
السّلامُ مع إسرائيل؛ خِيانةٌ أم غباء؟ 07.07.2025 إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. تنتشرُ حالياً شائعاتٌ، حول اجتماعات بين زعامات الإرهابيين الذين استولوا على الكراسي في سوريا، ومسؤولين إسرائيليين، وكأنّ بإمكان هؤلاء الإرهابيين الرفض أو القبول أو حتى مناقشة إجراء ما لجيش الاحتلال. قسمٌ كبيرٌ من تلكَ الشائعات صحيح وإن كان متأخراً، والتأخير هنا بوصول الشائعة لمسامع ناشريها، فمجهولي النَسَبْ جاؤوا لهذه الغاية بعد تلقينهم الدروس مُسبقاً، وأضحوكة التفاوض ومعارضة أمرٍ ما، لا يُصدقها سوى الجهلة والمُطبلين.
الأمرُ منتهٍ وكما استلموا سوريا على أجزاء، فقد سلّموها كاملةً لتل أبيب وربيبتها العثمانية، ومعلومات خاصة بمركز فيريل للدراسات أنّ الإعلان الرسمي عن هذا الاستسلام سيكون في أيلول القادم، تمهيداً لاستلام جائزة نوبل للسلام ولمَنْ، للإرهابيين!! فيريل للدراسات
بالتزامن تتعالى تهليلات وزغاريد “القطيع” حول السلام “المُشرق” القادم، وكيفَ أنّ بشار الأسد، “الديكتاتور” الذي باع والده الجولان يوماً حسب أكاذيبهم الغبية، هو نفسهُ الذي حرمهم “نعمة” السلام مع تل أبيب!
بكل غباء الأرض، يتوقّعُ القطيعُ انقلابَ الحال والرفاهية مع “حسناوات إسرائيل” القادمات للقاء أبناء ميّا! آخرون يسبحون في أحلام أيام السعادة والهناء والرخاء القريبة، والأسواق الزاخرة بكلّ ما لذَّ وطاب وبأسعارٍ “رمزية”، فكما سخّر “إلههم” الغربَ لسعادتهم، هاهو نفسُ “إله تحت الطلب” يُسخّرُ المجرمَ نتنياهو لخدمتهم! لِمَ لا وهم أبناءُ مجهولي النَسَب.
اتفاقيات سلام وأحلام الفتى الطائر
مَنْ يقرأ التاريخ ويُقارن الوقائع ويُحلّل المُعطيات، يُدركُ أنّ كلام هنري كيسنجر ينطبقُ على إسرائيل، على فرَض أنها دولة:
أنْ تكونَ عدوّاً لأميركا، فهذا أمرٌ خطير، لكن أنْ تكونَ صديقاً، فهذا أمرٌ مميت
بتاريخ 17 أيلول 1978 وقّع الرئيس المصري أنور السادات، رئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيغن وبرعاية الرئيس الأميركي جيمي كارتر، في مُنتجع رئيس الولايات المتحدة بولاية ميريلاند اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل.
الإرهابي يحصل على جائزة نوبل للسلام!
