
حكومة المتخلفين وقطيعها يُطبّلون لشعارٍ مجهول النسب
شعار العقاب السوري سومري الأصل. بحث من مركز فيريل للدراسات. 04.07.2025. طلعتْ علينا حكومة المتخلّفين ومعها الذبابُ الإلكتروني الغطري، مجهول النَسَب، بمسرحية تغيير “الدمغة” البصرية لحكومة الإرهابي الجولاني، وكأنّ تغيير اسم جبهة النصرة واسم مجرميها، سيجعلهم من جنس البشر. هكذا يحلمُ مُشغّلو “الفزّاعات” في تركيا وقطر وتل أبيب. ولكن هناك حقائق تاريخية يجهلها هؤلاء لا يمكن مسحها إلا من ذاكرة الذباب الإلكتروني
شعار النسر سومري الأصل
أخذَ أنصاف المثقفين يتحدثون فجأة ً عن العقاب التدمري، وكأنهم أساتذةٌ في التاريخ! ما ننشرهُ هنا ليس لتثقيف هؤلاء، بل للكريماتِ وللكِرامِ من متابعات ومتابعي مركز فيريل. ظهرَ النسرُ في الحضارة السومرية الأقدم في العالم، الألف الثالث قبل الميلاد، كرمزٍ للقوة وارتبط ببعض الآلهة لحماية البلاد. ثم ظهرَ مُرافقاً للآلهة عشتار، بنسختها السومرية “أنانا” ذاتُ الجناحين. كما تمّ تصويرهُ مرافقاً للأسَد لزيادة القوة. هذا ما وجدتهُ البعثات الأثرية العلمية في مدينة Lagash السومرية جنوب الأهوار، في تل الهبا 1877 بقيادة السفير الفرنسي آنذاك Ernest de Sarzec.
رغمَ ذلك لا يُعتبرُ النسر رمزاً أوحداً للسومريين. الآلهة عشتار موجودة في “المتحف البريطاني”.
جاء الآشوريّون بعد السومريين باعتماد النسر شعاراً، فكان في البداية أسداً مُجنحاً ثم نسراً ضخماً بجناحين كبيرين. وانتهى بـ “رامي السهم المقدس”.
بعدها أخذتِ الفكرةَ باقي الحضارات عن السومريين والآشوريين، ليصلَ إلى مملكة تدمر الآرامية، لكن من الكنعانيين. كيف؟
عقابُ تدمر الآرامي
كان لدى الكنعانيين إلهٌ أسموه “هدد” حوالي 1400 قبل الميلاد، وُجدت له معابد في “الجليل المحتل” مما يؤكد أنّ الفلسطينيين “بنو كنعان” سكنوا المنطقة منذ 3400 سنة على الأقل.
الإله هدد هو الذي بنت له أعظمُ ممالك سوريا على الإطلاق ثقافةً وحضارةً، “آرام دمشق” معبداً كبيراً وسط دمشق، هو المسجد الأموي حالياً
في العصر الهلنستي أي بعد عام 312 قبل الميلاد، اشتقَّ التدمريّون إلههم من الكنعانيين ومِنْ آرام دمشق، وأسموه بعل شمّين، وبلغة تدمر الآرامية يُكتب: ܒܥܠ ܫܡܝܢ، وبلفظٍ آخر بعل شميم والمعنى واحد: بعل “الرب” أو السيد أو الإله، شميم أو شمّين تعني “السماء” فيصبح بعل شمين (إله السموات)، هذا الإله له حارس يطيرُ معه ويحمي سكّان تدمر هو العقاب التدمري. أمّا إلهُ الأرض فأسموهُ “بعل” فقط، فصار لديهم “إله السموات والأرض”. لمن يريد أن يعرف؛ اسم تدمر الأصلي هو “تدمرتا” اسم آرامي يعني “المعجزة” ܬܕܡܪܬܐ. عام 110 قبل الميلاد انتهى بناء معبد الإله بعل شمين، وكان العقاب السوري هو الحارس السماوي لتدمر.
