مُناف طلاس؛ إلى أينَ المسير؟ إدارة التحرير بمركز فيريل للدراسات. خاص بالمركز. 17.01.2025

بروباغندا فجائية ذكرتْ أنّ مُناف طلاس في طريقه إلى دمشق على رأس 5 آلاف مقاتل، لإزاحة أبي محمد الجولاني عن الكرسي والجلوس مكانه، وكالعادة؛ تطبيل وتزمير والنتيجة؟ بحثنا في وسائل الإعلام الرئيسية فلم نجدْ خبراً صريحاً يؤكد ما جاء على بعض الفيديوهات المنتشرة، والتي يعود تاريخ الحديث فيها إلى أكثر من عشر سنوات، تمّ تحديثه وقصقصته ليُناسب عام 2025.
مَنْ هو مناف طلاس؟
مناف طلاس من مواليد مدينة الرستن عام 1964 والدهُ مصطفى عبد القادر طلاس، وزير الدفاع السوري لـ 32 عاماً، توفي 27 حزيران 2017، جدهُ شركسي سوري. والدة مناف هي السيدة لمياء أسعد بيك الجابري، من حلب، ابنة حسب ونسب ونائب البرلمان السوري القديم، ومن العائلات الثرية.
زوج ناهد مصطفى طلاس شقيقة مناف، هو الملياردير أكرم العجة مواليد دمشق 1918، يحمل الجنسية السعودية والفرنسية أيضاً، قصته طويلة.
ناهد مصطفى طلاس من مواليد 1959 تكبرُ مناف بخمس سنوات وتصغر زوجها بأربعين عاماً، احفظوا الاسم جيداً
بالمختصر
وُلِدَ مُناف طلاس وفي فمه دزينة من الملاعق الذهبية

علاقة مناف طلاس مع بشار الأسد
تخرّج مناف من الكلية الحربية في حمص، وارتبط بصداقة جيدة مع باسل الأسد، ثم بصداقة متوسطة ومتأرجحة ببشار الأسد بعد “عملية قتل” باسل حافظ الأسد على طريق مطار دمشق الدولي، بتاريخ 18 كانون الثاني 1994، وهذه المعلومة خاصة بمركز فيريل، حيث أُذيعَ نبأ وفاته بتاريخ 21 كانون الثاني، أي بعد تأكيد وفاته في مشفى الطب الجامعي، ونقل الخبر لوالده بالتدريج. قصة إسعافه إلى مشفى دمشق “المجتهد” ونوع الإصابة، يعرفها قلائل وربما سيقرأ أحدهم ما كتبناهُ هنا.
استلم بشار الأسد السلطة في 10 حزيران 2000، وبين مَنْ اختاروه ودعموه هو مصطفى طلاس وزير الدفاع، الذي بقيَ بمنصبه، مقابل تأمين الدعم “التجاري” لبشار الأسد، وترقية مناف. بالفعل؛ تمت ترقية مناف وتقوية وضعه كضابط كبير ضمنَ الحرس الجمهوري، وكذلك عضواً في اللجنة المركزية لحزب البعث الإشتراكي الحاكم في سوريا.
بدأت مُنغصّات مناف بعد إحالة والده على التقاعد 12 أيار 2004، وبزوغ نجم رامي مخلوف، ثم سيطرة عائلة أسماء الأخرس. لكنّ دور مناف بقيَ في استمرار ضمان دعم التجّار والأثرياء، من طائفة الأغلبية، لبشار الأسد، مُقابل أيضاً استمرار ترقيته ليصبحَ عميداً ويقود اللواء 104 الحرس الجمهوري، إضافة للعميد عصام زهر الدين الذي يكبرُ مناف بثلاث سنوات، والذي نُقِلَ “لسبب ما” إلى دير الزور، بينما انحصر دور مناف العسكري حتى انشقاقه في حرستا ودوما.
نقاط قوة مناف طلاس
لا شك أنّ مناف يمتلكُ نقاط قوة وضعف، نستعرض بعضها معكم ونبدأ بالقوة
- أولاً: العامل التالي إيجابي وسلبي، الإيجابي هو إرثٌ عائلي قوي وسيطرة مالية اقتصادية عائلية كبيرة، وعلاقات تجارية مع شركات ودول كبيرة، منها فرنسا والسعودية وحتى تركيا نفسها.
- ثانياً: خبرة عسكرية جيدة، وشهادة علمية تؤهله لاحتلال مناصب سياسية عليا، مع علاقة قوية أيضاً بروسيا.
- ثالثاً: دعمٌ خليجي سعودي، وأيضاً فرنسي، وربما يحصل على شيء من الدعم التركي، لكنهُ حسب رأي مركز فيريل يفتقد للدعم الإسرائيلي وإلى حدّ ما الأميركي.
- رابعاً: تعاونهُ مع المعارضة السورية وانشقاقهُ مُبكراً، وارتباطه بأجهزة مخابرات عالمية لتأمين الانشقاق على الأقل، الفرنسية والتركية، حسب اعترافه شخصياً.
- خامساً: مناف هو شقيق ناهد مصطفى طلاس، سيدة الشطرنج، وما أدراكَ مَنْ تكونُ ناهد.
نقاط ضعف مناف طلاس
- أولاً: علاقته الوطيدة السابقة مع بشار الأسد، واشتراكه ببعض العمليات العسكرية ضد المعارضة المسلحة.
- ثانياً: لدى عائلته تاريخٌ طويل من التعامل مع المحتل العثماني ثم الفرنسي، ووقوفهم أي أجدادهُ ضد الثورات السورية المُطالبة بالتحرر من المحتلين العثمانيين ثم الفرنسيين.
- ثالثاً: ملاعق الذهب و الثراء الفاحش، يجعلهُ بعيداً عن الطبقة السورية الرئيسية وهمومها وحاجاتها، طبقة الفقراء.
- رابعاً: علاقاته بالمخابرات الفرنسية والتركية والسعودية، عاملٌ سلبي يُشكّكُ بترتيبِ ولائه لسوريا.
- خامساً: عدم انخراطه الفعلي في العمل العسكري ضد النظام السابق، وحتى السياسي بفعالية في العواصم العالمية، أبعدهُ عن المنافسة على كرسي الزعامة.
كيف انشقَّ مُناف طلاس؟
كلّفهُ مستشارو بشار الأسد بالتفاوض مع المعارضة السورية منذ آذار 2011، اجتمع بعدة زعماء، وشاركَ من خلال علاقات عائلته التجارية بتسويات في الغوطة الشرقية حتى منتصف 2012 تقريباً. كذلك في مدينتهِ الرستن، وفي درعا ومدينة التل شمال دمشق. نجح أحياناً وفشلَ أحياناً أخرى، لكن في الحالين بدأ يكتسبُ نوعاً من الشعبية كضابط كبير بوسطية استثنائية. هنا بدأت الشكوك حول مخططاته المستقبلية، هل يتعامل بنزاهة أم يريد إثارة الشارع ضد بشار الأسد ولصالحه؟ ربما يسعى للإطاحة بالرئيس والجلوس مكانه، الدائرة الضيّقة هي التي ضاقتْ ذرعاً بمناف، وقد تكونُ قررت التخلّص منه، لأنّ المطلوب التدمير وليس التهدئة. حتى أنّ بشار الأسد وبأوامر “عائلية” امتنعَ عن مقابلة مناف طلاس. هنا طلبَ مناف ممن تبقى من عائلته المغادرة، لأنه قرر الرحيل مع أكثر من 20 ضابطاً وُضعت أسماؤهم على لائحة “التخطيط لانقلاب عسكري”.

