
أمراء داعش بزعامة الجولاني في باريس 07.05.2025. بحثٌ خاص من مركز فيريل للدراسات. معلومات خاصة حول رحلة العذاب.
كي ينفيَ “أميرُ نينوى الداعشي” وتابعهُ قاطع الرؤوس، كافةَ أخبار نيّتهِ تصفية الشيباني، وهو “الكيوت” الباريسي أمام معارضي ماكرون الكُثر، كان لا بدّ من حركات كرة السلّة، التي جاءت أيضاً بعد تحقيق الإرهابي لأوامر وشروط انفصال السويداء بشكل رسمي وفرض مطالب “الحكم الأمني الذاتي” شاء أمير داعش وعبيدهُ أم أبوا، بحيث لا يُمكن تزيين الاتفاق وتحميله أكثر مما يحتمل. وبهذا تسقطُ نجمةٌ من علم الانتداب الفرنسي الذي يرفعهُ “القطيع” بجهل وجهالة وهو علم تقسيم سوريا الذي وضعهُ أجداد ماكرون، وفق القرار 3111 الذي أصدرهُ مندوب فرنسا بسوريا “هنري بونسو، بتاريخ 14 أيار عام 1930
ماذا يفعل أمير داعش في باريس؟
بإنصاف نقول التالي بحقّ الجولاني “الكيوت” وخلال المؤتمر الصحفي خاصّة، أنّهُ “يتعلّم الفرار بسرعة”، صحيحٌ أنّه “هربَ” من السؤال المُحرج عن ماضيهِ الدموي والإرهابي وعلاقته بقتل فرنسيين، لكنه هربَ وإن بغباء.
قانونياً، كلّ ما حدث جريمة يجب أن يُحاسبُ عليها صبيُّ الشانزليزيه، وهذا ما قالته أيضاً المعارضة الفرنسية. على فرَض أنَّ هناك تطبيقٌ للقانون
عدة أسباب دفعت ماكرون هذا للمغامرة باستقبال أمير داعش في نينوى أبي محمد الجولاني، لكنّه بدون شكّ وليس كما روّجت وسائلُ إعلام غربية؛ لا يُمثّلُ سوى نفسه أي ماكرون، فالأوروبيّون أنفسهم منقسمون حول الزيارة، أمّا مؤيدوها فيريدون سحبَ البساط من تحت روسيا في سوريا، وتعويض الانسحاب الأميركي، والأصح إعادة التموضع العسكري الأميركي بقواعد عسكرية وصلت دمشق، عسى أن يتمّ هذا بوجود عسكري فرنسي قادم في الشرق السوري وغيره، على اعتبار أن فرنسا مرشحة لتكون “شرطيَ الاتحاد الأوروبي” وأيّ شرطي هذا!

بمعنىً آخر؛ تسعى فرنسا للعبِ دور السيدة الأوروبية الأولى عسكرياً وسياسياً مع التراجع الأميركي، وتهديد ترامب بسحب الجيش الأميركي من أوروبا إلا إذا دفع الاتحاد “الأتاوة” كاملةً
الحديث عن العلاقة التاريخية بين فرنسا وسوريا، كلامٌ كاذب فليست هناك أية علاقات تاريخية بل علاقة مُستعمِر بمُستَعمَر، وهذا الكلام الباريسي يؤكد أطماعها الجديدة بعودتها من النافذة بعد أن عجزت عن العودة من الباب، وبمساعدة أمير داعش وجماعته من الخانعين.
ثأرُ فرنسا الاستعمارية لن ينساهُ حكّامُ باريس مع “الجبلَين” ومعَ المسيحيين السوريين. فأهلُ الساحل ومعهم بنو معروف، لمَنْ يريدُ أن يعرف، أولُ منْ رفضَ التقسيم الفرنسي، كما ذكرنا ذلك ونكررهُ دائماً في مركز فيريل بينما القطيع يتهمهم بالعمالة، لأنه ببساطة؛ قطيع. الكبير سلطان باشا الأطرش رفضَ دويلة الجنوب يوم عرضها عليه الكولونيل كاترو بعد اتفاق 04.03.1921 مع الجنرال غورو، ورفض بعدها استلام أيّ منصب في حكومات الاستقلال بينما كانت علاقته سيئة بحافظ الأسد نفسه. سلطان باشا الأطرش عاد بعد “التحرير الحقيقي لسوريا” عام 1946 إلى الأرض التي جاء منها، فكان مدرسة خالدةً في الوطنية والشموخ.
يلعبان كرة السلة والسويداء تنفصل
قبلَ مغامرة السفر إلى فرنسا، وفي محاولة لإظهار “التآلف والتحالف والتلاطف” لعب “الكيوتان كرة السلّة، بعد الموافقة “بالإكراه” على انفصال السويداء أمنياً، نعم يا قرّاء مركز فيريل؛ السويداء انفصلت أمنياً عن الحكومة الإرهابية الحاكمة في إدلب، فدخول عنصر إرهابي يتبع للجولاني وجماعته إلى السويداء، وكذلك إلى الحسكة ودير الزور والرقة ودرعا والقنيطرة وحتى ريف دمشق الجنوبي، ممنوع. فأين هي سوريا التي يتفاخر “أبناءُ حيزبون” بتحريرها؟!
المطلوبُ من الجولاني وجماعتهُ كثيرٌ، أوله التخلّصُ من روسيا فهل ستقف موسكو متفرجة؟ الأوضاع العسكرية عادت إلى نقطة الصفر في أوكرانيا، ودونالد رامبو يلحس كلامهُ في أية لحظة. الأوروبيّون عاجزون عن مواجهة موسكو على كافة الجبهات، لهذا يسعون جاهدين لتشتيت قدراتها واستثمار أيّ انسحاب من سوريا “مثلاً” وتصويره على أنه هزيمة تاريخية للروس. جبهة الهند وباكستان تشتعل والتهديد بشتاء نووي يتعاظم. هي الحرب التي إن اشتعلت أكثر، سيسعى الجميع لصبّ الزيت لأنها حرب وكالة بين الكبار بامتياز، وعدد القتلى لا يهم أحد، فأين هي سوريا من هذه المعمعة؟.
رحلة شاقة للجولاني المسكين. خاصّ بمركز فيريل

كان السؤال المطروح؛ هل يمكنهُ الطيران والهبوط في باريس؟ فالإرهابي ومَنْ معه مطلوبون دولياً وقانونياً وبرقابهم وعبيدهم دماءُ آلاف الضحايا إلى يوم الدّين، حتى لو دخلوا غرفة نوم ماكرون. لكنّه وصلَ إلى باريس وعلى متن طائرة “مُستأجرة” وهذه معلومات خاصّة ينفردُ بها مركز فيريل للدراسات، حول رحلة المسكين التي استغرقت ساعاتٍ طويلة.
سعى مانويل ماكرون ومعهُ رجب طيب أردوغان لتأمين حماية طائرة الإرهابيين بحيث لا تطير إلا فوق المياه الدولية، لكنّ عدة مشاكل ظهرت أدّت لتغيير مسار الرحلة واستبدال الطائرة. المفاجأة التي لم يتوقعها أحد أنّ شركات طيران كبرى رفضت بشكل قاطع السماح للجولاني بركوب طائراتها، ومنها الفرنسية! فما الذي حصل؟
رفضت أيضاً روسيا السماح لطائرة الجولاني بالمرور فوق اللاذقية وطرطوس، فاضطروا لتغيير مسارها وعبور شمال لبنان باتجاه المتوسط ثم إلى مطار استنبول، وسط مراقبة إسرائيلية أميركية لصيقة كما في الصور. الرحلة استمرت مع تحضيرات مطار دمشق ثلاث ساعات تقريباً وكانت على متن طائرة تابعة للخطوط التركية. وهي الجزء الأول من رحلة “العذاب”. في استنبول وكما ذكرنا في مركز فيريل، رفضت “سابقاً” الشركات العالمية المعروفة والكبرى السماح للجولاني بالركوب أو حتى استئجار طائرة، بما في ذلك التركية لأنها شركة دولية.
شركة شحن جوي نقلت أمير داعش إلى باريس
كثيرون رأوا في استقبال الجولاني من مدير أمن المطار قمة الإهانة، آخرون السجادة الحمراء إلخ… هل تمت إهانة الجولاني وفريقه؟ نعم ودون شك كانت الإهانات متتالية وإذلال ما بعدهُ إذلال سنورد الإهانات الحقيقية ياسادة، فانتظروا ولا تتسرعوا.
