أعلن جيش الحرب في إسرائيل قبل ساعات، إنطلاق عملية عسكرية قرب الحدود اللبنانية، أسماها “درعُ الشمال”، والهدف المُعلن؛ تدمير أنفاق حزب الله الممتدة إلى داخل شمال فلسطين.
هناك تعبئة عامة واستنفار في الشمال وإغلاق لمناطق واسعة، بانتظار عمل عسكري ما، الاتهام طال إيران أيضاً، فهل يتجاوز الأمر تفجير بعض الأنفاق المفترض وجودها؟
العملية هذه ستستمرُ فترة طويلة، أي أن إسرائيل تريد وضع المنطقة ضمن مجال توتر طويل الأمد، بحيث يصعبُ توقع متى سيكون هناك هجوم ما، إن حصل…
هل فشل مخطط إشعال لبنان؟
ذكرنا مراتٍ في مركز فيريل أنّ لبنان هو ساحة حرب قادمة، داخلية على الأقل… رأس الحربة كانت داعش التي فشلت بإشعال لبنان بدءاً من “عين الحلوة” تموز 2016، حيثُ لعبَ الجيش اللبناني دوراً أساسياً ضد أمير التنظيم الإرهابي في مخيم عين الحلوة عماد ياسين، الذي كانت مهمته القيام بتفجيرات واغتيالات، ليتوسع في محيط المخيم ويقطع طريق صيدا بيروت.
فشلٌ آخر في عرسال، وفي تفجيرات الضاحية الجنوبية وطرابلس، وأخيراً؛ فشلٌ، حتى اللحظة، في إشعال لبنان بعد عملية اغتيال مرافق الوزير وئام وهّاب قبل ثلاثة أيام. حزب الله والجيش اللبناني والقوى اللبنانية الواعية أحبطت تلك المخططات، فإلى متى ستنتظر إسرائيل؟
وضعُ وزارة الخزانة الأميركية، في منتصف أيار 2018، كبار قادة حزب الله، على لائحة الإرهاب وفرض عقوبات عليهم. أمرٌ فاشلٌ بل غبي… وكأنّ نصر الله ونعيم قاسم وأمين السيد و… يمضون إجارتهم السنوية في شواطئ ميامي، وحساباتهم المصرفية تُتخمُ بنوك سويسرا.
إذاً؛ كلّ ما قامت به تل أبيب وواشنطن لجرّ لبنان إلى حربٍ أهلية… فشل حتى الآن.
التهديدات الإسرائيلية لن تنتهي
إسرائيل وُجدت كي تُشعل الحرب بنفسها أو عبر وكلائها.
إسرائيل بدون حرب، تنتهي.
تُهدد دائماً، لكنها تفعلها أيضاً. آخر تهديداتها انصبت على حزب الله وجاءت على لسان “وعي ليفي” قائد “الوحدة 300 برعام” حول ضرورة اغتيال السيد نصرالله، لأن ذلك سيثبطُ الروح المعنوية لمقاتليه.
حاولت إسرائيل اغتيال نصر الله عام 2006 و2014، لكن الحماية المشددة وعدم ظهوره العلني أضعفَ المقدرة على نجاح العملية.
رسائل التهديد المتبادلة بين حزب الله وإسرائيل متواصلة، ومقطع الفيديو الذي نشرهُ الحزب قبل أيام تحت عنوان “أيها الصهاينة إن تجرأتم ستندمون”، أربك زعماء تل أبيب خاصة صور مبنى وزارة حرب إسرائيل وصواريخه الموجهة إليها… فإلى متى ستنتظر إسرائيل؟
هل سيفعلها نتنياهو؟
بوضوح تام، تل أبيب عاجزة عن اتخاذ قرار الحرب لوحدها، يجب أن يأتيها الضوء الأخضر من واشنطن… هذه المرة تريد دعم الناتو أيضاً، لهذا طار على عجل نتينياهو إلى بروكسل ليلة البارحة، وعاد أثناء كتابة هذا التقرير في مركز فيريل. قرار الحرب، وهذا ليس سراً، اتخذ عام 2014 خلال انشغال حزب الله في القتال إلى جانب الجيش السوري، لكن جاهزية الجيش الإسرائيلي كانت ضعيفة.
مقالة ذات صلة
خطة واشنطن لضرب حزب الله في لبنان بدءاً من غزّة. زيد م. هاشم
اليوم، أيضاً جاهزية الجيش الإسرائيلي ليست كاملة، لكنّ ضربة استباقية لحزب الله قبل أن يُرمّمَ قواته بعد عودته من سوريا، باتت حاجة مُلحة.
