تأتي قمة دول مجموعة العشرين التي تعقد الجمعة والسبت في الأرجنتين، وسط عواصف تعصف بالعالم، وتوترات بين الزعماء المشاركين.
منافسة بل صراع نفوذ بين موسكو وواشنطن، وحرب تجارية وتحرشات عسكرية بين واشنطن وبكين، تسخين في أوكرانيا وإيران، عدم وضوح في سوريا، اليمن وليبيا… واستغلال لمصرع خاشقجي… بالإضافة لمسألة المناخ والعقوبات الأميركية والضرائب والهجرة…
مجموعة العشرين هي منتدى تأسس بتاريخ 25 أيلول عام 1999 في واشنطن، بعد اجتماع وزراء المالية لمجموعة العشرين، وذلك بسبب الازمات المالية والمصرفية التي عصفت بالاقتصاد العالمي في فترة التسعينات، وضرورة وضع آليات عمل لمعالجتها عبر الحوار المباشر.
يُمثل هذا التجمع أكثر من 70% التجارة العالمية الخام وثلثي عدد سكان العالم، ويُنتجُ 90% من المواد الخام. يشارك في اجتماعات القمة رئيس صندوق النقد الدولي ورئيس البنك الدولي، ومؤسسة بريتون وودر وتضم في عضويتها مجموعة الثمانية، بالإضافة لـ 11دولة من بلدان العالم النامي والاتحاد الأوروبي هو العضو رقم 20.
جدول أعمال القمة الثانية عشر بيونس آيرس
تُعقد هذا القمة للمرة الأولى في امريكا اللاتينية، الأرجنتين، بطلب من رئيسها موريسيو ماكري، ودعم كامل ومعلن من الرئيس الامريكي دونالد ترامب. مصادر القصر الرئاسي الارجنتيني “كاسا روسادا” تقول أن الرئيس ماكري وطاقمه الاقتصادي وضعا الخطوط العريضة لجدول أعمال القمة، وحددا النقاط الأساسية والمحورية التي تساعد بلاده للخروج من أزمتها الاقتصادية التي تعاني من الكساد والتضخم وتراجع النمو الاقتصادي والاستثمار، وتزايد أعدد الفقراء والبطالة.
مصادر إعلامية أكدت لنا أن الرئيس ماكري سيخصص وقتا كافياً لعقد اجتماعات ثنائية لرؤساء الدول والوفود؛ مانويل ماكرون، أنجيلا ميركل، دونالد ترامب، فلاديمير بوتين، الرئيس الصيني شين بينغ جين، الهندي نريندار ودي، الياباني شين ذو ابي، كوريا الجنوبية مون جاي ان، والسعودية ولي العهد محمد بن سلمان. الهدف الاستراتيجي من هذه اللقاءات، تعزيز العلاقات الثنائية على المستوى التجاري وتشجيع فرص الاستثمار بين الأرجنتين والدول الأعضاء. مصادر القصر الرئاسي ووزارة الخارجية تؤكد أن انعقاد القمة في العاصمة الارجنتينية مهم للغاية على طريق الانفتاح وعودة الارجنتين إلى العالم من جديد، مع جميع الدول ذات التوجهات اليمينية أو اليسارية، وتستعد الحكومة لتوقيع 100 اتفاق للتعاون التجاري والاقتصادي، وتعزيز الاستثمار.
اجتماع هام سيكون بين الرئيس الارجنتيني والأمريكي، وكذلك مع الروسي والصيني.
تعملُ حكومة الرئيس ماكري على تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة تجارياً وتعزيز فرص الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة، وسوف يعلن الرئيس الأمريكي دعمه الكامل لحكومة ماكري التي تواجه تحديات سياسية واقتصادية، وسيكلّف الرئيس الارجنتيتني بجر حصان القافلة اللاتينية وراءه، ضد حكومة الرئيس نيقولاس مادور في فنزويلا.
وزير الخارجية الأرجنتيني خورجي فاوري أكد أن اجتماعات واشنطن بين السفير الارجنتيني اوريس روا مع رجال اعمال ومستثمرين امريكيين كانت مشجعة جداً، لجهة تدفق الاستثمارات الامريكية الخاصة قطاعي “الطاقة والنفط” جنوب البلاد، وسوف يعلن عن ذلك الرئيس ترامب في نهاية اجتماع القمة، إضافة إلى إعلان الدعم الكامل لخطط الحكومة الارجنتينة في عملية الاصلاح الاقتصادي التي تقوم بها، لخفض العجز التجاري في الموازنة العامة للدولة وتطبيق سياسة التقشف والوفرة في جميع القطاعات والخدمات العامة.
لا لقاء أميركي مع ولي عهد السعودية، ودعوى للتحقيق معه في الأرجنتين
في مؤتمر صحفي عقد اليوم في البيت الابيض قال جون بولتون مستشار البيت الابيض للامن القومي، أن ترامب لا يخطط لعقد لقاء رسمي مع ولي عهد السعودية لاكتمال جدول أعماله!!
المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز قالت: “سيجري الرئيس والوفد المرافق محادثاتٍ مع العديد من القادة، منهم رئيس الأرجنتين وروسيا واليابان والمستشارة الألمانية، وعشاء عمل مع الرئيس الصيني أعتقدُ أنه سيخصص لمنع وقوع حرب تجارية بين البلدين.
