رسالةُ مركز فيريل للدراسات إلى بشار الأسد

رسالة مركز فيريل للدراسات إلى بشار الأسد. 10.01.2025. إدارة التحرير. Firil Center For Studies. FCFS Berlin.

لن أستغلَ كونكَ أصبحتَ خارج السلطة، لأُكيلَ التهمَ جزافاً، وأنسب لكَ أسبابَ انقراضِ الديناصورات. ولن أُحمّلكَ من أوزارٍ سوى ما وضحَ منها واستبان. فالزعماء درَايا لأهلِ الكواليس، وبسبب طول قامتكَ؛ عليكَ صدّ السهام عن “الأقوام” التي توارت خلفكَ، طَوعاً أو غصباً  

سأحدثك، إلى حدّ ما، بنفس الطريقة التي كانت تصلكَ عبرَ “الناصحين”، رحمهم الله، لكن باختلاف الوسيلة. مع الأخذ بعين الاعتبار فشلكَ الذريع في إدارة الأزمة، وما ارتكبتهُ من آثام منذُ 1992 حتى آخر أيامك فوق الكرسي.

عندما راقبكَ والدكَ ومعكَ “حماتكَ المصون” والدكتور حماكَ، ومعكم صاحبة العفاف الياسمينة البريئة، بدءاً من 1992، فلأنّ شكوكهُ لم تأتِ من فراغ. كان يعرفكَ قبلَ أن يعرفهم، وربما أدركَ لاحقاً، أنهُ ارتكبَ بحق سوريا خطأً قاتلاً، لكن بعد فوات الأوان. بالمناسبة؛ رسالةُ مركز فيريل إلى الياسمينة البريئة عند هيئة التحرير في المركز، فلا تقلق

مأساةٌ أنّكَ صدّقتَ أنّ وصولك للكرسي كان ديموقراطياً، وبعد استفتاء نتيجتهُ 97,29%؟ وأنّ خفضَ سنّ رئيس الجمهورية إلى 34 عاماً، بعد جلسة الـ14 دقيقة في مجلس الشعب تمت بنزاهة؟ تعلمُ، وكثير من قرّاء مركز فيريل أنّ والدتكَ، فضّلت عليكَ ماهر لاستلام الكرسي، لكنّ تعديل الدستور ، لو نجحت، سيحتاجُ ربما لنصف ساعة.

سأمشي معك خطوة بخطوة، وبإيجاز: وضعكَ “الخمسة الكبار” فوق الكرسي، وأنتَ غير أهل له، تقصّدوا هذا، ومعهم أمراء التاج الملكي، لأنهم رأوا فيكَ الأَمدشَ المُروّضَ الطيّع، فرئيسٌ قوي بخبرة وأهلية، لن يسمحَ لهم بالسرقة والنهب، وتمرير الصفقات وصولاً للأسوأ والأخطر على سوريا. لهذا دعموكَ ومن ورائهم لندن، وما أدراكَ ما لندن

أستعرضُ معكم، القرّاء الكرام، عشرَ فرص فقط، بينما في جعبتنا أُخريات، تجنبناها لتلافي المزيد من الإطالة عليكم. إلى الفرص التي لو استغلَّ النظامُ السابقُ إحداها فقط، لجنّبَ سوريا الويلات التي عشناها منذُ عقود ونعيشها اليوم بينما لايبدو الغد مُبشّراً.

بعد 11 أيلول 2001، بدأتَ، والكلام لنظام بشار الأسد، بالتعاون مع المخابرات المركزية الأميركية، لضرب تنظيم القاعدة، وبشكل لم يتوقعهُ حتى جورج بوش نفسه، الذي اعترفَ بذلك. وأنتَ نفسك أكدتها لاحقاً لصحيفة نيويورك تايمز في مقابلة الإثنين 01 كانون الأول 2002، عندما ناشدتَ جورج هذا لاستخدام نفوذه لإحياء مسار مفاوضات السلام مع إسرائيل، وبتعبير آخر؛

قايضتَ تعاونكَ مع المخابرات الأميركية، مع بدء المفاوضات بينك وبين تل أبيب، برعاية أميركية.

ثم جاء الانفتاحُ عليكَ بزيارة “الأشقاء” البريطانيين. ومنهم طوني بلير في تشرين الأول 2001، واستُقبِلتَ بحفاوة في باريس وعدة عواصم عالمية، وهنا كانت فرصة تاريخية لتحسين الوضع في سوريا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ولم تستغلها، أو لم يُسمحَ لك.

