الضربة الأميركية فاشلة بكافة المقاييس. د. جميل م. شاهين.

 

نُقدّم لكم بعضاً من الحقائق حول الضربة الأميركية لمطار الشعيرات، التي جرت فجر الجمعة 07.04.2017. ما نرجوه هو التروي والهدوء، فالضربة فاشلة بكل معنى الكلمة، وليست رسالة لا لموسكو ولا لطهران، وهي بعرف الجيوش ليست أكثر من فيلم كرتوني مُبتذل، لا تؤدي لإسقاط دول أو قيادات.

أهداف الضربة الأميركية

  • ردّ الاعتبار لواشنطن وحفظ ماء الوجه، بعد أن أصبحت في زمن أوباما دولة كبيرة ولم تعد دولة عظمى، وحرف أنظار الداخل الأميركي عن اخفاقات إدارة ترامب، وعدم تحقيقهِ شيئاً من وعوده الكاذبة، والمطالبة بمحاسبته في الكونغرس الأميركي.
  • التأكيد لأعضاء الكونغرس الديموقراطيين، الذين يتهمونه بالتراخي مع موسكو، أنه لا يقيم وزناً لروسيا، وها هو يضرب دون موافقتها وهو الآمر الناهي وعنترُ زمانه، وليس كأوباما الجبان.
  • مطار الشعيرات هام جداً في ضرب إرهابيي داعش في البادية السورية، وقصفه يعني تعطيل تقدم الجيش السوري شرقاً باتجاه دير الزور، وشمالاً باتجاه الرقة، أي أنّ واشنطن تساعد داعش على الاستمرار فترة أطول، وشن هجوم على مطار دير الزور. وهذا يفسح المجال أمام ميليشيات “قسد” للسيطرة على الرقة ومحيطها، قبل وصول الجيش السوري، تمهيداً لتنفيذ خطة ترامب التي تحدثنا عنها في مركز فيريل عدة مرات /راجع الخطة/.
  • تحقيق ما عجزت عنه الطائرات الإسرائيلية عندما حاولت قصف الجيش السوري فجر الجمعة بتاريخ 17 آذار 2017، وردّت الدفاعات السورية بإسقاط طائرة وبإطلاق صواريخ وصلت إلى عمق فلسطين.
  • القضاء على أي حلّ سياسي، وإطالة أمد الحرب أطول فترة ممكنة في سوريا، لتحقيق مبدأ “الأمر الواقع” بوجود الجيش الأميركي فوق الأراضي السورية، ويليه دخول البريطانيين ومعهم الجيش الأردني من الجنوب، وتحقيق تغيير ديموغرافي في الشمال، تمهيداً للانفصاليين.

  