في عصر “الديكتاتور” حافظ الأسد اعتبرتهُ “اليونيسكو” أكمل المباني الأثرية وأكثرها جمالاً، لهذا أصبحَ تحت حمايتها عام 1980.
بقي المعبدُ شبهَ سليم 2133 عاماً، رغم الزلازل والمحتلين والغزوات وعمليات النهب والسلب، إلى أن دخلَ الإرهابي المدعو “أبو محمد الجولاني” سوريا، فشكّلَ بأوامر “أسيادهِ” تنظيم داعش الإرهابي، دمّرَ هذا التنظيمُ الإجرامي معبد “بعل شمّين” بتاريخ 23.08.2015، وأعدموا عالم الآثار الجليل خالد الأسعد لاتهامه بعبادة الأصنام! تماماً كما فعلوا بتمثال الشهداء في ساحة الجابري بحلب.
صفاتُ عقاب تدمر الآرامي
يُصنّفُ عقاب تدمر كنوع من النسور، وهو تمثال حجري لنسر يفردُ جناحيهِ بعيون حادة النظر، عند طرفيهما عقابٌ يحملُ غصنَ غار. كان النسر رمزاً لإله السماء وشعاراً للشجاعة والحرية، والحكمة والبصيرة النافذة، يُقابلهُ على الأرض الأسد رمز القيادة والحرب. بالنسبة لغصن الغار؛ فهو رمز النصر والشرف والإخلاص. اعتاد الملوك وضع أغصان الغار رمزاً للأصالة وطيبِ الأصل والحسب والنصر. هذه الرموز ما كانت حِكراً على تدمر، بل سبقتها إليها حضاراتٌ عديدة.
شعار سوريا الأول 1945

بتاريخ 18 شباط 1945 أصدر الرئيس السوري السابق شكري القوتلي، المرسوم رقم 158 والقاضي بتحديد شعار الجمهورية السوري، قُبيل مفاوضات إنهاء الانتداب الفرنسي. فكان:
(يُحدّدُ شعار الجمهورية السورية بترس عربي في وسطه ثلاث نجوم، هي نجوم العلَم السوري. يحضنُ الترس عقابٌ مستمد من التاريخ العربي، بصورةٍ مُشابهة لراية قُريش، وراية خالد بن الوليد عند فتح دمشقَ. تُحيطُ بالترس ثلاثة خطوط، وفي أسفلهِ سنبلتا قمح ترمزان إلى محصول البلاد الأول وطابعها الزراعي. كما يُمسكُ العقابُ بمخالبه شريطاً كُتِبَ عليه بالخط الكوفي”الجمهورية السورية”). دمشق في 18.02.1945. كما أُرفِقَ المرسوم بنشرة إضافية حول ألوان وتنسيق الشعار بالتفصيل:
(يكونُ العقابُ حديدي اللون، تُمرّرُ خطوطٌ فضيةٌ وذهبية بين أرياش جناحيهِ المتراصّة ومنقاره، ويكون عدد أرياش الجناحين عشرة في كل جانب متراصّة غير منفصلة نافرة بأطوال مختلفة، كذلك عشرةٌ لأرياش الذيل لكنها منفصلة غير متلاصقة متساوية بالطول. تُحلّي الترسَ ثلاث نجماتٍ حمر على خلفية فضية، وتُحيط به ثلاثة خطوط هي الأخضر فالأبيض فالأسود، ابتداء من الداخل نحوَ الخارج وتمثل ألوان العلَم السوري، وأما السنبلتان فهما بلون القمح الطبيعي الذهبي)
صمّمَ الشِعار خالد شكري العسلي، مواليد دمشق 1915. مُدير المراسم في القصر الجمهوري. تُوفيَ 1990. والدهُ مؤسس جريدة القبس، ابن حيّ الميدان بدمشق وأحد شهداء مجازر العثمانيين الذي أعدِمَ في ساحة المرجة 06 أيار 1916
