بقلم: زيد م. هاشم
في خارطة حدود المصالح الدولية، سيكون هناك واقع سياسي معقد يعكس مجمل القضايا التي تمر بها المنطقة، والتي ستؤثر في شكل العملية السياسية القادمة في العراق. ملفاتٌ مهمة على طاولة التحضير الآن في الشرق الأوسط: العراق ما بعد داعش، ونصر سوريّ قادم، تطورات حرب اليمن، حرب أمريكية “ترامبية” على الإرهاب، حضور بريطانيٌّ متنامٍ، سياسة اتحاد الملكيات الأعرابية في معاداة أيران، وأخيراً، نفوذ تركيا وإيران في العراق.
ينقسمُ العراق الآن ينقسم لثلاث مناطق تمثل تقسيماً مذهبياً وعرقياً، وهي الشمال الكردي والوسط السني والجنوب الشيعي، والعملية السياسية هي تركيبة طائفية تمثل شعب البلد، صممها الاحتلال الأمريكي، مع وجود حكومة ضعيفة فاسدة، وجيش غير مهني بشكل مدروس، وأجهزة أمنية ضعيفة بشكل متعمد، ومليشيات وجماعات مسلحة تمثل الطوائف كالبيشمركة الكردية والحشد الشعبي الشيعي والصحوات العشائرية السنية.
تقود العملية السياسية بالعراق أحزاب الإسلام السياسي السني والشيعي الفاشلة بامتياز، ورجال الدين الفاسدين ورجال القبائل المتلونين. مما سبق نلاحظ أن العراق مركب سياسيا وعسكريا وأمنيا بطريقة تضمن بقاءه في حالة عدم استقرار واستمرار الفوضى، ليسهل التدخل في شؤونه في كل وقت، فلا وجود لجيش وطني ولا لقيادة وطنية كفؤ.
يربط العراق بالولايات المتحدة اتفاقية أمنية معقدة، وتمثيل دبلوماسي يعتبر الأكبر بين دول العالم، وهذا يدل على أهمية العراق الحيوية لواشنطن خصوصا بعد غزوه وبناء نظام سياسي طائفي فيه، يضمن مصالحها.
العراق القادم
ما وصلنا من معلومات تتحدثُ عن خطة تعتمدها إدارة ترامب الجديدة، لزيادة التواجد العسكري الأميركي في العراق بالمرحلة القادمة، خاصةً في الأنبار والموصل وتكريت، وستعمل الولايات المتحدة على إنشاء حشد سني يتكون من الحزب الإسلامي الإخونجي والصحوات، والجماعات المسلحة التي قاتلت أمريكا سابقا والبعثيين برعاية الدول الحليفة لواشنطن، حيث ستكون هذه القوة مدارة من دول الخليج وتركيا بإشراف أمريكي يمثل مصالح هذه الدول في مواجهة النفوذ الإيراني، وهذا ما يفسر صمت واشنطن عن الحشد. العمل جارٍ على إثارة سنة العراق وتهيئتهم لتشكيل جسم عسكري مقارب للحشد، وسنشهد قريبا حركة سياسية نشيطة تستخدم رجال الدين والقبائل والجماعات المسلحة المتواجدين في الأردن وتركيا وقطر والأمارات والسعودية ومصر، لتشكيل جبهة مدعومة من هذه الدول بحجة المصالحة، ولتمثيل هذا المكون بما يستحق من ثقل في السلطة. أهداف خلق هذا الكيان الطائفي العسكري في العراق هي:
- السيطرة على موارد الطاقة لصالح الشركات الأمريكية والتركية، تبعاً للجغرافيا النفطية التابعة لهذا الشكل السياسي، والتي يتوافر فيها ثروات هائلة.
- مواجهة إيران وتحجيمها، من خلال هذا المكون الذي يحكمه الطائفيون، والذين يشعرون بحساسية مفرطة تجاه طهران، وكلّه لصالح واشنطن ودول الخليج.
- إيجاد كيان سياسي وعسكري يقطع تواصل طهران بدمشق وبيروت برياً.
- منع مد أنابيب الغاز والبترول من إيران باتجاه السواحل السورية، لصالح الغاز القطري.
- اعتبار الأنبار والموصل حائط صد دفاعي بمكون مذهبي، يحكمه طائفيون ينوبون عن الخليج والأردن وتركيا، وسيجهز بكل ما يلزم لهذا الغرض
- وقف امتداد النفوذ الروسي من سوريا باتجاه العراق.
- السيطرة على نهر دجلة والفرات، اللذان يدخلان العراق من هاتين المحافظتين، الأنبار والمصول.
تحتل الأنبار ثلث مساحة العراق، والموصل تمثل أكبر تجمع سكاني للسنة في العراق، وهما يكملان بعضهما لتشكيل كيانٍ مذهبي متكامل سياسيا واجتماعيا وجغرافيا، فالأنبار طابعها قبلي مع وجود للمتأسلمين فيها، وستكون من مجاورةً لدول الخليج والأردن، لأنها تحد بلدانهم، أما الموصل فكان سكانها أساس الجيش العراقي، بالإضافة لسيطرة التيارات الإسلامية عليها، والتابع لتركيا. المحافظتان تحدان سوريا والأنبار تحد بالإضافة لسوريا الأردن والسعودية. وداخليا ترتبط جغرافيا مع بغداد وكربلاء وصلاح الدين والموصل، ويتواجد فيها قاعدة الحبانية الكبيرة وقاعدة عين الأسد الحيوية، مع عزم أمريكا إنشاء قواعد أخرى.
باعتقادي، سيتم اشعال صراع كردي مع بغداد، بسبب تمدد البشمركا في الموصل وكركوك وديالى، والصراع على النفط سيزداد، لكي يتم تسهيل تشكيل هذا المخطط بإشغال بغداد بصراع مع الإقليم. مع حدوث اختراقات أمنية وفوضى في المحافظات المحررة، لتأليب السكان على الحشد والجيش، وتشكيل قوة خاصة بهذا الإقليم تخدم أمريكا وحلفها القادم.
بقلم: زيد م. هاشم
02.02.2017