ميركل فازت لكنها خسرت! ما مصير السوريين في ألمانيا؟

هو فوزٌ بطعم الخسارة، وميركل ربحت الانتخابات لكنها لم تربح! وعليها تشكيل ائتلاف حاكم متناقض غير مستقر لتشكيل حكومة، لا نتوقع لها في مركز فيريل النجاح والدوام.

خسارة ميركل الكبرى كانت بتصويت قرابة المليون ناخبٍ من حزبها ضدها ولصالح مَنْ؟ لصالح اليمين الألماني، هو حزب البديل من أجل ألمانيا Alternative für Deutschland، الذي فاجأ الجميع رغم أننا توقعنا ذلك من خلال استطلاعات الرأي، هذه الاستطلاعات التي ترفض الأخذ بها وسائل الإعلام الرسمية، وها هي تصبحُ حقيقة وعلى الدولة الألمانية الاعتراف بها. حصد حزب AfD الذي تأسس عام 2013، 13,4% من أصوات الناخبين وبالتالي 94 مقعداً في البرلمان، أي سيدخلُ حزبٌ يميني البرلمان الألماني لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، فأيّ فوزٍ هذه يا ميركل!.

صحيحٌ أنّ الحزب الديموقراطي المسيحي وهو حزب ميركل، الأكبر في البرلمان بحصولهِ على 33%، لكنه أدنى مستوى له من التأييد الشعبي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. كذلك كان وضع ثاني الأحزاب وهو الحزب الديمقراطي الاشتراكي، الذي سجّلَ  أسوأ نتيجة له منذ عام 1949 بـ 20,6%… بحساب بسيط نجدُ أنّ 49% من الناخبين الألمان سئموا الحزبين الحاكمين وصوتوا لباقي الأحزاب، ويُسمونهُ فوزٌ!!

شطر ألمانيا سياسياً بسبب سياسة ميركل وشولتس

سبق وأن حذرنا من حرب أهلية في ألمانيا، راجعوا المقالة. فهل هذا نذير شؤم؟ الحزب الديموقراطي الاشتراكي SPD أعلن أنه بات في صفوف المعارضة، وبذلك انقسم البرلمان، وعلى ميركل  تشكيلُ ائتلاف من الحزب الديمقراطي الحر FDP وهو حزبٌ أيضاً خاسر، ومن حزب الخضر، وحسب رأي مركز فيريل: (ائتلاف يجمع ثلاثة أحزابٍ متناقضة الأهداف والمبادئ، لن يُعمّرَ طويلاً… هذا إن تشكّلَ). ونحن نرى أن حركة الحزب الاشتراكي هي مناورة سياسية لرفع سقوطه الكبير قليلاً، وقد يتراجع عن أن يكون في صفوف المعارضة بقليل من الإغراءات التي قد تقدمها ميركل له في الحكومة القادمة.

المرأة الأقوى في العالم، بانت عليها الحسرة والقلقُ وهي تخطبُ بجماهيرها، عندما قالت: (بالطبع كنا نتمنى نتيجة أفضل قليلاً… أنا سعيدة لتحقيقنا الأهداف الإستراتيجية لحملتنا الانتخابية.. نحنُ أقوى حزب ولدينا التفويض لتشكيل الحكومة المقبلة). أية حكومة وهو “تفويضٌ” وليست أغلبية يا ميركل؟!

أمام ألمانيا حلّ من اثنين: أن تشقّ صفوف حزب البديل من أجل ألمانيا، أو أن تنشقَّ ألمانيا نفسها…

اليمين الألماني يقود العالم، فماذا عن اللاجئين السوريين في ألمانيا؟

كي نعلم مدى خطورة الوضع، وقوة الأحزاب اليمينية الصاعدة في أوروبا عامة وألمانيا تحديداً، يجب أن نلاحظ:

أولاً: الإعلام الأوروبي والألماني يحاول دائماً التقليل من أهمية هذه الأحزاب شعبياً، وأنها منبوذة ومُحاربة، ولا تتم تغطية الأحداث الخاصّة بها، أي؛ حرب إعلامية كبيرة ضدها، بما في ذلك حزب AfD.

