بهذا العنوان المتشائم ختم لمركز فيريل للدراسات في برلين، نائبٌ ألماني من البوندستاغ حديثهُ…
مع بداية وقف إطلاق النار، وانخفاض أعمال العنف بشكل كبير في سوريا، وارتفاع مستوى التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا، لاح بصيص من الأمل في أفق بلد نهشته الحرب، عندما وافقت الدول الكبرى؛ الولايات المتحدة وروسيا على هدنة عيد الأضحى، التي من شأنها أن تنهي إراقة الدماء. عند ضفاف بحيرة جنيف، التقى ممثلون عن الحكومة السورية والمعارضة عدة مرات للتفاوض، على أمل ترجيح الحل السياسي على الصراع الدموي الذي احتدم لمدة خمس سنوات، شعرنا أحياناً أنّ هذا الحل بات قاب قوسين أو أدنى.
كُسرت الهدنة مرات بقذائف هاون من المتمردين الإسلاميين هنا، أو هجوم يشنه الطيران الحربي السوري هناك، لكنها صمدت، حتى عندما هاجمت طائرات الولايات المتحدة وبريطانيا مواقع الجيش السوري، بغارات متتالية على مقربة من مدينة دير الزور وقتلت عشرات الجنود السوريين الذين يحاربون داعش، صمدت الهدنة. الحكومة السورية رفضت إدخال المساعدات لشرقي حلب المحاصرة، دون تفتيش الشاحنات الأربعين، وأيضاً صمدت الهدنة، إلى أن أعلنت موسكو اليوم انهيارها، فضاع أمل جديد.
المتمردون الإسلاميّون استغلوا فترة الهدنة القصيرة لإعادة تجميع صفوفهم، وتزودوا بأسلحة ومؤن حربية حديثة، والشرخ بين القوى العظمى عاد ليتسع أكثر، والخلاف حول معارضة معتدلة ومتطرفة هو الأهم، والهدنة التي حسبناها نهاية لشلالات الدماء، كانت هشّة بهشاشة اتفاق واشنطن وموسكو، والمزاج بين هاتين العاصمتين يبدو سيئاً بل أسوأ مما رأيناهُ في مجلس الأمن بين مندوبيهم.
الانفجار الكبير قادم في سوريا، والصدام بين العملاقين سيحصل، دول كبيرة دخلت على خط النار، الصين وبريطانيا، بالإضافة للدول الأخرى المتواجدة بشكل أو بآخر، دعونا نقول: هناك 20 دولة تتحارب على أرضكم في سوريا… الجيوش تصطف من الجهات الأربع حول سوريا، والخريف سيكون ملتهباً، أما بصيص الأمل الذي رأيناه، فسوف يخفيه الدخان القادم من ساحات المعارك.
لدى سؤالنا عن موقف ألمانيا، ابتسم النائب وقال: “سنتفرج… ونساعد.”
ومَنْ ستساعدون؟
النائب: … سنساعد… الشعب السوري…
وقف مغادراً، سار خطوة ثم توقف وقال: “اتفقنا ألا تذكروا اسمي؟”.
لن نذكرهُ، وحديثنا لم ينتهِ بعد.
و مرة أخرى؛ يموت الأمل في سوريا… بانتظار المعركة الكبرى… د. جميل م. شاهين. 19.09.2016