أوكرانيا … من أجل حفنة من الدولارات. المهندس باسل قس نصر الله

الاتحاد السوفييتي دولة أسَّسها “لينين” وبناها “ستالين” وشرَخَها “خروتشوف” وكبّلها “بريجينيف” وفكَّكها “غورباتشوف” وهدّمها “يلتسين”، هذه الدولة بَقِيت منها روسيا الوريثة الشرعية لها، فأعاد “بوتين” تثبيتها كقوة عظمى.

أدّى انهيار القوة العظمى السوفيتية لنشوء الظروف المؤاتية لوقف سباق التسلح بين الولايات المتحدة وروسيا، وموّل برنامج “نون – لوغار”، الذي اكتمل عام 1996، توحيد الترسانات النووية السوفيتية ضمن الأراضي الروسية، وبذلك تم تجنب بروز أوكرانيا وبيلاروسيا وكازاخستان كقوى نووية.
أكّد “جون كينيدي” عام 1960 أن القوة النووية يجب أن تُستخدم كوسيلة “لِصَدّ” الهجمات المعادية، وطالَبَ بتقوية صناعة الأسلحة التقليدية التي يمكن أن تُستخدم في “الحروب المحدودة”

لا توجد دولة في العالم على استعداد لتحمّل تبعات حرب “نهاية العالم”



من المفيد أن نفهم تماماً أنه لا توجد دولة في العالم على استعداد لتحمّل حرب “نهاية العالم”، ومهما كان تشاؤم الكثير من المحلِّلين بأن الخوف لا يَكمن في مجرد وجود السلاح النووي في حد ذاته، وإنما يكمن في أن بعض مَن يمتلكونه لا يَميلون مطلقاً الى إجراء حسابات متزنة للمكسب والخسارة، كما أن الدور الرئيسي للسلاح النووي ليس الدفاع بل الردع، والمبدأ الأساسي لهذا الردع النووي لا يَكْمن في استخدام السلاح النووي بل في التهديد باستخدامه، فالتهديد بالكارثة النووية هو الذي يضمن منعَ وقوعها.



لهذا، لا أجدُ مبرراً مقنعاً لاستخدام السلاح النووي.

مثالٌ على ما ورد أن “خروشوف” في حديثه الصريح مع الرئيس عبد الناصر بعد ثورة العراق في 14 تموز 1958، قال: “لن نستطيع عمل أي شيء لمسانَدَتِكم، إذا تأزمتْ الأمور بينكم وبين الولايات المتحدة الأميركية، فأي تدخّل من جانبنا قد يؤدي إلى حرب نووية لسنا على استعداد لمواجهة نتائجها”.

من أجل ذلك لن تكون الحرب العالمية الثالثة هي حرب محدّدة بزمنٍ وتستخدم السلاح النووي التقليدي، ولكنها حرب طويلة تستخدم أراضٍ عديدة وأسلحة منها السلاح النووي التكتيكي والسلاح البيولوجي والإرهاب الإسلامي.

فأولاً: الدراسات التي تعود الى عام 1992 حين دَعا “مخبر لوس آلاموس” للأسلحة النووية، لتصنيع أسلحة نووية منخفضة المستوى تستطيع أن تُشكِّل رداً فعَّالاً وموثوقاً ضد التهديدات النووية المستقبلية في العالم؛ “إذ تَتميَّز بالقدرة على تدمير وحدات بحجم الشركات الصناعية” والتحصينات القيادية تحت الأرضية وأيضاً على “تحييد الرعاع”

وثانياً: السلاح البيولوجي؛ نبّه “نادي روما” في تقريره في منتصف السبعينات أنه اعتباراً من عام 1980 فإن الحرب البيولوجية ستكون متاحة من خلال نشر الأوبئة عن طريق الماء والهواء. وقد أعلن الرئيس الأميركي “بيل كلينتون” أنهم باشروا بالعمل جدِّياً على مسألة الحرب البيولوجية منذ عام 1993، حيث بدأوا أيضاً بالعمل لتوفير الوقاية للناس من السلاح البيولوجي، وهو ابتكار آلات حساسة لاكتشاف أية فيروسات في الجو، وقد تمّ نشر الكواشف التجريبية لوجود الفيروسات في نيويورك أثناء انعقاد المؤتمر الجمهوري عام 2004، وكانت بحجم براد صغير.

وثالثاً: المحور الثالث فهو الإرهاب الإسلامي حالياً – والديني مستقبلاً – لأن المسلمين الذين قُتلت عائلاتهم أو أصدقائهم أو أقربائهم بقنابل من جهة ما، سيتحوّلون إلى كراهية هذه الجهة بقولهم “أن لا أحد يستطيع مساعدتهم غير الله .. أي العقيدة في مواجهة التكنولوجيا، والإنتحاري في مواجهة القوة النووية”، كما أنه من المستحيل تقريباً منع الإرهابيين من الحصول على شكل ما من سلاح بيولوجي، كالفيروسات.

الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” فهم هاتين النقطتين:



أولاً: قرأ في “صِدام الحضارت” لصموئيل هنتنغتون “، أنّه إذا كانت لديك أسلحة نووية، الولايات المتحدة لا تحاربك.

ثانياً: قرأ “ريمون آرون” أنه لا يمكن الرد على حادث حدود أو عدوان مُقَيَّد بالقصف النووي، لذلك ازداد الهامش  الذي يمكن أن تدور ضمنه عمليات عسكرية بدون استخدام الأسلحة النووية.

وبناء على ذلك اتخذ قراره بالحرب بعد أن تأكد الولايات المتحدة استخدمت أوكرانيا، بحفنة من الدولارات، لتكون الأسلحة البيولوجية على حدوده، ولا ننسى أنّ واشنطن تركت له الإرهاب الإسلامي قريباً منه في أفغانستان.

ختاماً أقول: يمكن اعتبار المعركة الفاصلة أو نهاية العالم، التي يصفها الكتاب الأخير من العهد الجديد، أي “سِفر الرؤيا 16″، على أنه انتحار عالمي نووي وبكتريولوجي. اللهم اشهد أني بلغت. المهندس باسل قس نصر الله. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. 17.05.2022