ثانياً: حسب معلومات مركز فيريل، ميزانية حزب ميركل تعادل 83 مرة ميزانية حزب AfD، هل تخيلتم الرقم؟! ورغم ذلك نجح هذا الحزب باختراق المجتمع الألماني، وهذا يدل على أنّ الشعب الألماني سئمَ سياسة الحكومات المتعاقبة، وخاصة؛ استقبال اللاجئين بدون شروط.

من خبرتنا بالسياسة الألمانية، ما يحدثُ في ألمانيا سينعكس فوراً على باقي الدول الأوروبية، وصعود اليمين يعني جرعة قوية لباقي الأحزاب اليمينية الأوروبية، فألمانيا تقود أوروبا في كلّ شيء، ومنها نشأت الأحزاب اليمنية في العالم، والتشبّهُ بهتلر بشكل أو بآخر يجري حتى في الولايات المتحدة، فإلى أين المسير؟

لن تستطيعَ ميركل المضي بسياسة الانفتاح على اللاجئين بعد اليوم، ومصيرهم بات شبهَ محسوم: (العمل أو المغادرة) هذا مبدئياً. الشعار الذي سيتم تطبيقه ليصبحَ قانوناً، خلال الشهور القادمة هو: (لا لجوء بعد اليوم في ألمانيا). المسموح فقط هو اللجوء السياسي، أما أن يدخل لاجئون يسعون للحصول على مكاسب مادية ولأسباب اقتصادية، فقد انتهى.

تحدثنا سابقاً مراتٍ عن مصير اللاجئين السوريين خاصة، وما علمه مركز فيريل من سياسيين ألمان، أنّ:

  • عملية لمّ الشمل ستُرحّلُ شهوراً، ويتم تقييدها وتأخيرها بشكل كبير، وأيّ قرار لصالح اللاجئين سيلقى معارضة في البرلمان.
  • تشديد عملية الاندماج وتعلّم اللغة والعمل الإلزامي للاجئين، أي أنّ جلسات المقاهي والأركيلة والوقوف أمام أبواب المساعدات الاجتماعية… ولّتْ إلى غير رجعة.
  • حسب ما أفادنا به مسؤول ألماني؛ تجديد الإقامات سيكون محدداً بالأشخاص الذين يعملون، ولا يتلقون مساعدات اجتماعية. أما أصحاب الإقامات المؤقتة، فسيتم وضعهم على لائحة الترحيل. تمّ ترحيل عشرات الآلاف من الأفغان والألبان، اللاجئون السوريون أصحاب الإقامات (سنة واحدة) أو الذين رُفضت طلبات لجوئهم، فستبدأ مناقشة ترحيلهم قبل نهاية العام 2017.
  • إلزام المسلمين في ألمانيا باحترام القوانين، تحديداً ما يخصّ المرأة، وتشديد معاقبة الزواج المُبكر وتعليم الفتيات، ومحاربة المظاهر الدينية الإسلامية بما في ذلك الحجاب، وهو مطلبٌ أساسي لدى حزب AfD، ولا نُخفيكم سراً إن قلنا أنه من مطالب بعض أعضاء حزب ميركل… لكنهم لا يتجرؤون على القول علناً…

ألمانيا أمام امتحان صعبٍ، وميركل بحاجة للحظ والصلاة كي تستمر بحكومة “عكاكيز”. التوترات بدأت وستترافق مع مظاهرات خلال الفترة القادمة ضد حزب AfD، لكنّ… قوة 1000 متظاهر لا تُعادل قوة يميني ألماني واحد… والأيام قادمة… الدكتور جميل م. شاهين. مركز فيريل للدراسات. 25.09.2017

مقالة ذات صلة

مركز فيريل للدراسات يُحذّر من حرب أهلية في ألمانيا! د. جميل م. شاهين Firil Center warnt vor einem Bürgerkrieg in Deutschland