لم ينتظر الرئيس الأميركي سوى ساعاتٍ قليلة كي يكشفَ عن وجهه الحقيقي، فهو عدو للصين، ويريد تفكيك الاتحاد الأوروبي، ويطلبُ من الدول التي تحميها جيوش الولايات المتحدة، دفعَ “الإتاوة” عن يد وهم صاغرون، وأولها السعودية. كل هذا قد لا يعنينا كثيراً، الأهم بالنسبة لنا موقفهُ من إسرائيل.
لم ولن يأتي رئيسٌ للولايات المتحدة الأمريكية يقف مع الحق الفلسطيني أو السوري أو اللبناني، أو على الأقل يكون حيادياً ويعمل على تحقيق السلام في الشرق الأوسط بحدوده الدنيا، لكنّ توقعاتنا تشير إلى أنّ ترامب سيكون أسوأ رئيس أميركي بالنسبة لبوصلتنا الدائمة… فلسطين.
حسب المعلومات التي نشرنا جزءاً منها سابقاً على صفحتنا على الفيس بوك، حول نقل السفارة الأمريكية إلى القدس:
https://www.facebook.com/Firil-Center-For-Studies-FCFS-369658720062314/?ref=bookmarks
https://www.facebook.com/369658720062314/photos/rpp.369658720062314/369756183385901/?type=3&theater
ونتابع هذه المعلومات هذا المساء، فقد علم مركز فيريل للدراسات من واشنطن، بأربع خطوات خطيرة ستقوم بها إدارة الرئيس الأميركي “قبضاي الحارة” دونالد ترامب، يُعطي فيها الكيان الصهيوني، ما لم يُعطهِ رئيس أميركي سابق.
الخطوة الأولى: لا لقيام دولة فلسطينية
هذا أحد أهداف الزيارة الهامة لرئيس الموساد الإسرائيلي “يوسي كوهين” ومعهُ مستشار الأمن القومي “يعقوب نيغل”، لواشنطن بتاريخ 20 كانون الثاني 2017. الصحافة الإسرائيلية وعلى لسان هاآريتس، قالت: “هدف الزيارة هو تنسيق النظرة السياسية بين البلدين، وخاصة السياسة تجاه الوضع الفلسطيني. حيث تبادل الطرفان الآراء والمعلومات لبلورة سياسة الإدارة الجديدة.”. هي سياسة جديدة تجاه الفلسطينيين، وتتضمن فصل غزة عن الضفة بشكل نهائي، وإقامة كانتون فيها شبه دولة، بدعم خليجي مادي، وهذه أول إتاوة ستدفعها السعودية وقطر. بالنسبة للضفة الغربية؛ لن تكون هناك دولة مستقلة، بل كيان فلسطيني مشتت، تحت الانتداب الإسرائيلي، وستتم شرذمته أكثر ببناء 4 مستوطنات ضخمة جديدة، تضم الواحدة 3000 آلاف وحدة استيطانية سكنية، ومن المفروض أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه اللحظة في طريقه لبريطانيا، والهدف تشكيل حلف مناهض لحل الدولتين، مكون من بريطانيا، ألمانيا، إيطاليا وفرنسا، هذه الجبهة ستتكون من اليمين القادم أو الحالي في أوروبا، لمواجهة سياسة الاتحاد الأوروبي الذي ينادي بحل الدولتين، إذاً: لا لحلّ ينصّ على دولتين.
الخطوة الثانية: دعم إسرائيل في ضرب حزب الله
أول إشارة لهذا التوجه ما قاله ترامب عن أنّ هدفه في سوريا إخراج إيران وحزب الله وداعش، إذاً “قبضاي الحارة” ساوى بين هذه القوات الثلاث، وهنا يظهر قبحُ سياسته القادمة. مصادرنا تقول: “سوف يدعم البيت الأبيض، سياسياً ولوجستياً وحتى عسكرياً، كلّ خطوة عدائية تقوم بها إسرائيل ضد حزب الله وضدّ الجيش السوري، سواء في لبنان أو في سوريا”. أي أنّه قد أعطي الضوء الأخضر لإسرائيل كي تضرب ما تراه يضرّ بقوة حزب الله والجيش السوري، دون العودة للبيت الأبيض ومهما كانت النتائج. كما أن تنفيذ عمليات إرهابية ضد أهداف للحزب داخل لبنان، سواء مدنية أو عسكرية، وبأيادٍ إسلامية، ضمن الخطة. ولم يستبعد مصدرنا أن تقوم إسرائيل بضربات لحزب الله بعد عمليات محدودة، تتم من جهة ما ضد الشمال الإسرائيلي، يُتهم فيها حزب الله. بالنسبة للجيش السوري؛ ستستمر إسرائيل بدعم المسلحين في منطقة الشريط الجولاني ومحافظة درعا، وهناك محاولة لقيام كيان مستقل من هؤلاء المسلحين ومع عدد من أقطاب المعارضة السورية السياسية، الذين زاروا إسرائيل، وجعله ينوب عن الشعب السوري في اتخاذ قرارات مصيرية بخصوص الجولان، لكن هذه المحاولة مازالت فاشلة ولا تلقى صدىً لدى صاحبي القرار في واشنطن… أخيراً؛ الاستمرار بعمليات قصف مواقع الجيش السوري داخل الأراضي السورية.
