تتصاعد تهديدات قادة إسرائيل لإيران، خاصة مع مسرحية نتنياهو الأخيرة حول نووي إيران، تلك المسرحية لم تتجاوز مسرحيات كيماوي دوما وخان شيخون الفاشلة إخراج وبطولة وسيناريو، والذي يتفوق عليه حتى مسلسل “باب الحارة”. ترتفعُ مع هذه التهديدات وتيرة الشحن الإعلامي عالمياً، حتى يُخيّلُ للمرء أن الحرب الكبرى بين تل أبيب وطهران ستقعُ قبل اتمام قراءة هذه المقالة! فهل تستطيعُ إسرائيل مواجهة إيران عسكرياً؟ بتعبير آخر؛ هل تتجرأ على قصف طهران لوحدها؟
إسرائيل وإيران عسكرياً
ببساطة، تتفوق إيران على إسرائيل عسكرياً، وبالترتيب الأميركي، وتحتل المرتبة 13 بينما تحتل إسرائيل المرتبة 16… التفوق الإسرائيلي الوحيد هو في سلاح الطيران وهذا لا يكفي.
كحد أقصى، يستطيعُ الطيران الحربي الإسرائيلي توجيه ضربة جوية لبعض القواعد الإيرانية، ويخسر بضعة طائرات “بعطل فني”، حتى هذا لا يمكن أن يحدث دون مساعدة دول أخرى، فعلى الطائرات تلك قطع مسافة قد تصل إلى 4000 كلم إن أقلعت من المطارات الإسرائيلية، وهنا ستحتاج F15 مثلاً لخزانين أو ثلاثة من الوقود الإضافي، ويجب أن تمر فوق أكثر من دولة، فما هي الدولة التي ستغامر بعدائها لإيران؟
الأردن تفعلها وهذا غير كافٍ. تركيا لن تسمح ليس عشقاً لطهران بل تجنباً للغضب الإيراني، السعودية تفعلها لكنها ستفتح باب الحرب علناً ضدها، سواء كانت مباشرة أو في مناطق أخرى، كما أن الطريق الجوي السعودي طويل ويتجاوز 4500 كلم.
الطريق الأقصر هو عبر الأردن إلى شمال العراق ثم جنوب طهران، وهذا يعني مسافة تقارب 3200 كلم على الأقل، وتحتاج الضربة لأكثر من 50 طائرة ومساندة أميركية عبر قواعدها في الأردن والعراق وسوريا، فهل ستمر صامتة دون أن يكشفها أي رادار؟
إذاً؛ إسرائيل عاجزةٌ عن توجيه ضربة جوية لإيران لوحدها أو بتسهيلات من الدول المجاورة، هذا على فرض أن إيران تلقت الضربة ثم اكتفت بالإدانة.
هل حصلت تل أبيب على موافقة واشنطن والغرب؟
يُدركُ نتنياهو وقادة حربه أنهم أصغر من حرب مباشرة مع إيران، وعليهم طلب مساعدة من الناتو وعلى رأسهِ واشنطن… واشنطن تتمهل وتتردد لما بعد منتصف أيار، لتمرير عدة استحقاقات منها الانسحاب من الاتفاق النووي، ونقل سفارتها إلى القدس، وبعدها لكل حادث حديث.
أوروبا تُعارض أية ضربة لإيران أو حتى الانسحاب من الاتفاق النووي، السبب أنها لا تريد تصعيداً جديداً ينعكس سلباً على اقتصادها، فأسعار البترول ستقفز بشكل جنوني، وهذا يزيد من متاعب الاتحاد الأوروبي الذي لم يخرج بعد من نكسة BREXIT بعد، وقد لا يخرج نهائياً.