حقائق عن الضربة الأميركية

  • حسب قناة تلفزيون “ABC“: (قام الجيش السوري بإجراءات احترازية تدل على أنه توقع الهجوم الصاروخي الأمريكي، الذي استمر 35 دقيقة). هل علِمَ الجيش السوري بها؟ كافة المؤشرات باتهام الطائرة المزعومة بقصف الإرهابيين في خان شيخون، وبأنها انطلقت من مطار الشعيرات، تمهد لضربه. واشنطن وحسب معلومات مركز Firil FCFS، لم تتصل مباشرة بموسكو لإخبارها عن الضربة، بل كان عن طريق قناة ثالثة وقبل أقل من 30 دقيقة، وهذا جعل الرئيس الروسي في قمة الغضب، ودفعهُ شخصياً لإلغاء التنسيق العسكري مع واشنطن. روسيا وسوريا سحبتا الجنود والضباط والطائرات الحديثة قبل الضربة مباشرة. وننوّه إلى أنه لا يمكن افراغ المطار نهائياً من عناصر الحراسة، فالولايات المتحدة “غادرة” وقد تكون خطة ما لإفراغه وتركه لقمة سائغة بيد الإرهابيين، كما أنّ الصواريخ الأميركية غير دقيقة، فعدد الشهداء المدنيين أعلى من عدد الشهداء العسكريين بسبب الأخطاء.
  • الضربة غير متفق عليها مع روسيا، حسب خيال البعض، ويكفي أن نعلم أنّ خسائر الاقتصاد الروسي خلال ساعات، تتجاوز أضعاف أية فائدة ستجنيها، فقد انخفضت مؤشرات الأسهم الروسية بأكثر من 1,6% في أسواق البورصة الروسية، والروبل بأكثر من 0,5%، وهذا يعني خسائر بمئات الملايين. كما أن تنفيذ هكذا ضربة سيضعف من هيبتها في سوريا مع وجود ترسانة من الصواريخ الدفاعية الروسية.
  • من مصدرنا في واشنطن، يؤكد مركز فيريل Firil FCFS أنّ الصواريخ التي سقطت في المنطقة وبدائرة 5كلم، لا يتجاوز 30 صاروخاً، بينما ادعت واشنطن أنها قصفت بـ 59 صاروخاً، فأين هي باقي الصواريخ؟ هل كذبت واشنطن لرفع الفاتورة على الرياض؟ أم… تمّ اسقاطها؟ هنا السؤال الذي ستكشفه الأيام…
  • خطة ضرب الجيش السوري قديمة، وقد نوهنا لها في مركز فيريل سابقاً، وكانت كبيرة جداً، تم تعطيلها حسب وزير الخارجية الروسي لافروف بتدخل وزارة الدفاع الروسية، هذه الخطة أعاد إحياءها ترامب الجمهوري، ولكن بشكل ضربات محدودة، مقتدياً بعملية ثعلب الصحراء. هنا نُحذّر من مركز فيريل بأنّ خطة ترامب هذه تتضمن ضربات على عدة مرات، والمقصود كما علمنا من برلين: (تعطيل سلاح الجو السوري نهائياً، لفرض منطقة حظر طيران).
  • إن لم يكن هناك ردّ حاسمٌ من موسكو، فسوف يتمادى أكثر المدعو ترامب. الردّ الروسي الأول كان هاماً: (تعليق العمل بالمذكرة الروسية الأميركية حول ضمان سلامة التحليقات في سماء سوريا)، أي: “يحق لروسيا اعتراض أي جسم طائر غير مصرّح له بالطيران فوق الأجواء السورية”.

 

  • ملاحظة هامة جداً لم يتم ذكرها في الإعلام:

(لو كان مطار الشعيرات يحتوي على مخازن للأسلحة الكيميائية، وجرى قصفه، لأصيب سكان قرى: الشعيرات، الحمرا، دردغان… الملاصقة للمطار؟).

  • علماً أنّ منازل قرية الشعيرات لا تبعد عن المطار  سوى 300 متر، وتقع إلى الشرق منه، فلو انفجر صاروخ (خان شيخون) الكيماوي المزعوم، لقضى على نصف سكان هذه القرية!!. إلا إذا كان إرهابيو النصرة في خان شيخون “حساسون” جداً حتى من رائحة البصل!! إذاً

(لا يوجد أي سلاح كيميائي في مطار الشعيرات)…  

  • هناك شهداء مدنيون جراء سقوط الصواريخ الأميركية فوق قرى الحمرات، الشعيرات، دردغان، المنزول. لم يتأكد مركز فيريل من عددهم بدقة، لكن حسب المتوفر هم 9 شهداء بينهم أطفال.
  • روسيا دولة لها مصالحها، يجب أن نفهم هذا ونبتعد عن العواطف الجياشة… لماذا لم تقصف روسيا البوارج الأميركية؟!! ما أسهل تحرير القدس من وراء الموبايل… في لعبة الكبار لا مجال للخطأ أو للمغامرة، روسيا لن تدخل حرباً عالمية بسهولة، هل سنفهم ذلك؟ عندما تُهاجم طائراتها سترد أو لا ترد… تركيا أسقطت لها طائرة، فهل أعلن بوتين الحرب على أنقرة؟ الحرب الكبرى ليست لعبة Nintendo Switch كما يراها المتحمسون، هي حسابات دقيقة ومصالح دول عملاقة، تمتلك صواريخ الواحد منها يكفي لمحي الرياض والدوحة بمن فيهما.
  • ماذا عن الأمة العربية والأشقاء العرب؟ لم تتجرأ دولة “شقيقة” على إدانة العدوان! ماذا عن أبناء الوطن الذين نقلوا كافة المعلومات العسكرية للعدو؟ ماذا عن العصابات الإرهابية من أبناء وطننا “الكبير”؟ موسكو وطهران وكاركاس أقربُ لنا من معظم العواصم العربية.

الضربة الأميركية بالمقاييس العسكرية والسياسية، فاشلة

الشيء الوحيد الذي حققتهُ الضربة الأميركية هو إخراج مطار الشعيرات من الخدمة… مؤقتاً. لكنها بالمقابل كشفت الكثير.

  • مرة أخرى تثبتُ الصواريخ الأميركية عدم دقتها، فالأخبار الواردة لمركز فيريل تؤكد أن هناك أكثر من 7 صواريخ أخطأت الهدف بآلاف الأمتار، أي أنّ هذا فضيحة عسكرية أميركية بمعنى الكلمة. فالصاروخ الذي أصاب قرية الحمرات أخطأ هدفه بأكثر من 3800 متر، وصاروخا قرية الشعيرات بـأكثر من 1300 متر. وقد وصل مركز فيريل للتو أنّ هناك صاروخان أميركيان سقطا في أرض زراعية تابعة لقرية (دردغان) الدرداء والمنزول. ونكرر ما قلناه: هناك 29 صاروخاً مفقودين، أين هم؟ إما أنّ الولايات المتحدة تكذب، أو تمّ اسقاطهم.
  • حسب ما شاهدناه في الفيديو، فشل صاروخ توما هوك في اختراق سقف هنغار الطائرات، بل دمره بشكل جزئي، وهذه فضيحة عسكرية أخرى، فهل يستحق أن تدفع الرياض 1,6 مليون دولار ثمنه؟. علماً أن فاتورة الضربة تقارب 380 مليون دولار سيدفعها الشعب السعودي (البطل).
  • لنفرض أنّ الولايات المتحدة قصفت بـ 59 صاروخاً، الصواريخ التي سقطت داخل المطار كانت 23 صاروخاً إذاً نسبة الإصابة، على فرض أنها أصابت، هي 38% وهي لا تختلف عن نسبة إصابة قذائف الهاون!!
  • بعد انكشاف الخطة الكبرى لضرب سوريا، قامت موسكو بتزويد الجيش السوري بدفاعات جوية أكثر تطوراً، بعد الضربة الأميركية فجر اليوم، صرّحت وزارة الدفاع الروسية أنها ستعزز دفاعات الجيش السوري الجوية، وأين؟ في مطار الشعيران نفسه.
  • معلومات مركزنا تقول: (الأضرار في المطار أقل بكثير مما تناقلتهُ وسائل الإعلام، وحسب مصدرنا في موسكو، يمكن إصلاح الأضرار بفترة قصيرة، وعودة المطار للعمل.). وحسب المصادر الرسمية هناك خسارة لـ 6 طائرات ميغ 23، ورادار ومخازن الوقود، وخزانات الكيروسين الاحتياطي، والمستوصف… وقد شاهدنا أن مُدرجات المطار شبه سليمة.

  • الذين نصحوا ترامب بأن هكذا ضربة ستحقق له ولواشنطن الانتصار والمجد، هم صقور البيت الأبيض ومالكو مصانع الأسلحة الأميركية، فقد علم مركز فيريل من واشنطن أنّ خلافاتٍ حادة جرت وتجري الآن حول الضربة، بين البيت الأبيض والديموقراطيين وبعض الجمهوريين في الكونغرس الأميركي، واعتبار تصرف ترامب سلوك إفرادي وتجاوز لصلاحياته، وبالتالي شنّ حملة تؤكد عدم أهليته لقيادة الولايات المتحدة، وتحقيق الأمن الأميركي القومي. كما أن شكوكاً تتعاظم حول مقدرات ترامب العقلية واصابته بمرض ألزهايمر.
  • هي مرحلة جديدة وحاسمة وخطيرة؛ فالمعركة الحقيقية بدأت بتدخل الأصيل بعد أن فشل الأتباع والخونة، وبالتالي الرؤية باتت أوضح. إن كانت الولايات المتحدة صاحبة أكبر سجل إجرامي دموي في التاريخ، لم تتعلم من دروس عام 1983، ويقودها مُصارع غبي، فبالتأكيد سيكون لها في سوريا “كورس” تعليم بعنوان (كيف تتأقلم واشنطن مع الخسارة). للحديث بقايا. د. جميل م. شاهين 07.04.2017

Firil Center For Studies, FCFS, Berlin