معهد واشنطن: يجب منع اندلاع حرب ثالثة في لبنان مع حزب الله. تقرير

 

ما سوف نراه في التقرير هو رعبٌ غربي على إسرائيل من أية مواجهة مع حزب الله قد تؤدي لحربٍ شاملة.

بتاريخ 25 تشرين الأول الماضي، ألقى العقيد ريتشارد كيمب، واللواء اللورد ريتشارد دانات، والجنرال كلاوس نومان، كلمة في منتدىً سياسي في معهد واشنطن، ضمن سلسلة محاضرات “ستاين” لمكافحة الإرهاب. كيمب هو القائد السابق للقوات البريطانية في أفغانستان، وقائد فريق الإرهاب الدولي في “لجنة المخابرات المشتركة” في بريطانيا. دانات هو رئيس الأركان السابق للجيش البريطاني. نومان، شغل منصب رئيس أركان “القوات المسلحة الألمانية” ورئيس “اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي”. الثلاثة شاركوا في مشروع يضم “مجموعة عسكرية رفيعة المستوى” نشرت تقريراً بعنوان: “جيش الإرهاب التابع لـحزب الله: كيفية منع اندلاع حرب ثالثة في لبنان”. التالي موجز مقررات شنوا فيها جملة اتهامات لحزب الله، دفاعاً عن إسرائيل. الترجمة كما النصّ مع تعديل بعض التعابير الغربية المتطرفة.

 

منع الحرب مع حزب الله لحماية إسرائيل

أمام الغرب اليوم فرصة فريدة لمنع اندلاع المزيد من الحروب بين حزب الله و”إسرائيل”، ولتحقيق ذلك، على الحكومات تغيير ردود فعلها الغريزية على العمليات العسكرية “الإسرائيلية”.

في الوقت الراهن، ثمة احتمال كبير بأن يشن حزب الله حرباً أخرى، كونه الوكيل الرئيسي لإيران ضد “إسرائيل” والولايات المتحدة وحلفائهما. لا شك أنّ “المجموعة العسكرية رفيعة المستوى” (HLMG) شبه متأكّدة من أنّه عندما تبدأ الحرب، ستشعر “إسرائيل” بأنها مجبرة على الرد بعدوانية وقوة وسرعة كبيرة. في حين أن عملياتها ستتّبع بالتأكيد قوانين الصراع المسلح، إلّا أنّها ستؤدي بالضرورة إلى وقوع خسائر بشرية مدنية واسعة النطاق، ولا سيما في جنوب لبنان.

يدرك حزب الله هذا الأمر تماماً ويتوقع حدوث العمليات العسكرية، معتمداً على وقوع عدد كبير من الضحايا من لتحريض المجتمع الدولي ضد “إسرائيل”، لعلمه أن العديد من الحكومات تقوم تلقائياً بعزل إسرائيل وتهميشها. يهدف حزب الله، مثله مثل حركة «حماس» وجماعات مماثلة، إلى حشد الدعم الكافي لاتهام “إسرائيل” بارتكاب جرائم حرب. لهذا السبب بالذات، من غير المرجّح لن تشن “إسرائيل” عملية استباقية كبرى في لبنان.

لتغيير حسابات حزب الله وتجنّب الوقوع في فخّه، يتعين على الحكومات الغربية أن تعيد النظر في ردود أفعالها على العمليات العسكرية وعمليات مكافحة الإرهاب المبرّرة التي تقوم بها إسرائيل، وأيضاً على الهجمات الإرهابية التي تحفزّ تلك العمليات في المقام الأول. لسوء الحظ، غالباً ما تسعى الحكومات الأوروبية إلى استرضاء البلدان العربية في مثل هذه الحالات. وسيبقى هذا التفكير راسخاً طالما أن المسؤولين ينظرون إلى الإرهاب الموجّه ضد “إسرائيل” بشكل مختلف عن الإرهاب الموجّه ضدّ بلدان أخرى.

