بغضّ النظر عن نوايا الإعلام الألماني في تضخيم قصة إلقاء القبض على الإرهابي “جابر البكر”، قائد الخلية الإرهابية التي خططت لتفجير مطار برلين ومحطة القطارات، يوم الإثنين 10.10، وهي نوايا سياسية انتخابية بحتة، القصد منها تلميع صورة اللاجئين، ليس محبة بهم، بل لرفع شعبية ميركل التي باتت في الحضيض…
ما قام به اللاجئون السوريون ينفع سيناريو لقصة هوليوودية؛ هذا ما قالته الصحافة الألمانية “المدهوشة”، وتابعت: “ما فشلت به وحدات المهام الخاصّة الألمانية، نجح به سوريون يائسون يبحثون عن ملجأ لهم. لقد استطاعوا إلقاء القبض على لاجئ سوري خطير حاول رشوتهم بـ 1000 دولار أميركي للهروب من الشرطة، لكنهم رفضوا، وقيدوه غير آبهين بالموت الذي يحمله هذا الإرهابي.”.
وحسب رواية اللاجئ محمد عبد الله الذي ألقى القبض عليه مع أصدقائه، جاءهم الإرهابي جابر يريد قصّ شعره لتغيير شكله، قام محمد بالتقاط صورة له، ثم قيدوه، وتركه بحراسة أصدقائه، وذهب حاملاً الصورة إلى مركز للشرطة، وبالكاد استطاع التفاهم معهم كون لغته الألمانية سيئة. عاد محمد مع “كتيبة” من الشرطة، التي داهمت الشقة وألقت القبض عليه.
وتساءلت الصحافة الألمانية: لماذا فشلت السلطات الأمنية التي تتعقب الإرهابي جابر البكر منذ تموز الماضي، في إلقاء القبض عليه؟ رغم استعانتها بعشرات رجال الشرطة والخبراء بالإرهاب، ومئات الكاميرات المزروعة في كل مكان عام من محطات القطارات والمطارات وأماكن التسوق؟ وهل أخطأ جابر بلجؤوه واستنجاده بأبناء جلدته؟
أما صحيفة بيلد فقد شككت بما قام به اللاجئون السوريون بقولها: “لا ندري ما هي غاية محمد عبد الله من إلقاء القبض على ابن بلده، وهل كانت نواياه صادقة؟!”
بسؤالنا في مركز فيريل للدراسات لأحد المسؤولين الألمان عن مكافحة الإرهاب، حول معنى ما جرى، أجاب: “في الحقيقة، تصرف السوريين كان مفاجئاً لنا، أنتم شعب لا يهاب الموت.” وتابع: “إنه أمر هام جداً، وقد يكون اللاجئون السوريون شركاء محتملين في مكافحة الإرهاب.”.
شعبٌ لا يهاب الموت… ما قام به بطلكم محمد عبد الله جيّد، لكن… ماذا لو علمتم أيها الألمان ببطولات رجال الله عندما يضحي عقيد في الجيش السوري بحياته، ويتصدى لسيارة مفخخة، كي يمنع وصولها للمدنيين؟ ماذا لو عشتم ساعة واحدة تحت قذائف الهاون والرصاص المتفجر، ينهال فوق رؤوسكم في المناطق المدنية. ماذا لو أرسلت إلى بلادكم كل حثالات الأرض من مناكيح وانتحاريين ومرتزقة، كي تدمر وتفجر بلدكم؟ إرهابيّ واحد روّع ألمانيا، فكيف بـ 90 ألف إرهابي من الوحوش على شاكلة البشر؟ رغم ذلك الشعب السوري يعيش حياته الطبيعية هناك وليس في برلين أو لايبزغ؟ كان هذا ردنا وأضفنا: “وداوها بالتي كانت هي الداء”. عسى أن يفهم الألمان معنى ذلك.