بعد تعذّر الحصول على طائرة تُقّل أمراء داعش إلى باريس، لجأ منسّقو الرحلة من الفرنسيين خاصة ومعهم الأنراك إلى شركاتٍ “مغمورة” بعد البحث السريع عثروا على شركة شحن جوي، تستأجر أيضاً طائرات وتؤجرها بعد رسم علامتها عليها، فما هي هذه الشركة؟
هي شركة G-OPS، خاص بفيريل، شركة نقل وشحن جوي فرنسية تأسست عام 2004 أي حديثة، بالبحث وصلنا في مركز فيريل لمقرها الرئيسي وعنوانه وهاتفها لمَنْ يريدُ خوض التجربة: 188 rue des Chardonnerets, Roissy CDG, F-95700 +33 1 3404 800. لديها مكتبان ثانويان فقط، في الإمارات والمغرب، أي هي “شُرَيكة” تصغير لشركة. الشُريكة لسبب ما تخلّت عن الشحن الجوي يبدو لصعوبة المنافسة، فتحوّلت حديثاً لتأجير طائراتها للرحلات الخاصّة التي لا تقبل الشركات الكبرى بها، إما لخطورة هؤلاء المسافرين، أو لضعف الإمكانيات المادية، أي أسعارها متهاودة. وهذا ما حصل مع الجولاني، طائرة بسعر رخيص تحت العلم الفرنسي، أليست هذه إهانة؟
وصلت الطائرة إلى باريس، وكان مطار شارل ديغول مكتظاً، ورغم أنّ مقر الشركة ضمن المطار، لكنهم فشلوا بالحصول على إذن بالهبوط، فحوّلت الرحلة إلى مطار آخر حسب معلومات مركز فيريل كان مطار Paris-Saclay-Versailles Aerodrome جنوب غرب العاصمة.
الإهانة الثانية للجولاني وفريقه لم تكن ضعفَ الاستقبال فقط، إنما المصافحة بالقفازات!
من المعروف أنّ المصافحة تعبيرٌ عن التحية والاحترام، ولا تجوز بارتداء القفاز، إلا إذا كان المتصفحان كلاهما يرتديانه وفي جوّ بارد. أمّا أن يُصافح “نائب” رئيس قسم التشريفات في مطار محلي وليس دولياً، شخصاً “يُفترضُ” أنه “إرهابي مرتدٌّ” كان زعيمَاً داعشياً والعياذ بالله، فهذه قمة الإهانة المقصودة والمُكررة من الفرنسيين، حيثُ فعلها وزير خارجية فرنسا سابقاً “جان نويل بارو” عندما زار دمشق وصافحَ الجولاني نفسه لكن بأطراف أصابعه. إذاً؛ تمّ ترويضُ الجولاني ومَنْ معه قبل وصولهم قصر الأليزيه حيث كانت مروحيتان تُحلقان. نكتفي بالمعلومات الخاصة، شاهدوا الصور.
نتائج زيارة أمراء داعش إلى باريس
اعذرونا يا سادة يا كرام، فلا تبدو هناك نتائج جيدة بالنسبة للشعب السوري، على المدى المنظور. الحديث عن إعادة الإعمار قد يكون مفيداً عندما تقوم به دولةٌ لديها فائضٌ كبير، فتساعدُ حكومة متحضّرة. أمّا من دولةٍ تُعاني اقتصادياً ولحكومة متخلفة قادمة من عصور متحجّرة، فهذا شبه مستحيل بل وضربٌ من الغباء.
دول الخليج بما في ذلك السعودية والإمارات، “تبرّعت” بالمليارات لتدمير سوريا. هذا قبل تسليم الجولاني الكرسيّ، ولم تتبرع قطر اليوم، وحسبَ المدعو يُسر برنية، سوى بـ 29 مليون دولار أي برواتب 3 أشهر لموظفي الصحة والتعليم! بينما تبرعت بمليارات كرواتب للإرهابيين الذين قتلوا السوريين.
طبعاً لا بدّ من الكذب والتزوير من الجانبين حول حقيقة ما يجري في سوريا، فالإرهابي الجولاني والذي تحدث بكل صفاقة عن (سلامة السوريين أولويتنا القصوى) وحوّلَ كل كافة أسباب ما جرى ويجري من جرائم الإبادة الطائفية إلى نظام بشار الأسد، بينما هوَ وعبيدهُ وفوقهم شُذّاذُ الآفاق، يحملون أغصان الزيتون. لم يُقنع هذا الكذبُ أحداً في أوروبا وفرنسا تحديداً، والإعلام الفرنسي أكد ذلك.
