الصلاة على أردوغان في الجامع الأموي بدمشق. القاهرة. فادي عيد وهيب. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات

في ذكرى رحيل نجم الدين أربكان، 27 شباط 2011، رئيس حزب الرفاه ورئيس وزراء تركيا 1996 وواحد من أبرز سياسيي تركيا في العصر الحديث، نجدُ أن نذكُرَ رأيه ورأي رفاقه في تلميذهم ورئيس تركيا الحالي رجب طيب أردوغان.

نجم الدين أربكان يرفض عرضاً إسرائيليّاً

اتفقنا أم اختلفنا مع نجم الدين الإسلامي التوجه، فلابد أن نذكر بعض الحقائق عنه؛ فقد جاء على لسان مصطفى كمال رئيس حزب السعادة، المنبثق عن حزب الفضيلة الإسلامي المحظور، في حوار  مع صحيفة “بوغون” التركية:

(قدّمَ الإسرائيليّون لأربكان عرضاً لو قبلهُ، ما كان ظهرَ حزب العدالة والتنمية على السطح. شمل العرض إيصال حزب أربكان إلى كرسيّ الحكم، وتحمّل تكاليف ذلك مع تقديم الدعم المادي للحزب، وإزاحة المعارضين كي يتسنى له الحكم منفرداً) وهل كان هذا العرضُ مجاناً؟

مَنْ قَبِلَ العرض الإسرائيلي؟

يُتابع مصطفى كمال حديثه مع الصحيفة: (رفضَ أربكان العرض الإسرائيلي. فقدم الإسرائيليون العرضَ نفسهُ إلى رئيس حزب الوحدة الكبرى محسن يازجي أوغلو ، فرفضه أيضاً. في المحاولة الثالثة؛ نجحَ الإسرائيليّون عندما قدّموا عَرضهم إلى رجب طيب أردوغان ورفاقه، الذين قبلوا بكافة الشروط).

دعونا من أعداء أردوغان فربما يكذبون، ماذا عن أصدقائه القدامى أبناء حزبه ومؤسسيه؟

عبد اللطيف شنر، أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية في 14 آب 2001، بعد انشقاقه عن حزب الفضيلة الإسلامي الذي كان يتزعمه الراحل نجم الدين أربكان. شنر هذا شغلَ أيضاً منصبَ نائب رئيس الوزراء السابق رجب طيب أردوغان لخمس سنوات؛ منذ عام 2002 حتى 2007، أيام الرئيس التركي عبد الله غول، قال في لقاء تلفزيوني على قناة Halk Tv، متى؟ عام 2003، أي أثناء توليه منصبه كنائب لأردوغان:

مهمة أردوغان هي تطبيق سياسات إسرائيل تحت عباءة الإسلام

عبد الرحمن ديليباك، كاتب وصحفي تركي، إسلامي التوجه وعضو في حزب أردوغان، كتبَ في جريدة Yeni Akit (العقد الجديد) المؤسسة عام 1993 والموالية لأردوغان وحزبها:


(أسّست الولايات المتحدة الأميركية ومعها إسرائيل وبريطانيا حزبَ العدالة والتنمية كمشروع لها في الشرق الأوسط).

مهمة أردوغان هذه أكدها أيضاً رؤوساء أحزاب وسياسيّون أتراك منهم عبد الرحيم كارسلي، رئيس حزب المركز الذي تأسس منذ 10 سنوات، الذي تحدث عن موافقة رجب طيب أردوغان على مطالب الولايات المتحدة بحماية إسرائيل وتقديم إسلام جديد للعالم وتحقيق الشرق الأوسط الكبير، مقابل إيصاله للحكم ودعمه عالمياً وداخلياً، سياسياً ومالياً.

 .

رادارات إسرائيلية في قاعدة كورجيك التركية ضد إيران وحماس وحزب الله وروسيا برعاية أردوغان شخصياً

سمعنا عن قاعدة أنجرليك، لكن هناك قاعدة عسكرية أخطر أسسها الناتو 2010 بعد مؤتمره في لشبونة عاصمة البرتغال، القاعدة ليست بعيدة عن حدود سوريا والعراق، اسمها قاعدة كورجيك Kürecik. المؤكد لمركز فيريل للدراسات أنّ هذه القاعدة هي خط دفاع أول عن إسرائيل. ورد في صحيفة Aydinlik التركية بتاريخ 08.06.2021 بمقالة للعقيد التركي حسن سيفا ردّت على تهديدات الناتو وواشنطن بإغلاق قاعدة كورجيك بسبب الخلافات المزعومة مع أردوغان:

(إنّ إغلاق قاعدة كورجيك سيُعرّضُ إسرائيل للخطر بسبب انكشافها أمام أيّ هجوم باليستي).

تنتشرُ في القاعدة رادرات إسرائيلية وأميركية من نوع  AN/TPY-2إنتاج مارتن لوكهيد. المدى 4700 كم، مدى كشف الصواريخ البالستية 1000 كم. لهذا طُرحت عدة أسئلة على أردوغان وحزبه حول القاعدة، جاءت تلك الأسئلة حتى من سياسيين إسلاميين ووسائل إعلام موالية لأحزاب إسلامية ومنها صحيفة ميلي غازيته عن حزب السعادة الإسلامي، في سؤال ساخر: (هل أُسّست قاعدة كوراجيك لمحاربة الصهيونية؟). ثم تأخذ الصحيفة مصدرها من مجلة أميركية تُعنى بالأمور العسكرية Defense News التي فجّرت مفاجآت من العيار الثقيل، فماذا قالت الصحيفتان التركية والأميركية؟

(تعمل رادارات قاعدة كورجيك التركية بالتنسيق مع نظام القبة الحديدية في إسرائيل، وقد عملت على رصد صواريخ حزب الله في 06 آب 2021 وكذلك صواريخ منظمة حماس).

