تطبيق شام كاش؛ نصب أم تجسس؟ بحث من مركز فيريل للدراسات. 15.04.2025

وكأننا نعيشُ في زمن أسماء الأسد وأبناء خالتها، أو وريثتها وتلميذتها “النجيبة” واللطيفة. أصدرت وزارة مالية نظام الإرهابي الجولاني قراراً يقضي بإيداع كافة رواتب العاملين في القطاع العام عبر تطبيق شام كاش Sham Cash، ويكفي أن تُجرّب هذا التطبيق على الإنترنت في أوروبا، حتى تظهر لكَ الشارة “الحمراء” وهي تقول حرفياً:
الموقع المطلوب خطير واتصالك غير خاصّ، ربما يحاولُ الموقع سرقة معلوماتك الشخصية. مَنْ يريد فليُجرّب على مسؤوليته، وهذه صورة عن التطبيق.

تطبيق غير آمن ومشاكل تقنية خطيرة
- لم يسمع عضوات حكومة المتخلّفين بشيء حضاري اسمه الشفافية، وهي الغائبة نهائياً عن الشركة المُطوّرة للتطبيق. فلا معلومات ولا عنوان ولا رقم ترخيص، أي؛ الشركة غير خاضعة للمساءلة القانونية في حال حدوث اختراقات أو احتيال، وفقدان الموظفين لراوتبهم “الخيالية”
- تفتقر الشركة للمعايير البنكية؛ فالتطبيق غير مرتبط بأي بنك معترف به عالمياً أو إقليمياً أو حتى في سوريا. ولا يحقُّ للبنك المركزي السوري مراقبتهُ، الآن أدركنا أحد أسباب رفض أيّ سوري “محترم” استلام منصب مدير البنك المركزي!
- الثغرات الأمنية؛ سنفترضُ افتراضاً مؤقتاً أنّ حكومة المتخلّفين بريئة وما يحدث مجرد غباء. فيسهلُ على أيّ هاكرز فكّ تشفير البيانات في أيّ وقت، أو يقوم أصحابُ الخادم بفكّ تشفيرها بأنفسهم، فيحصلون على بيانات العملاء كاملةً. ويستطيع أيضاً طلب لقاء بالكاميرا وتحديد الموقع إلخ… أي انتهت الخصوصية هذا في حالة حسن الظنّ. أمّا مَن يريد الوصول لفلان لأسباب ما، فهنا سيكون الطريق ممهد وبسهولة فائقة.
- التطبيق ليس محلياً فقط، بل يعود لمنطقة ضمن محافظة ضمن دولة، وكل هذا سنذكرهُ بالتفصيل في مركز فيريل للدراسات لاحقاً. المهم هنا؛ تطبيق غير معترف به على المواقع العالمية، ورفضت تلك المواقع هذا التطبيق لأنه ببساطة؛ تطبيق غير آمن وتجسسي. منها Google Play أو Slide Me وبالتالي خطورة تنزيل نسخة مزورة عال جداً، وتهكير الإيميل سيكون سهلاً.
حكومة المتخلّفين تُجبر الموظفين على استخدامهِ رغم عيوبه

محمّد يسر برنية الذي سُلّمَ فجأةً حقيبة المالية أصدر “فرماناً” أجبر بموجبه موظفي القطاع العام على فتح حسابات عبر التطبيق لاستلام رواتبهم اعتباراً من أيار 2025 دون بدائل آمنة أو كافية. وأن تكون البيانات وفق ملف إكسل، وهو برنامج بيانات من مايكروسوفت بين 1997 حتى 2003، كان رائجاً، لكنه بات قديماً وسهل اختراقهُ وبحجوم كبيرة، هناك نسخ أحدث طبعاً مثل Excel XLSB، و XLSX، وتتميز بسرعتها، لكن لا نعتقد أنّ هكذا حكومة أدخلت نسخاً حديثة لأنّ شكاوى وصلت مركز فيريل للدراسات، تركّزت حول بطء فتح الملف وتعطّل الموقع عدة مرات بسبب ضغط المستخدمين، وضعف خبرة صاحبي التطبيق القادمين من عصور حجرية، هذا حصل في عيد الفطر قبل أيام.
