لم يجد وزير خارجية ترامب حرجاً في أن يعلن على الملأ أنّ ترامب هو مبعوث الرب لإنقاذ اليهود من الإيرانيين، مستشهداً بنموذج الملكة اليهودية “إستير” في العهد القديم تلك المُخلصة التي أنقذت اليهود من مقاصل الفرس، ويمثل تصريح بومببو علامة تأكيد كاملة على ما للفكر الديني للمؤسسة الرئاسية الامريكية من أهمية بالغة في نظرية الحكم الأمريكية، علماً بأن الخلفية الدينية لترامب تُرجح أنه من أصول إنجيلية مشيخية، فقد تعلم في ولاية مانهاتن وهو صغير على يد القس نورمان فنست بيل صاحب كتاب “قوة التفكير الإيجابي”، وحالياً يُعدّ أقرب مستشار ديني وروحي لترامب القسيسة “بولا وايت؛ وهي ترى في الرئيس “ترامب” رجلاً مختلفاً عمن سبقوه فهو يأخذ عقيدته بجدية خلافاً لأسلافه كما أعربت.
وقد يُحاكي ما سبق أنه وبتقلّد “ترامب” أمور الرئاسة في الدولة الفيدرالية الأكبر على مستوى العالم، فإنه قام بعمل صحوة روحية في البيت الأبيض حتى سُميت حكومته بالحكومة الأكثر إنجيلية في التاريخ.
إلا أن ما تشير إليه هذه التقارير، تشير بنقيضه تقاريرُ أخرى مثل ما جاء به موقع أليتيا بالعربي، إذ يرى أن الأمريكيين الحالييّن ليسوا ملتزمين دينياً بل يبتعدون عن الكنيسة بأعداد غير مسبوقة، وذلك وفقاً لدراسة أجراها مركز بيو سنة 2014. كما أن وجهة النظر الكاثوليكية هذه تتفق مع ما توصل له الكاتب “روس دوسات” في مقالة له بعنوان “عودة الوثنية”منشورة بموقع جريدة نيويورك تايمز، حيث أكد على تراجع المسيحية المؤسسية بشكل كبير منذ الستينيات. كما أن المؤسسة الرئيسية البروتستانتية لم تعد موجودة. ووفقاً لرأيه فقد استعيض عن الكنائس التقليدية بمعلمي المساعدة الذاتية وأصحاب المشاريع الروحية السياسية.
من خلال ما أوردته صحيفة المواطن الإلكترونية حول ما إذا كان ترامب مسيحيا أم يهوديا متخفياً؟ فإن الإجابة جاءت مترجمة وفقاً لصحيفة “ذا صن” البريطانية التي أوضحت أنّ ترامب كان قد أعلن منذ بدء حملته الانتخابية في نهاية 2015 ديانته بشكل واضح، وهي المسيحية، وبالتحديد الكنيسة المشيخية، إلا أنّهُ لم يعتد حضور العديد من المحافل والطقوس الدينية بشكل منتظم في الكنيسة ماربل كوليجييت، والتي انتقلت إليها عائلتهُ في سبعينيات القرن الماضي، وأوضحت الكاثوليكية الأميركية أن ترامب لم يحضر سوى عدد من المناسبات الكبرى مثل حفلات الزفاف والجنازات، وهو ما دفع الأوساط السياسية للاعتقاد بأن إعلان تدينه بالمسيحية هو مجرد خدعة انتخابية.
ترامب والقضية الفلسطينية .. التحول من الوسيط إلى الطرف
أعتقدَ نتنياهو أن أوباما الرئيس الأمريكي السابق لم يحمل أية مشاعر مميزة للدولة اليهودية، ومن ثم كان حجر عثرة في طريقة تكوين الدولة التوراتية بكامل تفاصيلها، إلى أن جاء ترامب وبدأ باتخاذ خطواتٍ واسعة نحو تفعيل الدولة المنصوص عليها في العهد القديم، وكان من مظاهر هذا التفعيل على المستوى الديبلوماسي اختياره لديفيد فريدمان المحامي سفيراً لدى إسرائيل، والذي كان يتبنى وجهاتِ النظر اليمنية حول الشرق الأوسط، ومن بعده استعان بجيسون غرينبلات كبير المبعوثين إلى المنطقة، وهو خريج جامعة يشيفا ويعمل محامياً في مؤسسة ترامب. على الجانب الآخر فإن نتنياهو عنده ثقة كبيرة بأن ترامب يشاطره معارضة السياسات التي انتهجها أوباما في المنطقة ويلبي رغباته.
