إسرائيل خسرت المعركة الأولى مع الصواريخ السورية. الدكتور جميل م. شاهين. مركز فيريل للدراسات

هي التجربة الأولى بهذا الحجم للجيش الإسرائيلي مع السوريين منذ حرب تشرين 1973، ويمكننا التأكيد من مركز فيريل للدراسات أنّ الجيش الإسرائيلي خسر المعركة بوضوح.

الضربة الإسرائيلية مُسبقة التخطيط

إنّ ضربة بهذا الحجم لم تكن وليدة ساعتها، وهو ما اعترف به قادة إسرائيل، وقد تمّ توقيتها بحيث تأتي مباشرة بعد إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، بالإضافة لتمهيدات إعلامية بفتح الملاجئ في الجليل والجولان وإعلان الاستنفار بسبب رصد تحركاتٍ إيرانية في سوريا، هذه التحركات الإيرانية عبارة عن استعدادات لقصف مواقع إسرائيلية. إذاً الحديث عن تحركات إيرانية كان تمثيلية تتماشى مع بدء ترامب بإلقاء خطابه بخصوص الاتفاق النووي الإيراني…

ليلة أمس الأول هاجمت إسرائيل موقعاً عسكرياً سورياً قرب الكسوة. أعقبها مساء الأمس الأربعاء قيام دبابة مير كافا من داخل شريط فض الاشتباك في الجولان المحتل، باستهداف نقطة عسكرية سورية في حي العمالية بمدينة البعث بعدة قذائف، وكنا نشرنا على صفحة فيريل على الفيس بوك أنّ الطيران الإسرائيلي يُمشطُ الأجواء في طلعات استكشافية.

بدون شك خسرت إسرائيل والخليج المعركة الصاروخية الأولى أمام الجيش السوري. فيريل

الرد السوري غير المتوقع

لم يتأخر سلاح الصواريخ السورية بالردّ، وهو ما لم تحسب له تل أبيب حساب، ولا المتحمسين من السوريين الذين يُطالبون دائماً بالرد… بينما أصيب عُشاق إسرائيل بالذهول ولم يستطيعوا استيعاب ما حدث!




الرشقة الصاروخية الأولى كانت بأكثر من 30 صاروخاً، لكن العدادات الإسرائيلية توقفت عند العدد 20! ولم تعد تستطع العدّ أبعد من هذا الرقم.

الضربة استهدفت قواعد عسكرية في الجولان، ثم توسعت أكثر في الدفعة الثانية. وتم قصف 4 مواقع عسكرية إسرائيلية ضمنها 10 مراكز دفاعية حساسة.

المواقع العسكرية الإسرائيلية التي تم استهدافها، بدون تفاصيل لأنها ذُكرت في وسائل الإعلام، كانت مواقع استطلاعية والكترونية مختصة بالتشويش ومحطات اتصال ومقر قيادة لواء إقليمي ومقر قيادة كتائب… بالإضافة لمهبط مروحيات عسكرية.

أدت الضربة الصاروخية السورية لشلل تام في الاتصالات اللاسلكية والالكترونية في كامل الجولان. وأصابت المواقع بشكل دقيق وبنسبة تقارب 60% رغم استخدام القبة الحديدية التي أثبتت مرة ثانية فشلها.

كذبٌ إعلامي غير مسبوق

المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الكولونيل جوناثان كونريكوس، وأيضاً أفيخاي أدرعي أكدا أنّ 20 صاروخاً أطلقت على أهداف إسرائيلية، أسقطت القبة الحديدية 4 منها، بينما سقطت الأخرى  خارج الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل!! طبعاً هذا الكلام غير صحيح فهل تقصف (راجمة الصواريخ التي ادّعى أدرعي أنها هي التي نفذت الهجوم) بشكل متذبذب واهتزازي متحرك؟!

الكذب الإعلامي وطريقة نسخ الخبر وصلت لوكالات أنباء وفضائيات عالمية،  منها سكاي نيوز وحتى… روسيا اليوم!! اللتين نقلتا خبراً أضحك السوريين طويلاً وهو (قصف مطار الزبلطاني في دمشق وقطع التيار الكهربائي) السوريون يعرفون أحياءهم وماذا يوجد فيها. والنقل دائماً عما يقوله المرصد السوري لحقوق الإنسان.

الإعلام العربي كحال قسم كبير من الشعوب العربية خاصة في الخليج العربي، كان القصفُ السوري أشدُّ وقعاً عليهم من الإسرائيليين أنفسهم، وكادوا أن يفتحوا بيوت العزاء…

السوريون على الشرفات والأسطحة والمستوطنون يختنقون في الملاجئ

 

مستوطنون في الملاجئ

نشرت مواقع إسرائيلية صوراً لمستوطنين وهم يختبئون في الملاجئ، وهم بحالة ذعر وصلت حدّ الاختناق، وقد علم مركز فيريل بإصابة عدد منهم بسبب عدم جاهزية تلك الملاجئ وارتفاع الرطوبة فيها نتيجة الأحوال الجوية السائدة. الجيش الإسرائيلي منع نشر أية صور أو أخبار تتعلق بما يحدث في الجولان، أو أماكن سقوط الصواريخ، وسط تعتيم إعلامي غير مسبوق.

