السعودية تتهيأ لخطوة غبية في سوريا ولبنان! الدكتور جميل م. شاهين

يقول المثل الشعبي: (انفشو وشوف ما… أفهمو). هذا ما يحدثُ تماماً مع حكام السعودية المراهقين، ظنّوا أنهم بترسانة أسلحة حديثة ومليارات الدولارات يمكن أن يكون لهم وزنٌ بين الأمم، هكذا أخبرتهم العصفورة “إيفانكا” ووالدها. ما ننشرهُ هنا جاء بناءً على معلومات وتحليلاتٍ وأخبار وصلت مركز فيريل للدراسات.

السعودية وإسرائيل، واحد. واحد

لم يبقَ لكشف العلاقات “الحميمية” بين إسرائيل والسعودية إلا الإشهار، والإشهار يأتي بسفارات، والسفارات شكلية، المهم هو التفاهم والألفة والتنسيق الدائم، والتنسيقُ الدائم بدأ بالتعاون الاستخباراتي الإسرائيلي_السعودي، الذي تمّ ترسيخهُ بالزيارة التي قام بها ضابط المخابرات السعودي السابق اللواء أنور عشقي، ولقاؤه مع “دوري غولد” المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، و أعضاء في الكنيست الإسرائيلي في أواخر  ربيع 2016، وقتها أورد مركز فيريل للدراسات في برلين أنّ الفريق أول ركن يوسف بن علي بن يوسف الإدريسي، نائب الفريق خالد بن علي بن عبدالله الحميدان، رئيس الاستخبارات السعودية كان يرأس وفد السعودية في هذه اللقاءات. المعروف أن الإدريسي قد خلف الأمير بندر بن عبد العزيز من نيسان 2014، وهو من أصل مصري صعيدي.

إذاً السفارات والتمثيلُ الديبلوماسي باتَ تحصيل حاصل. وهل هناك أوضحُ مما صرحَ به رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، في المقابلة التي أجراها معه موقع سعودي الأسبوع الماضي؟ حتى إسرائيل قالت على لسان المحلل السياسي بن كسبيت البارحة: (إنها بداية خروج القصة الغرامية الإسرائيلية – السعودية، المختبئة خلف كواليس الشرق الأوسط منذ فترة طويلة، إلى النور!!). غادي آيزنكوت قال واصفاً حديثَ جنرال سعودي: (لن تصدق، جلست هناك وأصغيت إلى أقوال جنرال سعودي، تحدثَ بدلا من رئيس أركان الجيش السعودي، الذي لا يجيد الانجليزية، وكان هذا كأني أنا المتحدث!!. إنني أوافق على كل كلمة قالها. وببساطة، هو قرأ تقريري)…




يجب أن تشنّ إسرائيلُ حرباً ما

تموتُ إسرائيل إن لم تهاجم دولة ما… معهد الأبحاث القومي في جامعة تل أبيب، أكدّ قولنا هذا، ملخص ما قالهُ ننقلهُ في مركز فيريل عن العبرية: (ربما تضطرُ إسرائيل للعمل وحدها عسكرياً، للتخلّص من النفوذ الإيراني في جنوبي سوريا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن يؤدي ذلك لتصعيد خطير… يجب أن يتمّ كل شيء قبل الوصول إلى الاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا، بشأن مناطق خفض التوتر هناك، والذي يتضمن تفاهمات بشأن نشر قوات إيرانية وقوات موالية لها في المدى الحدودي في الجولان. لدى تل أبيب شكوك بتناول مستقبل جنوبي سوريا بين روسيا والولايات المتحدة من وراء ظهر إسرائيل.)!! أعد الدراسة: الباحث في “معهد أبحاث الأمن القومي” أودي ديكل، والباحث تسفي ماغين، وهو السفير الإسرائيلي السابق في موسكو.

يتابع البحث المُرسل لوزارة الدفاع الإسرائيلية: (في فيتنام تمت التفاهمات بين روسيا والولايات المتحدة والأردن… تتضمن إبعاد القوات الإيرانية والموالية لها من الحدود مع إسرائيل إلى بعد يتراوح ما بين 7 إلى 20 كيلومتراً، ومنطقة فاصلة منزوعة السلاح بعرض 5 كيلومترات تفصلها عن قوات المعارضة… يجب إبعاد القوات الإيرانية إلى مسافة تصل إلى 60 كيلومترا من الحدود، وإقامة منطقة عازلة حتى السويداء شرقاً ودمشق شمالا.). أخيراً تشيرُ الدراسة وحسب الترجمة العبرية في مركز فيريل: (يجب التخلص من الوجود الإيراني بأية طريقة في سوريا، وكل اتفاق لا يلبي المصالح الأمنية الإسرائيلية في سوريا، لن تلتزم به إسرائيل، وستواصل الحفاظ على “الخطوط الحمراء” التي وضعتها… واشنطن قدّمت العراق وسوريا إلى إيران على طبق من ذهب، ولن تقومَ بعمل عسكري ضد القوات الموالية لإيران في سوريا، وقد أنشأت “حزب الله السوري” بتجنيد مواطنين سوريين، كذلك روسيا تعتبرُ الوجود الإيراني شرعي… لهذا كله، جاء اليوم الذي تضطرُ فيه إسرائيل إلى العمل في سوريا بنفسها لتدمير المشروع الإيراني والروسي وضرب أسس النظام السوري!!).

