راتب طالب الدراسات العليا عن المراقبة، عدّاً ونقداً… 96 ليرة سورية يومياً!!!

تَعتبر معظم الدول المتطورة والنامية، البحثَ العلمي ركيزة نموها وتطورها المستقبلي، وتولي الطلاب اهتماماً خاصاً، فما الذي يحصل في سوريا؟

يتفاءلُ طلاب الدراسات العليا بصدور قرار مجلس الجامعة بقبولهم، الذي يمثل الضوء الأخضر للبدء بالبحث الذي اختاروه، ليتفاجؤوا سريعاً بالمعوقات الكبيرة التي تواجههم، والتي تشكل الأوضاع المادية نصفها، والنصف الآخر تُسببهُ وزارة التعليم العالي بشكل عام وجامعتهم بشكل خاص.

القبول في الدراسات العليا في سوريا محدود، وقد لاحظنا أنّ معظم الذين يدخلون “دراسات عليا” في الجامعات السورية الحكومية، هم من أبناء الطبقة المتوسطة والفقيرة، بينما يدرس أبناء الأغنياء خارج سوريا. بسبب ظروف الحياة الاقتصادية الصعبة، يحتاج هؤلاء الطلاب لمدخول يوم عمل كامل، لكل يوم تفرغ دراسي، فتأتي قرارات الوزارة والجامعة بالزام طلاب الدراسات العليا بالمراقبة 30 جلسة في كل امتحان فصلي، لتزيد معاناة الطالب. بغضّ النظر عن صعوبة المراقبة، وبحساب بسيط: لدينا ثلاث دورات امتحانية يستطيع الطالب خلالها المراقبة 50 مرة، فينجز ثلاثة جداول تشكل بالمجمل 90 جلسة كل جلسة مدتها ساعتين.

الوقت والحساب المالي على عاتق الطالب

يحتاج الباحث العلمي لمؤسسات الدولة من مكتبات ومخابر ومراكز عمل رسمية، والتي تقفل أبوابها في كل عطلة رسمية، أي يخرج من نطاق عمل الباحث 150 يوماً، هي العطل الأسبوعية والأعياد والمناسبات “ودمج عطل أسبوعية بالأعياد أو المناسبات”، نضيف إليها 50 يوماً مراقبات و20 يوماً إجازات خاصة. ماذا يفعل الطالب الفقير أو المتوسط، والذي لا يمكن أن يساعده أحد في مصروفه؟ عليه العمل كي يستمر في دراسته، أي قد يضطر لتعطيل دراسته لجني بعض المال كي يعيش بالحد الأدنى للحياة، وهنا تضاف أيام أخرى لتعطيل لدراسته ولنفترض أنها 20 يوماً فقط... ليصبح العدد الكلي من الأيام التي لا يستطيع الطالب الباحث الدراسة فيها 240 يوماً، أي بحساب مركز فيريل 66% من أيام السنة هي خارج البحث العلمي والدراسي!!

ماديــاً: كل طالب يقصد مدينة أخرى ليكمل دراسته يحتاج يومياً إنتاج عامل عادي يعمل في مطعم أو بعمل غير شاق، وكي يستطيع الطالب المراقبة 50 يوماً في العام، فإنه سيدفع 75000 ليرة سورية، ليحصل على تعويض مراقبة قدره 7800 ل.س.! وعليه دفع الفارق وهو 67200 ل.س. من جيبه الخاصّ. إنها تجارة جحا بالبيض!! 

بعد كل ما ورد، نجد أنّ معظم دور الوثائق والمديريات العلمية والآثار والمتاحف تفتح أبوابها من التاسعة صباحاً حتى الثانية ظهراً فقط، بما في ذلك مكتبة الدراسات العليا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة دمشق، هذا إن فتحت أبوابها.

هذا غيض من فيض، هناك مزاجية الأستاذ المشرف وطبيعة شخصيته، ومدى اهتمامه بالطالب وبحثه. عدا عن ظروف الحرب والتي يستغلها كثير من الموظفين والمشرفين لتبرير غيابهم…

حلول سهلة يا وزارة التعليم العالي

  • إما التعاقد مع مراقبين من خارج الملاك ضمن كل جامعة، في حال وجود نقص في أعداد موظفي أي كلية، أو رفع تعويض المراقبة؛ فهل يُعقل أن يحصل المراقب على 48 ليرة سورية لكل ساعة مراقبة! وهل يُعقل أن يكون أجرهُ عن ساعتي مراقبة يومياً أقل من أجرة المواصلات التي استخدمها!!

ألا يخجل المسؤول “الشريف” الذي وضع هذه التسعيرة لثمن ساعة المراقبة؟ هذا إن كان يعرفُ معنى الخجل!!

  • التزام مكتبات كل كلية بالدوام الرسمي “عدم إغلاق المكتبات وخاصة مكتبة الدراسات العليا”.
  • فتح مكتبة الأسد أبوابها يوم السبت، علماً أن المراكز الثقافية تفتح أبوابها أيام السبت!
  • توفير سكن جامعي لطلاب الدراسات العليا، فمعظمهم “في دمشق خاصة” يستأجرون بسبب صعوبات السكن الجامعي والضغط الكبير فيه.
  • إيجاد نسخ إلكترونية لكل الرسائل والمذكرات والأطروحات الجامعية، لمنع سرقتها إلى خارج سوريا، وهذا حصل عدة مرات، وذهب تعب الطلاب وجهدهم سدىً. بهذه الطريقة نمنع تصويرها أو نسخها وتحفظ حقوق الباحث.
  • نشر بحوث طلاب الدراسات العليا والتي حصلت على “موافقة نشر” في مجلات الجامعات السورية، وعدم تكديسها وإهمال جهد الطالب، فهي تشكل دعماً معنوياً كبيراً له، وثروة علمية ضخمة للوطن. مركز فيريل للدراسات. نايف الجباعي 15.08.2017

لا تطالبوا الطلاب بالبحث العلمي وأنتم مقصّرون، ولا تلوموا كلّ طالبٍ يترك الوطن ويرحل إلى غير رجعة.