إن غامرَ المُقامر؛ فالصواريخ السورية ستدمرُ قصر رغدان فوق رأسه. د. جميل م. شاهين

لم يفاجئني موقف ملك الأردن، ولا تردي العلاقات الأردنية السورية، فمن عاش فترة الثمانينات وقبلها حرب تشرين 1973، يعرفُ موقع العائلة الحاكمة في عمّان، وتوارث جينات الخيانة والحقد والعمالة أباً عن جَد. الجد الأكبر خان فلسطين والعرب، والأب قال لغولدامائير، حسب ما ذكرتهُ في مذكراتها: (حافظ الأسد وأنور السادات سيقومان بشنّ حربٍ ضد إسرائيل… لكنني لا أعلم توقيتها تماماً.)، والعمّ  المعزول آوى الإخوان المسلمين، وأرسل لهم في الثمانيات الأسلحة ولسوريا الانتحاريين. لهذا ما يفعلهُ الملك الإنكليزي عبد الله اليوم، لا يخرجُ عن عاداتِ عائلتهِ. الجديد فقط: (الملك الأردني يحلمُ أن يكون فعلياً خليفة المسلمين وأمير المؤمنين.)، ومن حقهِ أن يحلم.

حلفٌ طائفي بغياب تركيا

من المفروض أن يشمل الحلف الطائفي، وحسب ما أوردناهُ منذ أكثر من سنة في مركز فيريل، إلى جانب السعودية والأردن، كلاً من مصر وتركيا، وباقي الدول الخليجية، لكن مواقف أردوغان المتذبذبة بين موسكو وواشنطن، وفشلهُ في إحداث اختراق كبير في الشمال السوري، وعلاقة المخابرات التركية بمحاولات انقلاب في مصر ضد السيسي، جعل تركيا تخرجُ من هذا الحلف الطائفي، كما أنّ للسعودية مصلحة في ذلك، كون الوجود التركي سيطغى على حضورها. لهذا تركيا غائبة مؤقتاً. بينما سيكون الحضور الأقوى لتل أبيب، لإدارة قضايا المنطقة من إيران إلى العراق وسوريا واليمن.

التعاون الاستخباراتي الإسرائيلي_السعودي تمّ ترسيخهُ بالزيارة التي قام بها ضابط المخابرات السعودي السابق اللواء أنور عشقي، ولقاؤه مع “دوري غولد” المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، و أعضاء في الكنيست الإسرائيلي في أواخر  ربيع 2016، وقتها أورد مركز فيريل للدراسات في برلين أنّ الفريق أول ركن يوسف بن علي بن يوسف الإدريسي، نائب الفريق خالد بن علي بن عبدالله الحميدان، رئيس الاستخبارات السعودية كان يرأس وفد السعودية في هذه اللقاءات. المعروف أن الإدريسي قد خلف الأمير بندر بن عبد العزيز من نيسان 2014، وهو من أصل مصري صعيدي.

السيسي بعد تردد وضغوط ورشاوى اقتصادية وسياسية، انضمّ لهذا التنسيق مع إسرائيل بشكل علني وفي زيارته الأخيرة للسعودية، وبالتالي تشابهت السياسة المصرية (السيسيّة) مع التركية (الأردوغانية) في الذبذبة، وبات السيسي نسخة عربية عن أردوغان. إذاً؛

التأمت الدول وانتظمت الجيوش وتراصّت الصفوف لغزو الجنوب السوري، كما يُشاع، ولكن…

حقائقُ خطيرة على الأرض في الأردن

  • عندما يتحدث الرئيس السوري بشار الأسد عن دور الأردن في مخطط أميركي لاحتلال الجنوب السوري، فإنّ ذلك لم يعد مجرد كلام محللين عسكريين، بل بناءً على معلومات مؤكدة وصلت القيادة السورية، لهذا يمكننا الخوض ببعض التفاصيل هنا.
  • مناورات الأسد المتأهب السنوية، ستبدأ بتاريخ 7 أيار حتى 18 منه، وهي مناورات تُجرى للمرة الخامسة، الجديد فيها هو ارتفاع عدد الدول المشاركة من 16 إلى 23 دولة. المعلومات المتوفرة لمركز فيريل في واشنطن Firil Washington تؤكد أنّ 4200 جندي أميركي سيشاركون في هذه المناورات، و900 جندي بريطاني وفرنسي، وهناك 1200 جندي خليجي معظمهم سعوديون، وحوالي 5000 جندي أردني، بينما سيصل العدد الإجمالي إلى 16 ألف جندي من كافة الدول، وهو أعلى رقم منذ بداية هذه المناورات. وحسب معلومات خاصّة بالمركز سيشارك بضع مئات من مسلحي المعارضة السورية بهذه المناورات!

حتى لبنان تشارك في هذه المناورات!

  • حسب معلومات وصلت من مراسلي مركز فيريل من شمال الأردن، يتواجد عند الحدود الأردنية السورية، حوالي 8 آلاف مقاتل من المعارضة السورية، تم تدريبهم وتسليحهم في معسكرات الأردن، سيدخلون الأراضي السورية فور صدور الأوامر، كما سيتحرك من ريف درعا ضعف هذا العدد للقاء القوات الأجنبية الغازية وتشكيل جيش واحد.
  • نؤكد ضمن هذه المعلومات أنّ غرفة موك وبعد توقف لعدة أشهر، عادت للعمل بنشاط منذ شباط 2017، كما يؤكد مركز فيريل وجود نشاط غير مسبوق في القواعد العسكرية الجوية الأردنية الأربع، خاصة في قاعدة الأزرق (قاعدة موفق السلطي)، وحركات للطائرات الحربية الأميركية والبريطانية والفرنسية والسعودية.
  • حسب معلومات سابقة نشرناها، تتكفل السعودية بتمويل تنفيذ أية خطة لغزو الجنوب السوري.
  • وثيقة عهد حوران، باستثناء أنها تؤكد نية الإرهابيين إقامة إقليم لحماية إسرائيل، لا نراها تستحقُ أكثر من سطر هنا.
  • رأس الحربة في العملية، سيكون مقاتلو المعارضة السورية، وسيكونون كبش الفداء وأول من تطالهم المحرقة.

