سوف أناقش الموضوع مستنداً إلى الرواية الإسرائيلية والغربية، ومتجاهلاً البيان الصادر عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية.
- متى كانت تعترف إسرائيل بخسائرها؟ إن خسارة إسرائيل لأية طائرة حربية تعني الكثير لجيش مازال يعتبرُ نفسه الأقوى في الشرق الأوسط، والجيش الذي لا يُقهر، فهل سيعترفُ بخسارة طائرتين من قبل جيش يحاربُ منذ خمس سنوات؟ كما أن الاعتراف يضرّ بشعبية أية حكومة إسرائيلية. هم يعترفون فقط عندما يُقدّم دليل واضح، كشريط فيديو أو مشاهدة سقوط الطائرة من قِبل عدد كبير من المواطنين ووصول الصحافة إلى موقع السقوط. وطالما أن الحادثة حصلت فجر الثلاثاء، فلا دليل.
- حسب موقع الجيش الإسرائيلي؛ قام الطيران السوري باختراق الأجواء الإسرائيلية أربع مرات عام 2010 و 3 مرات عام 2011، فهل سمعنا بذلك؟ أخطر اختراق قريب حصل يوم الأحد 17 تموز 2016، عندما دخلت طائرة تجسس (UAV) بدون طيار الأجواء الإسرائيلية، فاكتشفتها الرادارات الصهيونية بعد عدة دقائق، وتصدت لها “القبة الحديدية” بصاروخي باتريوت اعتراضي PAC-2 الصاروخان اصطدما ببعضهما، ثم تصدت طائرة F-16 لطائرة التجسس بصاروخ جو ـ جو، أخطأها أيضاً، لتعود الطائرة إلى الأراضي السورية بسلام، بعد أن بقيت في الأجواء الإسرائيلية 31 دقيقة، وهذا كله حسب מִשְׂרַד הַבִּטָּחוֹן الإسرائيلية، بعدها تشكلت لجنة أمنية من القوات الجوية الاسرائيلية للتحقيق في الفشل الثلاثي لإسقاط طائرة التجسس مجهولة الهوية. هنا تصدت روسيا وقالت إنها طائرة روسية أخطأت خط سيرها، طبعاً علينا أن نصدق. الطائرة كانت سورية دون شك، وهذا ساندي بلوم يقول: “دعكم من هذا الهراء، الطائرة كانت سورية، ونحن فشلنا.”. ورد هذا التحليل أيضاً في صحيفتي معاريف وهآرتس، وعلى فرض أنها طائرة روسية، ماذا عن التنسيق العسكري الجوي، والذي اتفق عليه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بوجود رئيس الأركان الإسرائيلي في أيلول 2015، إلا إذا كانت روسيا تحارب إسرائيل! طبعاً كلنا يذكر طائرة الاستطلاع “أيوب” وما الذي فعلتهُ خريف 2012.
- حسب صحيفتي “ Mirror newspaperو Sunday Mirror ” البريطانيتين، بتاريخ 8 أيلول 2013، أن مقاتلات بريطانية من طراز تايفون، اعترضت مقاتلتين سوريتين من طراز سوخوي 24، بالقرب من القاعدة الرئيسية للمملكة المتحدة في قبرص، وكانت هذه رسالة تحذير سورية من تدخل الطيران البريطاني في سوريا .
- نعود الآن لإسقاط الطائرتين الإسرائيليتين: فجر الثلاثاء الساعة 2 والربع، القناة الأولى الإسرائيلية: “صاروخان أطلقا باتجاه طائرتين إسرائيليتين قامتا بمهمة ضد الجيش السوري… ليست لدينا معلومات مؤكدة مَنْ أطلق الصاروخين، هل هو حزب الله أم الدفاعات السورية، أم… الدفاعات الروسية!”.
- صباح الثلاثاء 13.09.2016، وعقب نبأ إسقاط طائرتين إسرائيليتين مباشرة، رئيس وزراء إسرائيل يبحثُ مع الرئيس الأميركي أوباما رفع الولايات المتحدة المساعدات العسكرية لإسرائيل إلى مستويات قياسية، وصلت إلى 38 مليار دولار، وسيتم اليوم الأربعاء توقيع الاتفاق العسكري الجديد. حسب ما وصل مركز فيريل للدراسات أنّ جزءاً كبيراً من هذا الانفاق العسكري سيذهبُ لتطوير نظام دفاع “القبة الحديدية” الفاشل. بررت إسرائيل مطالبها العسكرية بازدياد خطر إيران عقب الاتفاق الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني.