 

اتهامات ريتشارد دانات لحزب الله

حقق حزب الله تطورات خطيرة في قدراته الاستراتيجية منذ حرب لبنان في تموز 2006، ومن الضروري فَهم المخاطر الناجمة لتقييم احتمال وقوع هجوم وطبيعة الرد الإسرائيلي الحتمي. فيما يتعلق بالقدرات القتالية البرية، تَطوّر حزب الله إلى ما هو أبعد من فئة ميليشيات مسلحة. فهو الآن أقرب إلى قوة عسكرية موحّدة، مع هيكلية وتسلسل واضح للقيادة. وقد ازداد عدد عناصره بشكل هائل، فلديه 25 ألف مقاتل مُدرّب و20 ألف مقاتل احتياطي. وقد خضع حوالي 5 آلاف مقاتل لتدريب متقدم في إيران.

في الوقت نفسه، توسّعت ترسانة حزب الله إلى أكثر من 100 ألف صاروخ وقذيفة، والآلاف منها متوسطة المدى تصل إلى مسافة 250 كيلومتر. في هذا الإطار، تم تجهيز القوات البرية الآن ببندقيات كلاشنكوف من طراز “AK-47″، ونظارات للرؤية الليلية، وأسلحة متقدّمة مضادة للدبابات، ومهارات أعلى في المتفجرات. كما أدرج حزب الله في الآونة الأخيرة وحدة دعم جديدة للدروع مع دبابات حديثة. كما أنه يملك مئات الطائرات بدون طيار، وأنظمة  متقدمة للدفاع الجوي، ومنظومات صواريخ جوالة بر- بحر، وقدرات استخبارية كبيرة. وإلى جانب الخبرة القتالية التي اكتسبتها قوات حزب الله في سوريا، فإن هذه التطورات سوف تسمح للحزب بتنفيذ عمليات على مستوى السريات أو الكتائب.

بالإضافة إلى ذلك، لا يزال حزب الله الجزء الأهم في استراتيجية حرب إيران بالوكالة. وبالتالي، إذا اندلع صراع آخر مع “إسرائيل”، فمن المرجّح أن تدفع طهران وكلاءها الآخرين في جميع أنحاء المنطقة إلى الدفاع عن الحزب.

أضاف ريتشارد دانات موجها اتهامه لحزب الله: يتألّف المفهوم الاستراتيجي الأساسي لـحزب الله من ثلاثة أجزاء ذات صلة وهي: النشاط (الإرهابي) والنشاط العسكري التقليدي والنشاط السياسي. ومن بين أمور أخرى، يشير هذا التفاعل إلى أن حزب الله يقود عمليات من دون أي اعتبار لقوانين الحرب، على الرغم من أنه أصبح يشبه القوات العسكرية التقليدية. فعلى سبيل المثال، وبتجاهل متعمد للقاعدة الشعبية التي يتمتع فيها حزب الله في لبنان، قال ريتشارد دانات: لم يُظهر الحزب أي ندم على استخدامه المدنيين كغطاء لعناصره، متعمّداً تحويل المدنيين غير المقاتلين إلى أهداف. ومع مرور الوقت، حوّل حزب الله معظم قرى جنوب لبنان إلى أصول عسكرية توفر البنية التحتية والتجنيد والتخزين، وتتيح له الوصول إلى أنفاق تحت الأرض مصمّمة للحرب.

لذلك، يتعين على المجتمع الدولي أن يدرك أنّ حزب الله أصبح يشكّل تهديداً كبيراً، ليس على إسرائيل فحسب، بل على الشعب اللبناني أيضاً. وخلال الحرب القادمة، سيسعى «حزب الله» دون شك إلى إضعاف عزم إسرائيل وكسب ميزة تكتيكية، من خلال مهاجمة المدنيين والبنية التحتية الحيوية داخل إسرائيل، وربما حتى سيسعى أيضاً إلى الاستيلاء على أراضٍ مهمة في محاولة لإثبات مصداقية “المقاومة” أمام العالم العربي. ورداً على ذلك، ستشن إسرائيل بالتأكيد هجوماً مضاداً هائلاً، من شأنه أن يعرّض السكان المدنيين في جنوب لبنان للخطر الشديد.

أخيراً، في حين يركّز التقرير الأخير لـ”المجموعة العسكرية رفيعة المستوى” على منع نشوب حرب ثالثة، يمكن القول إنّ شرارة الحرب قد اندلعت، إذ يقود كلا الجانبين عمليات متخفية من مختلف الأشكال ضدّ بعضهما البعض. وفي هذه الحالة، لن يستغرق الأمر الكثير من الوقت للانتقال من حرب باردة إلى حرب ساخنة.