احتمالات غزو الجنوب السوري

  • إصدار ترامب أوامرهُ لزعماء الدول الـ 23 بغزو سوريا، يحتاجُ للحظة جنون أكبر من ضرب كوريا الشمالية بسلاحٍ نووي، فإذا كان لا يدري فبالتأكيد سيخبرهُ أحد مساعديه عن القصف الروسي لمعسكر التنف بتاريخ 18 حزيران 2016.
  • يمكن لترامب أن يُعطي إشارة البدء بغزو الجنوب السوري، لكنه لن يستطيع التراجع ولن يضمن أية نتيجة لما قد يحدث. وكردّ روسي مبدئي قالت وزارة الدفاع الروسية أنها على استعداد في حال تلقت طلباً سورياً لإرسال قوات برية خاصة، يمكن أن تنتشر في المواقع التي قد يحصل عليها ضغط ميداني كثيف من قبل التنظيمات المسلحة. وكذلك فعلت إيران.
  • ترامب بحاجة لنصر كبير، وهو في حيرة من أمرهِ، هل يضرب كوريا أم سوريا أم إيران أم اليمن، أم مكاناً آخر، المهم أن يشغل الداخل الأميركي عن إخفاقاته. هذا النصر غير متاح الآن، ولهذا سيوجه الانتباه لمكان ويضرب بمكان آخر…
  • غزو الجنوب السوري وكما ذكرنا، هي آخر ورقة بيد السعودية ودول الخليج، فإن خسرتها، خسرت معركتها مع سوريا نهائياً، وهذا حال ملك الأردن، لهذا لابد لهذه الدول من رمي هذه الورقة بأي شكل.

نتائج غزو الجنوب السوري

الخطة حسب معلوماتنا في مركز فيريل أن قواتٍ كبيرة من مسلحي المعارضة السورية، بعتاد وسلاحٍ أميركي، تدعمها قوات أميركية وأردنية وبريطانية وسعودية تكون في الخلف، ستدخل الأراضي السورية بحجة محاربة داعش، وهذا أمر وارد. ثم تقتضي الخطة حدوث اشتباكٍ مع الجيش السوري ومحاولة احتلال درعا، ثم السويداء، تمهيداً للوصول إلى دمشق وهذه الخطة التي كشفناها سابقاً، موجودة في ملفات الرئيس السابق أوباما… إذا فشلت هذه القوات، هنا تتدخل القوات العربية ثم الأجنبية للفصل بينهما، وكأنهما جيشان متحاربان، فتُعلنُ الهدنة، ويُثبتُ الأمر الواقعُ سنواتٍ… 

أسئلة كثيرة تتبادر للذهن:

هل سيتفرج الجيش السوري عليهم؟ ماذا عن أهل الجنوب السوري الذين قهروا فرنسا؟ هل سيصمتُ حزب الله وإيران؟ هل ستتراجعُ موسكو  فجأة عن دعم دمشق، بعد أن فقدت عشراتٍ من ضباط الجيش الروسي للدفاع عنها؟ 

الأمر ليس لعبة قمار يا عبد الله، وإذا كان زعماء الدول الـ 23 أغبياء، سيغامرون هكذا مغامرة مُدمّرة لثلاثة عواصم…

الأردن سيكون الضحية الأولى، والصواريخ السورية ستطال قصر رغدان و قصر المأوى وقصر الندوة و قصر زهران وقصر المصلى وغيرها، والملك عبد الله الأفضل له لعبة قمار في جوهانسبورغ من حرب الكبار…

السعودية ستكون الضحية الثانية، فالأوضاع الاقتصادية فيها تعاني وسوف تدخلُ مرحلة الانهيار إن غامرت وفشلت، أما إن تطورت الأمور فستعاني من الصواريخ من ثلاثة اتجاهات.

تل أبيب لن تكون بمنأى عن التدمير، وستحاول أن تتفرج لأنها الرابحة دوماً، لكن مَنْ سيتركها تتفرج إن تطورت الأحداث؟! سوف تُجرّ لساحة الرقص المميت شاءت أم أبت، هنا تكون الواقعة الكبرى وتختلط كافة الأوراق.

اقرأ أيضاً ما نشرناه منذ الصيف الماضي:

هل سيشتعل الجنوب السوري؟

الأمر ليس مجرد ضربة صواريخ توماهوك وانتهينا، هي عملية احتلال يريدونها قصيرة وسريعة، ولن تكون أقل من حرب إقليمية. الأمور مرشحة للأسوأ، وبالنسبة لسوريا ليس هناك أسوأ… الأسوأ سيكون من نصيب عمّان والرياض وتل أبيب… وحتى الآن لم تدافع دمشقُ عن وجودها، ولم ترمِ كلّ أوراقها، فيا أيها الملك الإنكليزي: (ابقَ في صالة القمار، ولا تُجبر دمشق أن تُدافع عن وجودها). د. جميل م. شاهين. 24.04.2017