- في تقرير صادر هذا الصباح عن עיתונות יהודית، أفاد بالتالي: “عند الواحدة ليلاً من فجر الثلاثاء، انطلق صاروخان أرض جو من نوع S-200 بعيدا المدى من قاعدة عسكرية في جبل قاسيون. وS-200 كانت صواريخ متوسطة المدى صممت عام 1960 في زمن الاتحاد السوفيتي، وهي ربما لا تشكل تهديدا خطيراً لسلاح الجو الإسرائيلي الحديث، لكنّ إيران وسوريا طورا هذه الصواريخ في عام 2013، وجعلاها صواريخ بعيدة المدى، وأعادوا صناعتها وفق مواصفات خطيرة وصارت تعمل بالوقود الصلب. فأصبح مداها حوالي 110 كلم وربما أكثر. أي أن طائرة إسرائيلية تحلّق فوق طبريا، يمكن إصابتها بصاروخ ينطلق من جبل قاسيون، لكن الطائرة الإسرائيلية كانت تحلق قرب القنيطرة والمسافة 68 كلم.”.
- الثلاثاء 13.09.2016، مساءً يتم الكشف فجأة عن مناورة عسكرية إسرائيلية ضخمة، تحاكي مواجهة عسكرية بين الجيش الإسرائيلي والجيش السوري على الجبهتين السورية واللبنانية، تتضمن استدعاء 200 ألف جندي من الاحتياط.
- اليوم الأربعاء: قررت إسرائيل تعزيز علاج جرحى الإرهابيين الذين يقاتلون الجيش السوري في الجنوب السوري والجولان، ونقلهم عبر حافلات إلى مستشفى زيف في صفد، ثم إعادتهم بعد تلقيهم العلاج الى الجبهة.
- أخطر ما جرى بنظر الإسرائيليين، على فرض أنّ الصواريخ السورية لم تسقط الطائرتين، هو التالي:
- إطلاق الصاروخين باتجاه الطائرتين الإسرائيليتين، هو رسالة قوية وغير متوقعة أنّ الجيش السوري مازال قادراً على فعل الكثير، علماً أن أحد الصاروخين اللذين لم يصيبا الطائرتين، وحسب الصحافة الإسرائيلية، سقط داخل الجولان، ولو أنه سقط في منطقة سكنية، لقتل العشرات.
- الأخطر هو صاروخ متوسط المدى وليس قذيفة هاون، أطلق من داخل الأراضي السورية، سقط على بعد مئات الأمتار من مستودع لتخزين مادة الأمونياك السامة، مَنْ أطلق الصاروخ؟ أليس هذا تحذير أخطر من الصاروخين؟ وحسب معاريف؛ “سقطت قذيفة هاون على بعد مئات الأمتار من حاوية أمونيا في إحدى المستوطنات الإسرائيلية. وقال رئيس بلدية المستوطنة: “لو أصابت القذيفة حاوية الأمونيا لوقعت في المكان كارثة كبيرة جدًا كانت ستغير وجه القتال في المنطقة بمعدل 180 درجة، ولكن معجزة منعت وقوع كارثة”.
- شروط اللعبة في الجنوب السوري وفي الجولان تحديداً تغيّرت. وأمام إسرائيل حلان فقط: الانزلاق في حرب مع الجيش السوري، قد تبدأ بإشعالها، ولكنها لن تستطيع إطفاءها، أو الكف عن التدخل المباشر فيما يجري في سوريا، ودعمها العلني للإرهابيين.
نرى في مركز فيريل للدراسات ببرلين أنّ الأمور تسير نحو التصعيد في الجولان، لأن إسرائيل ببساطة لا يمكنها أن تعيش بدون حروب، وهذا أنسب وقت لشن حرب على سوريا. أما بالنسبة للطائرتين وحسب مصادرنا في برلين: “صاروخان سوريان أرض جو من نوع S-200 بعيدا المدى، انطلقا من قاعدة عسكرية في جبل قاسيون، أصابا طائرتين إسرائيليتين، الأولى طائرة تجسس والثانية حربية من طراز F-16A ‘Netz‘ ، وقد تمّ انقاذ الطيار الإسرائيلي من قبل الجيش الإسرائيلي نفسه.”.
Firil Center For Studies, Berlin, Germany مركز فيريل للدراسات ـ برلين
الدكتور جميل م. شاهين 14.09.2016