مَن أطلق الصاروخ نحو مكة؟
هُوجمت وقصفت وهُدِمت الكعبة عدة مرات، قبل وبعد الإسلام، ابتداءً من أبرهة الحبشي إلى عهد يزيد بن معاوية ثم عهد هشام بن عبد الملك، حتى ثورة القرامطة، وكان يتم إعادة بنائها من جديد.
كان هذا في الماضي، في عصرنا الحاضر، ابتدأت الدعوات لهدم الكعبة بشكل علني بعد هجوم 11 سبتمبر 2001 على لسان Ann Hart Coulter الكاتبة والصحفية والسياسية الأميركية، التي دعت لاحتلال الدول الإسلامية وقتل زعمائها. ثم تبعها عضو الكونغرس الأميركي عن ولاية كولورادو Thomas Gerard Tancredo الذي طالب عام 2005 بقصف مكة والمدينة ومسحهما عن وجه الأرض، إذا هاجم إرهابيون إسلاميون الولايات المتحدة بأسلحة غير تقليدية. وأتى صديق المعارضة الإسلامية السورية جون ماكين، وهو عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2008، الذي قال حرفياً: “لو كان الأمر بيدي، لهدمت الكعبة“..
عام 2012: ونقلاً عن Associated Press (AP): “بسبب افتضاح أمره، أوقف البنتاغون تدريباً عسكرياً للمارينز الأميركي، يقوم به الطيران الأميركي بقصف مكة والمدينة المنورة بالقنابل النووية، تماماً كما حدث في مدينتي هيروشيما وناغازاكي.”.
من مركز فيريل للدراسات ببرلين نبيّن لكم الحقائق التالية، آخذين بعين الاعتبار أنّ المقصود ليس هدم الكعبة والقضاء على الإسلام، فهذا هدف ليس في أجندة الغرب نهائياً، نكرر: “الغرب لا يريد القضاء على الإسلام.”. هذه خدعة كبرى صدقها البسطاء فقط، “الغرب يريد زرع الفتنة بين المسلمين”، وجعلهم يتقاتلون فيما بينهم، وقد نجح حتى الآن، وبدون مزاودات: “هناك فتنة بين المسلمين تتطور نحو الصدام العسكري بين الجيوش.”.
- بصورة هزلية، أوكل للتنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش هذا الأمر، وبدأ التدرdب عليه من خلال هدم الأضرحة ودور العبادة والآثار للمسلمين ولغير المسلمين، وظهر التهديد بهدم الكعبة في تصريحات زعماء داعش، لأنها صنم يُعبَد من دون الله. وأظهرت أشرطة فيديو استيلاء داعش على صواريخ سورية بعيدة المدى في الرقة، تصل إلى مكة، تمهيداً لقصفها، ولكن بالتأكيد ليس بهذه “المجسمات” الصاروخية. وتداولت الخبر لتأكيده صحفٌ عالمية بريطانية وأميركية وتركية. طبعاً لا يمكن هدم الكعبة وقصف المدينة من قبل هكذا مجموعات، كما حدث بعملية انتحارية مزعومة تبنتها داعش عند قبر الرسول، تموز 2016، لم تهدم حجراً، الأمر يحتاج لدول كبيرة، وهذا الترويج فقط إعلامي للتغطية على ما هو أعظم. إذاً يجب البحث عن متهم آخر يُقنع المسلمين بأنه وراء هذا العمل.
- حالياً، اليمن أفضل المتهمين: الحوثيون ووراءهم إيران، هما المرشحان الأوفر حظاً، فيتم زرع فتنة بين السنة والشيعة، هذه الفتنة تُنقذ النظام السعودي المُنهار، وتزيد من التفاف السعوديين والمسلمين السنة حوله. فكان اتهام الحوثيين بإطلاق صاروخ بركان 1 لتدمير مكة بتاريخ 27 تشرين الأول 2016، وبطريقة غبية انطلت على عشرات الملايين، واجترتها وسائل الإعلام العالمية. وقد أوضحنا، بناء على ما نشره أهالي قرية البرزة الواقعة شمال مكة، أنّ الصاروخ تجاوز مكة، هذا على فرض أنه أُطلِقَ من الجنوب ومن الحوثيين!!.
- مَنْ أطلق الصاروخ بتاريخ 27 تشرين الأول باتجاه مكة؟
بعد استشارتنا في مركز فيريل للدراسات للخبير العسكري الألماني، وبمقارنة الوقائع والمعطيات والمعلومات المتوفرة، والصور التي حصلنا عليها، وصلنا للتالي، ونحن لا نتهم أحداً لكن نبيّنُ ما وصلنا إليه، والحكم للقراء:
- هناك صاروخ باليستي تمّ اسقاطهُ شمالي مكة بـ 66 كلم، بتاريخ 27 تشرين الأول 2016، الساعة 21:03. وسقط في منطقة تقع بالقرب من قرية البرزة، شمال مكة بـ 66 كلم تماماً.
- حسب رواية السلطات السعودية؛ الصاروخ أطلق من الجنوب، وكان الهدف هو مكة، لكن الصاروخ تجاوز مكة شمالاً، لماذا؟ ومازالت وسائل الإعلام السعودية والعالمية، مُصرة أن الصاروخ الذي تجاوز مكة بـ 65 كلم كان يقصدها!!
- حسب اتجاهات الإضاءة على جسم الصاروخ واعتبارات عسكرية أخرى، وصلنا في مركز فيريل إلى أن الصاروخ أطلق من الشمال، وكان يتجه جنوباً. واسقط قبل وصوله لمكة.
- الصاروخ الذي التقطت صوره، فاتح اللون، عليه حلقتان قاتمتان، بينما بركان 1 قاتم اللون.
- الصاروخ الذي التقطت صورته يشبه صاروخ Jericho II ، وموجود منه في قاعدة Sderot Micha، غربي القدس بـ 24 كلم، في تلال Judean. يبلغ طوله 14 متراً، ومداه 1500 كلم.
- لم يحدث أيّ تعطيل للأجهزة الالكترونية أو تشويش على الاتصالات، وهذا يجري عسكرياً للحيلولة دون اعتراض الصواريخ، أي أن اعتراضه كان سهلاً وربما مدروساً. بالمقابل، لم تستطع القوات الجوية السعودية اعتراض الصاروخ الذي أصاب مطار عبد العزيز في جدة!
- كيف استطاعت السلطات السعودية تحديد مكان اطلاق صاروخ مكة فوراً، ولم تستطع تحديد مكان اطلاق صاروخ جدة؟
- الذي أطلق الصاروخ أراد إيقاع فتنة واتهام الحوثيين ومن وراءهم بذلك، ولو أراد تدمير الكعبة، لفعلها…
ختاماً: اليوم يُتهم الحوثيون، غداً مَنْ يُتهم؟ الجواب نتركه لكم.
خاصّ بمركز فيريل للدراسات ـ برلين. 30.10.2016