رأفةً بضحايا الزلزال؛ قانون أميركي جديد ضد سوريا!. إدارة التحرير مركز فيريل للدراسات

بعد الزلزال؛ قانون أميركي ضد سوريا 02.03.2023. الدكتور جميل م. شاهين. مركز فيريل للدراسات. تحدثنا في 21 كانون الأول 2022 عن قانون محاربة إنتاج الكبتاغون الصادر عن البيت الأبيض باتفاق جمهوري ديموقراطي، حيثُ حصل مشروع القرار ذلك على أغلبية كبيرة حوالي 80%. مشروع قرار الكبتاغون يعود لعهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وكان يشمل لبنان وسوريا، تمّ لسبب ما تجميدهُ واستبدالهُ بما سُمّيّ (استخدام السلاح الكيماوي) لأنه أسهل تسويقاً في الشارع. إن كنتم تذكرون؛ هدّد وقتها أوباما بتوجيه ضربة عسكرية كبيرة لسوريا، وبقي تهديدهُ كلامياً إلى أن فعلها دونالد ترامب بشكل مُختصر ودعائي، تلبية لطلبِ ابنته إيفانكا حسب قوله، وقتها كان عدواناً ثلاثياً شاركت فيه فرنسا وبريطانيا فجر الجمعة 07.04.2017 ثم عدوان ثلاثي آخر  في 14 نيسان 2018 عقب “تمثيلية كيماوي الغوطة”، وهذا كله نشرنا عنه في مركز فيريل للدراسات بشكل موسع راجعوا الأبحاث.

هل فشلَ قانون محاربة الكبتاغون؟

على مبدأ أبي الأسود الدؤلي (لا تنهَ عن خلُقٍ وتأتيَ مثلَه… عارٌ عليكَ إذا فعلتَ عظيمُ). فتحت الولايات المتحدة الأميركية حدودها، في عهد جو بايدن، لكافة أنواع المخدرات، وباتت تحتّلُ المرتبة الأولى عالمياً باستهلاكها وعدد الوفيات بسببها. والتالي بيانات من National Institute on Drug Abuse الأميركي الرسمي صادر في 09 شباط 2023 يتضمن مقارنة منذ 1999 حتى نهاية 2021:

(كل 5 دقائق يموت أميركي بسبب جرعة زائدة من المخدرات). ارتفعت نسبة الأميركيين الذين يتعاطون المخدرات وبالتالي الوفيات بسببها في من 15% إلى 34%، مع استثناء آلاسكا التي زاد التعاطي والوفيات 76% تبعاً لنوع المخدر. تجاوز الرقم عتبة الـ100 ألف وفاة لأول مرة، شاهدوا الصورة. 106699 أميركياً يموتون سنوياً بسبب المخدرات الأكثر تعاطياً: الأفيونات الصناعية بأنواعها، المورفين، الكوكائين، وMethamphetamine

حسب تقرير الأمم المتحدة الصادر عن منظمة الصحة العالمية World Health Organization (WHO) فإنّ أكثر دول العالم بتعاطي المخدرات هي بالترتيب: أولاً الولايات المتحدة الأميركية. المكسيك. تايلاند.

ماورد بالإضافة لتقرير الأمم المتحدة  للمخدرات UNODC World Drug Report 2022، جعلَ من الصعب اتخاذ قانون محاربة الكبتاغون في سوريا ذريعةً لشنّ عدوان جديد حالياً على الأقل. ماذا يقول التقرير الأممي؟