بدأ ربيع دمشق، الذي قادهُ صفوة المثقفين وأصحاب الشهادات العُليا في سوريا. ما كانت مطالبهم إزاحتكَ عن الكرسي وطردك إلى أحضان جورج بوش، أو إسقاط النظام، المطلوب كان؛ مساحة أكبر من الحرية وإغلاق سجن المزة وإطلاق سراح السجناء السياسيين،

ماذا فعلتَ، بل ماذا أُمِرتَ أن تفعل؟

نصبتَ لهم فخاً، فاعتقلتَ ونفيت وكممت الأفواه، ليتحوّل الربيع إلى شتاء. وبدلاً من خطوة ذكية تبدأُ بخلق معارضة سياسية مثقفة وطنية واعية، فضّلتَ، اتخاذ خطوة غبية بخلق معارضة عسكرية جاهلة، قادمة من غياهب التاريخ.

انفتحتَ وفُتِحتَ، بأوامر الياسمينة البريئة وذويها على تركيا وقطر، فماذا وكيف استغليتَ هذا الانفتاح؟ أطلقتَ العنان لرعاياكَ بعمليات النصب على موزة بنت ناصر المسند، مع الانفتاح الغبي على الأسواق التركية، وراحت الياسمينة البريئة تجرّك إلى إستنبول، لتناول العشاء بحضرة أمينة جولبران وزوجها.

أدركنا كسوريين حجم المأساة قبل تعيينك، لكنّا تأكدنا بعد استغناءِ ياسمينتكَ عن خدمات الحرس القديم، بدأتْ بمَنْ راقبها، أي الذين عرفوا منْ أرسلها مع الحاشية. ثم أُمِرتَ بتعيين شخصياتٍ بعينها في مناصب كبرى، ومنهم “الخال” محمد ناجي عطري ومعاونه عبد الله عبد الرزاق الدردري، حتّى “حماتك” المصون، أدلت بدلوها في التعيينات بصفتها السابقة؛ السكرتيرة الأولى للسفارة السورية في لندن، والحالية آنذاك؛ السكرتيرة الأولى للسيدة الأولى! وبدأ الاختراق علنياً، وأنتَ ضاحك مُخدّر فاغِر الفم رخو

الزيارة الأولى لتركيا، والتي لم يقم بها رئيس سوري قبلك، 06.01.2004، كانت كافية للفتح، وأيّ فتح هذا، فتحٌ وانفتاح وانبطاح

حتى بات السؤال: أين أسماء وزوجها بشار؟ يأتينا الجواب: في إستنبول يتسوقون! ويأكلون المُرطبات! مَنْ نسَقَ للزيارة؟ العائلة البريطانية. مَنْ وضعَ بنود اتفاق التبادل الحرّ بين سوريا وتركيا؟ الخال والدردري.

بعد انقطاعٍ لسنوات، زرتُ شخصياً دمشقَ وتحديداً، منطقة سقبا وحمورية، ثم جوبر ودوما وحرستا. رأيتُ تكدّسَ الأثاث والمفروشات والملبوسات الجاهزة، ولمستُ عند الناس نقمةً عليكَ وعلى حكومتكَ التي قامت بهذا الانفتاح الغبي على الأسواق التركية، واستيراد بضائعَ وبيعها بأثمان بخسة أقل من نظيرتها في سوريا، مما أدّى لخسائرَ لا تُقدّر بثمن لأهل الغوطة الشرقية تحديداً، وعلى امتدادها الواسع، وصولاً إلى مصانع حلب

السياسة الاقتصادية التدميرية المقصودة، تسببت بتكدس المنتوجات الصناعية والزراعية أيضاً في الساحل وإدلب وحماة وحمص، بل كافة المحافظات، ليتحوّل المجتمع السوري إلى طبقتين فقط، أثرياءُ الغفلة، والغالبية الفقيرة، بعد سحق الطبقة الوسطى عن قصد. وكلّ هذا بعلمك أو بجهلك وفي الحالين، الذنبُ ذنبك.