موسكو بالتأكيد تُعارضَ قصف حليف هام لها، وستساعد طهران إن حصل، لكن من المُستبعد أن تتدخل عسكرياً، إلا إذا بات الناتو على بحر قزوين…
معظم الدول العربية تتمنى أن تُقصفَ إيران، وهم مستعدون لدفعِ ثمن ذلك أضعافاً، فخطة الولايات المتحدة ببث الطائفية ناجحة بجدارة، وأسوأ تعبير عندما يقول أحدهم “البعض”، لا يا صديق البعض؛ الغالبية غُسلت جدران جماجمها جيداً بالديتول وباتوا يكرهون “الفرس” ويعشقون إسرائيل، والفضلُ يعود لسيطرة التيار الديني حتى على قنوات أفلام الدعارة…
المؤيدون لضرب إيران معروفون؛ السياسيون الهاربون من مشاكلهم الداخلية وأولهم نتنياهو وترامب نفسهُ وتيريزا ماي الصامتة، وهؤلاء لا قيمة لهم عسكرياً، هم يؤتمرون من الذين يقفون وراء الكواليس… الذين يقفون وراء الكواليس يريدون أي حربٍ تخلق الفوضى في العالم، وهنا بيت القصيد.
روسيا استوعبت التحرشات العسكرية، وردت بتهديدات خفية، يراها العامة صمتاً وضعفاً، وبما أنّ الناتو أضعف من أن يشن حرباً ضد روسيا حالياً على الأقل، إذاً فلنُقلّم أظافر الدب بضرب حلفائه وأولهم طهران.
قرار الحرب ضد إيران صار جاهزاً، الباقي هو التفاصيل
في الكواليس اتخِذ قرار ضرب إيران اقتصادياً وعسكرياً، ولكن الخطوات لم تنتهِ بعد… المتداول وحسب ما علمه مركز فيريل للدراسات، زيادة الضغط الاقتصادي بعقوبات أوسع، وتحريك الشارع الإيراني، مع تفاقم الشحن “الإسلامي الطائفي” ضدها، وهل هناك أسهل من الشحن الطائفي بين صفوف القطعان.
ما نراهُ في مركز فيريل للقادم على إيران هو:
-
عقوبات اقتصادية كبيرة، وحصار اقتصادي خانق.
-
تحريك الشارع الإيراني والسبب الأساسي اقتصادي يتحول لسياسي، مع تحريك الخلايا الإرهابية النائمة بعمليات مختلفة.
-
استعدادات سياسية وعسكرية إضافية من المحيط إلى الخليج، ووضع الجيش السعودي كرأس حربة، طبعاً مع تحفظنا على عبارة “الجيش السعودي”. كتوجيه ضربة صاروخية يمنية (إيرانية) كبيرة لمدينة سعودية، وتمثيلية لمقتل مئات المدنيين… أو اتهام طهران بعملية إرهابية في “جزر سليمان”!!
-
كي يستطيع الناتو الانتصار بشكل ساحق على إيران، عليه توجيه ضربة كبيرة تشاركُ فيها قوات تتجاوز ما حصل في 15 كانون الثاني 1991، وهذا حالياً غير متوفر، وعليه حشد المزيد في الشرق الأوسط ودول الخليج. أما أن تضرب واشنطن بصواريخ بعيدة المدى، فهذا أمر فاشل عسكرياً.
هل يمكن أن ترتكب إسرائيل حماقة عسكرية؟
أن تقوم إسرائيل لوحدها بقصف إيران، ودون موافقة ومساندة عسكرية كبيرة من واشنطن، هذا أمر مستبعدٌ. لكن أن تفعلها تل أبيب لجرّ الناتو معها، هذا وارد، وهو يُشبهُ سلوك طفل مُدلل يطلبُ من والده الضخم ضربَ ملاكم…
في الحالتين، على تل أبيب أن تحصل على موافقة طرف ما، في الحالة الأولى موافقة علنية من الواجهة السياسية أي ترامب وأتباعهُ. في الحالة الثانية، موافقة خفية ممن يقفون وراء الكواليس…
على سوريا والعالم الاستعداد. الدكتور جميل م. شاهين. مركز فيريل للدراسات يكشف خطة إشعال حرب كبرى