الخطوة الثالثة: نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس
كما تحدثنا سابقاً، أوكلَ ترامب هذه المهمة لصهره اليهودي جاريد كوشنر كبير مستشاري البيت الأبيض، الذي بدأ فعلياً مشاوراته لإنجاز هذا النقل بأسرع ما يمكن. سوف يبدأ التنفيذ الفعلي مع نهاية الربيع. هذه العملية تعني: “اعتراف أكبر دولة في العالم أنّ القدس عاصمة إسرائيل اليهودية”. أي سقطت عن هذه المدينة المقدسة كل صفة دينية أو قومية أخرى. وحسب معلوماتنا فإنّ السعودية وقطر وافقتا على ذلك، وتجري مشاورات مع الإمارات العربية المتحدة بهذا الخصوص. بعدها سيتم تسويق ذلك للشعوب العربية والإسلامية، بطريقة:
“خصوصية القدس الدينية، وضمان حماية الأماكن المقدسة الإسلامية برعاية دولية ـ سعودية.”.
وقد علم مركز فيريل أنّ أحد أهم أسباب زيارة الملك الأردني لواشنطن، هو أنّ الشرط السعودي للموافقة على الخطوة الأميركية؛ أن تكون الأماكن المقدسة في القدس تحت وصاية الملك السعودي باعتباره “خادم الحرمين”، أي ستُسحبُ وصاية الأردن. هنا جنّ جنون الملك الأردني عبد الثاني وطار إلى واشنطن فوراً، وهو أحد الخلافات الأردنية الخليجية الحالية، بالإضافة لخلاف سابق حول سوريا. وسوف تشهد القدس ومحيطها، حركة بناء مستوطنات جديدة وضخمة جداً خلال الفترة القادمة، والرقم الموجود لدينا هو 1200 وحدة استيطانية، وضم مستوطنات إدارياً، إلى مدينة القدس، يُقدر عدد سكانها من الإسرائيليين بـ 160 ألف مستوطن، فتصبح الأغلبية الساحقة لقاطني مدينة القدس من اليهود…
الخطوة الرابعة: ضرب إيران
التوق الإسرائيلي لضرب برنامج إيران النووي، يكاد يكون عشقاً لا حدود لهُ. هو حلم قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين أن يروا مفاعل بو شهر وقد مُسح عن وجه الأرض، ومعهُ عشرات المواقع النووية الإيرانية. حرب تشرين 1973 لقّنت إسرائيل أهم درس منذ تأسيسها 1948، وهو الضربات الاستباقية. فكرت القيادة العسكرية الإسرائيلية مراتٍ بعمل ذلك، لكنها عاجزة بالتأكيد عن القيام بهكذا هجوم لوحدها، لأسباب عديدة. وهي بحاجة لدولة عظمى كالولايات المتحدة. حتى هذه الأخيرة تتردد عن القيام بمغامرة غير مضمونة النتائج. لهذا نرى في مركز فيريل أن قيام إسرائيل بضرب إيران بشكل مباشر، احتمال ضعيف، والذي ستلجأ إليه هو ضرب إيران بالسعودية، عن طريق زيادة القدرة العسكرية للأخيرة، وتطوير برنامجها النووي، مع تحرشات عسكرية أميركية وإسرائيلية بالبحرية الإيرانية في البحر الأحمر والخليج، بانتظار رد إيراني، لكن الأهم؛ تصعيد التوتر بين السعودية وإيران… وما أسهل ضربَ المسلمين ببعضهم البعض.
نعم؛ ما أسهل ضرب المسلمين ببعضهم البعض، مليار مسلم نسوا فلسطين وأهلها، نسوا المسجد الأقصى والقدس، صمتوا على إهانات ترامب، وتركوا نساء وأطفال “الكفار” تتظاهر دفاعاً عنهم. والشيء الوحيد الذي تذكروه: “سوريا وجهاد النكاح وحور العين.”. وقريباً سنرى العلم الإسرائيلي خفاقاً فوق رؤوس الخليجيين، بعد أن غاب العلم السوري، لِمَ لا؛ فإسرائيل أقرب لهم من سوريا، وسفارات إسرائيل ستصبحُ القِبلة الجديدة في عواصم الخليج خلال 2017…
من مركز فيريل للدراسات هذه تحية لكل مقاوم أينما كان في هذا العالم، مازال يعتبر أن البوصلة هي فلسطين… فلسطين وفقط… فلسطين.
الكاتب: د. جميل م. شاهين. 05.02.2017
Firil Center For Studies. Berlin. Germany