بعد “همروجة” التوقيع؛ حصل السادات وبيغن على جائزة نوبل للسلام لعام 1978، نعم يا سادة يا كرام حصلا على جائزة نوبل للسلام، لأنّ أيديهما نظيفتان ولا تقطران دماً، لا سمح الله. مجزرة “دير ياسين” 09.04.1948 ثم مجزرة “حولا” 31.10.1948، وغيرها الكثير من المجازر والاغتيالات، ارتكبها فضائيّون. تخيّلوا أنّ المجرم مناحيم بيغن قال حرفياً، وقبل أن يُصافِحَ السادات:
(لستُ نادماً على قتلِ أيّ عربي، ولولا ما فعلتهُ في دير ياسين لما قامت إسرائيل!) المجرم مناحيم بيغن
هنا ظهرَ عنوانٌ كبير “مناحيم بيغن من الإرهاب إلى نوبل”، هل يُذكّركم هذا العنوان بإرهابي آخر؟ حتى بعد تسلّمه جائزة نوبل عاد ليرتكبَ “مجزرة صبرا وشاتيلا” 18.09.1982، والعُربان والمسلمون يتفرجون ويُصفّقون
عارضَ الاتفاقيةَ مُعظم زعماء العالم العربي آنذاك وبدرجات متفاوتة، واعتبروها استسلاماً. على رأسهم كان الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، لكنّ آخرين هلّلوا لها ورقصوا فرحاً بالسلام، منتظرينَ تساقطَ “الخيرات والليرات” عليهم ببلاهة لا تُوصف. فهل تساقطت الليرات والخيرات؟
كيف أنتم يا مصريّون بعد 50 عاماً من اتفاقية كامب ديفيد؟
بعد توقيع الإتفاقية فرِحَ السُّذجُ والمساكين باقتراب الفرج والحياة السويسرية كما وعدوهم، الذي حصل وبالأرقام كما نُكرر دائماً في مركز فيريل: بدأ التضخم الاقتصادي في مصر فوراً، فسجّل عام 1980 نسبة تضخم 20,5% بينما زاد دخلُ الفَرد المصري 3,2% فقط، وزغردي يا انشراح.
على مدى السنوات التالية لم يتراجع التضخم في مَصر نهائياً، بل وصلَ 1987 إلى 25,2% والبيانات الرسمية تؤكد. عام 2017 تعاظم الدّينُ العام ليصلَ إلى 103% من الناتج القومي، والتضخم 23,5% والبطالة عند 12,3%. عام 2020 توقفت الجهات الرسمية المصرية عن نشر أية بيانات اقتصادية! بعد أن ذكرَ البنك الدولي: (10,1% من المصريين تحت خط الفقر لعام 2020) ورُغم أنّه كذبٌ فاضح فلم تقبلهُ الحكومة المصرية!!
عام 2025 صحّحَ البنك الدولي النسبةَ وليس مركز فيريل، فجاءت الإحصائيات حول مصر مُرعبة:
(66,2% من المصريين تحت خط الفقر العالمي البالغ 6.8 دولار يومياً) أي 70,8 مليون مصري لا يملكون ثمن وجبة طعام الغد! الحكومة المصرية قالت أنّ التقارير “مفبركة” وما يجري “مؤامرة كونية”!!
هذا هو حال الشعب المصري بعد 50 عاماً من السلام مع إسرائيل، ومصر ليست مقياساً فنسبة الزيادة السكانية مرتفعة جداً ولا تستطيعُ الحكومات توفير احتياجات 3755 فم جديد كلَّ صباح!
بالنسبة لباقي النواحي السياسيّة والأمنية والعسكرية، ترون نتائجها من سد النهضة إلى الحدود الغربية لمصر، إلى العمليات الإرهابية السابقة والقادمة. مع تمنيات مركز فيريل بالخير لشعب مصر.
كيف أنتم يا فلسطينيّون في العقد الرابع من السلام مع إسرائيل؟
بتاريخ 13 أيلول 1993 وبعد محادثات سرية في أوسلو لأسبوعين، وقّعَ ياسر عرفات وشمعون بيريز وزير خارجية إسرائيل آنذاك، بإشراف بيل كلينتون، في واشنطن اتفاق سلام سًمّي “اتفاقية أوسلو”.
كالعادة؛ بدأ الحديث عن دولة فلسطينية وحقوق الشعب المُهجّر، والحياة الكريمة والرفاهية القادمة. اليوم وقد دخلنا العقد الرابع من “سلام الشجعان” الأسطوري هذا، كيف حال الفلسطينيين؟ سياسياً وأمنياً تعرفون وترون الواقع لكن ليس على شاشات مجهولي النسب لأنّ هذا حرام! الشهداء والجرحى بمئات الآلاف بينما العُربان والمسلمون يتفرجون.