فُتِحَ البابُ لمسلسلات العثمانيين لضربِ سوق الدراما السورية برعاية قطرية، وهذا بداية انتقام موزة. وهل تعلم معنى انتقام إمرأة خُدعت؟

كانون الثاني 2004، وجّه موشيه كاتساف رئيس إسرائيل الدعوة لكَ لزيارة تل أبيب على الطريقة الساداتية، أنو السادات، هذا ما بثتهُ الإذاعة الرسمية الإسرائيلية.  وهذا ما قالهُ موشيه حرفياً: (أدعوكَ، بشار الأسد لزيادة القدس والتفاوض بجدية مع المسؤولين الإسرائيليين. ستكون زيارتك موضعَ ترحيب ولكن بشروط مُسبقة). حتى مجرم الحرب آرييل شارون قال: (نحنُ على استعداد للتفاوض مع دمشق فور توقفها عن دعم حزب الله).

وبدأت الاستشارات داخل الصالون العائلي، لتخرجَ علينا بثينة شعبان بالقول: (دون جوهر، سيرفضُ الأسد الزيارة والتفاوض دون شك)، عِلماً، وهذا تعرفهُ أنت، أنّ طهران لم تكن متشددة بموقفها كثيراً إزاء الزيارة لو حصلت.

فلننسَ عام 2004، ولنقفز إلى 08 نيسان 2005، أتذكرُ يومَ صافحتَ الرئيس الإسرائيلي وخرجتْ علينا وسائل الإعلام تُكذّبُ بشدة هذا الخبر، لكن بعد أيام فقط، نفس وسائلِ إعلامك، الذي أسميناه في مركز فيريل (الإعلام الخشبي)، كذّبت تكذيبها السابق، واعترفت بالمصافحة وأنها “حادثة عرَضية”!

الذي جرى يا قُرّاءَ مركز فيريل الكرام؛ شاركَ في جنازة البابا يوحنا بولس الثاني، كبار زعماء العالم. موشيه كتساف، الرئيس الإسرائيلي، إيراني المولد، مدينة يزد 05 كانون الأول 1945، اقتربَ يومها من بشار الأسد ومحمد خاتمي الرئيس الإيراني، وصافحهما دون أيّ تردد من الطرفين، ثم “دردش” بالفارسية مع خاتمي، ورغمَ اعترافِ دمشق بالمصافحة؛ استمرت طهران بالنفي إلى يومنا هذا!

السؤال: رفضتَ عروض السلام مع إسرائيل ومن الإسرائيليين أنفسهم، لأنكَ ستُحرّر الجولان بالقوة مثلاً، أم ستحرر كامل فلسطين؟ هل فعلتَ شيئاً من هذا؟ إنه نصف الكلام، والباقي قادم

لننسَ أيضاً ما جرى، ولنبدأ من جديد. ألم تُفكّر لحظة، قبلَ وأثناء جلوسك في الحضن العثماني، ماذا يُريد منكَ رجب طيب أيردوغان؟ في الحالين الذنبُ ذنبك.

ألم يسعى جاهداً لفتح مفاوضات مباشرة مع تل أبيب، وهو الصديق المخلص لإسرائيل؟ ألم تقبلْ تلك الوساطة بطيب خاطر؟ لماذا تراجعتَ فجأةً وكأن عقرباً لدغكَ، ولم تُسافر للقاء أولمرت في إستنبول؟ مَنْ منعك؟

ألم يقلْ أيردوغان أثناء زيارته لدمشق في 27 نيسان 2008، التالي: (طلبتْ مني تل أبيب ودمشق بذلَ جهودي للتوسط بينهما في عملية سلام شاملة)

بتاريخ 14.07.2008 وفي باريس، ورغم اتهامك باغتيال رفيق الحريري، ودعم حزب الله في حرب تموز 2006، دُعيتَ إلى قصر الأليزيه للاحتفال بالذكرى السنوية للثورة الفرنسية، وضعوكَ في الصف الأول، نعم يا سادة، كان بشار الأسد أيها القراء الكرام يُوضعُ في الصفّ الأول، وبجانبه كان حسني مبارك. يومَها اقترب أيهود أولمرت مُصافحاً الجميع، فتهرّبتَ من مصافحته بالتحدّث إلى أمير قطر حمد زوج موزة، ليطلبَ منكَ بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة الاستدارة، ومصافحة أولمرت. لم تستجب لطلبهِ، بل واصلتَ تهرّبك. اعتُبِرَ هذا التصرّفُ بطولةً ومقاومةً، حسناً؛

السؤال: ماذا استفادت سوريا من تلك العنتريات؟ الكرامة مثلاً. بعد الذي حدث؛ أين هي الكرامة الآن؟  

لاحقاً قالها أيهود أولمرت: (كانت غلطة عمر بشار الأسد،رفضه التوصل لاتفاق سلام مع إسرائيل)

بعد ثمان سنوات من التخريب تحت ناظريك، والسطو على مقدرات سوريا، وتحويل الملايين شهرياً إلى حسابات المهجر، ثم المنفى لاحقاً. هنا انتهت مهمة الخال ومعه كامل فريق العمل، فاستقال وولى الأدبار مع خروج أول مظاهرة ضد نظامك وسياسته. فهل شاركتَ الخال، أم كنتَ كالعادة: ضاحكاً مدهوشاً فاغر الفم رخوَ؟ تأكل المرطبات في إستنبول. في الحالين ما ارتكبتهُ كان جريمةً كاملة الأركان بحق بلدك.

واحتقنت النفوس وكُرِهتَ مع العصابة بمعنى الكلمة، بعد أن منحكَ جزءٌ كبيرٌ من السوريين ثقتهم وحتى محبتهم، ولصاحبة العفاف أيضاً، دون أن يُفكروا لحظةً بتحليل الأحداث.

وتتواصلُ الفرص التي ضيّعها بشار الأسد

نعتبرُ في مركز فيريل للدراسات مظاهرةَ الحريقة 17 شباط 2011، أول مظاهرة ضد نظام الحكم السابق. جاءتك الفرصة الرابعة، والناس تختنقُ ظُلماً وقهراً وفقراً، وتصيح “حرامية حرامية حرامية”، ولم تسمع؟! قالوها أهل الشام: الشعب السوري ما بينذل، وكان بإمكانك إيقاف شلالات الدماء القادمة، فماذا فعلتَ؟

أشاروا عليكَ بإرسال وزير الداخلية سعيد سمّور، فأرسلت. وعدَ سعيد بالتحقيق في إهانة شرطة المرور لأناس عاديين في منطقة الحريقة بدمشق، وبالسرعة الممكنة، وأية سرعة! ثم جاءت وبسرعة مظاهرة الحميدية، لتبدأ الهتافات بأصواتٍ وصلت قاسيون: سلمية سلمية. وعوضاً عن التهدئة والتفاوض ووأد النار في مهدها، وضعتَ و وضعتْ طيناً في أُذنيك؟ سواءٌ كان هذا بعلمك أو بجهلك؛ في الحالين، الذنبُ ذنبك.

أنتَ تعلم كما يعلم الجميع أنّ عاطف نجيب ابن خالتك، وهو نموذج من النماذج، كان شريكاً مع كبار المهربين على الحدود مع الأردن، ويتقاضى “الأتاوة” من الجميع، وتحت ناظريك، أي كغيره من “عظام الرقبة”. أهانَ عاطف هذا ذوي الطلاب الذين دفعَ بعضهم، وهذا أمرٌ خاطئ، بأبنائه دون 18 عاماً للتظاهر. الأمر كان يمكنُ حلّهُ بسهولة ويُسر، كيف؟

الحوارنة رجال نخوة، وأهلُ قِرىً وشهامة. تقاليدهم عربية أصيلة، ومَنْ يدوس بساطهم يُصبحُ ضيفهم، ولو كان قاتلَ جدهم. هذا ما أشارَ عليكَ به فاروق الشرع، حسب معلومات مركز فيريل، وأيضاً حسبَ نصيحتنا، التي نقلتها لك السفارة السورية في برلين والمرحوم، خاصّةً وأنّ ثلاثة من العاملين في المركز “درعاوية”، لكنّ العصابة حولك رفضت، وأمرتك بالتعامل العنيف معهم. وهل يجرُّ العنفَ غير العنف؟ هنا أيضاً كان بإمكانك وأد النار في مهدها، فماذا فعلتَ أنتَ والعصابة؟   

نشرت أجهزتك الأمنية منذ 2012، خطة بن سلطان لتدمير سوريا، وذلك نقلاً، حسب قولهم، عن لسان بندر بن سلطان رئيس المخابرات السعودية آنذاك، وعن موقع (فيلكا إسرائيل) الوهمي، أنّهُ سيُحوّلُ سوريا، بمساعدة السفير الأميركي في لبنان، جيفري فيلتمان، إلى ركام ويُعيدها إلى العصر الحجري ويُسقط النظام.

القصة بمجملها وهمية، وهذا ليس صك براءة لبندر الذي منحَ الحكومة السورية الشريفة مبلغ 200 مليون دولار، كمساعدة عاجلة، حسب قولهِ، لكنكم اختلفتم معه على القِسمة.

حتى هذه اللحظة، ورغم اشتعال المظاهرات في معظم أرجاء سوريا، كان بإمكانك حقن الدماء، وتخليد اسمك، نعم تخليد اسمك بتقديم الاستقالة، وإجراء انتخابات نزيهة، والفرار بما نهبت العائلة المالكة، إلى لندن نفسها.

لماذا لم تفعلها؟ أليس هذا أكثرُ كرامةً من وضعك الحالي؟

سُفكت الدماء، ووصلَ المسلحون إلى ساحة العباسيين. شاهدتُ هذا بنفسي، وليسَ نقلاً عن ناقل. بتاريخ 29 أيلول 2015 أنقذتكَ طهران وموسكو مع العائلة المالكة، وجاءتك الفرصة العاشرة، أن تُحاربَ الفساد أولاً وثانياً، وبدأنا ننشرُ في مركز فيريل عن الفساد في جهازك مستخدمين عبارات “كبار كبار المسؤولين. أصحاب المعالي”، ويبدو أنّ الفهم كان صعباً، فسمينا الوزارات والنقابات ووضعنا وثائقَ من الأدراج الموصدة. ثم نشرنا عن سرقة “ذهب جوبر” وأن القتال سينتهي فور خلوِّ الغوطة من كنوزها. ولم تُحرّكَ ساكناً، على العكس، كانت سرقاتُ جهازكَ 90% أصبحت 100%، أما الشعب فلهُ ثُلاثي الصاد، أوله الصمود.

كم مرة حذرنا من الانقلاب الشامل القادم لا محالة، بسبب سياستك وفساد جهاز، ألم تُبلغكَ الشقراء الفاتنة بتحذيراتنا؟

طلبَ منكَ فلاديمير بوتين الاختيار بين روسيا وبين إيران، لكنّ ذكاء مستشاريك جعلك تضع قدماً هنا وقدماً هناك، مستغلين طول قامتك، عندها قرر بوتين التخلّصَ من قدميك. نعم أيها السادة القراء، نرى في مركز فيريل أن سقوط بشار الأسد الحقيقي كان منذ 2015، ووجودهُ في موسكو مؤقت…

ثم أعطاكَ بوتين الفرصة ما بعد الأخيرة، طالبَاً منك لقاء أيردوغان ولو شكلياً، فرفضت بحجة “تناول المُرطبات”، هنا تركك وحيداً، هاتِ ثمنَ تدخلنا ولتذهب إلى الجحيم

اكتفينا هنا بعشرة فرص، مع العلم أنّها أكثر ومنها فرصة الإمارات الأولى والثانية، وكلّها لم يستغلّها النظام السابق، بكافة مسؤوليه. بل فضّلوا التسليم والفرار “بذلٍّ” إلى أحضان شتى. منهم مَنْ بقيَ اليوم في سوريا، يدفعُ الأتاوة أو تُدفعُ له فاتورة الخيانة، بينما لا يتجرأُ المُستلمون إلا على فقراء الشعب، والجامع الأموي يترحّم.

لم يستطع أحدٌ ممن تحدثنا إليهم وكانوا يوماً يُدافعون عنكَ، إيجاد عذر لكَ يا بشار الأسد. لنفرض أنك كنتَ مُحتجزاً ومُكرهاً على فعلتك الأخيرة، كما حاول البعض تبرير سلوكك، وأنّ بوتين يضعُ المسدس برأسك، فقد كانت لديكَ، قبلَ هذا عشراتُ الفُرص لتجنيب سوريا وشعبها المآسي والويلات، وكنتَ ستحفظُ “كرامتك” بالاستقالة منذ ربيع دمشق، منذُ اغتيال الحريري، منذُ مظاهرة الحريقة، منذ إنقاذكَ…

تأكد يا بشار ومعك كامل الجهاز  الحكومي والعائلي دون استثناء، أنّكَ ما كنتَ يوماً أعزّ مكانةً عند بوتين من يفغيني بريغوجين، وحتى إنْ نجوتَ وبمعجزة، فالذين خذلتهم وتركتهم بمواجهة الموت، سوفَ يسلموك ومعك الفريق كاملاً، لبريغوجين. 10.01.2025. مركز فيريل للدراسات. إدارة التحرير