في تاريخ سابق يعود لعام 2009 تزوج الملياردير اليهودي المتدين جاريد كوشنر من ابنة ترامب إيفانكا ليتحول اسمها إلى “ياعيل” بالعبرية، والمثير للانتباه هنا أن مسألة تهوّد الابنة لم تثر حفيظة الأب المسيحي الإنجيلي الذي تخطى الزمن القديم بناموسه وطقوسه، بل على العكس؛ بارك ثمرة هذه الزيجة، بتعيينه لصهره اليهودي مستشاراً له، كما أوكل إليه الكثير من المهام المتعلقة بالحرب على داعش وعملية السلام في الشرق الأوسط، وقام الزوج بتقديم أهم صفقة حديثة تخص الدولة الإسرائيلية والمعروفة إعلاميا باسم “صفقة القرن”، وهي صفقة تعد في وجهة نظر السياسة الأمريكية الحل الجذري للقضية الفلسطينية، ورغم كل ذلك؛ تبقى هذه الصفقة المثارة إعلاميا بشكل يومي غير مفهومة للكثيرين، على الرغم من أن مصطلحها ليس بالجديد؛ فمضامين خطة ترمب هذه ليست جديدة كلها، فقد جرى الحديث عن جزء منها عام 2006 ضمن ما عرف بتفاهمات أولمرت-عباس، التي قيل حينها إنها مشاريع اتفاقات تنتظر نتائج الانتخابات “الإسرائيلية”.
وطبقا لما لرؤية الباحث إبراهيم حمامي في بحثه : صفقة القرن.. الحلم القديم الجديد من أن الرئيس الأمريكي يسعى لتمرير الصفقة لتحسين صورته داخليا وخارجياً لأنها ستحقق عدة فوائد لإدارته منها:
• تحقيق وعوده الانتخابية للظهور بمن ينفذ ولا يتحدث فقط
• تخفيف الضغط الداخلي عليه خاصة مع احتمالات عزله المتزايدة
• إرضاء المتطرفين من إدارته
• الحصول على تأييد الناخبين من الإنجيليين
لا عجب أنّ ترامب يبدو على غير عادة أسلافه من الرؤساء الأميركيين من ذوي العقيدة الإنجيلية، إذ كان يكتفي هؤلاء في سبيل وصولهم للبيت الأبيض بنوع من المغازلة السياسية لليهود للحصول على مكاسب سياسية، مع تأمين أنفسهم من شبهة معاداة السامية، مع ترجيح الدخول في مفاوضات سياسية بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني بعد ذلك لحل القضايا المشتركة، ويُدلل على عقيدة ترامب هذه واختلافها عن عقيدة أسلافه، أن معظم مكتسبات الإسرائيلين في عهده لم تأتِ بطلب لحوح ومباشر منهم، بل جاءت من خلال صكوك ترامبية بالإرداة المنفردة، كما حدث عندما تم نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ونفس الأمر مع “الجولان” الهدية الأحدث للإسرائيليين. علماً بأنّ صهر الرئيس الأميركي ومستشاره السياسي قد أكد مؤخراً أنه سيكشف عن خطته للسلام في الشرق الأوسط “صفقة القرن” عقب انتهاء شهر رمضان في حزيران المقبل. من ثم فإن الفترة المتبقية من أيام عهدة ترامب الرئاسية ستُحدد أكثر وأكثر مدى الهوس السياسي اليهودي له، تلك التي يُحرك ويُفعل أدواتها الصهر اليهودي، بموجب بتفويض على بياض من الحُماة، الذي عادة ما يُظهر نفسه كمخلص من الزمن العتيق جاء لنصرة الشعب اليهودي، وذلك بحسب تصريحاته الشخصية؛ وكذلك تصريحات وزير خارجيته.
ترامب لن “يسلم السلطة” إذا خسر الانتخابات
في سياق متصل، وبناء على دور ترامب في صفقة القرن والدعم الذي يتلقاه من المنظمات اليهودية والناخبين الانجيليين، ووفقا لما أوردته “سكاي نيوز”، فقد أعربت رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، عن مخاوفها من عدم قبول الرئيس بتسليم السلطة في سنة 2020، إذا خسر الانتخابات الرئاسية المرتقبة بفارق ضئيل، وبحسب ما نقلت صحيفة “ذا تايمز”، فإن بيلوسي تخشى ألا يقبل ترامب بتسليم السلطة، إلا إذا خسر الانتخابات الرئاسية أمام منافس ديمقراطي، بفارق كبير.
أضافت بيلوسي، الأربعاء، أنه من الضروري أن تكون الولايات المتحدة محصنة ضد هذا الأمر، مضيفة أن ترامب كان سيسعى إلى الإرباك عام 2018، لولا فوز الديمقراطيين بأغلبية مهمة في مجلس النواب خلال انتخابات التجديد النصفي. في انتخابات الكونغرس 2018، حصل الديمقراطيون على 40 معقدا، وهو أكبر فوز من نوعه للحزب منذ 1974. في محطة 2018 الانتخابية، حذّر ترامب مما وصفه بالتصويت غير القانوني، وفي انتخابات 2016، زعم أن ملايين الأصوات جرى احتسابها بشكل غير قانوني لمرشحة الحزب الديمقراطي وقتها، هيلاري كلينتون، وهو ما أدى إلى خسارته لما يعرف في النظام الانتخابي الأميركي بالتصويت الشعبي.
نصحت بيلوسي الديمقراطيين بعدم السعي إلى عزل ترامب بسبب تقرير روبرت مولر بشأن التواطؤ المحتمل مع الروس، وفي وقت سابق، صرّحت بأن ترامب لا يستحق العزل. سيريا-إن. شبكة آرام بريس الإخبارية. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات.