مع دخول وقف اطلاق النار في سوريا منتصف الليل حيّز التنفيذ، والذي لا يشمل جبهة النصرة وداعش، أي أكثر من نصف المعارضة المسلحة، تعالت بعض الأصوات مستنكرة هذا الاتفاق، والذي نراه في مركز فيريل لمصلحة الجيش السوري، إن استمر.
السوريون يوقفون القتال، بينما الانفصاليون يسعون بخطىً حثيثة نحو إعلان الفيدرالية على أكثر من ثلث مساحة سوريا، نعم يطمعون ولا يطمحون بنهب ثلث سوريا إلى كيان انفصالي، وبالتعاون مع المعارضة السورية، يريدون اغتصابهُ بوقاحة تتجاوز وقاحة الصهاينة. فهل سينجحون؟
نتمنى ألا نسمعَ تعابير “فشروا” لأن هكذا كلام لايقوله سوى العجزة أو النائمين في العسل، بينما الانفصاليون يعملون ليل نهار، لتحقيق مآربهم…
من خلال المعلومات التي حصل عليها مركز فيريل للدراسات في برلين، من مركزه الرئيسي في ألمانيا، ومن المشاركين في اجتماعات الانفصاليين أنفسهم، في عدة مدن وعواصم عالمية منها برلين وكولن، وفي مدن القامشلي وعفرين وشمالي العراق، أي أننا حصلنا على هذه المعلومات من داخل “برميل الخَل”. فقد توالت التحضيرات وتعاظمت معها الأحلام، مترافقة بالدعم الغربي لقيام كيان مستقل كردي فوق الأراضي السوريةـ ونحن إذا ننشر ما وصلنا، نُحذّرُ ونلفتُ الانتباه للقادم عام 2017.
قلنا إنّ الانفصاليين هم أكبر الرابحين والخاسرين بآن واحد، وإليكم المعلومات الخاصة بمركز فيريل للدراسات:
-
بعد موافقة زعماء عرب من المعارضة السورية في محافظات دير الزور والرقة والحسكة على الانضمام للفيدرالية، تمّ تسمية الفيدرالية بـ “فيدرالية الاتحاد الديموقراطي لشمال وشرق سوريا”.
-
يتم رفع العلم الكردي والسوري على الدوائر الحكومية، واعتماد نشيد وطني مشترك، في محافظتي دير الزور والرقة، ونشيد كردي خالص في الحسكة. اللغة الرسمية هي العربية والكردية، مناهج التعليم كردية كاملة في الحسكة ومشتركة؛ عربية وكردية في محافظة الرقة، وعربية في محافظة دير الزور.
-
تضم الفيدرالية محافظات الحسكة ودير الزور والرقة كاملة، بما في ذلك سد الفرات ومدينة الرقة، وجزء كبير من ريف حلب الشرقي والغربي.
-
آبار النفط والغاز في الجزيرة تحت سيطرة الأكراد، بينما في الرقة ودير الزور تحت سيطرة المعارضة السورية.
-
سد الفرات تحت سيطرة مشتركة عربية كردية.
-
تقوم قوات مشتركة عربية وكردية بتحرير دير الزور والرقة من داعش، بدعم من الناتو ودول الخليج.
-
يتم الإعلان عن هذا الكيان في الصيف القادم 2017، حتى لو لم يتم تحرير الرقة ودير الزور كاملتين، رغم أنّ بعض قادة الأكراد هنا في ألمانيا، أصروا على إعلانه في عيد النيروز 21 آذار 2017.
-
رفضت الأحزاب السريانية والآشورية السورية الرئيسية المشاركة في هكذا توجه انفصالي، رغم الدعوات التي وُجّهت لزعمائها في أوروبا، لحضور اللقاءات والاجتماعات.
-
حسب أحد المسؤولين الانفصاليين في ألمانيا: “ليس هناك وقت أنسب من هذا لإعلان الانفصال، أوروبا كلها وأميركا وإسرائيل معنا ضد الدولة السورية الضعيفة، إن لم نقم بذلك الآن، فلن تقوم لنا قائمة بعد الآن.”.
المواقف الإقليمية والدولية من الانفصال الكردي
-
تركيا: بدأت تتحضّر لهذا الإعلان، وسوف تحارب هكذا كيان انفصالي مهما كلفها الأمر، ليس حرصاً على وحدة الأراضي السورية، ولكن كي لا يكون نواةً لانضمام أكراد تركيا ودافعاً لهم لتقليده فوق الأراضي التركية. لهذا سحبت أكثر من 15 ألفاً من ميلشيات المعارضة السورية المسلحة، التي انسحبت من شرقي حلب، وتجميعها في الريف الغربي لمحافظة حلب ضمن عملية “درع الفرات”، لاستخدام هذه الميلشيات لاحقاً في حرب مفتوحة ضد الانفصاليين، خاصة في السيطرة على “منبج” التي ستكون ضمن الفيدرالية. وتتم التدريبات العسكرية داخل الأراضي التركية والسورية لقتال الأكراد. يبدو أنّ أنقرة بدأت تُدرك متأخرة حجم غبائها في دعم المسلحين وإشعال الحرب في سوريا، وهي مقبلة على حريق داخلي تدفع فيه ثمن ما سفكته من الدم السوري.
