإخوان المسلمين في مصر، تموز 2013، انقلبت العلاقات رأساً على عَقب بين مصر من جهة وقطر وتركيا من جهة أخرى. ومعَ قطع علاقات قطر ودول الخليج السعودية والإمارات والبحرين في 05 تموز 2017، انسحبَ الأمر على مصر أيضاً، التي اتهمت قطر بدعم جماعة الإخوان المسلمين، وهذا صحيح. الأمر نفسهُ كُرر مع تركيا، ومعه ازدادت فجأة الهجمات الإرهابية في مصر! ما هذه الصدفة؟
ذكرنا قبل قليل في مركز فيريل للدراسات أنّ العمليات الإرهابية تراجعتْ في مصر مع بداية 2020، والسبب أيضاً واضح؛ مفاوضات وراء الكواليس بين مصر وقطر لإعادة العلاقات، تكللت بتاريخ 20.01.2021 بإعادة العلاقات المقطوعة منذ 2017، فيما سُمّيَ بيان العُلا، الذي أنهى حصار قطر الذي قادته السعودية ومعها الإمارات والبحرين ومصر.
الخليفة أردوغان يفقدُ عقلهُ
لم يستطع الخليفة أردوغان السيطرة على لسانه، بعد فضّ اعتصام ميدان رابعة العدوية في مصر، وإزاحة حزب الإخوان المسلمين في مصر. كان أردوغان يرى نفسهُ قابَ قوسين أو أدنى من إعلان نفسه خليفةً، فوصفَ ما جرى بالمجزرة واتهم مصر بقتل المدنيين والديكتاتورية! أردوغان هذا هو الذي سيخرجُ فيما بعد بمعجزة روسية من إنقلاب تموز 2016، وقد قتلَ المئات وفصل عشرات الآلاف من عملهم، لكنه يعشق أن يُحاضرَ في الشرف! اتهم القيادة المصرية الجديدة بالتعامل مع إسرائيل! فردَّ الرئيس المصري المؤقت (عدلي منصور) أنه سيعترفُ بالإبادة العثمانية للأرمن. ليبدأ انهيار العلاقات الديبلوماسية لحدّ القطيعة التامة. جاء الردّ العثماني باستقبال كافة عناصر الإخوان المسلمين، وتدريبهم إعلامياً وعسكرياً بأموال قطر عاشقة الديموقراطية!
تركيا تردّ باغتيال النائب العام المصري
تصاعد التوتر مع قطع علاقات مصر وتركيا؛ أولُ ردّ تركي كان عملية اغتيال دقيقة للنائب العام المصري بتاريخ 29 حزيران 2015، أي قبل تأسيس حركة حسم. اكتشفت تحريات المخابرات المصرية خلايا تجسس تركية، فألقت القبضَ على 29 شخصاً، وكانت الصلة مباشرة بين المعتقلين وجهاز المخابرات الوطني التركي بزعامة خاقان فيدان. بعد تحقيقات لأربع سنوات، أعدمت السلطات المصرية أعضاءَ في تنظيم الإخوان، أُدينوا بإعترافهم باغتيال هشام محمد زكي بركات النائب العام، بتفجير سيارة أثناء مروره بقربها. جنّ جنون أردوغان، فشتمَ السيسي ورفضَ التحدث معه، ووصفهُ بصفات لا تصدر إلا عن أبناء الشوارع، وبائعي البطيخ في القطارات. خلال تلك الفترة من القطيعة بين مصر وتركيا، تضاعفت العمليات الإرهابية في مصر.
يبدو أنّ أردوغان وجدَ نفسه معزولاً ولا أتباع عنده سوى تميم، وهو الذي جاء كخليفة لأبناء حيزبون! فأخذَ مُكرهاً يتقرّبُ من مصر والسعودية، لتعود العلاقات في أوائل 2021، ويلتقي أردوغان بالسيسي بعد أن “لحسَ كلامه لحساً” في 20.11.2022 برعاية تميم بن موزة، خلال افتتاح كأس العالم لكرة القدم 2022. عاد السفراء لعملهما في 2023 والأمور بخير، وبوسة شوارب وصلى الله وبارك، مع زيارة أردوغان لمصر في 14 شباط 2024، ليردّ السيسي الزيارة بتاريخ 04 كانون الأول 2024، أي قبل عملية التسليم والاستلام في سوريا بأربعة أيام!
انتهى شهر العسل بين مصر و “قطركيا”؟
نعود إلى حركة حسم وزعيمها الدكتور يحيى موسى المقيم برعاية وحماية تركية في إستنبول. نشرت الحركة فيديو أكدت فيه أنها ستواصلُ عملها المسلح، هكذا دون سابقِ إنذار، حسب رأي العامة. لكن ما نراهُ في مركز فيريل أنّ الأمر متوقع، والسبب سوء العلاقات بين مصر وقطر وتركيا، فأيام العسل لم تبدأ كي تنتهي، لهذا كانت العودة للعمل المسلح بدعم مالي قطري وتدريب وتخطيط تركي، أمراً سهلاً وعملية لابد منها لتحقيق أهدافٍ أبعد من زعزعة الاستقرار، وتحطيم هيبة الجيش المصري. هناك عملية تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وما بعدها، هناك سد النهضة، هناك صفقة القرن، وليبيا وغاز المتوسط، وخارطة الشرق الأوسط الجديد إلخ.. مصر عقبة في الطريق بعد التخلّص من سوريا، كما يعتقدون
نرى في مركز فيريل أنّ التخطيط للعملية الإرهابية الأخيرة، كان خطيراً جداً لكن هناك مَنْ أفشى أسرارها، لا نظنُّ أنّهم الأتراك ولا اختراقٌ لتنظيم حسم؟ نُرجحُ أنها دولة كبيرة وراء ذلك كما كانت وراء إنقاذ طائرة السيسي من الإسقاط 2019. ما رأيكم أن نخوض قليلاً في العمق؟
فيديو حَسْم المثير للجدل
قبلَ مداهمة الأمن المصري لحي بولاق الدكرور، نشرت حركة حسم يوم الجمعة 04 تموز 2025، فيديو تهديد بانتاج رخيص! جزءٌ منه مُصوّر في ليبيا، ويعود لفيديو آخر من عام 2017 بعنوان (قاتلوهم). اسم الفيديو الجديد (قادمون) تضمن أناشيد دينية تحريضية، مع تدريبات رماية برشاشات و قذائف RPG وهاون! نعم قذائف هاون، وهنا لبّ الموضوع يا سادة يا كرام.
الملاحظات الأولية لدى شريحة واسعة من المحللين السياسيين، أنّ الهدف من الفيديو هو استهداف استقرار مصر، في ظل حالة الفوضى التي تشهدها المنطقة العربية، وهذا يتوافق مع ما قالهُ تنظيم داعش باستغلال الفوضى والاقتتال في سوريا والشرق الأوسط، لشنّ عملياتٍ إرهابية واسعة، وهو ما أكدناهُ في مركز فيريل حول الفوضى القادمة قبل أسابيع طويلة، رغم ذلك هذا جزء فقط
يسيرُ التنظيمان داعش وحسم في خط واحد، ومعهما كافة التنظيمات المسلحة التي تتبع فِكرَ الإخوان المسلمين دون استثناء. حذّرنا وذكرنا؛ مصر على لائحة الدول المُستهدفة من تل أبيب وأتباعها في المنطقة، والسلام مع إسرائيل كالسلام مع قطر وتركيا، لا يحمي من “نزلات برد حدة”، أو إسقاط طائراتٍ رئاسية باستخدام المطر!
تركيا تكذب ثم تكذب، والغبي مَنْ يُصدقها
مع الاتهام المصري العلني لتركيا بإيواء إرهابيين خططوا لعمليات خطيرة في مصر، أحسّت تركيا بافتضاح أمرها، فلجأت لتبرئة نفسها بالتضحية ببعض الإرهابيين من الصفّ الثالث، هنا ادعت مخابراتُ أردوغان القبضَ في مطار إستنبول، على عضو الإخوان المسلمين محمد عبد الحفيظ، فور عودته من رحلةِ عملٍ! أين كان يا تُرى؟
لم يتم ترحيلهُ إلى مصر بعد حسب معلومات مركز فيريل، وما جرى كان تهريجٌ عثماني، فالإرهابي هذا سيتم إعدامهُ بسبب سيل التهم المنسوبة له، منها اغتيال عدة ضباط أمن ومحاولة إسقاط طائرة السيسي، نعم محاولة إسقاط الطائرة الرئاسية! والفرار إلى الصومال ثم إلى تركيا.
قصةُ إلقاء القبض على محمد عبد الحفيظ، كذبٌ تُركيٌّ مفضوح وللمرة الثانية بنفس السيناريو، ومَنْ يصدقها ساذج “أبو ريالة”، كيف؟
بتاريخ 04.03.2019 وأثناء محاولات عثمانية لإعادة المياه لمجاريها مع القاهرة، ادعت كذِباً أنها اعتقلت قيادات إحوانية بينها محمد عبد الحفيظ نفسهُ، ورُحّلَ إلى مصر! ظهرَ مُقيّداً في الطائرة، بطريقة مسرحية رخيصة. شاركت زوجة عبد الحفيظ، ولاء طارق محمود، بالكذب أيضاً فانهارت بالبكاء أمام وسيلة إعلام إخوانية قائلةً، بعد سؤال عن شعورها بعد صورة إلقاء القبض على زوجها “المسكين” في الطائرة: (فقدَ زوجي عقلهُ وبصره نتيجة التعذيب) تحدثت عن المعاناة في تركيا للحصول على اللجوء. وقتها اختفى المهندس الزراعي محمد عبد الحفيظ شهوراً، دونَ أن يصل القاهرة نهائياً، ليعود للظهور بعدها بصحة جيدة وعقل سليم ونظر وبصر في شوارع تركيا!
تطبيلٌ مصري بانتصاراتٍ وهمية
أين كان التطبيلُ المصري؟ احتفلت يومها وسائلُ الإعلام المصرية بالخبر، وصدّقت المسرحية التركية وراحت تتغنّى بالبطولات وإجبار أردوغان على الاستسلام. متحدثةً عن توجه تركي لتسليم المعارضين المصريين، وسط تهليلات وتبريكات، وهذه المرة أيضاً؛ يُكرّرُ المشهد نفس المطبلين والمهلللين لخبر إلقاء القبض على قيادات الإخوان المسلمين في تركيا. فهل تسلّمت السلطاتُ المصرية من التركية، أيّ معارض إخواني من الصف الثالث وليس الأول، مُدان بجرائم إرهابية؟
محاولة إسقاط الطائرة الرئاسية!
إلى الأعمق الآن؛ تعود محاولة إسقاط طائرة الرئيس عبد الفتّاح السيسي إلى 11 أيار 2019، لم تُنشر عنها تفاصيل واضحة بل كانت مجرد إشاعة، نُفيت آنذاك، لتعودَ للأضواء اليوم ورسمياً رغم النفي السابق! ما حصلَ يدلُّ على أنّ المحاولة لم تكن بمستوى حركة إرهابية، بل اشتركت فيها دول قوية. فموعد الإقلاع والأهم موعد العودة والهبوط، والمكان والشخصيات الموجودة، طريقة الإسقاط والسلاح المستخدم إلخ، يستحيل أن تمتلكها منظمة دون مساعدة مباشرة من أكثر من جهاز مخابرات كبير.
