لصالح من اختفى خاشقجي؟ إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. المهندس باسل علي الخطيب

عدد القراءات 1893. زعماء العالم مشغولون باختفاء صحفي عادي، بينما يلاقي 93 صحفياً سنوياً مصرعهم دون أن يهتزّ جفنٌ لهؤلاء التجار، فما السر وراء مسلسل “دخل خاشقجي ولم يخرج”؟

سنحاول أن نكتشفَ بعض الحقائق في مركز فيريل، علّنا نصل لجزء من الحقيقة.

  • عائلة خاشقجي ذات أصولٍ تركية سكنوا الجزيرة العربية أثناء الاحتلال العثماني، وصلاتهم لم تنقطع مع استنبول!!

  • العائلة هذه ثرية. والد جمال هو عدنان خاشقجي، من أشهر تجار السلاح في العالم وصاحب صفقات مشبوهة كصفقة إيران كونترا. ابن شقيقة الأب هو دودي الفايد الملياردير المصري الذي لاقى حتفه مع الأميرة ديانا 1997 في باريس.

  • جمال خاشقجي مقيم في واشنطن وعلاقاته بالأسرة الحاكمة في السعودية ليست على ما يرام، ويمكن اعتباره معارضاً سعودياً ينشر في واشنطن بوست عدوة ترامب!. رواية حضوره إلى قنصلية بلاده في استنبول لتسجيل زواجه من “خديجة جنكيز” خطيبته التي ظهرت فجأة، وحسب زعم البعض كي يُطلّق زوجته أولاً، لأن تعداد الزوجات ممنوع في الولايات المتحدة. هذه الرواية محل شكّ، معلومات مركز فيريل تقول: “خديجة جنكيز” تعرّفت بجمال قبل أربعة أشهر، حزيران 2018، في المنتدى الفكري بإستنبول، ولا يوجد ما يُثبتُ أية علاقة غرامية بين الإثنين كما تدّعي، كما أن هناك صلات قوية بينها وبين المخابرات التركية بطريقة التهديد، كونها من جماعة غولن سابقاً، فهل تمّ توظيفها للقيام بمهمة ما؟

قلقٌ عالمي على ماذا؟

 لا شك أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يتابع عن كثب قضية اختفاء الصحفي السعودي، لا يهمهُ هذا الشخص كونه يتعامل مع الصحافة الأميركية المعادية للبيت الأبيض، لكنه سار مع التيار لأنّ  في ذلك زيادة لكمية الحليب المتدفق من “البقرة السعودية”، وقد أرسل محققين أمريكيين إلى استنبول للمشاركة في التحقيقات.

وزير الطاقة الأمريكي الأسبق إرنست مونيز، أدلى بدلوه وقرر تعليق دوره الاستشاري في مشروع مدينة نيوم السعودية تضامناً مع “المُختفي”.

أعضاء في مجلس الشيوخ و22 من المشرعين الأمريكيين طالبوا ترامب باستخدام قانون “ماغنيتسكي”. أي فرض عقوبات على مسؤولين سعوديين متورطين وعلى رأسهم محمد بن سلمان الذي تضيق الحبال حول رقبتهِ، وأمام ترامب فترة شهرين فقط لاتخاذ هكذا قرار.

فرنسا دخلت على الخط وتريد حصة من الحليب السعودي، كذلك بريطانيا التي يتفطّرُ قلبها على مصير هذا الصحفي الفذ، تل أبيب تراقب بابتسامة فكل شيء يحصل لصالحها.

مصر والإمارات دافعتا عن السعودية، فنائب رئيس شرطة دبي ضاحي خلفان اكتشفَ أنّ خاشقجي حيُّ يُرزق بعد أن خطفتهُ الدوحة.

تركيا الرابح الأكبر إن اكتملت الأقصوصة

أردوغان أيضاً لا ينام الليل من أجل خاشقجي سليل العائلة العثمانية، وقد استنفر سلطاته الأمنية للتحقيق والكشف عن ملابسات القضية وكأنها تمت في المريخ وليس في عقر داره. إن ثبتت إدانة السعودية بذلك، سوف ينتقم من الوهابية، والأصح ينتقمُ الإخوان المسلمون من الوهابيين و… تزداد سيطرتهم. ويمكن لأنقرة أن تُسيّرَ النتائج كما تريد ولصالحها، والتعاون مع واشنطن سيزداد وإطلاق سراح القس الأميركي برونسون المحتجز في أنقرة، سيُعيد تركيا لخيمة الرضى الأميركية.