والكلام هنا لـ Angela Me مديرة مكتب الأمم المتحدة للجريمة والمخدرات UNODC من فيينا؛ تضاعفَ عدد مصانع المخدرات في أوكرانيا عدة مرات. أين؟ أوكرانيا. منذ عام 2019 وارتفع من 17 مركزاً إلى 79 مع نهاية 2020 أي قبلَ الحرب. وتُعتبرُ أوكرانيا من أكثر دول العالم في تصنيع Amphetamin الأمفيتامين، وصاحبة أكبر عدد مؤكد من المصانع غير القانونية بإنتاج الأمفيتامين، وهو أصلاً عقار طبي لعلاج ADHD مرض نقص الانتباه والتركيز، لكنّه عقار مُدرجٌ ضمن قائمة المخدرات في كافة دول العالم بما في ذلك هنا في ألمانيا، ولا يمكن تناوله إلا بوصفة طبية وتحت إشراف الأخصائي. يتابع التقرير أنّ الحرب في أوكرانيا ساهمت حتى الصيف الماضي بتضاعف صناعة مخدرات  Crystal-Meth الكريستال ميث الخطيرة والرخيصة الثمن، والتي سبق أن بحثنا فيها ونشرنا عنها على موقعنا. بالمحصلة؛ كانت يوماً ما واشنطن قادرة على محاسبة أية دولة على إنتاج المخدرات، لكن الآن مع تراجع سلطانها وسطوتها، لم يعد الأمر بهذه السهولة.

زلزال سوريا فتح الأبواب للحشرات

قبلَ أن نتحدّثَ عن “وقاحة” الآخرين ووحشيتهم، علينا ألا نُظهِر أنّ الملائكة تحكم سوريا. فالفساد مازال مسيطراً دون أي تراجع، وسوء إدارة الأزمة والحرب والكوراث يشملُ أصحاب الكراسي الملتصقة. الفاسدون، وما أكثرهم، اشتركوا كما في السابق، مع الأعداء في جلد الشعب السوري المفجوع بالحرب ثم الزلزال.

لاشكَ أنّ التاجر الذي رفع أسعار السلع بسبب احتياج الناس لها، والمسؤول الذي غضّ الطرف بعد امتلاء الجيب عن هذه الجريمة، هما أدنى مرتبةً من الحشرات. نعم ودون ديبلوماسية. لكن ما هي مرتبة المعارض السوري “الشريف” والذي يدّعي أنه أشرفُ من المسؤول الحالي، هذا المعارض يُطالب الكونغرس الأميركي والبيت الأبيض، عدم رفع العقوبات عن سوريا؟!

كنتُ قرأت بتاريخ 09 شباط، أي بعد ثلاثة أيام على الكارثة الجديدة، في واشنطن بوست أشهر الصحف الأميركية في هذا المنحنى. مقالة قد لا تكون أكثر من رأي حسبَ تبويبها. لكن بعد أيام؛ هبّت مجموعة من المعارضين “المتحمسين” واجتمعوا بأكثر من “عضو” كونغرس وبالحكومة الأميركية حسب فيديو نشروه، ليس لرفع العقوبات، بل العكس تماماً. نعم سوريون يعيشون في الولايات المتحدة ويهمهم المواطن السوري حسب قولهم!

الكونغرس استجاب لمطالب المعارضة، وشدد العقوبات على ضحايا الزلزال السوري

مَنْ يقول أنّ العقوبات لا تضرّ بالشعب قبل حكومة أيّة دولة تُفرضُ عليها، أو يُصرّحُ أنها لا تستهدفُ العامة أولاً، هو جاهل أو كاذب. بالمقابل؛ لا توجد حكومة فُرِضت عليها العقوبات الغربية ومعها التجار والطبقة الغنية، إلا ووجدت طريقة للالتفاف عليها، وتأمين احتياجاتها الضرورية وغير الضرورية. بالنتيجة؛ الذي يُعاني من تلكَ العقوبات هو المواطن الفقير فقط.

لم تنجح العقوبات يوماً في قلب نظام حكم أو تراجع دولة عن السبب “المزعوم” لفرضها، والأمثلة لا تُحصى من كوبا إلى كوريا الشمالية وإيران وفنزويلا وليبيا وسوريا والعراق والصين وأخيراً روسيا.

مع رفع جزئي مؤقت للعقوبات عن سوريا، بدأت الحكومات الخائفة أو المترددة بإرسال وفودها لإعادة العلاقات مع الدولة السورية، تحت ستار المساعدات الإنسانية تارةً أو بشكل صريح تارة أخرى. لم يُعجب هذا الوضع الإدارة الأميركية المشغولة بمصائبها الداخلية والخارجية، لكنها تغاضت عنه إلى أن قامت مجموعات جديدة قديمة بآن واحد من المعارضة السورية، وبدعم من دول عربية وغربية، بتحريك الملف وإحراج البيت الأبيض.

أقرّ الكونغرس يوم الثلاثاء آخر أيام شباط، وبأغلبية أعضائه، قانوناً جديداً ضدّ ما أسماها (عمليات التطبيع مع النظام السوري)، خاصةً بعد زيارة عدة فود عربية ولقاء الرئيس السوري بشار الأسد، القرار الأميركي أكد على استمرار العقوبات، مُطالباً بإنشاء آلية لمراقبة المساعدات لضمان وصولها إلى المستحقين.

جماعة الإئتلاف جددوا إصرارهم على قانون قيصر الأمريكي، مُطالبين الحكومة الأميركية الإسراع بالمصادقة على هذا القانون ليتم تنفيذه بسرعة. لماذا؟ لأنّ هذا يصبّ في مصلحة الشعب السوري، كيف يصبُّ في مصلحة الشعب؟ لم يُفسّر المعارضون ذلك.

هل سيُطبّقُ هذا القرار الجديد؟

حسب ما نراه في مركز فيريل للدراسات، إن بقيت واشنطن مشغولة بمصائبها الداخلية والخارجية، فسينضم لقرارات سابقة ويُحفظُ في الأدراج. تأثير ونفوذ الولايات المتحدة بدأ بالتراجع ولم يعد بإمكانها فرض أوامرها بقوة وبشكل مشابه لتسعينات القرن الماضي. لا أقول ولى زمانها، بل باتت أزمنة ولم تعد زمناً واحداً. والموضوع سأناقشه معكم لاحقاً.

ختاماً ورداً على السؤال الذي يدور في بال الكثيرين من القراء الكرام:

هل سيتحسن الوضع المعيشي في سوريا؟

سبق وأجبنا على السؤال عشرات المرات، نعم عشرات المرات. نجيب بصيغة أخرى؛ فُرضت العقوبات الأخيرة على سوريا منذ 2011 وشُدّدت بقانون قيصر. السؤال: خلال هذه السنوات الطويلة؛ هل انقطع وجود أجهزة “الموبايل” أو السيارات أو المعدات الكهربائية الحديثة، أو غيرها الكثير ، في الأسواق؟ لم تنقطع، وشاهدنا توقيتَ بيع أحدث موبايل في أسواق دمشق تماماً مثل أسواق دبي. الفارق تضاعف ثمنها عدة مرات والخاسر هو المواطن الذي ليس بمقدروه شراء ربطة خبز وليس موبايل “أبو 3 كاميرات”. لهذا فالشركاء “دون أو مع عقود اتفاق” هم الذين يسمحون ويتقاضون على تمرير ما ذُكِر  وأعداء سوريا. أي عُدنا إلى الفساد.

طالما هناك فساد “شامل”، فرفعُ العقوبات أو الإبقاء عليها سيّان.

الحلّ يبدأ من الداخل وهو بيد الدولة، وليس بيد واشنطن أو موسكو، يبدأ بالاعتراف الرسمي بوجود الفساد ووضع خطة لمحاربته والبدء من الرؤوس الكبيرة وفوراً، دون استخدام التعابير “الكاذبة” مثل: (بعض أصحاب النفوس الضعيفة من الفاسدين) ليس البعض، فالفساد أصبح ثقافة مجتمعية. والساكت عن الحق… إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. 03.03.2023.