بدقة أكثر؛ الثلاثاء 20 تشرين الثاني 2012، رصدت الرادارات الإسرائيلية المشتركة في فلسطين وتركيا عشرات الصواريخ التي أطلقتها منظمة حماس ضد مواقع إسرائيلية. وتم تحديد 103 أهداف في غزة في اليوم السابع العملية العسكرية الإسرائيلية في القطاع. ألم يحدث هذا بمعرفة رجب طيب أردوغان؟ من الواضح لنا في مركز فيريل أنّ لهذه الرادارات دور رئيسي في توجيه الطيران الإسرائيلي والأميركي في أيّ عدوان ضد سوريا، ولكن ماذا عن دورها في حرب أوكرانيا؟

أربكان: أردوغان مدير مشروع الشرق الأوسط الكبير

عام 2007 نجم الدين أربكان قال: قلّدَ الرئيس الأميركي جورج بوش، رجب طيب أردوغان عام 2002 منصبَ مدير مشروع الشرق الأوسط الكبير. بعدها مباشرة حصلَ أردوغان على وسام الشجاعة اليهودي، ليبدأ بطرح مصطلح “الشرق الأوسط الكبير”. مؤكداً أنه وفي ظلّ قيادة حزب إسلامي سيحافظ على علمانية الدولة ويؤهلها لقيادة المنطقة، ويجعل من تركيا عموداً رئيسياً لتنفيذ أي مشروع وأولها مشروع الشرق الأوسط الكبير.

أحمد داوود أوغلو الصديق والتابع السابق لأردوغان والعضو الرئيسي في حزب العدالة والتنمية، ورئيس الوزراء، وأثناء علاقته الوطيدة برئيسه وليس بعد خلافه، نشر عام 2001 كتاب (العمق الاستراتيجي: موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية). وطبعاً قامت قطر بترجمته للعربية ونشره عام 2010. أوغلو تحدث في كتابه عن (شرق أوسط جديد ترسمه تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية، لهذا لابد من تغيير وجه تركيا وتغيير الشرق الأوسط). كل ما ورد أكده الصحفي التركي وخبير الشؤون التركية يافوز أجار .

أردوغان لن يُصلي في الجامع الأموي

مع انطلاق الاحتجاجات في عدة دول عربية، بدأت تصريحات أردوغان تأخذ منحىً آخر أكثر وضوحاً وقوةً بعد بدء تطبيق المشروع بزعامته. فهاجم كافة زعامات الدول العربية باستثناء قطر. وتدخل عسكرياً لدعم الإرهابيين في كل مكان. كان نصيب سوريا هو الأكبر كونها مجاورة لتركيا، لكن لم تسلم من شرّه مصر أو اليمن وتونس وليبيا قصتها معروفة. لكن يبقى التأكيد الأكبر  هو اعترافه بأنه زعيم مشروع الشرق الأوسط الكبير، ثم تهديده الأشهر بالصلاة مع رفاقه من حزب العدالة والتنمية في الجامع الأموي في 06 أيلول 2012. فهل صلّى في الجامع الأموي؟

كلما ترنح أردوغان، أنقذته تل أبيب والحظ

مَنْ يُصدّق أردوغان بعد ما ورد عنه من أصدقائه؟ منْ يُصدّق رئيساً يتظاهر بأنه مسلم “مسكين بريء يبكي أمام طفلة مسلمة”، وهو يحملُ “وسام الشجاعة اليهودي” كعاشر زعيم عالمي فقط يحمل هكذا وسام! وقد عاد من زيارة لتل أبيب أو لمتحف “ياد فاشيم” ضحايا الهولوكوست، بعد أن كتب في دفتر التوقيعات التذكارية:

(المجزرة جريمة بشعة بحق الإنسانية، ويجب ألا يتكرر حدوثها. سيستمرُ الشعب التركي بعلاقة المحبة مع اليهود في المستقبل أيضاً، مثلما كانت عليه منذ مئات السنين، فلا يمكننا أن نكون طرفاً داعما للعرقية والتعصب، فلدينا إصرار على مقاومة هذا التوجه، وأنا بالنيابة عن الشعب التركي وبالأصالة عن نفسي، أبدى احتراماً أمام النصب التذكاري للمجزرة التي راح ضحيتها الآلاف من النساء والرجال والشباب والكهل في هذا المكان الذي يعرض واحدة من أقسى ذكريات التاريخ الإنساني.)

كلّ ما ورد جزءٌ من جانب واحد فقط من حقيقة زعيم تركيا الحالي معشوق الملايين رجب طيب أردوغان، والمصادر كما رأيتم هي من أصدقائه وليست من أعدائه أو كارهيه. أردوغان نجم البروباغندا وعدو إسرائيل الأول كما يعتقد السُذج، لكنه في الحقيقة الخادم الوفي والعبد المطيع الذي كلما ترنح هبت تل أبيب أو لندن أو واشنطن لنجدته، أو ساعده الحظ حتى لو كان على حساب حياة عشرات الآلاف. فالزلزال الذي فضح الفساد في تركيا في عهده وأدى لانخفاض شعبيته قُبيل الانتخابات، جاءهُ الحظ بانقسام المعارضة وتشتيت أصواتها، فارتفعت حظوظه بالفوز مجدداً. رغم ذلك؛ أردوغان الذي كان ينوي الصلاة في الجامع الأموي، يبدو سوف يُصلّى عليه هناك، هذا إن وافق السوريّون. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. 04.03.2023

One thought on “الصلاة على أردوغان في الجامع الأموي بدمشق. القاهرة. فادي عيد وهيب. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات

Comments are closed.