هل القضية أكبر من حلب البقرة؟

هل ستستبدلُ واشنطن أسماء انتهت صلاحيتها بأسماء جديدة تدر حليباً أكثر؟ أو بأسماء أكثر جرأة عسكرية ضد… إيران؟

 

فجأة لمع اسم الأمير خالد بن سلمان أحد أبناء الملك سلمان، والأخ الشقيق للأمير محمد ولي العهد السعودي، والذي يشغل منصب سفير السعودية في واشنطن. الأمير خالد هذا عسكري وطيار محترف، تدرب مع الجيش الأمريكي في ولاية نيفادا، وكذلك صديق صدوق لبريطانيا… فهل سيتم استبدال أسماء انتهت فترة صلاحيتها، بأسماء جديدة؟

نعتقدُ، وبإسقاط نسبي، أنّ ما حصل في موضوع خاشقجي يشبه نوعا ما، ما حدث قبل غزو الكويت في 2 آب 1990، عندما قالت السفيرة الأميركية April Catherine glasspie في بغداد لصدام حسين في حزيران 1990: “ليس لدينا أيّ رأي بشأن صراعاتك العربية العربية… قضية الكويت ليست مرتبطة بأمريكا”. صدّام فسّرَ ذلك على أنه ضوء أخضر أميركي في نزاعاته مع الكويت، بعد أن حارب إيران.

واشنطن أرخت الحبل لمحمد بن سلمان، الرجل المُتسرّع الطامح للسيطرة على كل شيء، فسجن كلّ مَن لا يركع أمامه من أمراء وأثرياء سعوديين، وقد ضاق ذرعا بمقالات خاشقجي في الواشنطن بوست. أحد مستشاريه ألمح إلى ذلك عند إدارة ترامب، فسمع أنّ الأمر متروك له، ففهم بن سلمان ومن حوله أنه يحق لهم أن يفعلوا به ما يريدون، فقرر التخلص منه بطريقة تكون درساً لبقية معارضيه وخطوة في طريق تثبيت ملكه القريب. هذا سيناريو وارد… لكن…

هل تريد فعلاً إدارة ترامب إيقاع الحكم الوهابي في هذا الكمين، لزيادة إدرار الحليب، وحسب. إخفاءُ خاشقجي في لندن أو واشنطن، سيكون له تبعات سيئة على البلد الذي يمكن أن تحصل فيه عملية الاخفاء، وهل هناك أفضل من استنبول؟

هذا الكمين لا يمكن تنفيذه بمعزل عن جهة ما في الدولة العميقة التركية، والتي لها مصلحة كبرى في إضعاف وابتزاز الكيان الوهابي، لذا كثُر التناقض في التصريحات التركية، فأجهزة الدولة هناك ليست كلها على علم بالخطة. وحتى الذين يعرفون، ظنوها عملية إخفاء تقليدية لأحد المعارضين لنظام ما.

نظل هنا بفرضية أنّ محمد بن سلمان وراء العملية، غالباً خطط أن تتم بهدوء مع مَن تعاونوا من الأتراك، ولكن من سرّب الخبر؟




ما كان التسريب تقليدياً، خطيبة خاشقجي المزعومة، وهذا تفصيل صغير لكنه أساسي كونه أتى من جهة غير رسمية لا تحمل صبغة سياسية أو أمنية تآمرية. على فرض أنّ خديجة جنكيز ليست غارقة في العملية… اشتكت الخطيبة “المفجوعة” فتلقف الأمر ذاك الجناح في الدولة التركية الذي يعلم بتفاصيل الكمين الامريكي، وارتبك ذاك الجناح الذي لا يعلم بمرامي العملية الحقيقية، فكان التناقض في التصريحات…

بن سلمان صُعقَ بما انتشر؛ الانتقادات تتصاعد، الاتهامات تتوسع، المأزق يكبر، والقضية بدأت تأخذ أبعاداً لم يكن يتوقعها، فكان التخبط السعودي: “لن نسمح بتفتيش السفارة… نسمح بتفتيش السفارة”، ثم صمت.

ملاحظة بسيطة نوردها ويعلمها كثيرون؛ جمال خاشقجي الذي يصوره الإعلام الغربي أنه ليبيرالي ومدافع عن الديموقراطية، كان أحد أشرس أبواق آل سعود والمدافع الأقوى عن سياساتهم ودعمهم للإرهاب من أفغانستان إلى العراق وسوريا.

أخيراً: صرّح ترامب أنه سيحلب البقرة ومن ثم سيذبحها، سقف المليارات ارتفع إلى الترليونات، وعلى البقرة السعودية أن تدفع وتدفع وإلا فالسكين جاهزة والبقرة الجديدة أيضاً جاهزة… جاهزة للحلب ولما هو أبعدُ من قصف مدنيي اليمن، فهل سيتوجهون شرقاً؟. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. 11.10.2018. أثناء كتابة هذه المقالة، يتوجه بصورة مفاجئة خالد بن سلمان الذي تحدثنا عنه إلى الرياض من واشنطن، للعودة بمعلومات حول القضية. فهل سيدخل خالد هذا و… يخرج؟.