بالمقابل أمضى السوريون خاصة في دمشق ليلتهم يرصدون الدفاعات السورية وهي تتصدى للصواريخ الإسرائيلية، ويكفي أن نرى كمية الصور والفيديوهات التي التقطوها، لنعرف أين استمتع أهل دمشق بسهرتهم…

الخسارة الإسرائيلية بالأرقام

  • رغم التعتيم الإعلامي نؤكد من مركز فيريل، ومن خلال مصادرنا، مصرع ثلاثة جنود إسرائيليين على الأقل بالإضافة لمصرع ضابط إسرائيلي برتبة عميد תת-אלוף، نتيجة القصف السوري، وإصابة أكثر من 25 آخرين بقصف المراكز الإسرائيلية العشر. ويكفي أنّ نعرف أنّ أكثر من 40 سيارة إسعاف حضرت إلى المناطق العسكرية، وعادت مسرعة إلى المشافي، إلا إذا كانت تحمل كومبيوترات مُصابة!!
  • قصف سلاح الصواريخ السوري المواقع الإسرائيلية بحوالي 73 صاروخاً، أسقطت منهم القبة الحديدية قرابة 30 صاروخاً بنسبة نجاح 41%، علماً أنّ الطائرات الإسرائيلية اعترضت عدداً من تلك الصواريخ، أي فعلياً نسبة نجاح القبة الحديدة أقل من 41%.
  • تصدت الدفاعات السورية للطيران الإسرائيلي الذي كان فوق الجولان المحتل ولبنان، وسقطت الصواريخ السورية في الهيبارية وقب إلياس في لبنان، وجنوب صفد قرب مستوطنة أمياد.
  • أطلقت إسرائيل وحسب الدفاع الروسية، 60 صاروخاً من 28 طائرة شاركت في الهجوم بالإضافة لـ 10 صواريخ أرض _ أرض، الدفاعات الجوية السورية أسقطت أكثر من نصف تلك الصواريخ. أي الدفاعات السورية أفضل من الإسرائيلية كما أنّ هناك تساوٍ بعدد الصواريخ وهنا ينطبق (العين بالعين). الطائرات وكما ذكرنا في مركز فيريل قبل قصفها للمواقع السورية انطلق قسم منها من قاعدة رمات _ ديفيد الجوية شرقي حيفا.
  • ليس هناك أي معلومات مؤكدة عن إصابة أو إسقاط أية طائرة إسرائيلية.
القبة الحديدية مصدر استهزاء غير مسبوق، بعض المعلقين اقترح استخدامها لـ (كش العصافير)!! فيريل

الموقف الروسي

كالعادة لدى العاطفيين المتحمسين؛ روسيا اليوم صديق وأخ وبعد ساعات… روسيا خائنة! الموقف الروسي لم يتغيّر، وكما أكدنا: (روسيا لن تُحارب عن السوريين ولن تقصف إسرائيل إلا إذا تعرضت قواتها للقصف). أن يستقبل بوتين نتنياهو البارحة، أمر طبيعي وهذه هي السياسة. ولا يمكن لنا أن نفرض على روسيا ما تفعلهُ، هذا كلام البسطاء…

بوتين لم يأذن لنتنياهو بقصف سوريا، كما تخيّل البعض، بل حذرهُ من ذلك. علماً أن قرار الضربة فجر اليوم اتخذهُ نتنياهو وترامب منذ أيام… كلام لافروف كان واضحاً: (أكدنا لـ “نتنياهو” أمس ضرورة التخلي عن التصرفات الاستفزازية المتبادلة). ببساطة؛ نتنياهو لا يؤتمر من قبل بوتين، ويبدو أنّ موسكو نفسها قد تفاجأت سواء بالضربة أو بحجم الرد السوري…

الهبارية لبنان. صاروخ سوري

ماذا بعد، إلى أين يمضي الوضع العسكري؟

عندما نُحذّرُ من انهيار الوضع، يُسارعُ “الصغار” لاتهامنا في مركز فيريل بالإحباط، لهذا نقول: (ما ننشرهُ في مركز فيريل لا يصحُ أن يقرأهُ ضعاف الشخصية والذين ينهارون نفسياً بسرعة). نحن ننشر الواقع والوقائع ولا نبيعُ “تفاؤلاً وردياً” للأطفال…

إسرائيل صُدِمتْ وهي تراجعُ حساباتها الآن، ولكن هل يمكن أن تتراجع؟ تاريخ تل أبيب ومن ورائها واشنطن يقول: (إسرائيل ماضية في المغامرة حتى آخر مستوطن).

وسّع الجيش الإسرائيلي دائرة وكمية أهدافهِ، واستهدف دفاعات سورية في خمسة مواقع، وهذا اثباتٌ أنّ الذي قصفه هو الجيش السوري وليست إيران، وإيران هي حجة أمام الرأي العام العالمي والداخلي لتبرير أعماله العدوانية، وهدفهُ الأول الجيش السوري وليس الوجود الإيراني المحدود.

ما تقوم به تل أبيب الآن هو تجهيزُ الجبهة الداخلية عملياً ونفسياً، من الشمال إلى أقصى الجنوب، وإعادة هيكلة خطوط دفاعهم “الهشة” في الجولان، والتي دمرتها الصواريخ السورية في الدفعة الأولى. ثم التخطيط للجولة القادمة التي ستكون بعد الانتهاء من مراسم نقل السفارة الأميركية.

سيقوم قادة إسرائيل بالتهدئة “المؤقتة” وهو ما قالهُ ليبرمان: (إسرائيل لا ترغب بالتصعيد، ونتمنى أن يكون هذا الفصل قد انتهى). هذا الفصل… لكن بجميع الأحوال: الخليج العربي وإسرائيل خسروا المعركة الصاروخية التجريبية الأولى… وسوريا وجهت رسالة خطيرة لإسرائيل: (يمكننا تدمير خطوط دفاعكم في الجولان بسهولة). الدكتور جميل م. شاهين. مركز فيريل للدراسات. 10.05.2018