رابط ذو صلة: 

إن غامرَ المُقامر؛ فالصواريخ السورية ستدمرُ قصر رغدان فوق رأسه. د. جميل م. شاهين

إسرائيل والسعودية والإمارات تستعد لضربة عسكرية ما

إسرائيل لن تُغامر بفتح جبهة كاملة مع سوريا ولبنان، طالما أنّ هناك مَنْ ينوبُ عنها بالمال والأسلحة والمقاتلين، وبغضّ النظر عما ذهب إليه بحث معهد أبحاث الأمن القومي، إسرائيل استأجرت السعودية والإمارات المتحدة، ووضعت لهما الخطة التي بدأت بـ “تمثيلية استقالة الحريري” واتهامهِ لحزب الله وإيران. واليوم مع عودتهِ إلى بيروت، هل تمّ التحضير لمسرحية “أمنية” جديدة في لبنان؟

إمكانية حصول تصعيد إسرائيلي ضد سوريا أو لبنان ضعيف نسبياً، الخطوات القادمة ستكون:

  1. الاستمرار بدعم الإرهابيين في الجنوب السوري والجولان، رغم تأكد تل أبيب أنهم لن ينجحوا في إقامة شريط حدودي فاصل.
  2. هجمات متكررة بالطائرات لأهداف عسكرية انتقائية داخل سوريا.
  3. زيادة الدعم السعودي لإرهابيي ريف دمشق، واستمرار قصف المدنيين بالهاون، مع احتمال تفجيرات في أماكن متفرقة.
  4. انتظار الضوء الأخضر من ترامب للسعودية بشن هجوم على حزب الله في لبنان وسوريا. هذا ما حصل عليه مركز فيريل للدراسات من معلومات خاصّة: وصلت خلال الأسبوعين الماضيين إلى الأردن وتحديداً قاعدة موفق السلطي الجوية، عدة أسراب من الطائرات الحربية السعودية والإماراتية، يُقدرها مركز فيريل بحوالي 60 طائرة منها 45 طائرة مقاتلة متعددة المهام، وهي إماراتية: من نوع F16 وطائرات نقل C17 و ميراج 2000، بقيادة العقيد الركن الإماراتي سعيد حسن. القسم الأكبر من السعودية وهي من نوع: Eurofighter Typhon  و طائرات F15 Eagel. هناك حركة ناشطة في القاعدة الجوية الأردنية، وزيادة الحراسة الأمنية عليها. الخطة المُفترضة، وحسب تحليلات عسكرية بمركز فيريل تتضمن توجيه ضربات جوية لمواقع حزب الله في الجنوب اللبناني والجولان السوري. تسلك الطائرات وتحاشياً للدفاعات الجوية السورية خطاً جوياً إلى غربي الأردن، ثم تدخل إسرائيل وتوجه الضربات من فوق شمال فلسطين.

الدور الإسرائيلي سيكون لوجستي وعملياتي، ولن تشارك به، اتقاءً لانتقام حزب الله وسوريا. لكن تحسباً لذلك قامت بالادعاء بإجراء تدريبات عسكرية في شمال الجولان اليوم الأربعاء، ونقلت قوات عسكرية ضخمة إلى هناك.

الدور الأردني لن يكون جديداً، وتصريحُ الملك عبد الله البارحة كان مُلفتاً: (يقفُ الأردن بقوة إلى جانب لبنان الشقيق في جهوده لتجاوز التحديات والحفاظ على وحدته الوطنية وسيادته وأمنه واستقراره). وسيحاول أن يبرئ نفسهُ بالادعاء بأنّ الطائرات انطلقت من  قاعدة الجوف وقاعدة الملك فيصل في الشمال السعودي.

سبق وتحدّثَ الرئيس السوري بشار الأسد عن دور الأردن في مخطط لدخول الجنوب السوري، وقد ذكرنا في مركز فيريل بتاريخ 24 نيسان 2017، عن هذا المخطط، وكلام الرئيس السوري جاء بناءً على معلومات مؤكدة وصلت القيادة السورية آنذاك، وهنا نتساءل: زيارة الأسد لبوتين يوم الإثنين، كانت لأسباب سياسية، ماذا عن الجانب العسكري؟ وهل حضورهُ لاجتماع قادة الجيوش الروسية، وهو سابقة بتاريخ روسيا، يندرجُ ضمن إطار الدعم الروسي غير المحدود لدمشق؟ الرئيس بوتين أجرى اتصالات عقب اللقاء مع عدة عواصم لها علاقة بالملف السياسي السوري واللقاء الثلاثي في سوتشي اليوم، لكنّ اتصالهُ مع تل أبيب وحديثهُ مع نتنياهو كان ملفتاً للانتباه، وبالتأكيد لم يناقش معه الأمور السياسية!

حسب تأكيدات لنا، واشنطن لم تُعطِ الضوء الأخضر للمغامرة السعودية بعد، فهل تكتفي الرياض بتوجيهات نتنياهو؟ زعماء آل سعود يعتقدون أن صواريخ حزب الله لن تطال أراضيهم، وأنهم بمنأى عن رد الفعل السوري أيضاً. هي عملية إعادة اعتبار للسعودية بعد الفشل المتكرر، وخطوة غبية غير محسوبة النتائج، تدلّ على مراهقة سياسية وجهالة عسكرية، لهذا قد يفعلها محمد بن سلمان بعد “النفش” الإسرائيلي ولتأكيد العلاقة “الحميمية”، إذاً عدنا لما بدأنا به: (انفشوا… وشوف ما… أفهمو). الدكتور جميل م. شاهين. مركز فيريل للدراسات. 22.11.2017.