د. جميل م. شاهين ـ برلين
رغم وصول صور محزنـة من الحدود اليونانية مع مقدونيا، عن أطفال جنى عليهم آباؤهـم في رحلة نحـو قصـور برليـن، حيث ينتظر أكثر من 100 ألف لاجئ عطف الأوروبيين عليهم، إلا أنّ هذه الصور لم تحـرّك مشاعر الساسَـة وعلى رأسـهم السيدة ميركل التي قالت مخاطبة اللاجئيـن: “ابقـوا في اليونــان”.
يبدو أنّ المستشارة الألمانية لا تريد أن تلعب دور البطل المُنقذ للاجئين ثانية، والأصـح أنها مُنعتْ من ذلك قسـراً. فعندما سئلت عما إذا كانت ستسمح للاجئين العالقين على الحدود بجلبهم مباشرة إلى ألمانيا، كما فعلت العام الماضي، أجابت: “الوضـع هذه السـنة غير قابـل للمقارنـة.”
تغيّرت الأوضاع الآن، فهناك مراكز استقبال ولجوء في اليونان، وألمانيا ليست بحاجة لمزيد من الانتقادات والتهديـدات من نظرائها الأوروبيين. خاصة بعد اجتماعها برئيس الوزراء الكرواتي في برلين، وما رشح عن تهديد حقيقي لاتفاقيـة تشـنغن إن استمرت ميركل في سياستها. المطروح الآن أن يبقى اللاجئون في اليونان ليُنظر في أمرهم، فإما أن يمنحوا إقامة ويتم توزيعهم على دول الاتحاد، أو يُعادوا إلى بلدانهم، والعملية تحتاج شهوراً. لكن أخطر ما يُطرح هـو: “إعـادة اللاجئيـن السـوريين والعراقييـن إلى تركيـا.” حيث جُهّزت مراكز لجوء “مُغلقـة” هي عبارة عن سـجون شرقي تركيــا، أقوم بالتحقق من صحة معلومات وردت عنها.
سوف تحصل اليونان على مساعدة مستعجلة قدرها نصف مليار يورو، مقابل ضبط حدودها ومنع مرور اللاجئين وإقامة مراكز إيواء لهم على أراضيها، ودفع رواتب 8500 شرطي لحفظ الأمن، ريثما يبدأ الناتو دورياته البحرية في بحر إيجـه لمنع تهريب البشر الذي تقوم به تركيـا.
من جهتها شددت كرواتيا وسلوفينيا وصربيــا رقابتها على الحدود، واستدعت الجيش للقيام بذلك، لإغلاق كافة الطرق الممكنة أمام اللاجئين. بينما حلقت الحوامات المقدونية على طول السياج الشائك الذي انتهت منه قبل شهر، وقد سقط عدة جرحى على هذا السياج عندما حاول المئات اقتحامه، إليكم صور بثتها قناة إن تي فاو الإخبارية الألمانية. /صور من n-tv./.
الاجتماع القادم في 7 آذار للاتحاد الأوروبي سيكون محطة فاصلة في اتفاقية تشنغن، حيث هددت سبع دول بالانسحاب أحادي الجانب من هذه الاتفاقية، بينما كانت النمسا السباقة لإلغائها.
بالمقابل؛ شهدت شركة طيران Germania الألمانية، التي تنظم رحلات طيران مباشرة بين برلين وبيروت، بالإضافة لشركات طيران أخرى، إقبالاً على عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، ففي رحلة الإثنيـن 28 شباط، كان على متنها عائلتان وخمسة شبان سوريين، قاموا بإلغاء طلبات لجوئهـم بعد أن خاب أملهم وصدموا مما رأوه في ألمانيا من روتين وطوابير انتظار لساعات أمام أبواب المساعدات الإجتماعية، ففضل كثيرون منهم عدم انتظار إقامتهم التي طالت شهوراً، وإلغاء قانون لم الشمل السريع، وبات عليهم انتظار سنتين لجلب عائلاتهم. وتقوم السفارة السورية بالتنسيق مع وزارة الداخلية الألمانية بتسهيل عودتهم في حال عدم وجود جواز السفر السوري لسبب ما، حيث يُرافق شرطيان ألمانيان اللاجئ السوري في المطار إلى أن يتم صعوده للطائرة.
د. جميل م. شاهين ـ برلين