أينَ أنت يا… ليندا؟!

يحتار المرء في تصرفات وسلوك مفاجئ يقوم به بعض الأشخاص، خاصة لدى المراهقين، فيغيّرون حياتهم بشكل كامل، ويتخلون عن أقرب الناس إليهم من أهل وأصدقاء، مقابل أحلام وأهداف وهمية لا يرونها سوى عبر الانترنت، فيغرقون ثم يندمون ساعة لا يُفيدُ ندم، ولا يمكن إعادة الزمن إلى الوراء.

إنها قصّة ليندا جورج فينزل، الفتاة الألمانية ابنة الـ 15 عاماً، التي حصل مركز فيريل للدراسات على قصتها، والتي تشبهُ إلى حدّ ما قصص مراهقات كثيرات، لكنها الأكثر غرابة. عاشت ليندا حياة هانئة مع والديها في مدينة صغيرة جميلة تدعى Pulsnitz، ودرست في مدرستها وكانت من المتفوقات، فتاة هادئة طيبة ذات ابتسامة لا تفارق محيّاها، محبوبة من أصدقائها. بدون سابق إنذار؛ اختفت ليندا وربما إلى غير رجعة.

ظنّ الجميع أن وراء اختفائها قصة جنائية في البداية، لكن والدتها كاثرين شعرت بأن ابنتها رحلت إلى بلاد بعيدة. أخبرت ليندا والدتها أنها ستمضي عطلة نهاية الأسبوع لدى صديقتها. انتهت العطلة ولم تعد الفتاة، اتصلت الأم، فأخبرتها صديقتها أنّ ليندا لم تأتِ إليها أبداً، وآخر مرة شاهدتها كانت نهاية دوام يوم الجمعة في المدرسة.

بعد أن سألت الأم عدداً من أصدقاء ابنتها، ثم اتصلت بالشرطة، وتم تفتيش غرفة ليندا، فعثروا على تذكرة طيران وسجادة صلاة إسلامية!. الذي حصل أنّ ليندا بعد ظهر يوم الجمعة 1 تموز 2016، قد غادرت إلى مدينة درسدن ومنها إلى فرانكفورت، ثم استنبول.

بعد أن اختفت ليندا، استفاق الوالدان من غيبوبتهما، ومن الحرية التي يمنحها الآباء لأبنائهم وبناتهم دون رقابة، فأعادوا شريط تصرفات ابنتهما أمام الشرطة، ليكتشفا الحقيقة؛ “ليندا الآن مُجاهدة نكاح في سوريا”!

قبل ثلاثة أشهر كانت ليندا تذهب مع والديها إلى الكنيسة وتصلي معهما، فجأة انقطعت عن الصلاة، وبدأت تتحدث عن الإسلام كدين صحيح. وعندما جاء رمضان، ادّعت أنها تتبع نظاماً غذائياً صارماً، وفي الحقيقة أنها كانت تصوم. بعدها أخبرت والديها أنها تريد اتباع الدين الإسلامي، رغم ذلك لم يمانعا من باب حرية الاعتقاد. ازدادت عزلة ليندا عن أصدقائها في المدرسة، وباتت تعود مباشرة للمنزل فور انتهاء دوامها، وحسب زملائها في المدرسة: “أصبحت ليندا ترتدي بلوزة خريفية ذات أكمام طويلة بينما الحرارة 32 درجة مئوية، وتتجنب التحدث مع الفتيان، وتقرأ القرآن، وتتعلّم اللغة العربية...“. وقال أحد زملائها: “كانت ضحكتها تسعدنا وتُشعرنا بالتفاؤل، لكن بعد أن دخلت الإسلام، أصبحت شخصاً آخر؛ دائماً عابسة وجدية، وترفض مصافحة الفتيان.”.  

والد ليندا كان أكثر صراحة عندما قال: “لقد خدعتنا ليندا، بعد دخولها الإسلام أصبحت تكذب ببراعة، كذبت بشأن صيام رمضان وقالت أنها تتبع حمية غذائية، ثم طلبت منّا تفويضاً بأن تستطيع مغادرة ألمانيا بموافقة الأهل، قالت أن المدرسة طلبته منها، كونها تحت الـ 18 عاماً، ونحن صدقناها ووقعنا على التفويض.”.  

تحقيقات الشرطة الألمانية أثبتت من خلال “لاب توب” ليندا، والموجودات الشخصية الأخرى في غرفتها، أنّها استقبلت طلبات صداقة من فتيات ألمانيات محجبات قبل شهور قليلة، من مدينة درسدن وهامبورغ، وقد أرسلن لها حجاباً وقرآناً ذات مرة، ثم جاءها عن طريق الفتيات المحجبات، طلبُ صداقة من إرهابي إسلامي مطلوب للأمن الألماني واسمه مسجل على لائحة الإرهابيين العالميين، وبدأ التواصل بينهم عبر “الشات”، ثم محادثات هاتفية، ومنذ ذلك الحين انقلبت ليندا تماماً، وحصل لها غسيل دماغ، وبدأ التخطيط لسفرها إلى سوريا لجهاد النكاح.

تأمل والدة ليندا أن تراها مرة أخرى على قيد الحياة، وأن تعود إلى منزلها بأسرع وقت.

ليندا جورج غادرت استنبول بعد وصولها بعدة أيام إلى الحدود السورية، ثم دخلت سوريا بطريقها إلى الرقة.

233232

بوصول ليندا إلى سوريا يرتفع عدد الألمانيات اللواتي دخلن سوريا لممارسة جهاد النكاح، حسب فيريل، إلى 11 فتاة دون الثامنة عشرة عاماً، حيث لم ننسَ بعد قصة سونيا 16 عاماً، من Baden-Württemberg والدها جزائري ووالدتها ألمانية، التي هربت إلى سوريا وتزوجت إرهابياً، وتعمل مجاهدة نكاح بإشرافه. وترتفع معه خشية الأهل من ازدياد التغلغل الإسلامي المتطرف في المدارس الألمانية، على مرأى من السلطات الألمانية. مركز فيريل للدراسات 25 تشرين الأول 2016