عبر تاريخهم القديم والحديث، تقلّبَ الانفصاليون الأكراد وتنقلـوا بين أحضان دول وممالك عديدة، عسى أن يكون لهم وطن يقتنصون فيه أراضٍ من دول مجاورة، لكنهم كانوا دائماً يعودون بخفي حُـنين.
على فرض أنّ ما قالهُ المؤرخ محمد أمين زكي صحيح، وأنّ الميديين أجدادهم، فقد تحالفوا مع الفرس للقضاء على الآشوريين وأقاموا آخر مملكة لهم 612 قبل الميلاد، لكن الملك الفارسي كورش وبعد أن انتهت مهمتهـم، قام بسحقهم عام 500 قبل الميلاد، ومنذ ذلك الحين لم تقم لهم قائمة.
لا يمكننا اعتبار مملكة كوردوخ، 189 قبل الميلاد، أكثر من إقليم مستقل وليس بمملكة، علماً أن المؤرخ محمد أمين زكي نفسهُ يُشكك بأصول شعب كوردوخ ويقول عنهم هنودوأوروبي.
ثم بدأت سلسلة طويلة من تأسيس إمارات ودويلات شمال غرب إيران وشرقي تركيا، دويلات تتصارع فيما بينها وتتحالف مع الإمبراطوريات القائمة، فتقوم هذه الإمبراطوريات باستغلالهم وخداعهم ثم القضاء عليهم، فتزول هذه الدويلات في فترات قياسـية تنفعُ أن تدخـل موسوعة غينيس للأرقام القياسية في سـرعة نشـوء وزوال دويلة. اليوم وبعد عشرات التجارب الفاشلة، ما زال الإنفصاليـون الأكراد يقعـون بنفس الحفرة، ولن يتعلموا. يكررون نفس الأسلوب، وكأن التكرار شــعارهم!! ويحصدون نفس النتائج الكارثية على شعوبهم البسيطة.
ما حصل في عين العرب ورأس العين والحسكة وما يحصل في القامشلي وفي الجزيرة السورية، هو حلقة جديدة ضمن مسلسلهم الطويل، الفارق أنّه مسلسل بسيناريو تكتبه عدة دول، وسيكون من الصعب عليهم اتخاذ القرار؛ بأيّ حضـن سينامون هذه المرة؛ بحضن واشنطن، برلين، موسكو، تل أبيب، الرياض، باريس…
صوّروا لنا عصابات البشمركا، أنها رامبـو، فإذ بهم أضعف من أن يدافعوا عن غرف نومهم. تحدثوا عن أخلاق الأشايس، فإذ بهم أحـطّ من الدواعش، أما وحدات الحماية فغاياتها مفضوحة. زوّروا التـاريخ وخدعـوا شـعوبهم الساذجة، فأصبحت دولتهـم بمساحة 722 ألف كلم مربع، وأمجادهـم تتفوّق على بابـل وحضارتهـم تسبق الفراعنة. سرقوا حتى علَمهـم من الآشوريين، بـل ليـس لديهـم علَم واحـد ولكلّ حزب ومجموعة وقرية علَـم مختلف، لغاتهـم الأربع مسروقة من باقي اللغات، ليس لديهم حرف لغوي يخصّهـم، فهم يكتبون تارة باللاتينية أو بالعربية أو بالآرامية المعدّلة، زوّروا وجودهـم في سـوريا، فأصبحت القامشلي وعين عرب مربط خيلهـم. كلمـا اجتمـع خمسـة أسسوا حزبـاً، ونصّبـوا لهـم زعيماً، زعيمٌ هو الأسـوأ بينهـم، حتى باتت مشكلة الأكراد الرئيسـية بكثرة وتدني أخلاق زعمائهـم…
لمَـنْ لا يعلـم؛ أنشئت عين العرب عام 1892، أثناء بناء السكة الحديدية فيها من قبل شركة ألمانيـة. وأول مَـنْ سـكنها هـم الأرمــن والسريان، وآخر مَنْ دخلها هم الأكراد عام 1921. أمّـا القامشلي؛ فقد بناهـا الفرنسـيون عام 1921 وأنشأوا فيها قاعـدة عسـكرية لهم، لمرور ســكة حديد حلب – نصيبين أو ما يسمى “خط حديد طوروس” فيها. وتم لاحقـاً تخطيطها يوم 20 آب 1926 من قبل الملازم أول الفرنسي “تيرييه”. وكانت بالأصل مقبرة لسكان مدينة نصيبين السـريان. أكرر: مدينة نصيبين السريانية،والقامشلي كمدينة عمرها 95 عامـاً فقط، وكان يسكنها السريان والأرمن واليهـود فقـــط.
يتمّ اتهـام العثمانيين لوحدهـم بالمجازر المريعة بحق الأرمن والسريان والآشوريين، لكنّ الحقيقـة تقول: الإنفصاليـون الأكراد كانوا رأس الحربة وهم الذين ذبحوا مئات الآلاف ورموا جثثهم في دجلة، ابتداءً من عـام 1842 حتى 1915، حيث قام أجداد البرزاني وغيرهم من زعمائهـم الحاليين وبايعاز من حزب تركيا الفتـاة 1914، بالهجوم على قرى آشورية في سهل آرومية وحرقها بمن فيها، وتابعوا جرائمهم في طور عابدين وديار بكر وغيرها، بعدهـا دخل الإنفصاليون عبيـد العثمانيين، سـوريا وراحوا يحتـلون قُـرى الجزيـرة السورية، قرية وراء الأخرى بطريقـة صهيونيـة، بينمـا الحكومـات السورية المتعاقبة تتفرّج فاغـرة الفـم.
الإنفصاليـون الأكراد أسـوأ من الدواعش، وكـلّ ما فعلتـهُ داعش من تقطيع رؤوس واغتصاب وسرقة ونهب، سـبقها إليه الإنفصاليـون زمنيـاً وعدداً وتزويراً. ولئـن كـان الكثيرون يدارون عن فضحهـم فلستُ منهـم: الإنفصاليـون والعصابــات الكرديــة هـم المسؤول المباشـر عن مجـازر الأرمن والسريان والآشـوريين والعرب، وحفداؤهم اليـوم؛ بما في ذلك البشمركا، الأسايش، وحدات الحمايـة، قوات سوريا الديموقراطية، وكافـة فصائلهـم المسلحة، هـم أسـوأ من داعش، ومستعدون للعق أحذيـة أيّ دولــة تعطيهـم وعداً بإقامــة وطـنهم الموعــود في أدمغتهـم العنكبوتيــة.