رغم هذه العيوب تُصرُّ الحكومة المؤقتة على طريقتها القادمة من عصور ما قبل التاريخ مع غياب الضمانات المالية، أي لا توجد تأمينات أو ضمانات لحماية أموال المستخدمين في حال تعرض التطبيق للاختراق أو الإغلاق، فما الذي يضمن أنّ “النصابين” لن يُغلقوا أو يُعلّقوا التطبيق فترة ما قد تكون دائمة؟
الجهة المستفيدة من التطبيق
تأكدنا في مركز فيريل للدراسات أنّ صاحب التطبيق هو (بنك شام) وبدون أل التعريف وهو ليس بنك الشام انتبهوا، الذي تأسس عام 2006 بدمشق.
مَنْ هو صاحبُ بنك شام وما قصتهُ؟

الحقيقة أنّ بنك شام ما كان يوماً بنكاً أو مصرفاً، بل “دكانة صرافة” نعم دكانة صرافة تحوّلت إلى شركة صرافة باسم (شركة الوسيط للحوالات المالية) في إدلب والجهة المالكة؟ كانت جبهة النصرة المصنّفة إرهابية قبل ذلك بخمس سنوات. والتحويل كان من العملات العالمية الرئيسية إلى الليرة التركية وأحياناً نادرة إلى الليرة السورية. العاملون في شركة الوسيط كانوا عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية سابقاً، بعد أن انقلبوا على القاعدة، ثم انقلبوا إلى جبهة النصرة فهيئة تحرير الشام، منهم الإرهابي المُلقّب أبو هاجر الشامي، وأبو ليلى الديري، اللذَين عملا في مكتب الحسبة لداعش ثم النصرة. لاحقاً تمت تصفيتهما بطريقة مشابهة لتصفية “أبي قسورة الأردني” بتاريخ 14 آب 2015، في الغوطة الشرقية من قِبَل الإرهابي أبي محمد الجولاني. قسورة هذا هو ابن محمد جمال يحمل الجنسية الأردنية، لحقَ بداعش ثم بالنصرة، “اعتقدَ” الجولاني أنه خائن فقام بقطع رأس والده لأنّ قسورة فرَّ إلى الرقة، بالمناسبة؛ صاحب فتوى القتل يومها هو الشيخ أبو خديجة أيضاً أردني الجنسية.
معذرة على بعض المعلومات السريعة هذه من مركز فيريل، ونعود لموضوعنا الرئيسي؛ بعد احتلالها لإدلب وفرض سيطرتها على المناطق، أصدرت عدة قوانين بصياغة “متخلّفة” وكأنها تعيشُ لوحدها في العالم! منها قرار تأسيس المؤسسة العامة لإدارة النقد بتاريخ 11.05.2017 عسى أن تعترفَ بها تركيا، لكنها رفضت. فأسس أبو محمد الجولاني بأموال “الأتاوة” (شركة الوتد للمحروقات) وهذه لها وقفة بعد قليل. بعدها احتلت جبهة النصرة الإرهابية “البنك الصناعي” في إدلب وطردت معظم الموظفين وسرقت الخزينة لأنها أموال بشار الأسد وليست أموال أهل إدلب!
بتاريخ 16.06.2018 أعادت افتتاح البنك الصناعي في إدلب شارع المحافظة لكن تحت اسم “بنك شام”، وأودعَ إرهابيو هيئة التحرير “بعضاً” من أموالهم فيه. أيضاً رفضتْ السلطات التركية الاعتراف بهذا البنك أو منحه الثقة والسبب بسيط؛ فمن المعروف أنّ إدلب وسوريا منذ 2011 وحتى الآن تفتقر لأدنى مقوّمات الأمان، بحيثُ لا يُمكنُ لعاقل، وليس لدولة، القيام بعملية استثمار أو يُغامر برؤوس أموال ووضعها بأيّ بنك. فالذي يحمي هذه الأموال عصاباتٌ إرهابية، مهما حاول زعامات الدويلات إعطاء الشرعية “النظرية” لهؤلاء الإرهابيين، لأنهم هم أنفسهم يرفضون استثمار “درهم” واحد
شركة وتد للبترول ومالكها أبو محمد الجولاني
وتحمل اسم Watad Petroleum بالإنكليزية، شركة نقل وبيع بترول أسسها أبو محمد الجولاني صيف 2017، مقرّها مدينة إدلب مملوكة “نظرياً” لهيئة تحرير الشام، اشترت البترول من عصابات قسد في الحسكة ودير الزور، وباعتهُ في أرياف إدلب وحلب لمحطات الوقود.
