
تنسيقية لوس أنجلوس تُوجّهُ الصفعة الثالثة لترامب. الدكتور جميل م. شاهين 09.06.2025. بعد صفعاتٍ متتالية كادت تُفقد دونالد ترامب توازنهُ، جاءت ثورة لوس أنجلوس وخروج الاحتجاجات في كاليفورنيا عن السيطرة وتحولها إلى عنف وتخريب، لتزيدَ من هموم إلهِ الصغار
ما قام به ترامب لم يكن كما صوّرهُ الإعلام الغربي، هجوماً على الآمنين من الشعب المسكين، بل مداهمة “قانونية” لمعمل فيه المئات من العاملين بدون أوراق نظامية وبدون إقامة قانونية، فاعتقل العشرات لتقوم القيامة.
هذا ما جناه الديموقراطيّون “الأناركيّون”؟
هذه هي سياسة العولمة التي يتزعمها الديموقراطيّون وأحد مظاهر الأناركية الصارخة، وهو مانراهُ اليوم في شوارع لوس أنجلوس بدقة، إنها “اللاسلطوية”. رغم عدم اتفاقنا في مركز فيريل مع سياسة ترامب بشكل عام، لكنه لم يتصرّفْ خارجَ القانون الأميركي حتى اللحظة، في بلاده طبعاً، وهنا لا نتحدثُ عن سوريا لأن الإرهابي في الولايات المتحدة هو “كيوت” في دمشق! وهنا قمةُ تناقض ونفاق ترامب وعبيده، كيف؟ دخلَ شُذّاذُ الآفاق الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية، يعملون بدون إقامة نظامية أي بالأسود كما يُقال ولا يدفعون الضرائب. نسبة الجريمة التي يرتكبونها أعلى من الأميركيين وأولها تجارة المخدرات. ماذا ينبغي أن يفعلَ رئيس دولة وصلَ لكرسي الحكم بوعودِ العمل لصالح شعبه؟ هل يمنحهم الجنسية ويُدخلهم الجيش مثلاً؟ بالتأكيد لا يفعلُ ذلك سوى الصغار من مجهولي النسب وأتباعهم.

ليست المرة الأولى التي تثورُ فيها ولاية أميركية ولكن

ازداد حنقُ ترامب وهو يرى انتشار الفوضى ولو على مسافة 3600 كم من غرفة نومه. هو أعمىً عندما يتعلّقُ الأمرُ بدماء الفلسطينيين أو السوريين. ومُبصرٌ في كاليفورنيا عند حرق سيارات الشرطة ومحطات الوقود، نهب وتدمير المحلات التجارية، الأسوأ كان والأخطر برأي مركز فيريل هو رفعُ أعلام المكسيك وشعارات الانفصال و “الموت لأميركيا”! فترامب الذي كان سيضمُّ كندا وغرينالاند وبنما وعادى نصف دول الكرة الأرضية، يُشاهد أعلام المكسيك ترتفعُ فوق العلم الأميركي!
رغم ذلك كلّ ما يجري، لم نصلْ بعد إلى نقطة اللاعودة في كاليفورنيا، فاحتجاجات أعنف وكوارث طبيعية أوسعُ ضرراً حدثت من قبل، ليبقى السؤال؛ هل سيتمكن ترامب من إيقافها قبلَ أن تُضيفَ جُرحاً نازفاً لجراح الولايات المتحدة وتعثّرها في كافة الملفات الخارجية والداخلية، مع بعض النجاحات كما قلنا عندما يتعلّقُ الأمرُ بالصغار.
الحرس الوطني الأميركي يتدخل
هي خطوة مسبوقة وحصلت عدة مرات خلافاً لأكاذيب الإعلام الغربي، فالحرس الوطني الأميركي، وهو جيش الاحتياط، تأسس بتاريخ 16 آذار 1565 في فلوريدا على شكل ميليشيات محلية تُساعد الحكومة، ثم أُعيد تشكيله على مستوى الولايات كافةً، ليتدخّل عدة مرات ضد الاحتجاجات المسلحة وأعمال العنف، ويحملُ اسم “ميليشيا الولايات المتحدة” حتى يومنا هذا. يتواجد في كافة الولايات وخارجها، ويُساعد أيضاً في الكوارث الطبيعية. استُخدم لقب الحرس الوطني فيما بعد وبدءاً من 1824 في نيويورك.
عام 2006 وبأغلبية أعضاء الكونغرس صدر القرار التالي
( يحقُّ لرئيس الولايات المتحدة الأميركية تعبئة وحداتِ الحرس الوطني داخل الولايات المتحدة دون موافقة حكام الولايات) أي أنّ خطوة ترامب باستدعاء الحرس الوطني قانونية وحتى استدعاء المارينز، كون الحرس الوطني لا يملك قواتٍ بحرية.
دور الحرس الوطني مبدئياً؛ حماية المباني الحكومية وموظفي هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك المختصر بـ (ICE) لكنه لن يبقى متفرجاً، وهذا هو المطلوب من الديموقراطيين وعلى رأسهم حاكم كاليفورنيا Newsom، الذي كغيره استغلَ الفرصة ليظهر بأنهُ الشريف العفيف النظيف، المُساندُ لـ “المظلومين” الأبرياء من حملة الأغصان. رفعَ دعوىً قضائية ضد ترامب بتهمة “التحريض على العنف” ومعه عمدة لوس أنجلوس الديموقراطية Karen Bass، حيث وصفهما دونالد بالحثالة.
تطورات خطيرة بالانتظار
استقدام ترامب للحرس الوطني لا يعني أنّ السيطرة حصلت وانتهينا، فهناك احتمالات تطور المشهد لما قد يُشكّلُ خطراً على الأمن القومي الأميركي وقد بدأ. فقبل قليل أكدت شرطة سان فرانسيسكو اشتعال الوضع في المدينة، واعتقال 60 شخصاً بتهمة العنف والتخريب. حُرقت عدة سيارات للشرطة وبدأ الأخطر وهو استخدام الأسلحة وتبادل إطلاق النار بين الطرفين، فيما يبدو إنذاراً بانهيار شامل.
صفعاتٌ لترامب وواشنطن من كافة الاتجاهات
إذاً وبدون ترتيب زمني، صفعةٌ أولى من صديقهِ الصدوق إيلون ماسك وهي الأضعف لأنها قابلة للترميم رًغمَ تركها ندوباً.
صفعةُ كاليفورنيا قابلة للتطور نحو الأخطر، إن لم يتمّ استيعابُ الانهيار الأمني الحاصل.
صفعةٌ من بوتين الرافض لأيّ عرضٍ لإيقاف الحرب أو الردّ على الأوكران، حيث بدأ فعلياً بحرق أوكرانيا
صفعةٌ كبيرة لن يذكرها الإعلام العربي أو العالمي، لأنها جاءت من إيران التي خرجت عن السيطرة وباتت تفرضُ شروطها بعد:
أولاً: انتصار طهران في أكبر عملية مخابراتية واختراق أمني تتعرّضُ له إسرائيل في تاريخها “القصير”، وحصولها على آلاف الوثائق الحساسة الخاصة بالسلاح النووي الإسرائيلي، مواقعه ونوعه ومنشآته. قبل دقائق وأثناء إعداد هذا التقرير في مركز فيريل هدد مجلس الأمن القومي الإيراني: (سنهاجم منشآت إسرائيل النووية السرية بدقة إذا استهدفت منشآتنا النووية، خاصّةً بعد حصولنا على معلومات عسكرية ونووية حساسة)
ثانياً: ونبقى في إيران حيثُ كشفَ Rafael Mariano Grossi ، المدير العام لوكالة الطاقة الذرية أمراً صاعقاً. ابتدأ بالاعتراف بجمع طهران وثائقَ سرية تخصُّ دول الوكالة، والأمر الصاعق أنّ المفاعلات النووية الإيرانية على عمق 804 متراً! حسب فايننشيال تايمز البريطانية. تخيّلتم هذا العمق؟ عندما أكّدت المعلومات “الصهيونية” أنّها على عمق 60 متراً، كانت تل أبيب عاجزة عن تدميرها لوحدها بدون واشنطن، الآن واشنطن ومعها دونالد ترامب وفوقهم عشرات القنابل الخارقة من نوع GBU-57A/B، الأقوى في العالم، مع نتنياهو وحكّام الأمر الواقع، لن تصل لهذا العمق.
هل ستستمرُ الصفعات أم نكتفي هنا؟ إن استمرتْ؛ هل ستخرجُ منها الولايات المتحدة دولةً قوية “موحّدة”؟ عِلماً أنّ زمنَ العظَمَة ولَّى وانتهينا. أم سنرى هروباً نحو الأمام بافتعال حرب أو حروبٍ تُشعلُ العالم الذي يحكمهُ إرهابيّون مجانين هذه الأيام العصيبة؟ الدكتور جميل م. شاهين مدير مركز فيريل للدراسات. 09.06.2025