في الحقيقة، لا يوجد شيء اسمه اقتصاد فلسطيني تحت الاحتلال، فرواتب الموظفين والسلطة الفلسطينية تأتي من مساعدات خارجية. أمّا الحياة المعيشية فيمكنُ لأي فلسطيني حُرّ يشعر بكرامته أن يُخبرنا عنها؟ مثال بسيط: نسبة التضخم لأيار 2025 فيما تبقى من فلسطين هي 47,57%، والحديثُ هنا عن الضفة الغربية وليس عن قطاع غزة. أما نسبة البطالة فهي 38% وهي نسبة شبه دائمة وبدون حرب. فعن أيّ سلامٍ تتحدّثون؟
معلومة سريعة: أعلى نسبة بطالة في العالم موجودة في… فلسطين، نعم فلسطين. فلنقل السبب هو الاحتلال، ماذا عن الأردن السعيد؟
كيف أهل الأردن في العقد الرابع من السلام مع إسرائيل؟
ماورد كان في مصر وفلسطين. لنفترض أنهما حالة شاذّة رغمَ مرور عشرات السنين من السلام مع تل أبيب، كيف هو وضع الأردنيين بعد بدء العقد الرابع من السلام “الميمون” مع الإسرائيليين؟
بتاريخ 26 تشرين الأول 1994، أُطلقت “البالونات” ابتهاجاً بتوقيع معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل، الموقعون إسحاق رابين وعبد السلام المجالي. من خلفهما يتصافح حسين بن طلال وعازار وايزمان، بينما ضحكة بيل كلينتون تصلُ مسامعَ مونيكا صاموئيل لوينسكي. التوقيع كان في “وادي عربة” لهذا أطلق اسم اتفاقية وادي عربة عليها.
طبعاً وكما ذكرنا أُطلقت آلاف البالونات إلى السماء وسطَ الأهازيج والتهاني. القاهرة باركت فوراً وهللت دون شك ومعها عدة دول عربية لكن على خجل وبالسرّ أحياناً. وحدها سوريا لتي عارضت بالعلن، ويومها هاجم حزب الله مستوطنات الجليل بالهاون، وساءت العلاقات بين دمشق وعمّان، والاتهامات كانت يومها لحافظ الأسد بأنه عدوّ السلام ولا يُريد الخير والرفاهية للأردنيين وقبلها للفلسطينيين والمصريين.
الأردن 2025 معيشياً بالأرقام
اليوم وبعد مرور ثلاثة عقود كاملة ودخولنا العقد الرابع منذ سنة، كيف هو النعيم والرفاهية لدى الأردنيين تحت ظلال “القيادة الأردنية الرشيدة”؟
الوضع وبالأرقام ومن مصادر رسمية أردنية وغربية، وليست من مركز فيريل يا متابعاتنا الكريمات:
عام 2025؛ تحتلُّ الأردن المرتبة 8 في العالم، كأعلى معدلات بطالة بنسبة 21,4% طبعاً فلسطين الأولى بدون منافس. الإحصاءات بين الذكور فقط ودون 39 عاماً، أي لو حسبنا الإناث ورفعنا السن إلى 60 عاماً، فالأرقام ستُصبحُ أكثر رعباً.
في الأردن يا سادة ياكرام، 2,4 مليون عاطل عن العمل، تخيلتم الرقم بالنسبة لبلد بحجم الأردن؟!
في الأردن ياسادة يا كرام 4,1 مليون جائع بنسبة فقر 24,8%، وفق دائرة الإحصاء العامة الرسمية. عجز موازنة 2025 هو 2,2 مليار دينار أردني. التضخم السنوي بنسبة تقريبية 28,3%. نتيجة المساعدات الخارجية؛ تنفقُ الحكومة الأردنية 338 مليون دولار سنوياً على الأسر الفقيرة
معلومات أميركية عن اقتصاد الأردن
معهد Trading Economics ومقرّهُ واشنطن قال: (معدل التضخم ونسبة البطالة في الأردن، أعلى بكثير من الإحصاءات الرسمية) محلّلون اقتصاديون يتحدثون عن نسبة 40% وهذه كارثة.