بسبب غضب أردوغان وقطعه طريق البترول المسروق من الشرق السوري، راحت شركة وتد تشتري البترول من أوكرانيا، نعم أوكرانيا والوسيط تركي. والعبور يتم من باب الهوى. كبرت الشركة وأصبحت الوحيدة المسيطرة على الشمال السوري المُحتل
شركة وتد، ولا تستغربوا هذا الكلام، أصبحت تتاجر بأسطوانات الغاز والمازوت والبنزين مع الحكومة السورية آنذاك. ولمن يذكر؛ هل تذكرون أزمة غاز كانون الثاني 2019، ثم قيام عماد محمد ديب خميس رئيس الوزراء في الحكومة الرشيدة آنذاك، بنقل 14 موظفاً من الجمارك كعقوبة بسبب ضلوعهم بعمليات احتكار الغاز المنزلي والصناعي، لكنه لم يستطع أي عماد معاقبة الفروع الأمنية المسؤولة عن تهريب واحتكار غاز منطقة عذرا الصناعية. عام 2019 وصل سعر “جرة الغاز” إلى 8000 ليرة في السوق السوداء والناس تحدثت عن حياة لا تُطاق. المهم يا سادة يا كرام في الموضوع أنّ شركة وتد للمحروقات تعاملت مع رئاسة وزراء سوريا مباشرة، ونقلت أسطوانات الغاز من تركيا إلى سوريا بأسعار مضاعفة، ووصلَ دمشق وحدها وحسب معلومات مركز فيريل 18 ألف جرة غاز. سبب الأزمة المباشر كان عقوبات إضافية على إيران التي كانت تورّد الغاز لسوريا شبه مجاني.
مع توسّع شركة “وتد الجولاني” وتراكم أرباحها، أصبحت بأذرع أخطبوط في مناطق سيطرة جبهة النصرة، وكان مصيرُ أيّ منافس أو معترض على احتكارها هو التصفية مهما كانت منزلتهُ. خيرت أبو عبد العظيم أحد أمثلتنا؛ كان أميراً في تنظيم جبهة النصرة الإرهابية ومقرّباً من الأمير الجولاني، لكنه اختلفَ مع شركة الجولاني في بلدة معارة النعسان التابعة لتفتناز شمال شرق إدلب، وباعَ المحروقات دون المرور بشركة وتد وبأسعار أرخص. خلال أيام وبتاريخ 12 تشرين الثاني 2019، استدعاه الجولاني للاستشارة! فاعتقلهُ أسبوعين قبلَ أن يُطلقَ سراحهُ مُكرهاً بسبب خروج مظاهرات حاشدة في معارة النعسان تُسقط الجولاني الخائن. بعد شهور، الفضائيون نقلوا للمخابرات العسكرية السورية إحداثيات مستودعات المحروقات في المنطقة فقُصِفَ بعدة صواريخ ثم بمٌسيّرة انتحارية.
الأموال التي تجنيها شركة وتد يتم إيداعها في بنك شام، لأنه ببساطة لا يقبلُ بنكٌ رسمي بترخيص حكومي إيداعَ أموال مجهولة المصدر. حتى البنوك التركية رفضت إيداع عشرات الملايين من الدولارات، عِلماً أن مؤسسة البريد والشحن التابعة لأردوغان وبرمز (PTT) تمتلكُ 12 مقراً لها داخل الأراضي السورية المحتلة، لكنها لا تستطيعُ شغل مكان بنك شام، أو حتى التفكير بمنافسته.
أهل إدلب لا يثقون ببنك شام
حتى أهل إدلب أنفسهم لا يثقون بهذا البنك، ويلقبونه ببنك الجولاني. ولهذا رفضَوا إيداع ليرة فيه هذا إن وُجدت أصلاً. انتقاداتهم كانت لسببين؛ الأول مَنْ لديه مال لن يودعهُ بنكاً بل سيشتري طعاماً لعائلته. الثاني: إن امتلكنا المال، لن نودعه في هذا البنك قبل أن نرى تعاملاً أجنبياً معه، وفق ترخيص صريح وامتلاكه أصولاً مالية في تركيا على الأقل.
قرار حكومة المتخلّفين للإثراء على حساب الشعب
بالتأكيد لم ننسَ بعد البطاقة الذكية وأسماء الأخرس، تلك البطاقة والتطبيق كانا مرخّصين ومعترفٌ بهما، رغم ذلك سُرِقتْ مئات ملايين الدولارات عن طريقه، إلى جيوب العائلة “العطرية”. اليوم دكانة التحويلات تلك تملكها هيئة تحرير الشام، مُصنّفة إرهابية، ولا تملكُ أيّ اعتراف مصرفي رسمي، فهل ستكون أقلُ سوءاً من بطاقة آل العطري؟بنظرة أولية فقط، سيدخلُ جيوب مالكي تطبيق شام كاش، حسب تقديرات مركز فيريل للدراسات، بين 3 و 5 مليون دولار سنوياً، من تحويل الرواتب عن طريقها فقط، هذا إن لم تحصل عمليات اختلاس أو نصب واحتيال.
معاناة الموظفين من تطبيق شام كاش
نوجزها بشكل سريع؛ أعطال تقنية متكررة وصعوبة الاستخدام. عدم القدرة على توليد أكواد تفعيل أو تسجيل الخروج التلقائي، مما يعيق الوصول للحسابات.
هناك أيضاً تقييد العملات نتيجة حصر التعامل بالدولار والليرة التركية، وكأننا نعيش في زمن الاحتلال العثماني المجرم. هذا يعني الحدّ من استخدامه في المعاملات اليومية داخل سوريا
إنّ عدم الربط بالمنظومة المصرفية، يعني أنّ المستخدمين لا يمكنهم تحويل نقودهم إلى حسابات بنكية أخرى، كما أنّ هذا التطبيق استغلالٌ للأزمة ولهزالة الراتب الذي لا يتجاوز 40 دولاراً، وفرض عمولات إضافية على هذا الهزيل! كما أنّه إشغال للموظفين عن مشاكل سوريا الأساسية والخطيرة، وأخيراً؛ ماذا يفعلُ متقاعد مسكين لا يملكُ موبايل شبه حديث، نطلبُ منه استخدام تقنية رقمية للحصول على راتب لا يكفيهِ يومين؟ هذا إن لم يتم النصب عليه حتى لو قبضَ الراتب من المحاسب مباشرة.
رأي مركز فيريل والحل
بعد ما استعرضناه نجدُ أنّ تطبيق شام كاش أُوجد لغايات آخرها تسهيل عملية قبض الراتب على الموظف السوري. لذلك نصيحة مركز فيريل سحب الراتب كاملاً ولمرة واحدة، وعدم إيداع أية أموال في هكذا شركات أو بنوك وهمية، على فرض أنّ الراتب “الهزيل” يتحمّلُ السحب أكثر من مرة.
نصيحتنا أيضاً، عدم إعطاء أية معلومات لا تعرفها الدائرة التي يعمل بها الموظف، خاصة أرقام هواتف أو حسابات بنكية أخرى أو مكان التواجد، أو عندما يحدثُ طلبٌ فجائي؛ مثلا: الطلب بالفيديو للتأكّد من المتعامل. هذا لا يحدث في أكبر البنوك العالمية وإن حدث فيكون عند طلبِ قرض كبير. في هذه الحالة الأفضل الذهاب شخصياُ وتجنّب الكاميرا. وأيضاً السؤال عن تحديد المكان. هذا لا يطلبه أي بنك في العالم.
أول أهداف تطبيق شام كاش هو الربح بلغة ديبلوماسية أو بدون رتوش هدفه السرقة، وثاني أهدافه التجسس على الموظفين وإرسال المعلومات الشخصية للمركز الرئيسي للمعلومات في أنقرة. وثالثاً، مساعدة الاقتصاد التركي ورابعاً التتريك ثم التتريك.
التطبيق يُستخدم كأداة لتمرير أجندات سياسية واقتصادية مشبوهة، وهو دون شك ليس حلّ رقمي حقيقي، كلّ ما يخصّهُ مبهم وغامض وغير مرخّص إقليمياً أو عالمياً، ومملوك لجهة إرهابية لا يُمكنُ الاعتراف بها، لهذا هو خطر على مستخدميهِ هذا بالإضافة للعيوب التقنية وعدم ربطهِ بالنظام المالي السوري، مما يزيدُ في الأزمة الاقتصادية ولا يسعى لحلّها، وكأننا أمام أسوأ حكومة متخلّفة يتزعمها جاهلٌ ظنّ أنّهُ نصّبَ نفسه بنفسه ولنفسه حتى آخر أنفاسه. خاصّ بمركز فيريل للدراسات. 15.04.2025