
القدرة الإلهية تتدخل في حرائق اللاذقية تموز 2025. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. 11.07.2025
هو موسمُ حرائق الغابات حولَ العالم، حرارة مرتفعة جفاف مُسيطر، رياح قوية، وأخيراً هناك الكثير من المجرمين مستعدون لإشعال النّار. المناخ تغيّر ومال بوضوح نحو التطرّف، حرارة الأرض ارتفعت حوالي 1,5 درجة مئوية، بالإضافة لأسوأ موسم أمطارٍ تشهدهُ سوريا منذ بدء التسجيل. أنوّهُ أنّ الحرائق بمعظمها ليست صنع برامج الطقس التي تعرفونها وأولها حرائق اللاذقية، محور حديثنا اليوم.
شهدت محافظة اللاذقية ولواء إسكندرون المحتل، أكبر حرائق في تاريخهما المعروف. شملت آلاف الهكتارات والأراضي الزراعية. بدأت في نهاية حزيران ومازالت مستمرة بضراوة حتى لحظة إعداد هذا التقرير من مركز فيريل للدراسات. ماذا جرى ومَنْ المسؤول الحقيقي؟
المجرمون أشعلوا الحرائق في عشرات البؤر
بدأت الحرائق في أحراش قرية صغيرة في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي. نسبة الرطوبة 71%، وهي غير مناسبة لاشتعال أيّ حريق. الرياح شمالية بسرعة 24 كم/ساعة وهي مناسبة، الفصل صيفي حار جاف، وهنا توفر شرطان ومازلنا بحاجة للشرط الثالث، وهو الشرارة. هذا تكفّلت به “جهة إرهابية إجرامية” سنوضحها لاحقاً.
توسعت الحرائق وانتشرت النيران سريعاً بعد “إشعال” أكثر من نقطة، ليصل عدد البؤر خلال الأسبوع الأول إلى 141حريقاً. تخيّلتم الرقم؟
مَنْ أشعلَ حرائق اللاذقية؟
حرائق الغابات بحث واسع تطرقنا له عدة مرات بتفصيل في مركز فيريل، لا داعي لإعادة ماورد. تجتاحُ الحرائق سنوياً عشراتِ الدول حول العالم، لكن ووفقاً لأهم الدراسات العالمية “العلمية” وليست “الخطّابية”، فإنّ 96% من حرائق الغابات بفعل فاعل، والكلام موجّه للإرهابي أنس خطاب الذي يتدخّل فيما لا يفقه به، وهل يفقهُ الإرهابي إلا في إرسال الانتحاريين لتفجير الكنائس؟
أحد شباب القرية المستهدفة، قدّمَ لنا شهادته. هو موضعُ ثقة. قال حرفياً:
(في ساعات الصباح الأولى، شاهدتُ مجموعة من ثلاثة أشخاص، كلّ واحد على موتور سيكل، بيده “بيدون أبيض” سكبوا منه على الأعشاب قرب الطريق شرقي مقام جعفر الطيار، أشعلوا النيران وهربوا مسرعين، وهم يصرخون لبعضهم بلغة ليست عربية)
سألنا عن اللغة، أكّد لنا الشاب أنها على الأغلب “تركمانية”، كونه يعرفها وهو ابن المنطقة، الذي عاد مسرعاً للقرية ليخبر سكانها كي يهبوا لإطفاء الحرائق.
الذي حصل وحسب مركز فيريل بتقرير ميداني؛ بدأت الحرائق في أحراش قرية الإيمان، سكانها من الطائفة العلوية. الذين أشعلوا الحرائق لم يكتفوا بنقطة واحدة بل بعدة نقاط كي تكون شاملة. هبَّ سكان القرية بإمكاناتهم المتواضعة لإطفاء الحرائق، وبنفس الوقت اتصلوا بالطوارئ كي تُساعدهم. فشلوا بالأمرين، فكلما نجحوا بإطفاء بقعة تظهر بقعة أخرى وكأن هناك مَنْ يُشعلها، أما السلطات فلم تستجب نهائياً وهذه نؤكدها في مركز فيريل.