البنك الدولي: (النمو الاقتصادي الأردني الذي يصل إلى 2,7% ببداية 2024، وهذا لا يكفي لخلق فرص عمل كافية، مما يُساهم في تفاقم مشكلتي الفقر والبطالة).
انخفضت نسبة النمو الاقتصادي اليوم في الأردن إلى 2,5% نزولاً. نسبة الفقر بين اللاجئين السوريين تجاوزت 81%، رغم ذلك يرفضون العودة إلى سوريا بعد عملية التسليم والاستلام
مجلةُ Global Finance الاقتصادية: (الأردن بين أفقر 20 دولة في العالم لعام 2023، والعاشر على المستوى العربي) بعد هذا التصنيف رفضت السلطات الأردنية إعطاء أيّة نشرةٍ رسمية لعام 2024 و2025.
أسوأ دول للمعيشة مصر والأردن
مؤشر NUMBEO العالمي لتكاليف المعيشة لعام 2023
(احتلَّ الأردن المرتبة 63 عالمياً على مستوى تكاليف المعيشة، متجاوزاً لبنان والسعودية والكويت والإمارات وقطر) أمّا مصر فهذا حديثٌ آخر.
(احتلت مصر في مؤشر تكاليف الحياة المعيشية بالنظر لمدخول الفرد المرتبة 139 عالمياً، متجاوزةً الدول التي تُعاني من حروبٍ أهلية لسنوات وهي سوريا 131، وليبيا 136)
رأي مركز فيريل للدراسات
أولُ شروط جائزة نوبل للسلام أن يكون حاملها إرهابياً
كما أخبرتكم منذ شهور، مجهول النسب قد يبقى ليحصلَ على جائزة نوبل للسلام، فهو يُحقّقُ شرطين من شروطها.
من خلال ما ورد، مزايا السلام والحرب مع إسرائيل شبه متساوية كنتائج معيشية، مع أفضلية للدول التي رفضت التطبيع. لا تُحتسبُ دولُ الخليج منها لأنها غنية بالثروات التي لا تمتلكُ منها شيئاً. هناك فارقٌ آخر لا يشعرُ به أبناءُ حيزبون، اسمهُ “الكرامة” وهذا تعبيرٌ رددته الببغاواتُ سابقاً دون فهمهِ تحت شعار “الموت ولا المذلة”، فإذ بهم أحياء مع المذلة.
كنّا في مركز فيريل أولُ من أضاءَ على عشر فرصٍ لم يستغل بشار الأسد واحدةً منها، والأصحْ: لم تسمحْ له باستغلال واحدة منها لأنّ اهتمامهُ مع مافيا النظام السابق كان مُنصبّاً حول تراكم المسروقات، وتسخير الفساد الكبير لخدمة أبناء الحكام في زيادة مخزوناتهم في بنوك لندن وموسكو. تذكرون البحث؟
من الفرص التي أهدرها بشار الأسد عن قصد، اتفاقية سلام “مقبولة” مع إسرائيل. اتفاقية وصلَ النقاشُ حول الوصول إلى طبريا من عدمهِ، وإعادة مجدل شمس وجعل مرصد جبل الشيخ منطقة دولية إلخ. الجيش السوري سيبقى بكامل عتاده على أن يتراجع إلى سعسع.
اليوم مع مجهولي النسب، الاتفاقية “مُتفقٌ” عليها منذ سنة، ولا تحملُ ذرةَ كرامة لأصحاب الموت ولا المذلة. هذا إن كانوا يشعرون.
سيطلعُ علينا مَن يقول والحل؟ إلى متى سنبقى نتصارع مع إسرائيل على حساب الشعب السوري؟ لا تتصارع يا أبو كرامة مع إسرائيل، هل تعلم لماذا؟ لأنّ، ولكم أن تفهموا هذا التعبير كما تريديون.
أهلُ تل أبيب اليوم في قلب دمشق. السّلامُ مع إسرائيل؛ خِيانةٌ أم غباء؟ 07.07.2025 إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات