لماذا الآن، وما وراء هذا الاستفتاء؟ وهل صحيح أنّ واشنطن تُعارضهُ؟ أسئلة تحمل في إجاباتها من فيريل خفايا بالغة الأهمية:
الأوامر جاءت من واشنطن، ومسرحية معارضتها للاستفتاء تافهة، فمصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل أن تبقى المنطقة مشتعلة، وهل هناك وقود أكثر اشتعالاً من الأكراد؟!!
موقف تركيا من الملف السوري انقلب رأساً على عقب، فعقدت شبه تحالف مع موسكو لحماية نظام أردوغان من واشنطن. خاصة وأنّ فشل أنقرة في سوريا، سيجعل رأس حاكمها تحت السيف، وما عقد صفقة إس 400 واتفاق الأستانا، روسي الإعداد والإشراف، إلا صفعة كبيرة لسياسة واشنطن، لهذا تم تحريك موضوع أكراد شمال العراق للجم تركيا.
الانفصاليون الأكراد في سوريا لم يُثبتوا حتى الآن جدارتهم في كونهم مطية يمكن الوثوق بركوبها، فقطع الممر من جرابلس حتى الباب، ودخول الجيش السوري ومعه الروس محافظتي الرقة ودير الزور ومنبج والروس لعفرين، لهذا كله اتجهت واشنطن نحو أكراد العراق لتقويض السياسة التركية المتمردة.
محاولة الأكراد تثبيت السيطرة على كركوك النفطية وبقية المناطق التي سيطرت عليها عصابات البيشمركا، بعد غزو العراق 2003، لتكون ضمن النفوذ الصهيوأمريكي بشكل مطلق.
إخراج إيران من شمال العراق، حيث تتمتع طهران بتواجد اقتصادي كبير وعلاقة قوية مع حزب جلال الطالباني، وهذا يعني أن واشنطن تريد نفوذاً مطلقاً في العراق، وتقليص دور إيران فيه إلى أبعد الحدود. تمهيداً لجعله قاعدة جديدة لها في الشرق الأوسط، بترحيب شعبي من بعض مكوناته، التي باتت تنظر لواشنطن مخلصة لها من السطوة الإيرانية.
زجّ الحشد الشعبي في منازعات عسكرية، لتتفرغ واشنطن للموصل والأنبار المحاذيتين لسوريا، كي تسيطر على الطريق البري بين إيران وسوريا ولبنان، ويكون تحت نفوذ عملائها وإشرافها المباشر.
منع الروس من التمدد لشمال العراق، حيث بدأت روسيا بالدخول من البوابة الاقتصادية لشمال العراق من خلال كبرى شركاتها الغازية والنفطية.
التركيز على النزعة الطائفية والعرقية، كعامل يؤجج النيران في بلاد الرافدين، فكلما كانت النيران أشد اشتعالاً، بقيت الحاجة لبقاء واشنطن…
زيادة نفوذ إسرائيل والصهيونية بشكل كبير ومعلن شمال العراق، هو هدف أساسي خاصة مع تأييد تل أبيب للاستفتاء، هذا سيعطيها قبولاً كبيراً من خلال مجاراة المشاعر القومية للمكون الكردي، وسيزداد حضور الصهاينة بقوة هناك كحليف شعبي وسياسي، وهنا تحقق أحلام اليهود بالعودة إلى أرض السبي البابلي الممتد من شمال العراق حتى غربه وجنوبه، بغطاء شعبي كردي في الشمال، وبقواعد أمريكية في الأنبار والموصل، وبقواعد بريطانيا في الجنوب، وتهيئة شعبية يتم الإعداد لها من قبل مناهضي إيران هناك من تيارات دينية وشخصيات عربية، والهدف إيجاد غطاء لتواجد اليهود بشكل مباشر في أرض أور ومملكة بابل وأعالي الفرات في الفلوجة و عانة وهيت، حيث تم كتابة التلمود اليهودي البابلي الموسع شريعة الصهاينة.
تشكيل تحالف سياسي عريض موالٍ لواشنطن، يقوّض النفوذ الإيراني، وقد بدأت ملامحه تتضح، وهي لعبة فك وتركيب مكونات العملية السياسية بناء على المصالح الطائفية والعرقية لمرحلة ما بعد داعش…
هناك استعجال أميركي ببسط نفوذ كبير في العراق قبل إعلان النصر السوري النهائي، والذي سيقوض سلطتها من خلال توجه حلف المقاومة للعراق، والذي سيكون من ضمنه الملف الكردي…
القادم على العراق لا يُبشر بالخير إطلاقاً… سيكون ساحة صراع مستمر، آخرها جعل صراع بين حلف أنقرة طهران الدوحة، وبين حلف الرياض القاهرة عمان أبوظبي. أما البداية فهي حرب الشمال مع الأكراد التي قد تبدأ بأية لحظة، هذا لا يعني أن واشنطن استسلمت في سوريا… لا… هناك معطيات كثيرة تجعلنا نقول أن البداية هي في الشمال العراقي، ولن تعرف المنطقة هدوءاً، فحلف الشرق من بكين إلى موسكو يبسط سيطرته فهل ستكون هناك حدود مشتركة بين الأعداء؟ إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. زيد م. هاشم.