دور سيّدة الشطرنج ناهد مصطفى طلاس
تُعتبرُ ناهد “العجة” أغنى إمرأة سورية حتى عام 2000، حسب رأي مركز فيريل، بينما تراجعت للمرتبة الثانية بعد ذلك، وتعرفون الأولى. عاشت بعد زواجها 1978 وهي ابنة 19 عاماً من أكرم العجة 61 عاماً، في باريس، ثم ورثت عنه مليار دولار بعد وفاته 28 تشرين الأول 1991، واستطاعت مضاعفة الرقم من خلال صفقات كبيرة، وعلاقاتٍ واسعة أولها مع Dominique André Strauss-Kahn، المحامي اليهودي الفرنسي رئيس صندوق النقد الدولي، علاقتها به بدأت بلعبة شطرنج كانت الفائزة بها. لتُلقّبَ بسيدة الشطرنج الغامضة، وتبدأ بمساعدة البنك الدولي بشراء أسهم وحصص شركات وشركات…
ناهد العجة أمنتْ وغطّت هروب مناف طلاس من دمشق إلى بيروت، ثم استنبول، ومنها إلى باريس الدائرة السادسة، وكانت الراعي الحقيقي لتحركاته بتنسيق بين المخابرات التركية والفرنسية، ليخرجَ وزير خارجية فرنسا شخصياً، Laurent Fabius، مُهنئاً بوصول مناف إلى “مضارب باريس” في 06 تموز 2012، حتى فرانسوا أولاند الرئيس الفرنسي بنفسه، خرجَ علينا في 17 تموز 2012، مؤكداً وصول مناف. هل أدركتم قوة ونفوذ العائلة وسيدة الشطرنج؟
أيام وطارَ مناف إلى السعودية، والتقى الزعماء هناك. ألقى خطبةً وكأنه سيزيحُ بشار الأسد في اليوم التالي، كان هذا بتاريخ 24 تموز 2012. لكنها لم تكن دموية والحقُّ يُقال، فالذي كتبها لهُ، خبيرٌ سياسي. من هذه الخطبة اقتطع بعضهم أجزاءَ على أنها حديثة وإنذارٌ للجولاني. مما وردَ: (أدعو إلى سوريا موحدة، سوريا جديدة. لا ينبغي أن تقوم على الانتقام أو الاستبعاد أو الاحتكار)
ماذا بعد يا مُناف طلاس؟
القول أنّ مناف طلاس سيزحف بـ5 آلاف مقاتل، ليزيحوا جبهة النصرة عن الكراسي في دمشق، قصة خيالية من ناحية العدد على الأقل.
مثلما وجدَ مناف داعمين إقليميين ودوليين، فالجولاني لديه أيضاً مَنْ يدعمه بما في ذلك أنقرة وتل أبيب. المقارنة بينهما تحتاجُ لمقالة أخرى، لكن ما يُقال عن مناف، لم نجد لهُ في مركز فيريل للدراسات أيّ دليل قوي على الأرض، اللهم إلا إذا كانوا يعملون في السرّ، وهذا لا يُستبعدُ عن سيدة الشطرنج الغامضة، فهل ستُفاجئنا ناهد من جديد؟. خاص بمركز فيريل للدراسات. 17.01.2025