الإعلام السوري والألماني… واحد. د. جميل م. شاهين

الإعلام السوري والألماني واحد. د. جميل م. شاهين

 

دأبتُ على انتقاد إعلامنا السوري التقليدي، إعلام “رقصة ستي”، وطريقة تعاطيه مع الحدث، واعتمادهِ على أوجه وضيوف مُكرَرين مملين، وأطباء تجميل البوتيكس والسيلكون، وعندما أنتقدُ إعلامنا هذا ليس معناه أنّ إعلام باقي الدول أفضل، بما في ذلك إعلام الدول الغربية، الأوروبية والأميركية. الفارق هو التشويق والحداثة والإبهار. 

  • كافة وسائل الإعلام دون استثناء… تكذب، تزوّر، تغيّر الحقائق، تقولب الخبر وفق الأوامر، تحرفُ الأنظار، تقود قطعان المشاهدين نحو اتجاه معين، وتحرفُ أنظار الشعب عن قضية ما.
  • كافة وسائل الإعلام دون استثناء… تتلقى الأوامر من أجهزة المخابرات، وتعمل وفق مصلحة الكبار من سارقي الشعوب. فلا تحدثوني عن حرية الإعلام، ولا يتحفني أحدٌ بالتغني بحرية الشعب الفلاني في الخروج بمظاهرة ضد الزعيم العلتاني، ومواكبة الإعلام لهذه المظاهرة.
  • توقعتُ أن تتلاعب السلطات الألمانية بالخبر وطريقة إخراجهِ، وهذا ما يحدثُ. للمبهورين بحرية الإعلام في ألمانيا؛ هل لاحظتَ أيها “المبهور” طريقة إخراج الخبر عن اعتداء ميونيخ؟ كيف حجبت السلطات المعلومات عن وسائل الإعلام في البداية، ثم راحت تعطيه بالقطارة، خبر مزيف، كاذب، منقوص، مع حرف الأنظار. قالوا: “ثلاثة إرهابيين، هاجموا ثلاثة مواقع…” أحدهم انتحر في المركز التجاري الأولمبي، إذاً بقي إثنان. بعد ساعة قال قائد الشرطة: “الشرطة تطارد ثلاثة إرهابيين قاموا بالهجوم ولاذوا بالفرار.”. في الحساب 3 ناقص 1، النتيجة إثنان…
  • الآن، تناسى الإعلام الألماني المطاردين، وبات الحديث ينصبّ على إرهابي ألماني من أصول إيرانية، التركيز على “إيرانية”. وكأنّ هذا “الإيراني” هاجم ثلاثة مواقع متباعدة بآن واحد، ثم انتحر، وجاء العنوان الرئيسي: “”18-jähriger Deutsch-Iraner.. Polizei identifiziert Münchner Attentäter“”. والترجمة: “الشرطة تُحدّد هوية المتهم بهجوم ميونيخ؛ ألماني إيراني في الثامنة عشرة.”. تابعت وسائل الإعلام: “يبدو أن الإرهابي تنقل بين المواقع بالسيارة. ولا توجد دلائل على وجود إرهابيين آخرين. والحديث عن وجود أشخاص آخرين يحملون بنادق آلية طويلة، ربما كان وهم…”!
  • ابن الثامنة عشرة يقوم بهجوم إرهابي ومن مسدس يحمل 9 طلقات، فيقتل 11 شخصاً ويصيب 28 آخرين، ويتنقل بين ثلاثة أماكن تبعد عن بعضها 3 كلم، ويروّع سكان أكبر عاصمة اقتصادية في ألمانيا، ويستدعي آلافاً من رجال الشرطة… ما هذا الوحش يا ألمانيا؟ 9 طلقات تقتل 11 شخصاً!!! أي استغباء هذا للقطيع؟ ما رأيكم أن تعيدوا صياغة الخبر من جديد؟ 

وتموت القصة ببطء، وينسى الألمان ما حدث، وتتحوّلُ الأحداث حسب المطلوب، فنشاهدُ فيلماً ميونيخياً هوليوودياً بسيناريو باب الحارة وإخراج بسّام شميت الملا، والإنتاج شركة النصّابين القابضة…

د. جميل م. شاهين 23.07.2-16