بسبب الرياح الشمالية، والتي وصلت سرعتها نهاراً إلى 32 كم/سا في الهبات، انتقلت الحرائق جنوباً وهو المطلوب، نحو قرية بيت القصير، وقرية بيت الحايك، وأيضاً لم تتحرّك أية جهة رسمية لإطفاء الحرائق. كانت الإجابة بعد الاستفسار من المتصلين عن المنطقة المشتعلة بدقة: (نحنُ في الطريق)
وتمضي الساعات، ثم اليوم الأول والثاني، ولا تصل أية سيارة إطفاء. وصلت النيران إلى قرية المحمودية، سكانها بأكثرية تركمانية، فتحركت سيارة إطفاء وحيدة، لم تستطعْ إطفاء سوى موقع واحد، بينما بدأت النيران تتسع جنوباً باتجاه القرى العلوية، وكم نكرهُ في مركز فيريل التعابير الطائفية لكننا مضطرون، فمعذرةً.
هنا قررت (حكومة المتخلفين) تهجير السكان حسب الخطة، والسبب حسب أكاذيبهم “الخوف على المدنيين”، أما مجازر الساحل والخطف فليست خوفاً على المدنيين. الكذب المفضوح.
إلى هنا والمخطط يسيرُ بشكل جيد، فتهجير سكان القرى يتم، وحرق ممتلكاتهم سيؤخر عودتهم، إن حصلت، ولن تحصل.
القدرة الإلهية تدخلت وانقلب السحرُ على الإرهابيين شُذّاذُ الآفاق
فجأةً، وبقدرة إلهية، دونَ تفسيرٍ علمي مُقنع لما حصل، غيّرت الرياح اتجاهها من شمالية إلى غربية، ثم جنوبية غريبة وأخيراً جنوبية، خلال 3 ساعات فقط! في ضربةٍ إلهية لم يستطع تفسيرها أو توقعها عُلماء الطقس، فكيفَ بالجهلة المتخلّفين أبناءُ حيزبون؟
الرياخ غيّرت اتجاهها من شمالية إلى جنوبية خلال 3 ساعات!
ساذجٌ يحتاجُ لفحص طبّي مَنْ يعتقد أن تركيا، ثالث أكثر دولة بارتكاب المجازر وعدوّ الإنسانية عبر تاريخها القصير، تهبُّ لنجدة السوريين وإطفاء الحرائق لسبب إنساني، حتى لو وصلت لغرفة نوم الجولاني نفسه. إليكم ما حصل بدقة؛ حسب الصور المتوفرة للأقمار الصناعية
بالعودة لخرائط الطقس واتجاهات الرياح، وجدنا في مركز فيريل أنّه بتاريخ 30 حزيران 2025 حتى الساعة 24، كانت الرياح شمالية والنيران مشتعلة في القرى المذكورة. في اليوم التالي أي 01 تموز 2025 عند الساعة 2 فجراً، هدأت الرياح تماماً، وأصبحت سرعتها 4 كم/سا عند الساعة 3 فجراً. خلال ساعة فقط، نُكرر خلال ساعة انقلب اتجاه الرياح إلى جنوبية غربية وبسرعة غير مُفسّرة علمياً. لتعود وتنشط بشكل أيضاً مفاجئ وتصبحُ عند الـ 9 صباحاً بسرعة 27 كم في الساعة، هنا حملت الرياح الأغصان الصغيرة المحترقة باتجاه الشرق والشمال الشرقي، فاشتعلت قرية “زنزف”، وسكانها من التركمان، لهذا هبّت سلطات الأمر الواقع طالبة النجدة من سيّدها أردوغان، لأن الخطة بدأت تفشل بسبب تدخل إلهي
بعدها، هناك مَنْ ساعد بزيادة الاحتراق بإشعال بؤر جديد، بينما تكفلت الرياح بانتشارها. مع مرور الساعات والأيام، تحوّلت الرياح إلى جنوبية، أي تهبّ من الجنوب إلى الشمال، وتضاعفت سرعتها لتصلَ إلى 38 كم/سا في الهبات، فاخترقت كافة التوقعات والمخططات الإرهابية، وبدأت النيران تلتهم غابات لواء إسكندرون المحتل، فأرسل أردوغان لنجدة عملائه.
هنا يمكنُ تفسيرُ سبب التجاهل الإعلامي في البداية، ثم هذه التغطية الإعلامية غير المسبوقة لهذه الحرائق، مع كيل الاتهامات لفلول النظام، على فرض وجودهم بهذه الأعداد الهائلة
روسيا اهتمت في البداية ثم تفرّجت
لا حظنا في مركز فيريل استعداداً ما لطائراتٍ روسية، متمركزة في قاعدة حميميم العسكرية. حلّقت مروحيتان فوق القاعدة ثم اتجهتا شمالاً بضعة كيلومترات، في اليوم الأول، وكأنهما تراقبان الوضع، كان هذا قبلَ تغيير الرياح اتجاهاتها، لكن الهدوء عاد للقاعدة في الأيام التالية وكأن الحرائق تجري في قارّة أخرى.
بيت القدار رأس البسيط
نطرحُ هذا المثال عمّا حدث ويحدث في ريف اللاذقية. بيت القدار، قرية صغيرة شرق رأس البسيط ترتفعُ 192 متراً عن سطح البحر، سكانها من العلويين. وجودهم يُزعج الأتراك وأذيالهم.
نسبة الرطوبة 78% لقربها من البحر، عندما اشتعلت والأصح أُشعلت فيها النيران بدون فاعل حسب الإرهابي أنس خطّاب، ليلة 02 تموز 2025. استطاع أهل القرية إطفاء الحرائق. بدون مساعدة من حكومة المتخلّفين والإرهابي رائد الصالح. بعد ثلاثة أيام، عاد الإرهابيون وأشعلوا الحرائق، لكن كما ذكرنا وبسبب تغيير جهة الرياح انحرفت شمالاً فتدخلَ العثمانيون لأنهم يريدون تلك المنطقة، وسنشرح ذلك بالتفصيل في بحث خاص بمركز فيريل.
انشغلت السلطات العثمانية وربيبتها الإرهابية بإطفاء الحرائق المتجهة شمالاً، فقامت مجموعة بإشعال النيران من جديد في القرية بتاريخ 07.07.2025. التهمت هذه المرة أشجار “جبل فليك”. أيضاً ساهم رجال القرية بإطفاء الحرائق بعد تقاعس الجهات المختصة، فحاصرت النيران بعضهم مع آلياتهم البسيطة كما في الفيديو. حدثت عدة إصابات.
للمرة الثالثة، قامت مجموعة إرهابية بإشعال النيران في القرية فجر الأربعاء 09.07، وأيضاً ينجح الأهالي بإطفاء النيران، مؤكدين أنهم لن يرحلوا، وعلى صدوركم باقون
الإرهابي أنس حسّان الخطّاب يستمرُّ في إجرامه
أعلنَ سيّدُ الإرهابي أنس خطاب، المدعو علي يرليكايا وزير داخلية أردوغان، بعد حرائق ولاية إزمير” غرب تركيا قبل أيام، اعتقالَ 44 مشتبهاً بهم واحتجاز 10 آخرين، لإشعالهم النيران في الغابات. بينما أنس “العبقري” عرِفَ الانتحاري قبلَ التفجير، بذكائهِ الخارق مع “عضوات” حكومة المتخلّفين. فالانتحاري الذي فجّر كنيسة مار إلياس في الدويلعة، هو عنصر من داعش!
بالنسبة لحرائق اللاذقية، لمْ يظهر على الشاشة لأنه تعلّم التقليل من غباواته، فجاء بتصريح أكثر بلاهةً من الأول: (لا توجد أدلّة على أنّ الحرائق في ريف اللاذقية مفتعلة). هذا أكبر دليل ليس على بلادتهِ فقط، بل على أنّه مسؤول عن الحرائق أيضاً.
بعد أن تمّ التسليم والاستلام، طردتْ حكومة المتخلّفين مئات الآلاف من الموظفين، بينهم عناصر الدفاع المدني في اللاذقية، أصحاب الخبرة الواسعة، وجاءت بجهلة مراهقين عقلياً، من المطبلين الجُدد. هؤلاء بالإضافة لانعدام خبراتهم وكثرة جرائمهم السابقة، فالطائفية تفتكُ بهم. المسؤول المباشر هنا الإرهابي أنس خطاب ومعهُ الإرهابي رائد الصالح بماضيهِ الدموي.
