يشهد إقليم كردستان العراق في 25 أيلول الجاري استفتاءً حول استقلال هذا الإقليم، ورغم كافة التهديدات والأوامر الصادرة من عواصم عدة، تتظاهر حكومة الإقليم أنها مُصرة على إجراء الاستفتاء في موعده المقرر، فهل سيحدث الاستفتاء؟ وإن حدث ما هي النتائج اللاحقة؟
المهزلة الكردية الإسرائيلية
المتتبع للأحداث يدرك فوراً أنّ عملية الاستفتاء تأتي في وقت خاطئ، ولا تقيم حساباً للعواقب المترتبة اللاحقة، وكأن الأهم أن يستقل الإقليم، ويبقى الزعماء الأكراد على الكراسي، والباقي يأتي لاحقاً!! هذه قمة الغباء السياسي، ومعه غباء عسكري واقتصادي لا مثيل لهُ. يبدو أن القائمين على الاستفتاء لا يقرؤون الصحف ولا يشاهدون حتى الفضائيات، فهل هم جهلة لهذه الدرجة؟ الواضح للعيان أنّ الأكراد الانفصاليون يحفرون قبورهم بيدهم.
هناك اتفاق تركي إيراني على منع قيام أي كيان كردي في المنطقة، بما في ذلك شمال العراق، وفيدرالية في سوريا، هذه خطوط حمراء لا يراها الحالمون، لهذا قالت أنقرة اليوم: (استفتاء شمال العراق قضية أمن قومي وسنتخذ أية خطوات ضرورية). بينما أكد البرلمان التركي اليوم أيضاً: (سنتخذ قرارات صارمة لإيقاف المهزلة الكردية الإسرائيلية). وبشكل سريع؛ انفصال كركوك وأجزاء من الموصل وديالى وتكريت يعني دخول بغداد بحرب مباشرة مع الأكراد، وفوق هذا حربٌ مع تركيا لوجود التركمان في كركوك.
ومع تطور الأحداث ستدخل إيران عسكرياً، ولا غرابة أن تصل الأمور لدخول سوريا أيضاً، تبعاً لامتداد الأحداث إلى أراضيها… السؤال البسيط الذي يمكن أن يُجيب عليه ابن الخامسة:
(هل تستطيعُ مجموعة من العصابات يسمونها بيشمركا أو قسد، مواجهة أربعة جيوش؟).
دويلة كردية مخنوقة محاصرة و… ميتة
هذا هو شكل الدويلة القادمة في شمالي العراق، إن حصلت: دويلة استيطانية مخنوقة محاصرة وميتة. ألم يُفكر القائمون على قضية الانفصال كيف سيصلون إلى تل أبيب أو واشنطن أو حتى البحر المتوسط؟ أي غباء هذا!!
مَن سيسمح بمرور شاحنة أو عبور طائرة “كُردستانية” لأجوائه؟ العراق، إيران، سوريا، أم تركيا؟ كيف سيصدرون البترول؟ كيف سيستوردون بضائعهم وحاجاتهم؟ من سيزورهم؟ خلال 24 ساعة يمكن لهذه الدول الأربع إغلاق حدودها وخنق الدويلة الاستيطانية “كردستان”، ولتفعل واشنطن وإسرائيل ما تريد… خلال 24 ساعة، ستتوقف بغداد عن دفع نصيبها من رواتب الموظفين هناك، ستُغلق فنادق أربيل ومطاعمها وخماراتها، وتتوقف أنابيب النفط وحركة المواصلات، وسيأكل السكان من محاصيلهم الزراعية فقط ويلبسون من نسيجهم إن وجد، أما باقي الصناعات فلا وجود لها… أي سيعود سكان “كردستان الاستيطانية” للعيش قبل 1000 عام، كي يبقى برزاني وعصاباته على الكراسي.
الظاهر أنّ واشنطن لن تغامر بخسارة بغداد وأنقرة، إكراماً لعيون المدعو برزاني وأحلام عشاقه الوردية، الرفض جاء البارحة من البيت الأبيض للاستفتاء، وكذلك قالت باريس والاتحاد الأوروبي وحتى برلين.
انطلقت أصوات عقلاء أكراد يعرفون الوضع الحقيقي، منهم عادل مراد، عضو مؤسس لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي قال: (إن المسألة ليست في إعلان الدولة الكردية بل في قدرتها على الاستمرار والتطور، إذ يشهد الإقليم حالة انهيار سياسي واقتصادي لدرجة عدم توفير أبسط الخدمات للمواطن كالكهرباء والماء ورواتب العاملين في الدوائر الحكومية. يحدث هذا بالرغم من تصدير 580 ألف برميل نفط يوميا.)!!.
صفقة كردية أميركية في سوريا
قد يتراجعُ الأكراد عن الاستفتاء في اللحظات الأخيرة، فمن مصادر مركز فيريل في برلين، علمنا أنّه تتم الآن عملية صفقة بين أكراد سوريا والعراق من جهة، وبين واشنطن وبرلين وباريس من جهة ثانية، يتم فيها إعلان أكراد سوريا لفيدرالية، مقابل تأجيل الاستفتاء على انفصال كردستان العراق لمدة سنتين، مصدر فيريل أكد أنه في حال تمت الصفقة، سيُعلنُ عن الفيدرالية في محافظة الحسكة وجزء من الرقة ودير الزور بالسرعة الممكنة، ويرجح مصدر فيريل أن يكون قبل 25 أيلول الحالي. هذا ما دار ويدور هذه الفترة هنا في برلين مركز الأكراد الرئيسي في العالم الغربي. الأمر لن يمر أيضاً في سوريا بهذه البساطة، وسينتقلُ الأكراد من أسفل الدلف إلى أسفل المزراب، ليبقوا دائماً لعبة بيد الدول العظمى، تستخدمهم ورقة ضغط، وعندما ينتهي مفعولها، تُرمى في أقرب حاوية، لتأتي دولة أخرى تلتقطها وهكذا دواليك… إدارة التحرير، مركز فيريل للدراسات 17.09.2017 زيد م. هاشم.
الأمور مرشحة للتصادم في العراق وسوريا، والحرب قادمة والضحية الكبرى هي الشعب الكردي… إلا إذا تخلص هذا الشعب من زعمائه الأغبياء اللصوص، وعاد إلى وطنه العراق وسوريا… وصلى الله وبارك…