-
الناتو: وعلى رأسه الولايات المتحدة، وحسب الأخبار التي وردتنا من واشنطن، الرئيس دونالد ترامب سيدعم هكذا كيان انفصالي ضد تركيا، كعقوبة على تمرد أنقرة وعصيانها لأوامر البيت الأبيض. وهناك حسب معلوماتنا أكثر من 600 جندي ومستشار وضابط من حلف الناتو، ضمن صفوف الانفصاليين الأكراد، موجودون في محافظة الحسكة، وعلى مسافة لا تتجاوز 30 كلم شمالي سد الفرات، يُقدمون دعماً عسكرياً ولوجستياً واستخباراتياً لهم. علماً أنّ التنسيق كامل بين ألمانيا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة في هذا المجال، وهذه الدول تؤيد قيام هكذا كيان. إنّ إيقاف الناتو لضرباته الجوية الوهمية ضد داعش في الشمال السوري، يندرج ضمن إطار معاقبة تركيا، وإطالة مدة محاربتها لداعش خاصة في منطقة الباب، وإشغالها عما يخطط له الانفصاليون.
-
إيران: تعارض بالتأكيد أيّ فيدرالية، وقد تعمل على منع قيامها عسكرياً، لأنها كتركيا قد تعاني في المستقبل القريب من انتقال العدوى إلى أراضيها.
-
روسيا: رغم أنّ الموقف الروسي غامض بعض الشيء، لكنه لا يُمانع بقيام حكم فيدرالي غير انفصالي فوق الأراضي السورية، لكن ما هي الضمانة بعدم وجود نوايا انفصالية لدى الأكراد؟ وقد يندرج وقف إطلاق النار الذي سيعلن اليوم، وضمن أحد أهدافه التحضير لمنع الأكراد ومن ورائهم الناتو من تنفيذ خطتهم.
-
الموقف العربي: كافة دول الخليج تؤيد وتساعد على قيام كيان فيدرالي مستقل، كخطوة مرحلية لتقسيم سوريا، فبعد فشلها في الإطاحة بالدولة السورية، تقوم دول الخليج وعلى رأسها السعودية بدعم التوجه الكردي، بالضغط على عشائر دير الزور والرقة للموافقة على الانضمام له. وهذه نقطة خلاف مع أنقرة، سوف تتصاعد حدتها في الربيع القادم.
-
إسرائيل: من أكبر المؤيدين لهكذا كيان انفصالي يُحاكي ما قامت به من اغتصاب لأراضي فلسطين، ويؤدي بذات الوقت لتقسيم سوريا، الدعم والاتصالات تجري بشكل دائم مع إقليم كردستان العراق، وتنسق مع الانفصاليين في سوريا بصورة دائمة.
-
سوريا: لن نخوض عميقاً في الموقف السوري، فالقيادة السورية تلعب بذكاء في هذا الملف، لكن اللعبة خطرة، ولن نستغرب قيام تعاون تركي سوري لمنع قيام هكذا كيان مُغتصِب، هذا لا يعني أنّ السوريين سيمسحون ما قام به النظام التركي الدموي.
الصورة من احتفالات الانفصاليين بعيد النيروز في ألمانيا، “تمسيح جوخ” منقطع النظير لإسرائيل.
الأكراد هم الخاسرون الأكبر
لم يتعلم الأكراد الانفصاليون من ماضيهم نهائياً، ومن تنقلهم بين أحضان الدول بحثاً عن دويلة على أراضٍ اغتصبوها من سكانها الأصليين. وقد نشرنا عن مدينة القامشلي وعين العرب ونصيبين والحسكة، وبأنها مدن سريانية وعربية، والوجود الكردي فيها لا يتجاوز مائة عام فقط.
الوجود الكردي في مدينة القامشلي عمره 93 عاماً فقط
لكنها الآن مدن كردية تنتمي لحضارة الميديا!! وما أسهل تزوير التاريخ وخداع القطيع. فمدينة القامشلي أكبر معقل كردي في سوريا، عمرها لا يتجاوز 93 عاماً، وكانت مقبرة لسكان نصيبين السريانية، قبل أن يرتكب الأكراد بالتعاون مع العثمانيين مجازرهم الشهيرة بحق الأرمن والسريان والآشوريين. اليوم يطلبون من ضحايا الأمس القريب أن ينضموا إلى فيدرالية تقوم على أرضهم. وحسب قادة الآشوريين والسريان في أوروبا؛ هناك رفض تام لأيّ تعاون مع الانفصاليين بهكذا مشروع.
الانفصاليون الجدد تعاونوا مع داعش لاحتلال القرى السريانية والآشورية في الجزيرة السورية، والآن يحتل الأكراد عشرات من هذه القرى، بعد أن نهبوا منازلها، ويمنعون أصحابها من العودة إليها، فعن أيّ تعاون ودويلة “سب سراب” يتحدثون.
خاصّ بمركز فيريل للدراسات ـ برلين.
د. جميل م. شاهين 29.12.2016
مقالات ذات صلة:
مدينة منبج؛ من احتلال داعش إلى احتلال “قسُد”. د. جميل م. شاهين