آخر خيارات تل أبيب هي الحرب المفتوحة، والحديث اليوم عن أنفاق حزب الله يُذكرنا بتقرير عام 2011 حول تنقّلِ السيد حسن نصر الله عبر الأنفاق في الضاحية الجنوبية، حسب وصف الجيش الإسرائيلي. إذاً؛ قصف وتدمير الأنفاق سيكون عصباً رئيسياً فيما سيأتي.
نتنياهو بحاجة لنصر يدعمه في الانتخابات القادمة، بعد فشله في غزة، وفشلهِ في سوريا أيضاً، فالعدوان الأخير على “الكسوة” لم يحمل له سوى الخيبة.
القادم على المنطقة
عمليات التجسس التي قام بها “الناتو” لصالح إسرائيل، على السواحل اللبنانية والسورية، كانت واسعة كما نشرنا على صفحتنا على الفيس بوك، حتى “السويد” شاركت البارحة بطائرة تجسس! الطيران الإسرائيلي كان “يتبخترُ” بوقاحة في سماء لبنان خلال الفترة الماضية. الطائرة المجهولة التابعة للقوات الخاصة الأميركية، حطّت البارحة الإثنين، على غير العادة، في مطار حامات بوجه الحجر. الغريب أيضاً أنّ مسار الطائرات المدنية تغيّر!! فطائرة الخطوط الجوية اللبنانية الرحلة رقم MEA275، سلكت طريقاً جوياً فوق طرطوس واللاذقية شمالاً، بينما كان طريقها إلى الشمال الغربي.
ما تريدهُ إسرائيل هو إشعال المنطقة، المشتعلة أصلاً، بأية طريقة، مساندة الحشد العسكري للناتو جاهزة على شواطئ المتوسط الشرقية. الناتو سيقدم دعما عسكرياً دون انخراط مباشر، إلا عند الضرورة، ولكن أليس هناك عاقل بين هؤلاء؟.
تفجير الصخور والأنفاق قرب السياج الحدودي اللبناني بدأ الآن، وهي تنتظرُ ردة فعل ما.
لن تقصف الأراضي اللبنانية بشكل شامل، ولن يكون هذا سوى الورقة الأخيرة، خوفاً من توسع الحرب وسقوط مدنيين يحرّك الرأي العام…
إن قررت إسرائيل الحرب، وهذا أسوأ الاحتمالات لها أولاً، ستحاول اغتيال القيادات في حزب الله وغيره. وقصف مناطق قواته في الجنوب اللبناني والضاحية والبقاع وسوريا أيضاً، وكلّ موقع عسكري سوري يُزعجها سيكون معرضاً للقصف بغضّ النظر عن القوات المتواجدة فيه. قصف القوات الإيرانية في سوريا والعراق أو حتى الطائرات الإيرانية في مطار بيروت الدولي لن يكون مفاجئاً، فالرأي العام تحضّرَ بأنها تنقل أسلحة لحزب الله…
عينٌ على حزب الله وعين على إيران، والتحضيرات مستمرة بوصول استعراضي لحاملة الطائرات النووية “John C. Stennis” إلى الخليج العربي.
الغزو بري بعيد الاحتمال، وليس بمقدور الجيش الإسرائيلي، أو حتى الناتو فعلهُ. هم بحاجة لتمهيد جوي عنيف جداً، فهل سينخرط الناتو بذلك؟ الأمر ليس بسيطاً وسيكون جنوناً إن حصل. التحذيرات متواصلة؛ لدى حزب الله 120 إلى 150 ألف صاروخ، والقبة الحديدة فاشلة، فإلى أين تسيرون؟
المنطقة لم تكن يوماً هادئة، والنيران تشتعلُ في مكان لتهدأ في مكان آخر. زوبعة إعلامية كبيرة، رغمَ أنّ الضوء الأخضر وحسب معلومات مركز فيريل للدراسات، حصل عليه نتنياهو ليلة البارحة في بروكسل، ويمكنهُ البدء في أية لحظة، لكنه لن يستطيعَ إطفاء النيران التي قد تُشعل “شرشف” سرير שרה נתניהו سارة ابنة شموئيل أرتزي… الدكتور جميل م. شاهين. مركز فيريل للدراسات. 04.12.2018