مثلّثُ النار Tetrahedron

مثلث النار Branddreieck هو ألف باء الطلّاب، وهذا لا يأخذُ به معظمُ مسؤولي الدول التي تصيبها الحرائق سنوياً، فيتهمون السماءَ بأنها وراءَ إشعال تلكَ الحرائق، عن جهل أو للتغطية عن الفاعل الحقيقي. فكيف إن كان هؤلاء جهلة إرهابيين؟
المثلث يشرح ببساطة العناصر الأساسية التي يجب توفرها كي تشتعلَ النار: الأوكسجين، الحرارة، أجسام قابلة للإحتراق.
لا يُمكنُ إشعال الغابة بدون أوكسجين، ويجب أن تكون نسبة الجفاف مرتفعة مقابل رطوبة منخفضة، مع تواجد أغصان ونباتات جافة قابلة للاحتراق، هل هذا كل شيء؟ لا، نحتاجُ أيضاً للشرارة وهذه لا تُقدمها الطبيعة إلا “نادراً” جداً. وهذه النادر غير موجود في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط. كي تشتعل النار مازال ينقصُ المجرم الذي سيشعل تلك الغابة، مع مادة قابلة للاشتعال “وقود”.
يؤكد العلماء والخبراء في الدفاع المدني وحرائق الغابات، Lothar Schott, Manfred Ritter في كتاب “أساسيات إطفاء الحرائق” الصادر في عام 2022 بألمانيا، Marburg 2022:
(لا يمكنُ إشعال النار، ولا يُمكنُ أن تستمرَ باشتعالها، حتى بشرارة أو برفع الحرارة لتصلَ إلى درجةٍ تُناسبُ بدءَ تفاعل كيميائي يُشعلُ النار)
الجفاف والطقس الحار جداً. الرياح النشطة، كلّها عوامل مُساعِدة على انتشار الجرائق وليس إشعال النار.
ختاماً رأي مركز فيريل للدراسات
ما حدث كارثة بيئية إنسانية أصابت سوريا قبلَ أن تُصيبَ أحداً آخر. ولا تجوز، أخلاقياً، الشماتة بالدمار أو الموت، بغضّ النظر عن الجهة المُصابة
دون أدنى شكّ؛ هناك مَن ارتكبَ هذه الجريمة، وبالتأكيد ليسوا فضائيين أو أشباح. المُخططون والفاعلون مصنّفون من جنس البشر للأسف، لكنهم بالتأكيد ليسوا سوريين حتى لو حملوا جنسيتها. فالذي يُحبُّ سوريا لا يرمها بوردة. الحرائق المُفتعلة تُزيدُ من جراح الاقتصاد السوري الذي لم يتحسّن نهائياً، وكلّ ما صدر من أخبار هي أبر تخدير “يستلذُّ” بها المدمنون. وكما اتهمنا الحكومة السابقة عن حرائق 2019، نتهم العناصر الإرهابية التي تستولي على السلطة اليوم، بالوقوف وراء الحرائق لتنفيذ مشاريع لصالح دول خليجية وتركيا، واضح الاتهام؟
الحرائق دمرت آلاف الهكتارات وهناك عدة ضحايا، وصلت جبل النسر وتلال عطيرة وزاهية بعد أن انتهت من قسطل المعاف والفرنلق، وأحرقت غاباتٍ عمرها مئات السنين.
محاولات إحراق قرى أخرى لم تنتهِ، وقد تكون بديلاً مؤقتاً عن “المجازر”! وصلت المحاولات إلى القرداحة، رويسة البساتنة، حيث أطلق مُسلحون يركبون سياراتٍ تابعة للجولاني النار على أربعة أشخاص، قاموا بتصويرهم أثناء إشعالهم النار، فتوفي سامر سعيد، إسماعيل بربر، ووحيد أسعد بينما اعتقلوا الرابع وهو رفعت خير بيك.
لن ننسى منطقة الوادي، المشتى، صافيتا، صلنفة، مصياف إلخ. نيران الحقد والطائفية مستمرة، مع التنبيه أنّ هناك مَنْ يستغلُّ الظروفَ و “فلتة الحكم” كي يضرب ويُمارس أمراضه النفسية، ومن كافة الاتجاهات. بجميع الأحوال؛ نيرانُ سوريا ستحرقكم في دياركم. مركز فيريل للدراسات. 11.07.2025