شِعار سوريا الثاني 1958

مع إعلان الوحدة بين مصر وسوريا 22 شباط 1958، صدر المرسوم الرئاسي 190 للعام 1958 والقاضي بتمثيل “شعار الجمهورية العربية المتحدة”. عُدّل بموجبه الشعار السابق وكان النصُّ:
(بناء على القانون رقم 190 للعام 1959، يتمثّل شعار الجمهورية العربية المتحدة بنسرٍ زُخرفيٍّ مأخوذ عن “نسر صلاح الدين الأيوبي”. يقفُ النسر فوقَ قاعدةٍ كتبَ عليها بالخط الكوفي “الجمهورية العربية المتحدة” وعلى صدره ترسٌ عليه عَلمُ الجمهورية.) هذا بالإضافة لتفصيل مواصفات اللون والعدد كما في الصورة. بقي الشعار حتى الانفصال
شعار سوريا الثالث 1961
بعد الانفصال بتاريخ 28 أيلول 1961، عاد شعار سوريا إلى السابق الذي صُمّمَ شباط 1945، بمرسوم تشريعي رقم 2 تاريخ 05.10.1961، مع ملاحظة بدء استخدام العربية كصفة للدولة:
(يُعتبرُ العلم الوطني للجمهورية العربية السورية هو علم الجمهورية السورية، وشِعارها هو شعار الجمهورية السورية)
شعار سوريا الرابع 1969
بتاريخ 10 شباط 1969 صدر المرسوم الجمهوري 394 القاضي بالتالي:
يُعدّلُ شِعارُ الجمهورية العربية السورية المعمول به بموجب المرسوم رقم 158 تاريخ 18/2/1945 تبعاً للمواصفات التالية: ترس عربيٌّ وسطه ثلاثة نجوم خضراء. عقابٌ حديدي اللون يحتضنُ الترس العربي الذي تُحيطُ بهِ ثلاثة خطوط، وفي أسفلهِ سنبلتا قمح. يُمسكُ العُقاب بمخالبه شريطاً كتبَ عليه بالخط الكوفي الجمهورية العربية السورية)
أي التعديل فقط بإضافة العربية
شعار سوريا الخامس 1972
معلومة: لم يُعدّل الرئيس السوري السابق حافظ الأسد على الشعار وأبقاهُ على حاله سنتين ونصف إلى أن حصلت الوحدة العربية
حصل تعديلٌ على الشعار لكنهُ أُخِذَ “لجماله” بشكله الخارجي تماماً. لكن بعد حذف النجمات الثلاث وإبقاء مكانها خالياً، واستبدال الكتابة باتحاد الجمهوريات العربية. مركز فيريل.

شعار سوريا السادس 1980

بعد اتفاقية كامب ديفيد 17 أيلول 1978، ثم تبادل السفراء بين مصر وإسرائيل بعد سنة 1979، رفضَ الرئيس السوري السابق حافظ الأسد أن يرتفعَ شعارُ سوريا وعلمها على السفارة المصرية في تل أبيب، فأصدر مرسوماً حملَ الرقم 37 بتاريخ 21.06.1980 أقرّهُ مجلس الشعب قبلَ ذلك، ليعود إلى عَلَم الوحدة مع مصر 1958
شعار حكومة المتخلفين 2025
سبقَ وعدّلت حكومة إدلب الإرهابية شعار سوريا القديم، ولسبب ما حرفتْْ رأسَ النسر نحو اليسار! لكنّ حكومة المتخلفين عادت وعدّلت الشعار باختراعٍ عبقريٍّ لا يُمكن وصفهُ. بينما القطيع يُطبّل ويُزمر ترحيباً باتفاقيات الذل والهوان مع تل أبيب وتركيا. الشعار الجديد لا يستحقُّ مع “مخترعيه” والمطبلين أيّ تعليق أو إضاعة للوقت. مركز فيريل للدراسات. 04.07.2025