 

اتهامات كلاوس نومان لحزب الله

نظراً لقدرات حزب الله العسكرية المُحدّثة، ورغبته في استهداف “المدنيين الإسرائيليين”، واستراتيجيته في استخدام “المدنيين اللبنانيين كدروع بشرية”، فإن الحرب المقبلة ستكون أسوأ بكثير من الحرب السابقة. وإذا اندلعت، فستترتب عنها عواقب إنسانية وخيمة، وقد تضع المصالح الاستراتيجية الغربية في خطر.

لا يزال بإمكان الغرب نزع فتيل هذه الحرب التي تلوح في الأفق أو تخفيف العواقب الناجمة عنها. ولتحقيق ذلك، تحتاج الولايات المتحدة وأوروبا إلى إعادة تقييم علاقاتهما مع لبنان، وتحديث سياساتهما وفقاً لذلك. فلم يعد لبنان دولةً صديقة مع مجموعة “إرهابية” متربّصة في الهوامش. ففي المرحلة الراهنة، تمكّن حزب الله من السيطرة على معظم أنحاء البلاد، وجعل الحكومة تعتمد على وجوده، وتلاعب بالمسؤولين ليهملوا مصالح الشعب بغية مواصلة جدول أعمال إيران الإقليمي. وإذا فشل الغرب في الاعتراف بأن لبنان لم يعد منفصلاً عن حزب الله، فإن الخطر سيزداد سوءاً.

من المرجّح أن يستغل حزب فرصة شنّ إسرائيل لهجوم عليه، وسيصقل مصداقيته على المستوى المحلي. لكن يمكن لمثل هذه الخطوة أن تؤدي إلى اندلاع حرب شاملة، إذا أدّى أي سوء في التقدير أو خلل في سلسلة القيادة على سبيل المثال، إلى هجوم ينتج عنه خسائر “إسرائيلية” فادحة.

سبق وأن اتخذت الولايات المتحدة خطوات إيجابية لمنع اندلاع حرب ثالثة في لبنان، وذلك من خلال الاعتراف بالجذور الإيرانية لهذا الصراع الطويل الأمد، وفرض عقوبات على طهران و حزب الله. غير أنه من الضروري اتخاذ إجراءات فورية وحازمة. لذلك، ففي هذا الصدد، يتعين على إدارة ترامب استشراف المستقبل، وممارسة الضغوط السياسية والمالية والرادعة على حزب الله والحكومة اللبنانية وإيران. كما ينبغي أن تنوّه أيضاً بعبارات لا لبس فيها بأنه “يحق لإسرائيل الدفاع عن نفسها في أعقاب هجمات حزب الله.

بالمثل، يتعين على الحكومات الأوروبية بذل المزيد من الجهود للاعتراف بحقيقة الوضع والرد عليه. والأهم من ذلك، يتعين عليها بشكل قاطع أن تدرج تنظيم حزب الله برمّته “ككيان إرهابي”، مع التخلّص من التمييز الخاطئ بين أنشطته السياسية والعسكرية.

يتعين على الدبلوماسية الدولية أن تعترف أيضاً بالخطر الجدّي الذي يشكله حزب الله، وخاصة فيما يتعلق بـ “قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان” (“اليونيفيل”). إذ لم تنجح حتى الآن قوة “اليونيفيل” ولا القرار الذي يأذن بعملياتها. ولذلك، يتعين على الأمم المتحدة أن تعزز قوة “اليونيفيل” أو أن تعيد النظر في ولايتها، إذ إنها ليست قوية في الوقت الحالي بما يكفي لتكون فعالة. لقد حان الوقت الآن لاتخاذ إجراءات أكثر صرامةً نظراً إلى الضرر المحتمل الذي يمكن أن تجلبه حرب أخرى على الشعب اللبناني وعلى “إسرائيل” والبلدان الأوروبية التي تعاني بالفعل من قضايا اللاجئين.

ختاماً: نرى أنّ التقرير يُجسد رعباً غربياً إسرائيلياً حقيقيّاً من اندلاع أيّ حرب مع حزب الله، لهذا الحل الراهن أن تبقى تشنّ إسرائيل هجمات على نطاق محدود على ما تُسميه مخازن أسلحة حزب الله في سوريا. إدارة التحرير في مركزفيريل للدراسات. عن سيريا- إن (شبكة آرام برس الإخبارية)