الذي حصلَ يا سادة متابعي مركز فيريل هو تهريب صاروخ كتف من سوريا، نعم من شمال سوريا والتهمة المباشرة كانت لإرهابيين من إدلب جبهة النصرة تحديداً، نوع الصاروخ هو FIM-92 Stinger أميركي. مَنْ الفاعل والأخطر مَنْ المُدرّب؟
الفاعل هو الإرهابي المصري عبد الرازق الذي قتلتهُ المخابرات المصرية 07 تموز الحالي في بولاق الدكرور. الطريقة كانت إطلاق الصاروخ على طائرة الرئيس السيسي وهو عائد برفقة قيادة الأركان، ووزير الدفاع. الإرهابي أحمد عبد الرازق وإيهاب عبد اللطيف، كانا سيستهدفان الطائرة آنذاك، حسب معلومات مركز فيريل واتهامات مصرية شبه رسمية أنّهما تلقيا تدريبات في إدلب.
نعم التدريبات كانت على يد مختصّين بإسقاط الطائرات المدنية، تابعين لجبهة النصرة، بزعامة إرهابي لقبهُ (أبو محمد الجولاني)

عرفتم الآن أحد أسباب رفض مصر دعم حكومة الأمر الواقع المؤقتة بزعامة الإرهابي أبي محمد الجولاني؟
القادم على مصر. مركز فيريل للدراسات 2025
المطلوب من مصر كثيرٌ، وهنا سيتحاشى كثيرون عند نقلِ هذا البحث السطور التالية. ترددت القيادة المصرية في اتخاذ قرار حاسم بقضايا مصيرية، والنتيجة تراكم القضايا تلك وفوقها ضغوط وتهديدات، مع نظر “استخفاف” بها من أعدائها وما أكثرهم. للتذكير نذكرُ؛ سد النهضة إلى الصومال وبور سودان إلى ليبيا وسوريا، ثم موقفها من فلسطين وحرب الإبادة في غزة، لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وجزيرتي صنافير وتيران إلى علاقتها بدول الخليج، وتركيا وقطر وغيرها، موقفٌ واحد قوي “مدروس” مما سبق كان سيولّدُ ردعاً لكلّ مَن تسوّلُ له نفسه ضرب استقرارها وأمنها. لهذا؛ مصر في خطر حتى إشعار آخر والخطر ليسَ من تل أبيب وشرقي سيناء فقط، بل من كافة الاتجاهات، بما في ذلك الداخل المصري، وما أدراك ما الداخلُ المصري؟
خلايا نائمة كثيرة في حارات مصر الفقيرة، يمكن تحريكها بخطبة “ثورية”، من رجل دين يقبضُ بالريال. وضع اقتصادي من سيء لأسوأ، وهذا عامل مساعدٌ لانخراط الشباب الجاهز عقائديّاً في المساجد.
كهنة معبد آمون جاهزون في مصر، لأنّ طريقة السيطرة على الشعب بسلاح “التديّن” واحدة، ولم يتعلّموا مما حصلَ في سوريا إطلاقاً!!
قد تكونُ العمليات الإرهابية القادمة في مصر، وغيرها في الدول حولَ العالم “غير تقليدية”، فشراءُ “المواد الكيماوية” ومعها اليورانيوم من قِبَل جهاتٍ تركية “مجهولة”، بتمويلٍ من “الأشقاء” ما كان ولن يكون لغايات “إنسانية”، ووصولُ تلكَ المواد إلى “خزانات المياه” والأنهار، أو خلطه بالمواد الغذائية في المعامل “العثمانية”، ليسَ صعباً. نقولُ هذا في مركز فيريل كتحذير وليس كمعلوماتٍ فقط. نكتفي بهذا القدر من بحثنا على أمل أن تبقى مصر وشعبها بخير. مركز فيريل للدراسات. 03.08.2025. Firil Center For Studies. Berlin. Germany