منذ اندلاع الحرب على سوريا، تنتشرُ شائعاتٌ كل فترة حول قضية ما، يتداولها الكثيرون وعلى طريقة كوبي وانشر، لتصبحَ حقيقة تصل إلى الملايين الذين يصدقونها، دون أن يتعلموا من الحفر التي وقعوا فيها سابقاً.
قبل أيام، هاشتاغ اعتباطي نشرهُ موقعٌ يبحثُ عن الشهرة بعنوان (سحب الجنسية السورية)، فانتشر بسرعة لينقلهُ موقع آخر من المفروض أنه “وطني” ويبني عليه خبر كامل! فيصل إلى فضائيات معادية تجترهُ مع جمهور من الببغاوات دون تفكير.
الخبر يقول: (وافق البرلمان السوري بدمشق صباح الإثنين على مشروع تغيير الهوية السورية، للمواطنين السوريين داخل سوريا. وأكدت وزارة الداخلية على ضرورة حضور كل السوريين لتجديد بطاقاتهم الشخصية القديمة، والحصول على بطاقات حديثة الكترونية تعتمد على البصمة…. يجب الحصول على البطاقة شخصياً من داخل البلاد، ولا يتم منحها عن طريق السفارات خارجه، كما أنّ الاستلام سيكون شخصياً مع تجديد دفتر العائلة لكل مواطن).
إلى هنا الخبر صحيح وقديم، لكن الإضافة البسيطة جعلتهُ كاذباً: (وقد أوضحت الوزارة أنّ من لم يجدد هويته سيتم سحب الجنسية السورية منه).
عدنا في مركز فيريل إلى إشاعات سابقة فوجدنا أنّ الخبر منشور منذ عام 2013، وتحديداً في كانون الأول 2013 بنفس الصياغة، أي أنّ الإشاعة ليست حتى مبتكرة بل مُكررة، رغم ذلك انطلت على الكثيرين. ففي 12.12.2013 نشرت فضائية مُعادية خليجية التالي: (إصدار البطاقات الشخصيّة السورية الجديدة هو أحد الطرق ضد المدنيين وذلك للتضيق عليهم حين إصدارها، التضييق هذا يتم عبر وضع وزارة الداخلية بوضعها شرطاً للحصول على الهوية الشخصية، بأن يقوم السوري باستخراجها عن طريق مراكز الحكومة السوريّة بشكل شخصي).
تلقفت المعارضة السورية آنذاك الخبر وراحت أيضاً تجترهُ، ومنها مُعارضٌ قال من دمشق في كانون الأول 2013: (أنّ هذا الإجراء سيكون بمثابة تعليق الجنسية السورية لأكثر من نصف السوريين، وأغلبهم من معارضي النظام)!!.
سؤال بسيط لكلّ مَنْ صدّق هكذا إشاعة:
منذ عام 2013، تاريخ اجترار المعارضة السورية لهذا الخبر؛ هل سحبت الحكومة السورية، الجنسيةَ السورية من أيّ مواطن سوري؟
توجهنا في مركز فيريل بالسؤال لأكثر من جهة رسمية، في مجلس الشعب السوري وفي وزارتي الخارجية والداخلية السورية، وكان الجواب لمركز فيريل واحد: (لا يوجد أيّ قرار بهذا الخصوص ولا تُسحبُ الجنسية من السوريين سواء قاموا بتجديد بطاقاتهم الشخصية أم لا). علم مركز فيريل أنّه قد تكون هناك غرامة مالية بسيطة في حال التأخر ليس أكثر.