سيحاول الرئيس الأرجنتيني التخفيف عن كاهل ولي العهد السعودي بعدم لقاء ترامب، فيلتقيه لبحث العلاقات التجارية والاقتصادية من خلال اتفاقات أهمها اتفاقية التعاون الاقتصادي الفني الموقعة عام 1981، حيث تصدر السعودية للأرجنتين المنتجات النفطية والتمور وتستورد منها منتجات زراعية، الميزان التجاري يميل لصالح الأرجنتين. على خلفية مقتل خاشقجي وحرب اليمين والوضع الحقوقي للمرأة السعودية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، تقدمت اليوم منظمة هيومن رايتس ووتش بشكوى قضائية أمام المحاكم الفيدرالية، المدعي العام راميرو غونزاليس دعا للتحقيق بالمعلومات والمعايير الدولية للمسؤولية الجنائية ضد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بموجب الدستور الأرجنتيني الذي يعترف بالولاية القضائية الدولية ضد جرائم التعذيب والقتل وانتهاك حقوق الانسان وجرائم الحرب ضد الانسانية… مصادر مطلعة تؤكد لنا أنه من الصعب أن تقوم المحاكم الارجنتينية بالتحقيق بمثل هكذا قضايا حرصاً على انجاح القمة والعلاقات الاقتصادية بالسعودية. الشكوى سيكون لها تأثير معنوي وإعلامي على صعيد الرأي العام.
اجتماع ثنائي يضم الرئيس الارجنتني والصيني المقرر عقده الأحد القادم، سيتم التأكيد على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين لجهة زيادة حجم الصادرات الزراعية الأرجنتينية للصين، مع تشديد الصين على أهمية فتح مكتب “مخبر” صحي صيني في بيونس آيرس، لمراقبة الصادرات الزراعية، بالإضاقة لتوقيع اتفاق للتعاون العلمي والتكنولوجي والدفاعي العسكري. لكن الملف الأكثر جدلا وصعوبة هو التعاون النووي، حيث تركزُ بكين على بناء مفاعل نووي صيني بتكنولوجيا صينية، مع بعض الاعتراضات الأرجنتينية من قبل وزير الطاقة ووزير الاقتصاد لجهة القرض المقدم من الصين لهذا الغرض، بقيمة 9,000 مليون جوان صيني، لذلك فالكلمة الاخيرة ستكون للرئيس الأرجنتيني.
العلاقات الأرجنتينية الروسية، تعمل الدبلوماسية الارجنتينة لتعزيزها في كافة الصعد والمجالات، خاصة زيادة الصادرات الزراعية في ظل العقوبات الامريكية الاوروبية ضد روسيا، مع توجه روسي لتوقيع اتفاق التعرفة الجمركية لجهة تحفيف الحواجز الجمركية بين البلدين، حيث يميل الميزان التجاري لصالح الارجنتين مع توجه ارجنتيني لتوقيع اتفاق في مجال الابحاث الفضائية للقمر الصناعي الارجنتيني الروسي ” ار- سات”، وبعض الاتفاقات البحرية، أيضا وفي مجال الاتصالات والإعلام والمعلومات. تشهد العلاقات الارجنتينية الروسية تحسنا ملحوظا منذ حوالي 15 عاماً.
يعقد الرئيس الارجنتيني اجتماع عمل مع رئيس وزراء اليابان، لتعزيز وتطوير وتوسيع العلاقات المصرفية والقروض بين المصارف، وقطاع النقل والسيارات والسياحة والطاقة.
العلاقات البريطانية الأرجنتينة الحساسة، من المقرر أن تجتمع رئيسة وزراء بريطانية تيريزا ماي مع الرئيس الأرجنتيني، لبحث قضايا عالمية واقتصادية وتجارية، بالإضافة للتعاون الامني ومحاربة الفساد والارهاب، مع تحاشي الموضوعات الخلافية وعلى رأسها “جزر مالفيناس” المحتلة من قبل الاستعمار البريطاني منذ عام 1884 . كانت قد ساهمت شركة الملاحة البحرية البريطانية “اوسيان انفينتري” بالعثور على الغواصة الحربية “ارا – سان خوان ” التي فقدت في مياه المحيط الأطلسي العام الماضي بمنطقة “كومدور ريفيدافيا” جنوباً بعمق 900 م وراح ضحيتها 44 بحاراً أرجنتينياً، وقد تساهم هذه المساعدة بتلطيف الاجواء بين البلدين.
بريطانيا والاتحاد الأوروبي
موافقة البرلمان الاوروبي على خروج بريطانيا من الاتحاد سيكون ملفاً ثقيلاً تحمله ماي إلى القمة، وسيكون هناك جدل كبير حوله في مجلس العموم البريطاني لجهة المصادقة عليه، أو إعادة الاستفتاء من جديد أو حتى الدعوة لانتخابات مبكرة، تطيح بماي لترافق ميركل…
على هامش قمة العشرين الثانية عشر، من المقرر أن يجتمع الرئيس ماكري مع رئيس الوزراء الهندي لبحث مجال الاستثمار في قطاع المعلومات وزيادة صادرات الارجنتين الزراعية للهند. لقاء أيضاً مع الرئيس الفرنسي مانويل ولقاء مع المستشارة الالمانية.