الذي ركّزت عليه وسائل الإعلام من نتائج الزيارة هو اعتراف الإرهابيين بوجود اتصال غير مباشر مع تل أبيب. ونحنُ نقول في مركز فيريل، حتى هذا كذب فهناك اتصال مباشر بين المحتل الإسرائيلي والجولاني وجماعته. إذاً
اعترافُ الأذلاء، أبناء حيزبون بإسرائيل سيتمُّ قبل نهاية الصيف وسيرفعون علمها بفخر
الإرهابي يتوسلُ الاجتماع بدونالد ترامب، وقد يحدث هذا الاجتماع فلا تتفاجؤوا، لأنه ببساطة سوفَ يُعطيهِ أكثر مما يطلب وسيُقبّلُ يديه كي يرضى عنه. وكما قلنا في مركز فيريل: محاولة غسل ماضي حكّام الأمر الواقع بما في ذلك زعيمهم، وتبرئتهم من دم آلاف الضحايا في العراق ولبنان وأوروبا، مستمرة، ولن نستغربَ حصوله على جائزة نوبل للسلام مع عربان آخرين يُطبّعون بالسرّ، وما أكثر المطبعين. لكن هنا لنا وقفة؛ ماذا سيحصل إذا نفّذَ الإرهابي ما يُطلبُ منه كاملاً، ألا تنتفي الحاجة إليه؟ نعم وعندها يتوجّبُ التخلص منه ونسف شخصيته ونسَبه المجهول. هو ومُشغّلوه ليسوا بهذا الغباء، لأنّهم دون شك، سيتركون ورقة بيده منها: ورقة داعش التي تنشطُ فجأة فترتكب المجازر هنا وهناك، عندها سيُحتاج إليه. وأيضاً: طرد الروس ورقة أخرى. لهذا كله وضعوا قصة الخمس سنوات انتقالية لأنهم يعرفون أنّهم مؤقتون وزائلون.
ختاماً. رأي مركز فيريل
فرنسا دولة بعقلية استعمارية، خسرت إفريقيا أمام الزحف الروسي الصيني، فلا بد لها من التعويض بمكان آخر، هو حالياً سوريا ولبنان، عسى أن تُعيدَ جزءاً من هيبتها ومصالحها بمساعدة المتخلّفين. بالمقابل؛ واشنطن تُراقب ومعها بريطانيا بينما دول الخليج مستعدة لتنفيذ الأوامر لكن بتمويل بطيء شحيح، لأنّ العالم كلّه بحالة اقتصادية صعبة. فالولايات المتحدة تريد من السعودية والإمارات حوالي 3 ترليون دولار، بينما أسعار البترول تنحدر ولن تُغطي نفقاتِ أمراء تلك الدول، فكيف سيمدون ترامب بمئات المليارات، ومثلها لسوريا؟!
اليمين الأوروبي يتراجع بعد انتصاراتٍ كاسحة، والحاجة باتت مُلحة لمجاهدين “رُعاع” يموتون “مبتسمين” لأنّ مصلحة شيخهم تقتضي ذلك، فكيف سيواجهون الروس “البعبع الافتراضي” بشعوب أوروبية تكرهُ الحروب وترفض الانخراط في الجيش؟ هنا الحاجة لخبير الإرهاب العالمي المدعو “أبو محمد الجولاني وفرقته” لتأمين الرعاع.
الزيارة لم تُقدّم ولن تؤخر، ولا تستحقُّ أصلاً بحثاً بهذا الاتساع، لكن سوريا ومتابعينا يستحقون أكثر. “تيتي تيتي” مثل شعبي يصح على هذا الزيارة وهذا ما قلناه عن زياراته لتركيا والسعودية والإمارات، بينما “طبّلَ” المتخلّفون للزيارات السابقة، فما هي الفائدة التي حصلتَ عليها أيها المتابع الكريم؟
إهانة الجولاني ومعه أبناء حيزبون ليست إهانة سوى لهم. مكانةُ سوريا لا يمكن أن يمسها الصبيُّ ماكرون أو “خُدّجُ” السلاجقة وأبناء الموز.
الانفتاح على دمشق بشروط تعجيزية، لا تقبلها حكومة سورية وطنية تسعى لخير المواطن والبلد، ولديها ذرّةُ كرامة، لهذا الإبقاء على هكذا حكومة “جَلَب” بشخصيات ذليلة مجهولة النسب جاهلة متحجرة العقول، هو مطلبٌ غربي وعربي، فلا تتوقعوا انقلاباً في الحال حتى لو رُحّلَ المتخلّفون، لأنهم سيأتون بأسوأ منهم، ليبقى الحلّ دائماً: حلٌّ سوري دون تدخل خارجي من القريب قبل البعيد. نلقاكم بخير. مركز فيريل للدراسات. 08.05.2025